من أراد العيش في حضن الدولة فليكن قلبه لها أما من يرتدي الثوب الوهمي للوطنية ويداه ملوثة بالخداع أو التدليس أو استباح ما ليس له فالوطن لن يخدع مرتين فالدولة التي حماها جيشها بالدم لن تسمح أن يخترقها فكر مأجور بابتسامة مصطنعة عزيزي القارئ أكيد تعلم ما أعنيه نعم جماعة المتناقضات فالجماعة منذ نشأتها لم تستقر على هوية واحدة مرة حركة إصلاح اجتماعي ومرة حزب سياسي متخف وأخرى تنظيما سريا مسلحا وأحيانا واجهة دينية تتحدث باسم السماء وتحتكر مفاتيح الجنة والنار نجدهم حالة فكرية متقلبة تتبدل فيها الوجوه وتبقى النوايا يتخفون تحت شعارات التقوى والوطنية لكن في داخلهم فكر لا يرى في الدولة إلا وسيلة للحكم لا شريكا للبناء فتارة دعاة وتارة سياسيون وتارة ضحايا وتارة جلادون واليوم وبعد سقوطهم نجد أن الجماعة المحظورة في أخطر مراحلهم أزمة فكرية وتنظيمية وإنسانية عميقة يرافقها محاولات مستترة للتسلل من جديد عبر ممرات الوظائف والتعيينات في مؤسسات الدولة وكأننا نعيد المشهد من البداية عزيزي القارئ لا تقلق فحرصي عليك وحبي الشديد لبلادي دفعاني لاوضح أن الأجهزة المعنية تعرف جيدا من أمامها قد نرى وجوها قديمة تظهر في مواقع خدمية مهمة رغم أن ملفاتها كانت مرفوضة أمنيا في السابق لكن الأمر ليس غفلة فالأجهزة المعنية تتعامل بذكاء بالغ فهي لا تسعى إلى الإقصاء الكامل لأن الإقصاء قد يخلق كتلا في الظل يصعب رصدها بل تعتمد على الدمج تحت الرقابة بمعنى أدق السماح بوجود بعض الأفراد داخل المؤسسات ولكن تحت متابعة دقيقة ومستمرة لأن من هو تحت العين يصعب عليه إعادة بناء شبكات التنظيم أو بث فكره كما يشاء فالدولة لا تحاكم الفكر بل الفعل فليس كل من انتمى سابقا عدوا اليوم طالما ترك التنظيم واندمج في المجتمع وهذا ما يفسر وجود حالات موافقة أمنية مشروطة فالاحتواء المراقب هو أقوى أدوات الاستقرار السياسي والهدف منه مزدوج من ناحية منع الظلم المهني الذي يستخدم كوقود ضد الدولة ومن ناحية أخرى تحييد العناصر القابلة للإصلاح وتشجيعها على الاندماج بدل التحول إلى ذئاب منفردة أو عناصر سرية وفي نفس الوقت تضمن الدولة تشغيل الكفاءات وسد الفراغات في بعض القطاعات الخدمية الحساسة لكن الموافقة هنا ليست تفويضا بل رقابة مستمرة ومتابعة دقيقة ولعل كلمات قيادتنا السياسية تعبر عن هذا النهج حين قال من يريد أن يعيش بيننا عليه أن يكون مخلصا لهذا الوطن لا يتآمر عليه ولا يبيع ضميره فالدولة لا تعادي أحدا لكنها لا تسمح لمن يريد هدمها أن يعيش داخلها من هنا ندرك أن الأجهزة الوطنية تتبع منهجا أكثر ذكاء التفكيك من الداخل عبر الاستيعاب داخل الدولة نفسها ليصبح ولاؤهم تدريجيا للوظيفة والنظام لا للتنظيم فإدارة ملف الجماعة المحظورة اليوم لا تعني التسامح مع تنظيم محظور بل تطويعه لصالح الدولة وقطع الطريق على المتاجرة بقضية المظلومين واستخدامها كورقة ضغط سياسية عزيزي المواطن ثق بوطنك وثق برجال الدولة فالدولة المصرية بنت منظومتها الأمنية والفكرية بعقل استراتيجي لمواجهة أي عودة محتملة ومع ذلك لا يمكن إنكار أن أشباح الفكر المتطرف ما زالت كامنة في بعض العقول وهو ما يتطلب استمرار المواجهة الفكرية والثقافية جنبا إلى جنب مع المواجهة الأمنية فالدولة المصرية تفتح ذراعيها لكل من تاب بصدق لكنها لا تنخدع بالشعارات ولا تغفل عن الماضي ومن أراد البقاء فليثبت انتماءه بالعمل والصدق لا بالكلمات.