تشكيل تشيلسي المتوقع أمام ريال بيتيس في نهائي دوري المؤتمر الأوروبي    تعليم البحر الأحمر تنهي استعداداتها لإجراء امتحانات الفصل الدراسي الثاني للشهادة الإعدادية    ريا أبي راشد تكشف سبب اهتمام مصوري مهرجان كان ب نجوى كرم وتجاهل إليسا    إيلون ماسك: الهبوط على المريخ هو الهدف الأول ل"سبيس إكس"    الخارجية الأمريكية توقف جدولة مقابلات تأشيرات الطلاب الأجانب وتستعد لتوسيع فحص وسائل التواصل الاجتماعي    موسكو: الاتحاد الأوروبي يستعد للصدام العسكري مع روسيا    الصين الآن.. مقتل 5 وإصابة 19 في انفجار مصنع كيماويات    مسئولة أممية: حريصون على تعزيز العمل المشترك مع الجزائر    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الأربعاء 28 مايو    رابط نتيجة الصف الثاني الثانوي 2025 في بني سويف فور ظهورها    رابط نتيجة الصف الرابع الابتدائي الترم الثاني 2025 برقم الجلوس فور ظهورها في بورسعيد    الدفاع الروسية: اعتراض 112 مسيرة أوكرانية خلال 3 ساعات    الفاصوليا ب 70.. أسعار البقوليات في أسواق الشرقية الأربعاء 28 مايو 2025    مستقبل رونالدو بين حلم العودة و«مزاملة» ميسي.. والأهلي لمواصلة الرحلة    بعد هبوطه في 7 بنوك.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري الأربعاء 28-5-2025    الإيجار القديم.. نقيب الأطباء: فسخ العقود بعد 5 سنوات كارثة.. وزيادة إيجار الوحدات المهنية 10% كافية    سعر الذهب في مصر اليوم الأربعاء 28-5-2025 مع بداية التعاملات    الدبيبة تعليقا على عزم البرلمان اختيار حكومة جديدة: لا شرعية لمراحل انتقالية جديدة    أسعار الفراخ وكرتونة البيض في أسواق وبورصة الشرقية الأربعاء 28 مايو 2025    موعد وصول أليو ديانج إلى القاهرة للانضمام إلى الأهلي    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الأربعاء 28-5-2025    منع ابنه من الغش.. ولي أمر يعتدي على معلم داخل مدرسة بالفيوم    فيديو| حكاية روب التخرج للعم جمال.. تريند يخطف الأنظار في قنا    صندوق النقد الدولي: مصر تحرز تقدما نحو استقرار الاقتصاد الكلي    المطبخ المركزي العالمي: إسرائيل لم توفر مسارا آمنا لوصول الإمدادات لنا    رئيس وزراء العراق: فضلنا أن نكون جسرًا للحوار لا ساحة تصفية حسابات    أبطال فيلم "ريستارت" يحتفلون بعرضه في السعودية، شاهد ماذا فعل تامر حسني    موعد أذان الفجر اليوم الأربعاء أول أيام ذي الحجة 1446 هجريًا    كواليس حريق مخزن فراشة بكرداسة    غموض موقف أحمد الجفالي من نهائي الكأس أمام بيراميدز    موعد أذان الفجر في مصر اليوم الأربعاء 28 مايو 2025    وجبة كفتة السبب.. تفاصيل إصابة 4 سيدات بتسمم غذائي بالعمرانية    مصطفى الفقي: كنت أشعر بعبء كبير مع خطابات عيد العمال    موعد مباراة تشيلسي وريال بيتيس في نهائي دوري المؤتمر الأوروبي    إدارة الأزمات ب «الجبهة»: التحديات التي تواجه الدولة تتطلب حلولاً مبتكرة    ظافر العابدين يتحدث عن تعاونه مع طارق العريان وعمرو يوسف للمرة الثانية بعد 17 سنة (فيديو)    رئيس جامعة عين شمس: «الأهلية الجديدة» تستهدف تخريج كوادر مؤهلة بمواصفات دولية    العيد الكبير 2025 .. «الإفتاء» توضح ما يستحب للمضحّي بعد النحر    ما حكم صلاة الجمعة إذا وافقت يوم عيد؟ الإفتاء تحسم الجدل    الكاس يوجه رسالة لجماهير منتخب مصر قبل كأس العالم للشباب    «لو الأهلي كان اتأجل».. نجم الإسماعيلي السابق ينتقد عدم تأجيل مباراة بيراميدز بالدوري    مدرب مالي: ديانج يمكنه الانضمام ل الأهلي عقب مواجهة الكونغو    سلاف فواخرجي تعلن مشاركة فيلم «سلمى» في مهرجان روتردام للفيلم العربي    هناك من يحاول إعاقة تقدمك المهني.. برج العقرب اليوم 28 مايو    البلشي يدعو النواب الصحفيين لجلسة نقاشية في إطار حملة تعديل المادة (12) من قانون تنظيم الصحافة والإعلام    ولاء صلاح الدين: "المرأة تقود" خطوة جادة نحو تمكين المرأة في المحافظات    السيطرة على حريق شب داخل مطعم بمنطقة مصر الجديدة    وزير الأوقاف يهنئ الشعب المصري والأمة العربية بحلول شهر ذي الحجة    وكيل صحة سوهاج يبحث تزويد مستشفى طهطا العام بجهاز رنين مغناطيسى جديد    «الرعاية الصحية»: التشغيل الرسمي للتأمين الشامل بأسوان في يوليو 2025    تنتهي بفقدان البصر.. علامات تحذيرية من مرض خطير يصيب العين    الاحتراق النفسي.. مؤشرات أن شغلك يستنزفك نفسيًا وصحيًا    لا علاج لها.. ما مرض ال «Popcorn Lung» وما علاقته بال «Vape»    حزب الجبهة الوطنية بجنوب سيناء يبحث خطة العمل بأمانة التعليم (صور)    سلمى الشماع: تكريمي كان "مظاهرة حب" و"زووم" له مكانه خاصة بالنسبة لي    حدث بالفن | وفاة والدة مخرج وتامر عاشور يخضع لعملية جراحية وبيان من زينة    الشركة المتحدة تفوز بجائزة أفضل شركة إنتاج بحفل جوائز قمة الإبداع    السعودية تعلن غدا أول أيام شهر ذي الحجة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تم قبولكم فى كلية طب
نشر في اليوم السابع يوم 31 - 07 - 2012

كانت هى تلك الرسالة التى وصلت لكل من تقدم للالتحاق باحدى كليات الطب وتم القبول بها، عبارة أسعدت الكثير حينها، وربما تكون قد صدمت البعض الآخر، ولكن أيا كان وقع تلك الصدمة، فهى بالتأكيد لا تضاهى شيئا بجوار الصدمة الحقيقية التى تلقيناها منذ التحاقنا بتلك الكلية، وذلك الواقع المؤلم الذى اضطررنا أن نعيشه منذ ذلك الحين، فمثلى مثلكم، جميعنا يعلم كم هى صعبة كليات الطب على السواء، ناهيك طبعا عن السبع سنين من الدراسة والتكليف وإلى آخره، ولكن كل هذا قد يهون إن كان ما نتلقاه حقا يستحق كل هذه المعاناة، فى سبيل أن ننشأ أطباء على درجة عالية من الخبرة والمهارة والتعليم.
فمنذ السنة الأولى ونحن نتلقى تعليما عقيما، من معلومات عفى عليها الزمان إلى أجهزة وأدوات لم تعد ترها سوى فى المتحف، إلى كتب القسم، نعم كتاب القسم الذى هو عبارة عن تجميعات من كتب ومراجع علمية موضوعة ومكتوبة بطريقة سيئة ويتم إجبارك على حفظها فقط لتصب تلك المعلومات فى ورقة الامتحان، ولا يهم إن كنت تتذكرها بعد ذلك أم لا.
المهم إنك ملأت الجمجمة بكم هائل من المعلومات لو كنت ذاكرت نصفها لكان من الممكن أن تظل متذكرها إلى الآن، ناهيك طبعا عن أسلوب الامتحانات المتخلف الذى يقيس مستوى أى شىء غير ذكاء الطالب، حيث إنه يتعامل معنا على أساس إننا "ميمورى كارد"، ليس إلا، والشاطر اللى يجيب مجموع هو اللى بيعرف يحشى ويفضى، ولا كأننا حلة محشى !
نخرج من ذلك إلى كيفية تقسيم المواد والسبل المستخدمة فى التعليم، فمادة مثل التشريح يتم تدريسها على جثث مهربدة قضى الزمن على ملامحها، ذلك بالإضافة انك غالبا مش هتعرف حتى تشوف الجثة فى المشرحة من تكالب الطلبة عليها، والمنهج النظرى لكى تتذكره يجب عليك أن تتخيل، تحفظ وتصم، فى حين إن مادة مثل " علم الأنسجة " تمضى وقتك كله فى رسم أشكال الخلايا التى تتلخص فى نقط وخطوط زرقا وحمرا، حقيقة إلى الآن لا أعرف ما هى الفائدة التى ستعود علينا من تلك الكراسة سوى الخمس درجات اللى هيدوهالنا فى آخر السنة.
لندخل إلى السنة الثانية التى هى أيضا تكملة لمواد السنة الأولى، وتستمر المأساة، بالإضافة إلى أن كثيرا من أجزاء المنهج فى ثلاث من المواد هى هى نفس المعلومات التى من المفروض علينا أن نحفظها ونذاكرها لكل مادة ولكن بطريقة مختلفة، عشان كل قسم شايف المعلومة بشكل يختلف عن التانى، وأنت كطالب من أجل حصولك على الدرجات يجب عليك أن ترضى الزبون.
ندخل بقى على السنة الثالثة المتعارف عليها بأنها أصعب سنة فى الكلية، ليس لصعوبة المواد نفسها ولكن للكم المهول من المعلومات التى يجب علينا ان نحفظها عن ظهر قلب فى كل مادة، ومش مهم بقى احنا نولع. حين ياتى امتحان الفارما "علم الادوية" ليسأل عن كل الادوية التى تعالج ارتفاع ضغط الدم متسببا فى ارتفاع الضغط عند كل الطلبة حينها، وحين تدخل رئيس قسم الباثولوجى فى كل لجنة مبررة صعوبة الامتحان ب " علشان تبقوا تاخدوا دروس تانى "، وكأننا بناخد الدروس بمزاجنا، مش عشان ما لقيناش تعليم محترم جوة الكلية، وذلك يأخذنا إلى نقطة أخرى وهى آه إننا لسة بناخد دروس فى الكلية، عادى جدا.
كل هذا ونحن ما زلنا فقط فى السنين الثلاث النظرى من الكلية، وإذا ألقينا نظرة على ماهية تلك الناهج نجد أن معظمها لن نستفيد منه على الإطلاق أو لم يعد يستخدم بعد، أو يجب دمجه فى جزئية واحدة ليتم الترابط بينها، وأعتقد انه إذا تم ذلك ستتحول الثلاث سنوات إلى سنتين فقط لا غير.
كل هذا وإن لم تعتبره شيئا، بغض النظر عن أن كلية طب كلية علمية يتم توزيع درجاتها على الامتحان النظرى كغالبية ويتم تهميش درجات العملى فيها إلى أقصى درجة، فالآن أسوأ وأضل سبيلا، فها نحن قد خلصنا من السنين النظرى لنبدأ سنوات العملى، سنوات الكلينيكال ! وكل ما حدث من تغيير هو أننا انتقلنا من حضور المحاضرات فى قاعات الكلية إلى حضورها فى غرف صغيرة بمستشفى الكلية التعليمى، ولو فى عيانين يبقى خير وبركة، مفيش، أدينا بنيجى وبناخد المعلومة واهو اسمنا بنحضر فى المستشفى. هذا وإن حدث فى سنة رابعة، ففى السنة الخامسة والسادسة يصبح الوضع اكثر سوءا سواء من تعامل الدكاترة مع الطلبة والمرضى أو تعامل الطلبة مع المرضى، هرج ومرج وعدم احترام وإساءة وغيرها من الأشياء التى تحدث داخل المستشفى وخارجها. وتبقى السنين العملى معتمدة فى النهاية على امتحان النظرى، حتى وإن لم يكن كتابة، فامتحان الاختيار من متعدد ليس أفضل كثيرا فمعظم الأسئلة تعتمد كليا على ذاكرتك الخزعبلية التى ستتذكر كل ما هو بين السطور وليس على قدرتك العقلية فى تحليل الأمور، هذا طبعا إن نحينا جانبا فكرة إن القسم منزل كتاب فيه أسئلة بيجيب منه فى الامتحان ولو حتى اجابة الكتاب غلط فانت لازم تجاوب الغلط حتى لو كنت عارف الصح.
أما عن أنظمة الامتحانات، فيكفى ان كل راوند بامتحان شكل، فراوند قد يظلم لصعوبة امتحان وآخر قد ياتى امتحانه غاية فى السهولة، راوند يمتحن فى ورق وآخر يمتحن فى على الكمبيوتر، وأصبحنا لا نعرف اى الانظمة سيتم تطبيقه علينا، ومن امتحانات الراوند لامتحانات آخر السنة التى يجب أن تتأخر لآخر وقت ممكن، وكأنه لا يكفينا صعوبة الامتحانات، لا لازم يكون الوضع العام بأكمله غاية فى الصعوبة بداية من اننا بنمتحن فى عز الصيف والحر، كل الناس اللى حوالينا مخلصين امتحانات من بدرى، طول المدة فى حد ذاته مرهق للأعصاب وبالتالى فهو يؤثر على أدائنا فى المذاكرة والامتحان، وبعد ل ذلك لا نجد الفرصة الكافية لنرتاح، فالإجازة عام عن عام تتقلص وكأننا أصبحنا عبيدا لهذه الكلية، حتى أوشكنا أن نفقد علاقتنا بالعالم من حولنا، لذا تجد فى تلك الكلية أن من لا يزال مهتما بممارسة هواياته والمشاركة فى انشطة خارجية يتاثر سلبا فى دراسته ودرجاته، فهنا إما ان تحتفظ بحقك فى الحياة فتشعرك الكلية بفشلك، مع إنك فى الحقيقة لست بفاشل أبدا، وإما أن تصبح علاقتك بالكتاب هى الأقوى على الإطلاق منذ دخولك الكلية، فأى نظام تعليمى هو هذا الذى يقيس قدرتك على حفظ الكتاب من الجلدة للجلدة ؟!
نخرج بقى من الامتحان النظرى إلى الامتحان الشفوى، وسأكتفى فى هذا الموضوع بكلمة واحدة " الواسطة "، وخد من ده كتير بقى، لو واحد أبوه دكتور ولا أمه دكتورة ولا يعرف حد كويس يجيبله واسطة يبقى كده ضمن درجات الشفوى، لو ما معاكش يبقى انت وحظك يا إما دكتور هيبقى حنين عليك يا إما هيطلع عينك، وبالنسبة لسنة خامسة وسادسة، فلا داعى لذكر ما يحدث من المرضى مع الطلبة لما بياخدوا منهم فلوس عشان يدولهم الإجابة، وانت وفلوسك بقى.
نهايته، لن أخلص إذا ظللت أسرد ما أراه فى الكلية من عيوب وانحدار فى المستوى التعليمى فى الكلية، ولكن كل ما أردته هو عرض الحقيقة، فالمشكلة ليست فى طول السنين، المشكلة أعمق من ذلك بكثير، بداية من المحاضرات والدكاترة الذين يلقونها، ما الضير أن يتم اختيار الأفضل من بينهم بحسب اختيار الطلبة، فنحن لا نريد أن نمضى حياتنا بنحضر فى الكلية عشان الغياب وبنحضر فى الدروس عشان نفهم، مرورا بالمناهج القديمة والمعلومات الكثيرة البائتة، لا أعرف حقا ما المشكلة فى التنسيق بين الاقسام لإعطائنا المفيد منها، انتهاء بالامتحانات، فمتى سنتوقف عن المذاكرة من كتاب القسم لأنه لا يوجد وقت لدينا لرؤية المراجع، ومتى سنتوقف كوننا " حافظين مش فاهمين "، وإلى متى سيتم إجبارى على حشو كم من المعلومات لن تفيدنى وانا ممارس عام لم اتخصص بعد ولن أتذكرها حين أتخصص، إلى متى ؟!
أعلم أننى لن أحصل على تلك الإجابة ولكننى اود أن تصل رسالتى لمن يهمه الأمر، فحتى لو لم أرى التغيير بنفسى فالأهم عندى أن يحدث حتى لا تظلم الأجيال القادمة من بعدى، فإلى العميد والوكيل والدكاترة والأساتذة وكل من هو مسئول عنا، اتقوا الله فينا.
وأخيرا، أحب أن أوجه كلمة إلى طلاب الثانوية العامة، إذا كنت حقا لا تريد الالتحاق بكلية الطب وكتبتها إرضاء لأهلك فقط، فنصيحة منى إما أن تحاول تقنعهم بما تريد أو تختار أنت ما تريد، حتى لو زعلوا منك شوية هيهدوا بعدين، لكن انت لو زعلت دلوقتى هتزعل كتير بعدين، وإذا كنت حقا تريد الالتحاق بها فاعلم أنها تحتاج إلى الكثير من المثابرة والصمود، وإلى أولياء الأمور أرجو منكم أن تتوقفوا عن الحديث عن وهم كليات القمة، وتجبروا أبنائكم على الالتحاق بها استخسارا للمجموع، فأبناؤكم هم قمة فى أى مكان يثبتوا فيه قدراتهم ويتفوقوا فيه، وليس لأنه يأخذ الاعلى مجموعا، اتركوا لهم حرية الاختيار، فهم ادرى بمستقبلهم.
اللهم قد بلغت، اللهم فاشهد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.