أنور مالك، صحفى جزائرى، يعيش فى باريس حالياً كلاجئ سياسى، منذ سنوات بعد أن خضع للتعذيب فى السجون الجزائرية، فى قضية تدخل فيها عدد من الوزراء. مالك يتأهب حالياً لمقاضاة الحكومة الجزائرية دولياً، وذلك بعد أن تعرض للتعذيب، بعدما ألقى القبض عليه على الحدود الجزائرية محاولا الفرار إلى تونس. كانت وراء ذلك مصالح المخابرات بولاية تبسة وقسنطينة، حيث تعرض للتعذيب الذى أدى لإصابته بعاهة فى رجله اليسرى، جعلته معوقا بنسبة 70 %. وفى يوليو 2005، تعرض مالك مجدداً للتعذيب من قبل مصالح الدرك الجزائرى ببنى مسوس ومن طرف ضباط مخابرات ثكنة الشاطوناف. بدأت قضية أنور مالك مع قصة حجز مصالح الأمن لمخدرات داخل السيارة الشخصية والمصفحة للوزير بوقرة سلطانى (وزير دولة وزعيم حزب "حمس" الاسلامي) والمعروف ب: "أبوجرة سلطاني". كان على متنها شقيقه مولود وابنه أسامة. وقال تقرير اللجنة العربية لحقوق الإنسان الصادر عام 2007، إن القضية حيكت ضده لأسباب سياسية وأيضاً شخصية، بعدما تم إطلاق سراح ابن الوزير وشقيقه وداهمت مصالح الدرك بيته فى سطوالي(العاصمة). كان ذلك بقيادة قائد كتيبة بنى مسوس المساعد الأول ملوك فضيل، الذى عمل من قبل بالشريعة فى ولاية تبسة وتربطه علاقة صداقة بعائلة الوزير وخاصة بشقيقه عفافة. حينها صودرت مقالات وروايات له لم تكن قد نشرت بعد، ثم سيق مقيدا إلى مركز الأمن حيث تعرض لأبشع أنواع التعذيب من كهرباء وشيفون وضرب واستعمال أسلاك كهربائية فى جهازه التناسلى، إضافة للبصق والشتم والاعتداء على أماكن حساسة فى جسده. وقد علق من رجله اليسرى المعوقة فى سقف الزنزانة لساعات طويلة، كما رمى مقيدا فى قاعة شديدة السخونة لساعات. وعندما كان يصاب بالغثيان والاختناق كان ينقل لغرفة أخرى شديدة البرودة، مع المنع من النوم وغيره. الأمر الذى زاد من إصابته فى رجله اليسرى لتبلغ إعاقته نسبة 70 بالمئة، فضلا عن أمراض الضغط الدموى الذى أصيب به حينها. خلال هذه الفترة وبالضبط صباح يوم 10 يوليو 2005 نقلته المخابرات إلى مكان سرى فى الشاطوناف، حيث حضر الوزير سلطانى بوقرة شخصيا برفقة قيادات فى المخابرات، وتم تعذيبه على مرأى منه. كان يريد معرفة من يقف وراء المؤامرة التى استهدفته من طرف مناوئين له من داخل حزبه وخارجه. فذكر السيناتور هباز فريد والنائب البرلمانى أحمد الدان، عن حركة حمس التى يتزعمها الوزير سلطانى خلفا للراحل محفوظ نحناح، وكذلك النائب البرلمانى عبدالغفور سعدى عن حركة الإصلاح الوطنى، وأيضا الصحفى أنيس رحمانى (محمد مقدم). ثم وقع على المحاضر مكرها. إلى أن عرض على محكمة بئر مراد رايس يوم 4 يونيو 2005، حيث تم الاعتداء عليه من قبل المساعد الأول ملوك فضيل وأعوانه. كما مورست بحقه أبشع أنواع التعذيب بفعل أوامر جاءته من طرف الضابط قائد المجموعة - الذى كان يحمل رتبة نقيب ورقى حينها إلى رتبة رائد- والذى بدوره تلقى تعليمات من الوزير سلطانى شخصيا. هذا الاعتداء كان نتيجته جروح عميقة فى رأسه أسالت منه الدم الغزير (توجد إشارة لذلك فى جريدة الخبر 05 جويلية 2005). عندما نفى كل ما نسب له، تمت متابعته بتهم تتعلق بقضايا إرهاب من خلال روايات كتبها، على أساس أن أحد أبطال رواية "دموع أمريكا"، وهو إرهابي، تحدث الكاتب على لسانه فى روايته. عندما أودع سجن الحراش من طرف قاضية التحقيق بوحلوان فتيحة (الغرفة الخامسة) فحصه طبيب السجن وأفاد فى شهادة طبية بأن حالته الصحية متدهورة. بعد ذلك، وبتاريخ 03 أكتوبر 2005 نشر ملف اعتبر خطيرا، وهو يتعلق بحياة الإسلاميين فى سجن الحراش، ومواقفهم من ميثاق السلم والمصالحة الوطنية الذى أعلنت عن نتائجه النهائية وبمصادقة أغلبية مطلقة للشعب الجزائرى، نشرت الملف ووقعت عليه الصحفية نائلة بن رحال فى صحيفة (الجزائر نيوز) تحت عنوان: "الجزائر نيوز تخترق سجن الحراش". كان قد تم تسريب الملف عن طريق هاتف نقال، حيث إن الهواتف النقالة كانت منتشرة بكثرة بين المساجين. إثر ذلك اتخذت مصالح إدارة وزارة العدل إجراءات صارمة ضد السجن ومديره حسين بومعيزة الذى تمت إقالته ومتابعته بتهم تتعلق بالفساد. خلفه عزوز الجيلالى الذى شنّ حملة واسعة ضد القاعات لمصادرة الهواتف والشرائح. فى إطار الحملة هذه استدعى مساء 12/10/2005 أنور مالك إلى العيادة حيث كان يعالج من مرض الضغط. فوجد فى حجرة الطبيب 5 أشخاص قدموا أنفسهم على أنهم من مصالح الاستعلامات العسكرية، وكان بحضور ضابط العيادة المسمى سيد على. كانت العيادة خالية من المرضى وحتى الموظفين. فى البداية حاولوا معرفة سر الملف الصحفى، لكنه نفى علاقته به. غير أنهم أكدوا أن الصحفية نائلة بن رحال اعترفت للنائب العام لدى مجلس قضاء العاصمة باسم الشخص المتورط. ولما نفى كل ذلك قاموا بربطه ممددا على سرير الكشف وراحوا يربطون جهازه التناسلى بأشياء تستعمل فى نقل السيروم للمريض وحتى بأسلاك كهربائية. أذاقوه من الكهرباء والضرب حتى أغمى عليه، فتركوه وغادروا العيادة ليقدم له الطبيب الإسعافات. بقى فى العيادة يوما كاملا. غير أنه عاد واستدعى فى 23/10/2005 من طرف ضابط الحيازة للتحقيق فى قضية جديدة. فوجد سيارة من نوع كونغو، أركبوه فيها مصفد اليدين للخلف. بعد مغادرة بوابة السجن غطوا رأسه كى لا يتعرف على وجهة السيارة. وبعد حوالى عشر دقائق وجد نفسه فى مكان سرى لا يبتعد كثيرا عن السجن. كانت زنازين تحت الأرض تتسرب منها أصوات أنين لأشخاص يظهر أنهم عذبوا تعذيبا بشعا. وضع أنور مالك فى زنزانة مجردا من ثيابه، حيث قاموا بضربه بسلك كهربائى متين فضلا عن الشتم والصفع. الهدف من ذلك التعاون معهم وإرسال تقارير عن أحوال المساجين الإسلاميين، خاصة وأن مصالحهم تخشى عودتهم للعمل المسلح بعد الإفراج عنهم. عندما رفض كل العروض تم ربطه مرة أخرى فى سلم معلق فى الجدار ورأسه للأسفل. بقى على هذه الحال ساعات عديدة. مما اضطره للموافقة على التعاون معهم وإعطائهم معلومات كاملة عن قصة التعامل مع جريدة الصحفى حميدة العياشي، وعما يتعلق بالوزير سلطانى بوقرة. عندما ترك بمفرده فى الزنزانة، كانت قبالته زنزانة أخرى يسمع فيها صوت شخص يناديه بصوت خافت: يا أخ... يا أخ. عندها نهض وتحدث معه من الثقب بضعة ثوان، خوفا من تسرب الصوت للحراس الذين كانوا يتناولون وجبة الغداء. مما ذكره له ذلك الشخص أنه موجود منذ سنوات عديدة فى هذا المكان السرى الذى يجهله، وأن اسمه معمر من ولاية قالمة (الشرق الجزائري) ولقبه إما "معوط" أو "جلوط" أو "عطوط" أو شيء من هذا القبيل لم يفهمه جيدا، كون الشخص كان يتحدث بصوت جد منخفض، وأنه يوجد الكثيرون ممن لا يعلم أهلهم عنهم شيئا. حتى اللحظة لم يفهم بعد أنور مالك ما كان المقصود من تلك العملية وذلك التحويل إلى هذا المكان الرهيب. لقد هدده ضباط المخابرات أنه فى حالة عدم تعاونه الجيد معهم، سوف يختطف عندما يفرج عنه من باب السجن ويرمى فى هذا المكان لسنوات لن يصل له الذباب الأزرق حسب قولهم. أخبروه بأنهم على علم بما يريده، وهو الاتصال بقناة الجزيرة القطرية من السجن للكشف عما تعرض له من طرف الوزير سلطانى بوقرة. لكن لو فعلها سوف يذبح. لقد أفرج عن أنور مالك فى 4/ يونيو/جويلية 2006 فعاد لأهله بالشريعة ولاية تبسة (الشرق الجزائري). وقد داهم حراس الوزير - وهم من المخابرات - بيته عندما زار سلطانى أسرته فى الشريعة، ولحسن حظه لم يكن موجودا.