لجنة مركزية لمعاينة مسطح فضاء لإنهاء إجراءات بناء فرع جامعة الأزهر الجديد في برج العرب    سعر الدولار في ختام تعاملات اليوم الخميس 16-5-2024    نائب محافظ الجيزة يتابع ميدانيا مشروعات الرصف وتركيب بلاط الإنترلوك بمدينة العياط    البيان الختامي لقمة البحرين يطالب بانسحاب إسرائيل من رفح الفلسطينية    وزير الداخلية السلوفاكي: منفذ الهجوم على رئيس الوزراء تصرف بمفرده    أوكرانيا تتهم القوات الروسية بجرائم حرب بالقرب من خاركيف    «كارثة متوقعة خلال أيام».. العالم الهولندي يحذر من زلازل بقوة 8 درجات قبل نهاية مايو    سفينتان ترسوان قرب الرصيف الأمريكي العائم قبالة سواحل غزة    إسباني محب للإنذارات.. من هو حكم مباراة النصر والهلال في الدوري السعودي؟    جدول امتحانات الدبلوم الزراعي 2024 بنظام ال5 سنوات في جميع التخصصات    لهذا السبب مسلسل «البيت بيتي» الجزء الثاني يتصدر التريند    "الصحة" تنظم فاعلية للاحتفال باليوم العالمي لمرض التصلب المتعدد .. صور    كيف تؤثر موجات الطقس الحارة على الصحة النفسية والبدنية للفرد؟    "هُتك عرضه".. آخر تطورات واقعة تهديد طفل بمقطع فيديو في الشرقية    أخبار الأهلي: شوبير يكشف مفاجآة في مفاوضات الأهلي مع نجم الجزائر    17 صورة من جنازة هشام عرفات وزير النقل السابق - حضور رسمي والجثمان في المسجد    محمد المنفي: ليبيا لا تقبل التدخلات الخارجية.. وندعم حقوق الشعب الفلسطيني    السفير المصري بليبيا: معرض طرابلس الدولي منصة هامة لتسويق المنتجات المصرية    هالة الشلقاني.. قصة حب عادل إمام الأولي والأخيرة    رامز جلال ونسرين طافش في «أخي فوق الشجرة» لأول مرة الليلة    جامعة الفيوم تنظم ندوة عن بث روح الانتماء في الطلاب    تفاصيل اجتماع وزيرا الرياضة و التخطيط لتقييم العروض المتُقدمة لإدارة مدينة مصر الدولية للألعاب الأولمبية    وكيل الصحة بالقليوبية يتابع سير العمل بمستشفى القناطر الخيرية العام    وكيل الصحة بالشرقية يتفقد المركز الدولي لتطعيم المسافرين    التصلب المتعدد تحت المجهر.. بروتوكولات جديدة للكشف المبكر والعلاج    قطع مياه الشرب عن 6 قرى في سمسطا ببني سويف.. تفاصيل    عاجل.. انتهاء موسم نجم برشلونة بسبب الإصابة    ننشر حركة تداول السفن والحاويات في ميناء دمياط    «زراعة النواب» تطالب بوقف إهدار المال العام في جهاز تحسين الأراضي وحسم ملف العمالة بوزارة الزراعة    محافظ المنيا: قوافل بيطرية مجانية بقرى بني مزار    فنانات إسبانيات يشاركن في الدورة الثانية من ملتقى «تمكين المرأة بالفن» في القاهرة    الجمعة .. انطلاق نصف نهائي بطولة العالم للإسكواش بمصر    تأكيدا ل"مصراوي".. تفاصيل تصاعد أزمة شيرين عبد الوهاب وروتانا    موعد عيد الأضحى 2024 ووقفة عرفات فلكيًا.. (أطول إجازة رسمية)    بمشاركة مصر والسعودية.. 5 صور من التدريب البحري المشترك (الموج الأحمر- 7)    العربية: مصر تواصل تكوين مخزون استراتيجي من النفط الخام بعشرات المليارات    ببرنامج "نُوَفّي".. مناقشات بين البنك الأوروبي ووزارة التعاون لدعم آفاق الاستثمار الخاص    جامعة المنوفية تتقدم في تصنيف CWUR لعام 2024    أمير عيد يؤجل انتحاره لإنقاذ جاره في «دواعي السفر»    "العربة" عرض مسرحي لفرقة القنطرة شرق بالإسماعيلية    توقيع بروتوكول تجديد التعاون بين جامعة بنها وجامعة ووهان الصينية    قرار قضائي جديد بشأن سائق أوبر المتهم بالاعتداء على سيدة التجمع    صحفي ب«اتحاد الإذاعات العربية»: رفح الفلسطينية خط أحمر    أعطيت أمي هدية ثمينة هل تحق لي بعد وفاتها؟.. أمين الفتوى يوضح    دون إصابات.. تفاصيل نشوب حريق داخل شقة في العجوزة    الطاهري: نقاشات صريحة للغاية في جلسات العمل المغلقة بالقمم العربية    أنشيلوتي يقترب من رقم تاريخي مع ريال مدريد    «الداخلية»: ضبط 13 ألف قضية سرقة تيار كهربائي خلال 24 ساعة    الأحد.. عمر الشناوي ضيف عمرو الليثي في "واحد من الناس"    «الأمن الاقتصادي»: ضبط 13166 قضية سرقة تيار كهربائي ومخالفة لشروط التعاقد    نتيجة الصف الرابع الابتدائي الترم الثاني 2024 عبر بوابة التعليم الأساسي (الموعد والرابط المباشر)    كولر يحاضر لاعبى الأهلي قبل خوض المران الأول فى تونس    «الإفتاء» تحسم الجدل حول مشروعية المديح والابتهالات.. ماذا قالت؟    نتيجة الصف الرابع الابتدائي الترم الثاني لعام 2024.. الرابط بالاسم فقط    عبد العال: إمام عاشور وزيزو ليس لهما تأثير مع منتخب مصر    حلم ليلة صيف.. بكرة هاييجي أحلى مهما كانت وحلة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 16-5-2024    نجمة أراب أيدول برواس حسين تُعلن إصابتها بالسرطان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صحفى سودانى يكشف تفاصيل قصة مسلسل "الخواجة عبد القادر": القصة حقيقية حدثت ما بين الشكينيبة وجبل أولياء.. أسلم على يدى المكاشفى وبعثه ليدرس بالأزهر الشريف.. عبد القادر توفى بالسودان ودفن قرب الشكينيبة
نشر في اليوم السابع يوم 22 - 08 - 2012

اهتمت صحيفة فنون السودانية بمتابعة تفاصيل مسلسل الخواجة عبد القادر، وأعد الصحفى السودانى صلاح عمر الشيخ ملفًّا كاملاً عن شخصية الخواجة، موضحًا أن هذه القصة حقيقية، ومشيرًا إلى أنه تابع قصة المسلسل فى حلقاته الأولى فى لندن أيام الحرب العالمية الثانية وصراع الخواجة مع نفسه وعدم حبه للحياة وتمنيه الموت، حتى نقل إلى السودان ليعمل هناك.
يقول الصحفى: ومنذ وصوله السودان عادت إلى ذاكرتى قصة سمعتها فى نهاية الستينيات من عمى أحمد الشيخ الصديق الذى يعمل مدرسًا بقرية الشكينيبة، وطن المكاشفية، وطريقتهم القادرية المنتشرة فى السودان، وتربطنا بالمكاشفية صلة روحية وصلة دم، ولهذا منذ أن كنا أطفالاً يقوم أهالينا بزيارة الشكينيبة فى المناسبات الدينية منذ حياة الشيخ عبد الباقى المكاشفى حتى توفى فى 1960.
وأوضح أن المفاجأة الكبرى أن قصة الخواجة عبد القادر التى سمعها بتفاصيلها الدقيقة كانت تتراءى أمامه فى مسلسل الخواجة عبد القادر فى تطابق شديد بين المسلسل وقصة الخواجة الذى حدثنه عنه عمه أحمد الشيخ الصديق، وحضر جزءًا من حكايته فى الشكينيبة أثناء زيارته لها، حيث وجد الصحفى والباحث الاجتماعى المرحوم محجوب كرار فى انتظار الخواجة عبد القادر ليجرى معه حوارًا.
يقول الصحفى: ومن هنا قادنى فضولى لأسمع حكاية الخواجة عبد القادر والشيخ عبد الباقى المكاشفى الذى كان قد رحل رحمه الله رحمة واسعة.
والحكاية هى إحدى كرامات الشيخ عبد الباقى المكاشفى، وهى أن الخواجة عبد القادر، أو أيًّا كان اسمه الأجنبى، وهو من أصل نمساوى، وليس إنجليزيًّا كما ورد فى المسلسل، جاء ليعمل مهندسًا فى خزان جبل أولياء فى عام 1937، وأثناء عمله استمع إلى نوبات ومدائح المكاشفية وسأل عنهم، إذ جذبته - كما يقول - موسيقى النوبات والمديح، حيث شرح له ما تعنى هذه الحلقات، وهو ما ورد بالتفصيل فى المسلسل.
حلم بالمكاشفى قبل أن يقابله
الخواجة حكى لأتباع الطريقة المكاشفية القادرية فى جبل أولياء عن حلمه بأنه شاهد شيخًا سودانيًّا فى المنام أكثر من مرة، منذ أن كان فى بلده، وهو لا يفهم ولا يفسر طبيعة الحلم.
الشاهد أن الخواجة عبد القادر سافر للشكينيبة ليلتقى بالشيخ عبد الباقى الذى حينما رآه منذ الوهلة الأولى ناداه بعبد القادر، وتحدث معه بلغته النمساوية، وهى من كرامات الشيخ عبد الباقى المكاشفى، فكان يخاطب كل من يزوره من الأجانب بلغته، ومن أهل السودان بلهجاتهم، مثل الدينكا والنوبة وغيرهما.
ويسترسل عمنا أحمد الشيخ الصديق الذى أعاد لى نفس الحكاية أمس الأول دون أن يكون قد شاهد المسلسل أو يعرف عنه شيئًا، حكى القصة نفسها بتفاصيلها التى لم تغب عنى لحظة منذ أن شاهدت المسلسل.
وكرامة المكاشفى هى أن الخواجة عبد القادر دهش لأنه رأى أمامه الشيخ نفسه الذى يراه فى المنام، ومنذ ذلك الوقت أسلم على يديه وأصبح ملازمًا له حتى وفاته فى أغسطس 1960.
ويكمل الصحفى: يقول لى عمى أحمد الشيخ الصديق: إن الشيخ عبد الباقى المكاشفى حسب رواية الخواجة عبد القادر بعثه إلى الأزهر الشريف ليدرس علوم الدين هناك، وظل الخواجة عبد القادر يزور الشكينيبة حتى بعد وفاة الشيخ عبد الباقى المكاشفى.
الخواجة فى الخلوة
وأضاف الصحفى: وهذا ما جعلنى أعيش بعض قصته حينما التقيت المرحوم الصحفى محجوب كرار الذى أجرى حوارًا معه عبر عمى أحمد الشيخ الصديق الذى كان صديقًا للخواجة عبد القادر، فقد دخل وقتها خلوة للعبادة فى الشكينيبة وهى كما يعلم المتصوفة من أصعب وسائل العبادة التى ينقطع فيها المتعبد لأربعين يومًا داخل غرفة مقفلة لا يقابل أحدًا إلا من يحضر له الطعام والشراب، وهكذا ظل العم أحمد ينقل الأسئلة للخواجة عبد القادر، ويجيب عنها ثم يعيدها للصحفى محجوب كرار الذى نشر القصة كاملة فى صحيفة الأضواء لصاحبها المرحوم محمد الحسن أحمد. الشاهد أن الخواجة عبد القادر ظل يتنقل بين مصر والسودان والشكينيبة بالتحديد، وقصته معروفة للمكاشفية كإحدى كرامات الشيخ عبد الباقى المكاشفى.
وقد أدهشتنى التفاصيل الدقيقة للقصة والمسلسل، وتطابقها، وأذكر منها ما يعرف عن الشيخ عبد الباقى المكاشفى من أنه لا يمسك مالاً بيديه، وليس فى ملابسه جيوب، ويغضب حينما يُعطَى مالاً إذ يقذفه خلفه لجيرانه الذين يجمعونه من أجل مصاريف المسجد. هذا ما شاهدته بنفسى وأنا طفل، ومازلت أذكر هذا المشهد.
كرامات المكاشفى
هذا المشهد تكرر تقريبًا فى المسلسل حينما أعطى أحدهم الشيخ مالاً فقام متنفضًا غاضبًا ولم يلمس المال الذى أعطى إياه.
على أى حال مؤلف المسلسل عبد الرحيم كمال، ومخرجه شادى الفخرانى، لم يشيرا من بعيد أو من قريب إلى أن هذه القصة حقيقية، حدثت تفاصيلها ما بين الشكينيبة وجبل أولياء، فلقد استبدل بجبل أولياء محجر، ربما كان بالفعل محجرًا لبناء الخزان، ولم يذكر منطقة الشيخ الشكينيبة، إنما ذكر تفاصيل القصة دون الأماكن.
دفن فى "ود أبو آمنة"
أما المقام الذى تدور حوله الحكاية فى مصر فيقول عمى أحمد الشيخ الصديق عنه: إن الخواجة عبد القادر دفن فى السودان فى قرية "ود أبو آمنة" وهى بلد الشيخ عبد الباقى المكاشفى الأصلية بالقرب من الشكينيبة، والمسلسل أيضًا بيَّن هذه الحقيقة، أن المقام ليس هو قبره، وإنما (بيان) كما نقول فى السودان، حلم به أكثر من شخص كما ورد فى المسلسل، ولذلك بنى المقام.
هذه القصة المثيرة سنواصل فيها بشهادات أخرى من المكاشفية، وبالبحث عن ذلك الحوار المثير الذى أجراه الصحفى الباحث محجوب كرار فى أرشيف الأضواء، وسنتصل بالفنان الكبير يحيى الفخرانى ومؤلف القصة والممثل الكبير محمود الجندى، حتى نبين أصل الحكاية، ومن الواضح أن مؤلف المسلسل اطَّلع على حوارات أجرتها صحيفة مصرية فى ذلك الوقت، حيث كان المرحوم محجوب كرار قد اطلع عليها أيضًا، ولذلك بحث عنه فى الشكينيبة ليجرى معه ذلك الحوار.
صدى واسع فى مصر والسودان لكشف قصة الخواجة عبد القادر الحقيقية
وأشارت الصحيفة إلى أن الحلقة الأولى من حكاية الخواجة عبد القادر أثارت جدلاً كبيرًا داخل السودان وخارجها، خاصة الشقيقة مصر، إذ اتصل بى الصديق الدكتور شريف الخريبى يعلق على أحداث المسلسل دون أن يعرف أن القصة حقيقية، وقد أشار إلى أن المسلسل بما فيه من روحانيات لفت انتباه المشاهد المصرى الذى تعرَّف بعمق الدور الصوفى فى السودان، وحينما أخبرته بأن القصة حقيقية اندهش واتصل مباشرة بالأستاذة ماجدة اليادى مديرة تحرير صحيفة الوطن، والتى بادرت واتصلت بى للمزيد من المعلومات لنشرها فى صحيفتها، وتوقعت أن تثير القصة جدلاً كبيرًا.
الخواجة العابد الذاكر
وتواصلت الاتصالات من أحفاد الشيخ عبد الباقى المكاشفى إذ اتصل بنا الشيخ موسى النيل المكاشفى، القاضى بود مدنى، ليعطينا المزيد من المعلومات عن الخواجة عبد القادر، منها أنه عاصره حينما كان يدرس فى المرحلة المتوسطة، وكان يلازمه ويكتب له خطاباته باللغة العربية، ومن بينها خطابات شخصية للرئيس جمال عبد الناصر وحسين الشافعى وأنور السادات وعلى صبرى، وكان فحوى الخطابات أسئلة عن الأسرة والتحايا، ولم تكن تتضمن أى أحاديث سياسية.
وبما أن الخواجة عبد القادر قد حصل على الجنسية المصرية فإنه عاش فيها أكثر من 25 عامًا وعمل فى تعلية خزان أسوان، وبعض الكبارى، ولذلك يعرف مصر جيدًا.
ويضيف الشيخ موسى أن الخواجة عبد القادر من أم ألمانية وأب نمساوى، ويتحدث لغة هى خليط بين النمساوية والألمانية، ولذلك حينما خاطبه الشيخ عبد الباقى المكاشفى خاطبه بلغته نفسها، ومعروف عن الشيخ عبد الباقى المكاشفى أنه يخاطب الناس بلغتهم ولكنتهم، وهو ما يدهش زواره من الأجانب ويقنعهم بكراماته.
ويقول الشيخ موسى عن الخواجة: إنه رجل عابد يظل ساهرًا طوال الليل يتعبد ويقرأ القرآن بعربيته المكسرة. وأضاف أنه تزوج لفترة قصيرة بسيدة أجنبية فى الخرطوم بحرى، وانجب منها بنتًا ولم يظل معها وحفيده من هذه البنت موجود فى السودان، ويعمل فى إحدى كبريات الشركات السودانية، وقد أشرنا من قبل إلى أنه زار قبر جده وتحصل على بعض مقتنياته.
وعن وفاته أكد الشيخ موسى أنه قدم إلى السودان وكأنه يعلم أنه سيموت، بل قال لمرافقيه إنه أُمر بأن يموت ويدفن فى "ود أبو آمنة" المكان نفسه الذى أسلم به، بل إن أحد مرافقيه قال: إنه دخل ذات الخلوة التى أسلم بها وأقفل على نفسه، وحينما فتحت الخلوة صباحًا وُجد ميتًا وقبره محفور جاهز بجانبه دون أن يكون أحد معه.
حوار محجوب كرار
كلفت الزميل الصحفى عبد الرحيم يس بالبحث فى دار الوثائق عن الحوار الصحفى الذى أجراه المرحوم محجوب كرار مع الخواجة عبد القادر، وبالفعل وجدنا سلسلة من الحوارات مع الخواجة عبد القادر أجراها المرحوم محجوب كرار من الشكينيبة، وسنورد بعضًا مما دار فيها، ولكن المدهش أيضًا أن الحوار تطابق تمامًا مع المعلومات التى نشرناها فى الحلقة الأولى التى ظلت متداولة لنصف قرن بين مريدى وأحباب وأبناء وأحفاد الشيخ عبد الباقى المكاشفى.
من الخواجة عبد القادر؟
حكى الخواجة عبد القادر عن نفسه من خلال هذا الحوار قائلاً إنه من أم ألمانية وأب نمساوى، ولد عام 1907 ببلدة صغيرة بضواحى فيينا من عائلة تنتمى إلى ملاك الأراضى، ومن تقاليدها الراسخة أن يعمل أبناؤها ضباطًا بالجيش الألمانى.
وقال إنه حضر للسودان عام 1933 مع الشركة الإنجليزية "جيبسون وشركاه" لبناء خزان جبل أولياء على نفقة الحكومة المصرية، وذلك بعد أن قمنا بتعلية خزان أسوان تعلية ثانية سنة 1932م.
كيف دخل الإسلام
يقول الخواجة عبد القادر إنه قرأ كثيرًا عن الأديان، ومن بينها الدين الإسلامى وقد جذبه الإسلام، وزاد عليه ملاحظته خلال عمله بالسودان سلوك المسلمين وأداءهم شعائرهم الصلاةً وصوم رمضان، وحلقات الذكر التى كانت مرتين فى الأسبوع.وقال إنه مال للإسلام وفكر فى أن يسلم وأن يلتقى بشيخ كبير فى العلم والمعرفة، إلى أن رأى رؤيا صادقة فيها الشيخ عبد الباقى المكاشفى، ودعاه إلى تحقيق ما عزم عليه من القيام بزيارته للشكينيبة، وفى اليوم التالى مباشرة ذهب إلى "ود مدنى" بالقطار، ثم بعربة إلى المناقل فالشكينيبة، وقد أسلم على يديه بعد صلاة العصر مباشرة فى اليوم نفسه.
ويقول الخواجة عبد القادر: لاحظت أن الحلقة التى يجلس أمامها الشيخ عبد الباقى المكاشفى كانت تعلم بحضورى، ولم أكن قد التقيت أحدهم من قبل، وكنت أظن أن الشخص الوحيد الذى كان على علم بوجودى هو الشيخ عبد الباقى المكاشفى.
وبالفعل أسلم الخواجة عبد القادر وخصص له خلوة خاصة ولازم الشيخ عبد الباقى لمدة 14 شهرًا بعد أن استقال من منصبه.
الحج والدراسة فى مصر
يؤكد الخواجة عبد القادر ما ورد من حكايات من خلال حواره مع صحيفة الأضواء فى 11 مايو 1969 من أنه بعد 14 شهرًا بعثه الشيخ عبد الباقى المكاشفى للحج، ثم إلى مصر للدراسة فى الأزهر الشريف، وزوده كما قال بقدر من المال والضروريات الأخرى التى تكفى لقيامه بالرحلة، ويضيف: وقد بلغ حبى له أيضًا أن اتخذنى ابنًا وأعطانى اسما كريمًا هو "عبد القادر" ولذلك أجريت بعض التعديلات فى جواز سفرى النمساوى وجنسيتى المصرية.
وأعلن ذلك فى وثيقة الحكومة المصرية الصادرة له فى ذلك الوقت (الوثيقة التى نشرت من قبل).
وحسب رواية أحد أحفاد الشيخ المكاشفى - وأكدها الخواجة فى حواره - أنه حجز فى "جدة" هو وبعض الأجانب المسلمين إلى أن أرسل الملك عبد العزيز برقية للشيخ المكاشفى ورد عليه ليسمح له بالحج، وقد كان.
والده "الشيخ عبد الباقى المكاشفى"
قال الخواجة: إن والدى "الشيخ عبد الباقى المكاشفى" كان الرجل الذى أصبح مثلى الأعلى فيما بعد، وكان أكبر من المقاييس التى توضع عادة لقياس الرجال، كان الخير الذى يطلب لذاته، لم يشرب الخمر، ويحب الموسيقى.
ويصف الخواجة عبد القادر نفسه فى صباه: كنت انطوائيًّا، فلم أرقص ولم أشرب الخمر فى حياتى إلا من نوع خاص من النبيذ حلو الطعم يتعاطاه الناس هناك على موائد الطعام، كنت محبًّا للموسيقى منذ وقت مبكر، بدأت بدراسة الطب لمدة عام، وتركتها لدراسة الهندسة للتخصص فى الكبارى وبناء السدود فى جامعة فيينا، ثم جامعة ميونخ بألمانيا، وحصلت على دبلوم طبقات الأرض.
لماذا قرر الخواجة عبد القادر الإقامة فى مصر؟
كان آخر الأسئلة له: لماذا قررت الإقامة فى مصر؟ فقال: أحببت مصر، وقد عملت بها خمسًا وعشرين عامًا، ومُنحت الجنسية المصرية الفخرية تقديرًا لخدماتى، وإن كنت لا أزال احتفظ بجنسيتى الأصلية إلا أننى لن أفكر فى ترك القاهرة، لأن بها ضريحَى الحسين وسيدتنا زينب سبطى النبى عليه أفضل الصلاة والسلام، ولو جاءت بك الظروف هناك فستجدنى بأى "صلاة صبح" بجامع الحسين، وكما أحببت مصر احتلت الشكينيبة المكان الثانى بعد مسقط رأسى، وقد أحببت كل ناسها الذين استطاعوا رغم بساطتهم أن يغيروا بسلوكهم ومعاملاتهم مفاهيمى السابقة عن النبل والشجاعة وحلاوة الإخاء.
الشيخ الحمدابى زار خلوته فى صعيد مصر
وما قصة ضريحه فى مصر؟!!
التقينا من خلال هذا البحث عن حقيقة الخواجة عبد القادر الشيخ حامد عبد الرحمن الحمدابى، وهو من أبناء جعافرة الدويم، وله جذور فى منطقة دراو، قرية بمبان، وهى من أغرب الصدف أنها تمثل جذور معظم قبيلة الجعافرة بالدويم، يقول الشيخ حمدابى إنه زار منطقتهم وبحكم معرفته بقصة الخواجة عبد القادر لصلاته بالمكاشفية عرف أن الخواجة عبد القادر كان سائحًا صوفيًّا يتجول فى أنحاء مصر حتى وصل إلى دراو وقريتهم بمبان، أعجبته المنطقة لأنها شبيهة بمدن السودان، وقراها، ولها ارتباط وثيق بهم من خلال تجارة الجمال التى تمر عبرهم من دارفور وكردفان، وهى أحد أكبر المراكز التى يتجمع فيها تجار الجمال السودانية حتى أصبح سوقًا معروفة للجمال السودانية.
ولهذا بنى الخواجة عبد القادر خلوة على شاطئ النيل ليتعبد فيها، وهى مازالت موجودة وقريبة من قبة الشيخ الشريف عبدالله. كان للشيخ الخواجة علاقات قوية مع عمدة القرية وبعض الأعيان مثل مصطفى الحنضلاوية الذى كان يعمل فى الأوقاف، والذى كان يحضر له معاشه من الحكومة المصرية.
ونسبة لهيئته الحسنة ومظاهر عدم الحاجة والغنى ظن أهالى المنطقة أن له كرامات فى جلب المال والحصول على كنوز الفراعنة فى هذه المنطقة رغم أنه لم يكن يخرج من خلوته التى يتعبد فيها كثيرًا فاعتبروه رجلاً صالحًا وليًّا تسخر له كنوز الدنيا.
وفى بداية السبعينيات حزم فجأة الخواجة عبد القادر حقائبه وقال إنه مسافر للسودان لقرية "ود أبو آمنة"، وكان يزور الشكينيبة بالطبع حتى بعد وفاة شيخه ووالده عبد الباقى المكاشفى، إلا أنه ذهب هذه المرة ولم يعد مرة أخرى، حسبما أوردنا من قبل، وتوفى هناك.
خلوته فى مصر فى قرية بمبان، منطقة دراو، مازالت موجودة يتهيبها مواطنو القرية، ولم يمسوها حتى الآن، رغم أنها آيلة للسقوط.
عذرًا دار الوثائق
من الطرائف فى البحث عن الحوار فى دار الوثائق أن الأستاذ عبد الرحيم يس حينما طلبت منه تصوير الصفحات أبلغنى بأن سعر التصوير للصفحة A4 200 جنيه، ويعنى هذا أن الصفحة التايلوين ب 500 جنيه، وهكذا.. فغضبت وكنت أود توجيه نقد لاذع لدار الوثائق، إلا أن عبد الرحيم عاد اليوم التالى وهو يحمل صور الصفحات وهو يضحك، المبلغ المطلوب كان 200 بالقديم، وليس بالجديد، أى قرشين، أو خمسة قروش، ورمضان كريم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.