سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الدعاة المهددون بالحبس يتكلمون.. صفوت حجازى يعلن استعداده للسجن ومحمد هداية يتهم الحكومة بمحاربة خصومها السياسيين قانون «رخصة الإفتاء» يشعل معركة السلطة مع المشايخ الجدد
مؤتمر دولى لضبط الفتوى يحضره الدكتور على جمعة، ومشروع قانون لرخصة الإفتاء يقدمه النائب فى مجلس الشعب مصطفى الجندى، وقوانين حكومية قيد المناقشة تأخذ طريقها ذهابا وإيابا بين البرلمان ومجمع البحوث الإسلامية لأخذ الرأى الشرعى.. هذا هو المشهد من أعلى كما يبدو لمن ينظر إلى حركة دوران الفتوى وأهميتها فى مصر، ولكن لو اقتربنا قليلا فإن المشهد سيتغير بتغير التفاصيل والتى كان آخرها قيام الجمعية الشرعية بالإعلان عن نيتها لتخصيص مجموعة من المفتين فى مساجدها، وسبقها فى ذلك سيطرة وزارة الأوقاف على 50 ألف إمام وداعية فى مساجدها، ومن قبلها الضبطية القضائية لمجمع البحوث الإسلامية، لنعود إلى نقطة البدء حيث اختيار المفتى وشيخ الأزهر وجميع المناصب الدينية بالتعيين دون الانتخاب، لتتجدد كل هذه الشجون مع الجدل الذى أثاره قانون الجندى لرخصة الفتوى. الجدل حول القانون تنامى إلى مساجلات فكرية صارت معركة بين المؤيد والمعارض فيما بعد.. ولأن طبائع الأشياء تلزم كل طرف بسرد الحجج المقنعة لتمرير وجهة نظره فإن كلا الطرفين استغل ما يحدث فى عالم الفتوى اليوم. «أريد أن أرشد الفتوى لا أن أحتكرها، فالقانون مقدم منذ عامين بعد أزمة فاروق حسنى مع الحجاب» إجابة النائب مصطفى الجندى جاءت لتعطى إشارة قوية لما تفعله جناية الفتوى لغير المتخصصين، مؤكدا أن قانونه سيتيح فرصة الفتوى لكل من له علم ويريد أن يفتى، أما العقوبة فستجرى على من يدخل تحت نطاق القانون المصرى حتى أى شيخ مصرى يفتى فى الخارج بما لا يصلح فيجرى تطبيق القانون عليه عندما يعود. ولكن داعية مثل الدكتور محمد هداية رفض القانون بقوله: «الحكومة لا تريد معارضين حتى فيما يخص المسائل الدينية» واصفا الترخيص بأنه خطوة سياسية أكثر منها دينية لأن العقوبات الموضوعة فيه جاءت لتحجيم الاجتهاد الدينى، فليس من المعقول أن يكون هناك حبس لكل من يتكلم فى أمور الدين، رغم أن المنطق يقول إن غير العلماء لا يفتون، هداية أيضا حدد القانون بأنه جاء كنوع من الطمأنينة حول شىء ما يخص الحكومة، وضرب مثلا بفتوى شيخ الأزهر التى تحلل فوائد البنوك فيأتى بعدها القرضاوى ليحرمها، مضيفا أن وضع عقوبة لحبس كل من يعارض فتاوى الحكومة يعنى أنه لا فتوى بعد الآن. لأول وهلة مع ظهور ملامح القانون تحسس البعض أعناقهم خشية أن يكونوا هم المستهدفين من هذه العقوبة، وهؤلاء هم دعاة الفضائيات أو «الدعاة الجدد» كما يرفضون أن يطلق عليهم، وهم وقود معظم البرامج الدينية الفضائية، وأصبحوا ظاهرة تستحق أن تنظر إليها الدولة بعين التحفز، ولعل أول ردود الفعل جاءت من جانب الداعية صفوت حجازى حين قال: «هذا القانون يعود بنا إلى عصور الظلام ولكن إذا طبق فأنا مستعد للسجن فى أى فتوى أفتيها»، فى أول تعليق حول القانون، ولكى نفهم دوافع حجازى يكفى أن ننظر إلى الوراء قليلا لنشاهد ما حدث مع عمرو خالد فعلى الرغم من أنه كان يركز على الدعوة والوعظ ولم يتصدَ للفتوى فإنه قد حورب فى العديد من المشاريع الإصلاحية التى تبناها وكانت الشعبية التى يحوزها بعضا من هؤلاء الدعاة الجدد تشكل تهديدا لمصداقية المشايخ، باعتبار أن النوع الأول مثال للتجديد والاستقلال بينما الثانى مثال للجمود والتبعية. الحديث عن الدعوة والوعظ يقودنا إلى منطقة أخرى بدت مظلمة فى قانون رخصة الفتوى والمحاولات التى كانت من قبله بتعدد مصطلحاتها بين الضبط والاحتكار، وهى كيف نفرق بين الفتوى وبين الدعوة، فالداعية لا يفتى بالضرورة ومن حق المفتى ممارسة الدعوة، فمن يفك هذا الاشتباك ويحدد إذا كان ما قيل فتوى أم دعوة، أم نركن لرأى جمال البنا حين يقول «تلك محاولة جديدة لإغلاق باب الاجتهاد، وكأنه عز على شيوخنا ألا يفعلوا كما فعل أسلافهم عندما ضاقوا بتعدد الفتاوى فلجأوا إلى غلق باب الاجتهاد»، وجاءت محاولة جيدة من الشيخ خالد الجندى ليبين لنا أن الفتوى فى صورتها الطبيعية هى نتيجة لسؤال بطريقة مباشرة أو عبر التليفون أو الإيميل أو يتبرع بها شخص دون أن تطلب منه، لذا من الممكن التفرقة بين الفتوى والرأى الشخصى، وكذلك ناقل الفتوى ليس مفتياً و يجب أن « يعزو« أى ينسب الفتوى لصاحبها، لكن خالد الجندى يشترط وجود اتفاق بين علماء العصر على أن فلان له الحق فى الاجتهاد فالبعض، فى رأيه، يجتهد دون تخصص وكثيرا ما يثير هذا البلبلة بين الناس ذاكرا أمثلة بما قاله جمال البنا فى التدخين والقبلات، وإقبال بركة فى الحجاب، ومحمد شبل فى الحج، والدكتور مصطفى محمود فى الشفاعة، لكن الاجتهاد للمتخصصين متاح ومسوغ ولا يحتاج لرخصة أو غيره.. ولكن بالعودة إلى القانون فعلى الرغم من تأييده له فخالد الجندى يعترض على العقوبة و يراها غير مناسبة ومبالغاً فيها، خاصة أننا لم نتفق على أمر الفتوى حتى الآن وكيفية ضبطها وقياسها، فيتساءل عن فائدة وضع العقوبة قبل تحديد القواعد. العقوبة التى ذكرها القانون كانت سببا كافيا لمهاجمته، ولعل وجود البديل للعقوبة زاد من الهجوم وليس أدل على ذلك من قول أمين عام مجمع البحوث الإسلامية الشيخ على عبد الباقى، وكان ممثلا عن الأزهر أثناء مناقشة القانون، فقد صرح ل«اليوم السابع» أن العقوبة ستثير العواصف ضد الأزهر مبديا اقتراحا بأن تكون وسيلة الرد على الفتاوى المخالفة بفتاوى مثلها وهذا لن يتم إلا بفتح مساحة للأزهر للرد، إذن فشهادة عبد الباقى وإصراره على عدم إقحام الأزهر فى فرض قانون مثل هذا يعطى مدلولا على أن وراء القانون ما وراءه، فحتى مسألة إتاحة مساحة للحوار بدلا من العقوبة رفضها النائب مصطفى الجندى قائلا إنها« لن تكون بجدوى القانون». لمعلوماتك... ◄300 فتوى يومية تصدرها وزارة الأوقاف