الإنسان الذي يحافظ على مقدراته، ويحمل بين نوازعه فكرة الإعمار وفق فلسفة الاستخلاف، يعد أحد مستهدفات الأمن القومي في كافة دول العالم قاطبة، وهنا نتحدث عن أهمية التعليم المتمثلة في ثمرة نتاجه البشري، الذي يغذي ساحات الوطن، ومؤسساته المختلفة المرامي، والمتحدة الغايات الكبرى، المعلنة من قِبل الدولة؛ لذا فإن نشاط المجالات السياسية، والعسكرية، والاجتماعية، والاقتصادية، والأيدولوجية، والبيئية، والمعلوماتية، تقوم على مخرجات العملية التعليمية، التي تغذّيها العديد من الروافد. التعليم يسهم في بناء إنسان، يدرك أنه مستخلف على أرض، تُستضاء بمزيد من الإعمار، الذي يقوم على عمل متصل وفق فلسفة التعاون، والتكامل بين المؤسسات، ومجالاتها المتباينة؛ ومن ثم تصبح الدولة حائزة للمنعة، التي تواجه بها أي تهديد، أو خطر، سواءً أكان من مفردات الطبيعة، أم من صنع البشر؛ كي تصبح مصالحها الحيوية في مأمن، وهنا نتحدث عن صورة التضافر، والتماسك، والترابط المجتمعي الدافع للتنمية، بكل صورها من خلال مَنْ يؤدي رسالته الوطنية في شتى الميادين، وبسائر المجالات، وبناءً عليه يحدث الاستقرار، وتسود الطمأنينة، ويعزز التعايش السلمي، وتعضد الهوية، والقومية في الوجدان. تعزيز الأمن القومي المصري، لا ينفك عن بناء إنسان، يمتلك الخبرة، التي تتشكل من معرفة صحيحة، ومقدرة على الفهم العميق، وسائر مهارات التفكير العليا؛ ليصبح قادرًا على صناعة، واتخاذ قرار، ولديه تفرد في التواصل مع الآخرين، ويميل إلى العمل الجماعي، ويحوز فلسفة الانضباط الذاتي، ويحترم الآخرين، ويقدّر ماهية المسؤولية، ويتكيف مع متغيرات، باتت مفروضة على الساحة، ولديه الرغبة في التنمية المهنية، المعينة على مواكبة التطور، والتقدم في مجاله النوعي؛ ومن ثم يصل إلى عتبة الابتكار؛ بالإضافة إلى وعيه المرتبط بقيم المواطنة الصالحة، المعينة على البناء، والتنمية في خضم فكرة الاستدامة. نتفق على أن التعليم قضية أمن قومي، ولا نقبل الممارسات الخارجة عن سياق قيمنا النبيلة، ونشدد على ضرورة معاقبة المُقصرّين، أو المتهاونين، أو المتسببين في تشوية ماهية السلوك القويم، ونؤكد على أن دعم المؤسسات التعليمية، والوزارة المعني بها تطبيق القوانين، ومتابعة مجريات أحداث العملية التعليمية برُمّتها، يدفع بالخطو الذاتي؛ لتؤدي رسالتها المنوطة بها، وهنا نكرر على أنه لا مناص عن إنزال أشد العقاب بكل من يتسبب في إحداث ارتباك داخل الكيانات التعليمية بكافة ربوع هذا الوطن، الذي نحمل جميعًا همومه، ونتعاون في أن ننهض بمقدّراته البشرية منها، والمادية على السواء؛ ومن ثم فإنه لا ينبغي أن ننساق خلف من يشعل فتيل الفوضى، ويطالب بأشياء تحدث زعزعة في استقرار مسيرة قطار نهضة التعليم المصري. نحذر من مغبة التشوية، التي تستهدف النَّيل من مؤسسات هذا البلد الأمين، ومؤسساته الوطنية، وخاصة المؤسسة التعليمية، ونؤكد أنه لا مجال للتعميم، وأن المسؤولية تحتم سرعة معاقبة المقصر، أو من يتبادر منه سلوكًا مشينًا تجاه فلذات الأكباد، ونطالب في هذا المقام بتأمين مؤسسات بناء الإنسان بمزيد من فرض الرقابة الداخلية على كافة تفاصيل، وأحداث العملية التعليمية من قُبيل التأمين، وتحسُّن الممارسات بصورة مستدامة؛ فلا مقام لأحاديث تشير إلى الخصوصية؛ فالأصل أن تعديل السلوك من خلال بوابة إكساب الخبرات للمتعلمين أن تجرى علانية أمام ملاحظة رصينة، تستهدف قطعًا توفير مقومّات تعزيز عملية التعليم بتنوعات أنشطتها داخل أسوار مؤسسة بناء الإنسان. لتكن حملاتنا المجتمعية قائمة على وعي برسالة بمؤسساتنا التعليمية بمختلف صيغها، ورسالتها، وليكن المستهدف التحسين، والتطور، ولتصبح إيجابية التناول، قائمة على فلسفة، واضحة فحواها تقييم الوضع، وتقويم المرحلة، حتى نصل إلى مستويات من التحسن، والتطوير، ونتمكن من أن ننهض بمستويات الأداء المؤسسي التعليمي في شتى ربوع هذا الوطن؛ فعملية الإصلاح تستلزم التضافر، ولا تستدعي حملات التشوية، وتقويض الجهود الوطنية المخلصة من أبناء مصر البارين، كلٌّ في موقعه.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع _ أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس كلية التربية بنين بالقاهرة _ جامعة الأزهر