عزيزي القارئ، عانى الوطن من جماعة الإخوان الإرهابية، فهم يرفعون شعارات السماء ويطلبون الأرض، ويتلون أسفار الوطنية وهم غارقون في أوحال الانتهازية والنفعية. لكي يقنعوننا زورا وبهتانا بتلك الضرورة العمياء التي تجعل الأوضاع المقلوبة هي القاعدة، وذلك من أجل إقناعنا بالتسليم بادعاءاتهم (العمل من أجلنا) بينما الحقيقة أنهم لا يعملون ولن يعملوا إلا من أجلهم هم.. وهم فقط.. ولا أحد غيرهم. هذه هي قواعدهم الخبيثة، وترانيمهم المسمومة، التي تقوم على ترديد كل زيف على انه الحقيقة، وبأنهم يعملون (لصالحنا) لكن (ليس لنا). هذا الادعاء الذي يقتاتون عليه صباح مساء بلا ضمير ولا مواربة ولا حياء، فقط إقناعنا بأنهم من أجلنا علينا القبول والتسليم بضرورتهم تلك الضرورة العمياء. وتمتد حيلهم كأذرع الأخطبوط، يخنقون بها الحقيقة اينما وجدت، ويطوقون بها كل صاحب حق وكل صاحب صوت. يزرعون الخوف في الممرات، ويسقطون الكفاءات عمدا حتى لا يبقى في الساحة الا هوانهم ونفوذهم الزائف. يتقنون لعبة الازدواجية: وجوه بيضاء امام القيادة وسواد فاحش داخل المكاتب. يشيدون مناصبهم على انقاض الكفاءات، ويغذون سلطتهم بدماء الشرفاء الذين لا يعرفون الا العمل. وللإسف وحين تمنحهم الدولة دعما أو فرصا أو ثقة، يفسدونها كما يفسد الصدأ الحديد، ويحولون كل مساحة إصلاح الى مستنقع لتصفية الحسابات. يختبئون خلف الاقنعة، ويتكاثرون في الظلام، ويتصيدون كل شريف لا يجيد لغة النفاق. انهم يرفعون شعارات الوطنية بينما يطعنون الوطن بايديهم، ويتحدثون عن المصلحة العامة بينما يقتسمون الغنائم في الخفاء. هم اصحاب مدرسة واحدة: مدرسة "اكذب وارفع شعار الوطن سيصدقك البعض". مدرسة صارت مأوى لكل من لا يملك كفاءة ولا يملك ضميرا.وحين تكشف افعالهم في الدوائر الانتخابية او مواقع العمل، تتضح حقيقتهم سريعا انهم فقاعات تنتفخ بالضجيج ثم تنفجر مع أول صيحة حق. وقد أثبتت الأحداث الأخيرة في بعض الدوائر الانتخابية أن هذه الفئة لا تتردد في توجيه الإرادة وتزييف الصورة، متناسية أن مصر التي عهدنا شفافيتها في عهد قيادة سياسية شديدة الوطنية، تؤكد دوما بما لا يقبل الشك بانها لن تسمح بان تهان ارادة الناس او تستغل وطنية الشعب لصالح مصالح ضيقة. عزيزي القارئ، أصبحت المواجهة ضرورة، لأن ترك هؤلاء يتحركون في الظلام يعني السماح لهم بإعادة تشكيل المؤسسات على هواهم وطبقا لمصالحهم الخاصة الضيقة. فمن يتربى على الاستغلال لا يصنع عدلا، ومن يتغذى على النفاق لا يخلق شفافية، ومن يزدهر في الفوضى لا يبني وطنا. أن مصر التي نحلم بها لا تبنى بالاصوات العالية ولا بالشعارات المضللة، بل بالشرفاء الذين لا يخشون مواجهة الفساد، وبالدولة التي لا تسمح لاحد أن يرتدي ثوب الوطنية ليزرع سمومه في مؤسساتها. ومع ما شهدناه من تحركات غير سوية داخل بعض المواقع والدوائر، بات من الواضح ان هذا الوطن يحتاج الى عين يقظة، وسيف حاسم، ومؤسسات تعلى المصلحة العامة ولا تجامل. لأن مصر أكبر من أن تدار بعقلية المصلحة الشخصية، وأطهر من أن تتلوث بيد من يدعي حبها وهو يمزقها من الداخل. لكن لا تقلق يا مصري، فبرغم كل هذه التحديات، يظل الأمل معقودا على مؤسسات الدولة المخلصة، التي حملت راية القضاء على "الإخوان المتخفين" وملاحقة كل فكر دخيل. هيئة أثبتت، مرة بعد مرة، أنها لا تسمح بوجود المتسللين، ولا بمن يحاولون إعادة انتاج الفوضى داخل جسد الوطن. ومع متابعتها الدقيقة لأحداث التحركات والتجاوزات، يتأكد كل يوم أن زمن الاختباء قد انتهى، وأن الدولة ترى وتسمع وتتحرك. عزيزي القارئ، هذه هي مصر التي نريدها: دولة تردع ولا تجامل، تحاسب ولا تتردد، ترفع الشرفاء وتطيح بالمتسلقين، وتغلق الباب امام كل دخيل وكل من يحاول ان يطعن ظهرها باسم الوطنية. وسيبقى الوطن ثابتا، مهما علا ضجيج الفاسدين، لأن صوت الحق مهما تأخر، لا بد أن يعلو، ولا بد ان ينتصر. وسيبقى الوطن أقوى من كل من يحاول الاحتماء خلف الاقنعة او التسلل بين الصفوف بلا ولاء، فالدولة المصرية اليوم لا تدار بالعاطفة ولا تخدع بالشعارات، بل تبنى بوعي وبصيرة، تحت قيادة تعاهدت على اقتلاع جذور الفساد والتغلغل والتخفي، ووضع كل فرد في مكانه الطبيعي دون مجاملة أو تهاون. وكما قالت القيادة السياسية في اكثر من مناسبة: "مفيش مكان في البلد للي يعرقل، ولا للي يشتغل لمصلحته فقط… الدولة بتقوم بالشرفاء بس." وهي رسالة واضحة تطمئن كل مخلص، وتكشف كل متخف، وتؤكد ان الحق لا يضيع مهما طال الطريق. لتؤكد ان الوطن لا يحميه الا من يسكنه في ضمائرهم ولا يستمر فيه الا اصحاب النوايا الصادقة، اما من يتخفى او يتسلل او يبيعه هباء منثورا فمصيره الزوال المؤكد.وفي النهاية ارحموا الوطن من اكذوبة الضرورة العمياء