الناس الغلابة اللى مش لاقيين يأكلوا ويعيشون فى العشوائيات والمقابر، لا أحد يشعر بهم ولا معاناتهم، فقدوا الأمل منذ زمن بعيد، ولا يهمهم عودة مجلس الشعب من عدمه أو معايير اختيار لجنة إعداد الدستور، أو حتى الدستور نفسه، كل ما يتمنوه أن نتركهم وما هم فيه، تصارعوا تقاتلوا فليأكل بعضكم بعضا، ولكن لا تنسوا احتياجاتهم وحقوقهم المعيشية مثل أنبوبة البوتاجاز والبنزين والسولار ورغيف العيش. المشكلة أن تغيير الأوضاع وتوفير الاحتياجات الأساسية محتاج وقتا وصبرا، ولكن يجب أن نرسل إليهم رسالة بأن حلمهم فى عيشة كريمة أصبح ممكنا، والقضاء على الفساد مش مستحيل، يعنى يجب على النظام الجديد أن يعطى إشارات سريعة وثورية بأنه منحاز للناس الغلابة.. طب يعمل ايه؟ يصدر الرئيس محمد مرسى قراراً بتسليم القصور الرئاسية والمنتجعات الخاصة بالمخلوع وبطانته لهيئه الآثار، كل مجمع وقصر ومنتجع واستراحة. شوف ياصاحبى لما اقولك إقامة الرئيس أو الحاشية فى هذه القصور والاستراحات تعطى انطباعا بالفخفخة والأبهة، مما يشعر الناس بأن مافيش حاجة اتغيرت، والفارق كبير بينه وبين رئيس الجمهورية، وحكاية رئيس الجمهورية ما هو إلا موظف عام يؤدى وظيفته لخدمة الناس قصة وهمية. السبب أن أداء هذه الوظيفة لا يحتاج كل هذه الفخفخة فى طول البلاد وعرضها، والإنفاق على هذه القصور وصلت إلى حد السفه.. القصة أن استخدام هذه القصور والاستراحات مرة أخرى لا يتماشى مع سياسة التقشف التى يجب تطبيقها لتقليص الفارق الذى يتمتع به أى مسئول مع المواطن الذى اختاره وانتخبه. صحيح الرئيس أو أى مسئول يجب أن نوفر له بعض الامتيازات، بشرط أن تكون معقولة ومقبولة من حماية وسيارة وراتب جيد يعوضه، ويكفى التزاماته الاجتماعية. المشكلة أن النظام البائد بالغ وتجبر فى هذه الامتيازات، وإلى حد غير معقول، وأصبحت سرقة للمال العام. اللى هو مال الشعب، الحكاية ومافيها إن المسئولين يتمتعون بامتيازات ضخمة. رغم ما قيل إنه جرى تعديلات أو تخفيضات عليها لكنها غير كافية.. القصة أن هذه الامتيازات المادية لها أبعاد نفسية واجتماعية تلقى بظلالها على المجتمع، وتخلق طبقة جديدة من المشتاقين وأصحاب المصالح.. الحل أن يبدأ الرئيس بفرض سياسة تقشف حقيقية على نفسه وعلى الوزراء والمسئولين، ويتم تحويل القصور والاستراحات إلى متاحف القصر يبقى على حاله، مع ما بداخله من مقتنيات، لكن ترجع ملكيته للشعب وعوائده لشئون الآثار تديره وترعاه وتحميه، عبر طاقم وظيفى متخصص وصغير كما هو معمول به فى العالم، ويمكن للجميع من أبناء الشعب التمتع بالدخول والتجول ومشاهدة هذه المتاحف.. أكبر التحديات التى تواجه الواحد منا فى هذه الحياة. هى الخطوات الأولى فإذا تمت سنثق أن الخطوات الأخرى ستكون أسهل وأسرع. الخطوة الأولى فى كل شىء فى غاية الأهمية. نائب رئيس تحرير جريدة الجمهورية