حذّرت منظمة أطباء بلا حدود من أن الإجراءات الإسرائيلية الجديدة الخاصة بتسجيل المنظمات الدولية العاملة في قطاع غزة والضفة الغربيةالمحتلة قد تدفع بالأنشطة الإنسانية إلى نقطة الانهيار، وتُدخل الرعاية الصحية في دائرة خطر غير مسبوق. المنظمة أكدت أن هذه القواعد المستحدثة لا تمثل مجرد ترتيبات إدارية، بل أداة ضغط مباشرة قد تحرم مئات الآلاف من الفلسطينيين من الوصول إلى العلاج المنقذ للحياة. ما الموعد المحتمل للكارثة؟
وفق بيان المنظمة، فإن استمرار العمل بهذه الإجراءات قد يؤدي بحلول عام 2026 إلى حرمان واسع النطاق من الخدمات الطبية، في وقت يعاني فيه القطاع الصحي في غزة من دمار شبه كامل نتيجة الحرب والاستهداف المستمر. وأوضحت أن المتطلبات الجديدة تهدد بسحب تسجيل المنظمات الدولية اعتبارًا من يناير المقبل، ما يعني شللًا فعليًا لقدرة المنظمات المستقلة على العمل داخل القطاع. أرقام تكشف حجم الدور الإنساني
منسقة شؤون الطوارئ في غزة، باسكال كواسار، كشفت أن فرق المنظمة قدمت خلال عام 2025 وحده نحو 800 ألف استشارة طبية، وتعاملت مع أكثر من 100 ألف إصابة بليغة، مؤكدة أن النظام الصحي الحالي لا يحتمل أي تفكيك إضافي. وشددت على أن تقليص عمل المنظمات الدولية في هذا التوقيت سيُترجم مباشرة إلى خسائر بشرية. شروط توصف بالتعجيزية
تقارير صحفية كانت قد كشفت، في نوفمبر الماضي، عن فرض إسرائيل إجراءات موسعة ومعقدة تُلزم المنظمات الإنسانية بتقديم بيانات تفصيلية عن موظفيها الفلسطينيين والأجانب، بما يشمل معلومات عن أفراد عائلاتهم. وبحسب هذه التقارير، فإن هذه الشروط لا تقتصر على الجوانب الإدارية، بل تمتد إلى فحص الخلفيات السياسية للمنظمات والعاملين فيها. سلطة سياسية بغطاء إداري
ووفق ما نُشر، جرى نقل صلاحية تسجيل المنظمات الدولية إلى وزارة الشتات الإسرائيلية، التي باتت تمتلك حق رفض الطلبات بناءً على معايير سياسية، من بينها مواقف تتعلق بالاعتراف بإسرائيل، أو دعم ملاحقة مسؤولين إسرائيليين أمام المحاكم الدولية. وتشير البيانات إلى أن 14 طلبًا رُفضت حتى الآن من أصل 100، فيما لا تزال طلبات منظمات إنسانية كبرى قيد الانتظار منذ أشهر، دون أي جدول زمني واضح. مساعدات مقيدة رغم التهدئة
ورغم سريان اتفاق وقف إطلاق النار منذ 10 أكتوبر الماضي، لا تزال القيود الإسرائيلية المفروضة على دخول المساعدات الطبية والإغاثية قائمة، وسط اتهامات بخرق متكرر للاتفاق. وتفيد إحصاءات ميدانية بأن هذه الخروقات أسفرت عن استشهاد 401 فلسطيني وإصابة أكثر من 1100 آخرين منذ بدء التهدئة، ما يعمّق الأزمة الإنسانية ويضاعف الحاجة إلى تدخل المنظمات الدولية بدل تقييدها. تحذير أخير
وترى أطباء بلا حدود أن ما يجري لا يهدد المنظمات فحسب، بل يضرب الحد الأدنى من الحق في العلاج، محذّرة من أن تحويل العمل الإنساني إلى ورقة ضغط سياسية سيقود إلى كارثة صحية واسعة النطاق.