يواصل الكاتب البريطانى روبرت فيسك حديثه عن سوريا، ويخصص مقاله اليوم الاثنين بصحيفة "الإندبندنت" عن الأقليات، ويشير إلى أن حتى وقوفهم على الحياد من الصراع الدائر فى البلاد فى الوقت الراهن لن يجعلهم فى مأمن. ويقول فيسك: فى ظل العذاب الذى تشهده حلب، دعونا نتذكر الأقليات، فالفلسطينيون فى سوريا، عددهم أكثر من نصف مليون، والمسيحيون عددهم 1.5 مليون، والنسبة الأكبر منهم موجودة فى مدينة حلب، وهم مواطنون سوريون ويجلسون الآن على حافة البركان. وأيا منهما لا يريد التعاون مع نظام بشار الأسد، إلا أن البقاء على الحياد يعنى أن ينتهى بهم الحال دون أصدقاء، ويذكر الكاتب بأن الفلسطينيين فى لبنان وعددهم نصف مليون لاجئ حاربوا إلى جانب اليسار المسلم فى الحرب الأهلية التى استمرت منذ عام 1975 وحتى 1990، فكان جزائهم الكراهية والقتل الجماعى والسجن النهائى فى مخيماتهم الخاصة. واللاجئون الفلسطينيون فى الكويت أيدوا غزو صدام حسين للبلاد فى عام 1990، فتم طرد مئات الآلاف إلى الأردن عام 1991، والفلسطينيون الذين أقاموا فى العراق منذ عام 1948 ذبحوا أو طردوا من البلاد من قبل "المقاومة" العراقية" بعد الغزو الأمريكى عام 2003. ويشير فيسك إلى أن تلك النتائج المستقاة من التاريخ تعنى أن الحياد فى سوريا هو أمل الفلسطنيين الوحيد للخلاص من الحرب الأهلية الجديدة التى تدور حولهم، إلا أن معسكراتهم يزورها بانتظام أفراد من الجيش السورى الحر الذين يطلبون منهم أن يقاتلوا لصالحهم. كما أن مخيماتهم تعج بمخابرات الحكومة السورية التى تطلب منهم أن يقاتلوا معها أيضا.. وللأسف، فإن وحدتين عسكريتين فلسطينيتين تحت سيطرة النظام مباشرة، وهما: جيش التحرير الفلسطينى والصاعقة، التى تعد من أكثر الميليشيات المرتشية بعد التدخل العسكرى السورى فى لبنان عام 1976. وقبل شهرين، تم اغتيال 17 من جنود جيش التحرير الفلسطينى المدربين فى سوريا، وفى الأسبوع الماضى قتل 17 آخرين فى دمشق. وينقل فيسك عن فلسطينى قوله إن الجيش السورى الحر هو من قتلهم لتحذيرهم بالابتعاد عن النظام، فى حين يزعم آخرون أن النظام هو من قتلهم لتحذير الجيش السورى الحر. ويشير الكاتب إلى أن بعض الفلسطينيين فى المخيمات السورية هم أنفسهم رجال مخابرات يعملون لصالح حكومة دمشق، فالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة، قالوا بأنفسهم إنهم يقاتلون لصالح النظام. أما عن المسيحيين فى سوريا، فيقول عنهم فيسك إنهم مواطنون لا يعكس دينهم بالتأكيد أغلبية فى القوات المعادية لبشار الأسد. فهم يفضلون فى أغلبهم استقرار بشار عن المجهول فى مرحلة ما بعد سقوطه. وهناك 47 كنيسة وكاتدرائية فى حلب وحدها، ويعتقد المسيحيون أن السلفيين يحاربون وسط قوات المعارضة، وربما يكونون على حق. وتحدث الكاتب أيضا عما حدث للأقليات المسيحية فى حرب العراق، وعند دعم الأقباط فى مصر لمبارك حتى قبل يومين فقط من سقوطه. واعتبر فيسك أن موقف المسيحيين تبين فى بداية شهر رمضان عندما ألقى كبير الأساقفة المارونيين فى دمشق كلمة فى التلفزيون السورى استهلها بشكر الدولة السورية ومسئوليها للسماح له بالتحدث. وفى ختام كلمته سأل كبير الأساقفة الله أن يبارك "المدنيين والمسئولين والجنود".