وزير العدل يفتتح محكمة كفر الدوار ويتفقد أعمال رفع كفاءة مجمع محاكم دمنهور الابتدائية    وزير العدل يفتتح مبنى محكمة كفر الدوار ويعلن موعد الانتهاء من تطوير محكمة دمنهور | صور    إقبال كبير على الأنشطة الصيفية بمدارس الطور في جنوب سيناء -صور    البورصة تربح 11 مليار جنيه بختام تعاملات جلسة منتصف الأسبوع    وزير البترول يتفقد سير العمل بالوحدات الإنتاجية بشركة الإسكندرية الوطنية للتكرير    أحدث سيارة 7 راكب من شيري في مصر.. بقسط 14.8 ألف جنيه شهريًا.. التفاصيل    إجراءات جديدة من تنظيم الاتصالات بشأن المكالمات الترويجية الإزعاجية    أوتاشا: إسرائيل تضع العراقيل أمام إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة    روتمان يشكر نتنياهو لموقفه ضد الحكومة الأسترالية    محمد صلاح أول المرشحين .. بدء توافد الضيوف على حفل PFA Awards لاختيار أفضل لاعب في إنجلترا.. صور    إعادة قرعة الدوري الممتاز للكرة النسائية بعد انسحاب هذا النادي    قبل نهاية الانتقالات.. مانشستر سيتي يحاول التخلص من 6 لاعبين    بعد اعتذار الجونة.. اتحاد الكرة يعلن إعادة قرعة دوري الكرة النسائية    صحيفة الاتحاد: مساعد مدرب أياكس ضمن المرشحين لقيادة الجزيرة خلفا ل عموتة    أصابها ب30 غرزة، حبس المتهم بالاعتداء على سيدة في السنبلاوين وسرقتها    "ابني كريم رد عليا".. صرخة أم في سوهاج بعد أن ابتلع النيل طفلها (القصة الكاملة)    حقيقة بيع شقة الفنان عبد الحليم حافظ لرجل أعمال مصري    بدرية طلبة تنشر صورة من الإعدادية: "بحبني في كل مراحل حياتي"    كيف تعرف أن الله يحبك؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    أعراض مرض HFMD عند الأطفال وطرق العلاج والوقاية    نائبة وزير الصحة تتفقد مستشفى العريش العام.. وتوجيه بشأن "الولادات القيصرية"    بالإجماع.. محمد مطيع يفوز برئاسة الاتحاد الإفريقي للسومو    رئيس هيئة الرقابة على الصادرات: 310 معامل معتمد لضمان جودة الصادرات المصرية    ويجز يطرح "الأيام" أولى أغنيات ألبومه الجديد على يوتيوب    تفاصيل فيلم «جوازة في جنازة» ل نيللي كريم وشريف سلامة    من تيمور تيمور إلى نيازي مصطفى.. حوادث مأساوية أنهت حياة نجوم الفن    في اليوم العالمي للتصوير.. هذه الأبراج الخمسة «فوتوجرافر الشلة»    بالصور والفيديو سابقة تحدث لأول مرة لفيلم مصري.. برج المملكة يحمل أفيش فيلم درويش لعمرو يوسف    لليوم الرابع.. "مستقبل وطن" يواصل اجتماعات لجنة ترشيحات النواب استعدادًا لانتخابات 2025    أمين الفتوى: بر الوالدين أعظم الواجبات بعد عبادة الله ولا ينقطع بوفاتهما    هل الحديث أثناء الوضوء يبطله؟ أمين الفتوى يجيب    الداخلية تكشف حقيقة فيديو مفبرك عن تعدي شرطي على الأهالي بأسوان    مسعف وسائق ببنى سويف يعثران على مليون و500 ألف جنيه فى حادث سير.. صور    جراحة ب «الجمجمة» إنقاذ مواطن من الموت بعد إصابته بنزيف بالمخ    موجة حارة.. حالة الطقس غدًا الأربعاء 20 أغسطس في المنيا ومحافظات الصعيد    4374 فُرصة عمل جديدة في 12 محافظة بحد أدنى 7 آلاف جنيه    الشيخ خالد الجندى: افعلوا هذه الأمور ابتغاء مرضاة الله    نفق وأعمال حفر إسرائيلية جديدة داخل ساحة البراق غرب المسجد الأقصى    تحليل: سيارات كبار السياسيين في ألمانيا تصدر انبعاثات تفوق المتوسط    وكيل تعليم بالأقصر يتفقد التدريب العملي لطلاب الثانوية الفندقية على أساسيات المطبخ الإيطالي    وزير الصحة يجتمع مع مجموعة BDR الهندية وشركة المستقبل للصناعات الدوائية لدعم توطين صناعة الدواء    مصادر طبية: 40 شهيدًا بنيران الاحتلال في مناطق عدة منذ فجر اليوم    "رقص ولحظات رومانسية"..منى زكي وأحمد حلمي في حفل عمرو دياب في الساحل الشمالي    صور.. النقل تحذر من هذه السلوكيات في المترو والقطار الخفيف LRT    بي بي سي ترصد طوابير شاحنات المساعدات عند معبر رفح بانتظار دخول غزة    التربية المدنية ودورها في تنمية الوعي والمسؤولية في ندوة بمجمع إعلام القليوبية    مواصلة الجهود الأمنية لتحقيق الأمن ومواجهة كافة أشكال الخروج على القانون    لافروف: أجواء محادثات بوتين وترامب فى ألاسكا كانت جيدة للغاية    مدير أوقاف الإسكندرية يتابع لجان اختبارات مركز إعداد المحفظين بمسجد سيدي جابر    صعود جماعي لمؤشرات البورصة بمستهل جلسة اليوم    "الموعد والقناة الناقلة".. النصر يصطدم بالاتحاد في نصف نهائي السوبر السعودي    الداخلية تؤسس مركز نموذجي للأحوال المدنية فى «ميفيدا» بالقاهرة الجديدة    وزير الدولة للاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني: الاقتصاد المصري يحتل أهمية خاصة للاستثمارات    إلغاء إجازة اليوم الوطني السعودي ال95 للقطاعين العام والخاص حقيقة أم شائعة؟    «100 يوم صحة» تقدم 52.9 مليون خدمة طبية مجانية خلال 34 يومًا    عماد النحاس يكشف موقف الشناوي من مشاركة شوبير أساسيا    رابط نتيجة تقليل الاغتراب 2025 بعد انتهاء تسجيل رغبات طلاب الثانوية العامة 2025 للمرحلتين الأولي والثانية    «ثغرة» بيراميدز تغازل المصري البورسعيدي.. كيف يستغلها الكوكي؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عفوا.. أستاذ «جلال أمين» أنصاف الحقائق لم تعد تنفعنا
نشر في اليوم السابع يوم 06 - 03 - 2009

منذ أن سمعت عن قرب إصدار كتاب الأستاذ الكبير جلال أمين «مصر والمصريون فى عصر مبارك «1981-2008» وأنا أتطلع لقراءته؛ لما يتميز به الأستاذ «أمين» من قدرة بارعة على صياغة الأفكار والنظريات العلمية بطريقة سلسة سهلة وبسيطة دون إخلال بمضمونها العلمى الراقى، ولما أوحى به عنوان الكتاب بأنه سينظر إلى عصر الرئيس مبارك نظرة بانورامية شاملة مقيِّما إيجابياتها وناقدا سلبياتها.
«الدولة الرخوة» هو عنوان الفصل الذى اختار الأستاذ «أمين» أن يؤسس عليه بقية تحليله للوضع الراهن فى مصر، مقتبسا مصطلح «الدولة الرخوة» من نظرية عالم الاجتماع الشهير «جنار ميردال» الذى قال إن الكثير من بلدان العالم الثالث تعانى من «الرخاوة» الناتجة عن الفساد وما ترتب عليه من غياب العدالة وانتشار الرشاوى، ويعلق «أمين« أنه عندما قرأ عن نظرية «الدولة الرخوة» فى نهاية الستينيات لم يكن يشعر على الإطلاق أن هذه الصفة من الممكن أن تكون بمصر وقتها، فقد كانت مصر حسب وجهة نظره «دولة قوية» خلاف لبنان فى السبعينيات التى كانت دولة رخوة، ثم قال إن نمط الحياة تغير فى مصر بما يشابه لبنان فى السنوات الأولى لحكم السادات، وبعد ثلاثين عاما أصبح الوضع فى مصر يكاد بماثل نظيره فى لبنان تماما، مستدلا على هذا بأن الزلزال الذى شهدته مصر فى 1992 والذى تعتبره اليابان «مداعبة» كاد يسقط الدولة المصرية كلها من فرط رخاوتها، وما حدث فى هذا العقد من انتشار الإرهاب والتطاول على الأقباط واستهداف السياح، ثم حكم «أمين» بأن بداية الدولة الرخوة كانت منذ 35 عاما، وبحسبة بسيطة نتبين أنه يؤرخ لرخاوة الدولة المصرية ابتداء من حرب أكتوبر، وهى الحرب الوحيدة التى انتصر فيها جيش نظامى يتبع مؤسسة الدولة على الجيش الصهيونى، فكيف يكون الانتصار أول طريق الانحدار؟
على الصعيد الخارجى بدأت الرخاوة كما يقول الكاتب منذ عصر السادات أيضا واستشرت فى عهد مبارك، منزها عصر عبدالناصر من هذه الصفة، فمن وجهة نظره أن ناصر وازن فى علاقته بين أمريكا والاتحاد السوفيتى، أما من بعده فقد انسحقوا أمام النفوذ الأمريكى والإسرائيلى، ولهذا أتساءل هل وازن عبدالناصر فعلا فى علاقاته بين أمريكا والاتحاد السوفيتى، أم انسحق هو الآخر مع الكيان الروسى وفتح لهم الأسواق، والمعسكرات، ونفذ أوامرهم التى أدت فى النهاية إلى هزيمة 67 المؤلمة؟
أما على الصعيد العربى فقد برهن أمين على قوة دولة عبدالناصر بأنها أنجزت الوحدة مع سوريا على الرغم من وجود معارضات داخلية وخارجية وكان لابد لهذه الدولة أن تواجه خصومها الخارجيين والداخليين بيد من حديد، وعلى حد قوله فإن «كانت يد النظام فى الستينيات حديدية بالفعل».
هنا تسقط ورقة التوت الأخيرة عن هذا الكتاب، فعلى الرغم من الإيحاء بالحيادية والموضوعية والتمسك ب«اللافتات» العلمية والنظرية، إلا أن امتداح الكاتب لليد الحديدية فى عهد عبدالناصر وذمها فى العهود التالية يبدو أمرا محيرا ومربكا، فالكاتب يرى فى اليد الحديدية الباطشة المستبدة علامة على القوة، فى حين أنه يعيب فى أكثر من موضع على الاعتقالات التى تمت بعد ناصر، ما يطرح التساؤل حول المعيار الذى يطلق من خلاله الكاتب أحكامه، أم أن الكاتب يتخذ من عبدالناصر القدوة والمثال مهما ارتكب من خطايا، وأفسد فى الأرض، واستبد بشعبه؟ فلو طبقنا نفس المقياس الذى حاكم الكاتب به عصرى السادات ومبارك على العصر الناصرى، فسوف تكون النتيجة أفدح: أفليس فساد المؤسسة العسكرية فى عهد ناصر وانغماس قائدها فى الملذات وتحكم الأصاغر فيها دليل رخاوة الدولة؟ ثم أيهما أدل على رخاوة الدولة: انهيار العمارات والبيوت كما حدث فى 92 أم انهيار دولة بأكملها كما حدث فى67؟ ثم أليس عهد عبدالناصر هو أول العصور التى شهدت الاحتقانات الطائفية؟
أوليس غياب السلطة التشريعية، وذبح القضاة وإقصاء أساتذة الجامعات دليل فساد ورخاوة الدولة؟ وكيف تكون دولة ناصر التى لم تنتصر فى حرب واحدة دولة قوية؟ وتكون دولة السادات صاحبة أكبر وأهم انتصار دولة رخوة؟ أم أن فساد دولة ناصر حلال وفساد ما بعده حرام؟ وهل يجوز أن يظهر الفساد فجأة فى عصر السادات أم أن لهذا الفساد جذورا امتدت وتنامت فيما قبله؟ وهل الدولة القوية من وجهة نظر الأستاذ أمين هى التى يقوم قائدها بالظلم بالجملة عن طريق هدم أصول الدولة المدنية، والعدل بالقطاعى عن طريق الخطب الساخنة الفردية والتفاعل مع المظالم؟
بالطبع أنا لم أقصد بهذه الأسئلة رفع الظلم عن أحد أو إلصاقه بآخر، فبالكتاب الكثير من النتائج التى ترقى لمرتبة الحقائق، لكن ما ننتظره من مفكرينا الكبار أن ينظروا للظرف التاريخى بكل ملابساته، والكشف عن جذور الظواهر الاجتماعية وتجلياتها ونتائجها ومستقبلها، وليس الاجتهاد فى عرض أنصاف الحقائق التى لم تعد تغنى ولا تسمن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.