اتصالات مباشرة بين غرفة عمليات الانتخابات ورؤساء اللجان للمتابعة    الشباب في صدارة «أربعين السويس»    رئيس القابضة يتفقد جناح الوكالة الألمانية للتعاون الدولي GIZ    بعد إنهاء عملها.. «حماس» تطالب بمحاسبة مؤسسة غزة الإنسانية    سلوت يعتذر عن تسلم جائزة مميزة بعد سقوط ليفربول في الدوري الإنجليزي    خبر في الجول – انضمام محمد مسعد وإسلام سمير لمعسكر منتخب مصر الثاني    جوارديولا يدخل نادي المائة مع مانشستر سيتي في دوري أبطال أوروبا    ضبط أكثر من 1.5 طن أجبان و500 كرتونة مقرمشات منتهية الصلاحية بالبحيرة    المؤبد لشخصين والسجن 5 سنوات لآخر لاتهامهم بإحراز سلاح دون ترخيص بسوهاج    الداخلية تضبط شخصاً ألقى زجاجة مشتعلة في لجنة انتخابية بالدقهلية    مدير «الأزهر للفتوى» يطرح مقترحين لدعم استقرار الأسرة والحد من الطلاق    ريم مصطفى تتألق بإطلالة أنيقة في حفل زفاف نجلها | صور    إلهام شاهين تشارك في افتتاح الدورة العاشرة لمهرجان مسرح الشباب    "Sentimental Value" يتصدر ترشيحات جوائز الأفلام الأوروبية    وزارة الأوقاف الفلسطينية تُشيد ببرنامج "دولة التلاوة"    "الإفتاء": حديث سجود الزوجة لزوجها صحيح    مستشار الرئيس للصحة: مصر خالية من أى فيروسات جديدة (فيديو)    اعترافات جديدة بمخططات الجماعة «الخبيثة»    محافظ شمال سيناء ل"الحياة اليوم": إقبال كثيف للسيدات على لجان الانتخابات    مفتي الجمهورية: الإسلام دين سلام وعدل وأفعال المتطرفين لا تمتُّ إليه بصلة    هل يجوز طلب الطلاق من زوج لا يحافظ على الصلاة؟.. أمين الفتوى يوضح!    ارتفاع سعر الريال السعودي في ختام تعاملات اليوم 24 نوفمبر 2025    رئيس الوزراء يشارك بالقمة السابعة بين الاتحادين الأفريقى والأوروبى فى أنجولا.. صور    عبد العاطي يلتقي مديرة النيباد لتعزيز الشراكة الأفريقية ومشروعات التنمية والبنية التحتية    مدحت شلبي يحضر لنقابة الإعلاميين بشأن شكوى النادي الأهلي ضده    منتخب الطائرة يفوز على السويحلي الليبي وديا قبل المشاركة في بطولة التحدي بالأردن    غرفة العمليات المركزية لحزب الإصلاح والنهضة تتابع التصويت بانتخابات مجلس النواب    كأس العرب 2025| تعرف على مواعيد وتفاصيل مباريات مرحلة التصفيات    الوطنية للانتخابات : نحذر من حملات التشكيك ونطالب بالتواصل معنا حال رصد مخالفات    أحمد المسلماني يدلي بصوته في انتخابات مجلس النواب    محمد مسعود إدريس من قرطاج المسرحى: المسرح فى صلب كل الأحداث فى تونس    الرئيس التنفيذي لهونج كونج يشكك في جدوى العلاقات مع اليابان بعد النزاع بشأن تايوان    وزير التعليم: التحضير لتوقيع بروتوكولات تعاون مع إيطاليا لإطلاق 89 مدرسة تكنولوجيا تطبيقية جديدة    ننشر قرار زيادة بدل الغذاء والإعاشة لهؤلاء بدايةً من ديسمبر    يسرا ودرة يرقصان على "اللي حبيته ازاني" لحنان أحمد ب "الست لما"    خلال زيارته لوحدة بني عدي.. محافظ بني سويف يوجه بمتابعة رضيعة مصابة بنقص هرمون الغدة الدرقية    ضبط 1038 مخالفة مرورية لعدم ارتداء الخوذة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : فاجتهد ان تكون باب سرور 000!؟    إصابة 8 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص فى ترعة على طريق دمياط الشرقى بالمنصورة    «الرزاعة»: إنتاج 4822 طن من الأسمدة العضوية عبر إعادة تدوير قش الأرز    إصابة 8 عمال زراعة بتصادم سيارة وتوكوتك ببني سويف    محافظ جنوب سيناء يتفقد لجان انتخابات مجلس النواب (صور)    122 مستوطنا يقتحمون المسجد الأقصى بحماية قوات الاحتلال الإسرائيلى    الداخلية تواصل عقد لقاءات مع طلبة المدارس والجامعات للتوعية بمخاطر تعاطى المواد المخدرة    استقبال 64 طلبًا من المواطنين بالعجوزة عقب الإعلان عن منظومة إحلال واستبدال التوك توك بالمركبات الجديدة    المرأة الدمياطية تقود مشهد التغيير في انتخابات مجلس النواب 2025    اليوم.. إياب نهائي دوري المرتبط لكرة السلة بين الأهلي والاتحاد    هبوط المؤشر الرئيسي للبورصة بمنتصف التعاملات بضغوط تراجع أسهم قيادية    إندونيسيا: إصابة 3 أشخاص ونزوح أكثر من 500 شخص جراء ثوران بركان سيميرو    مستشفيات جامعة بني سويف تستقبل 26 ألف مواطن خلال شهر نوفمبر الجاري    كيفو: محبط من الأداء والنتيجة أمام ميلان.. وعلينا التركيز أمام هجمات أتلتيكو مدريد المرتدة    د. أحمد ماهر أبورحيل يكتب: الانفصام المؤسسي في المنظمات الأهلية: أزمة حقيقية تعطل الديمقراطية    وزارة الدفاع الروسية: مسيرات روسية تدمر 3 هوائيات اتصالات أوكرانية    بيلد: ليفربول قد يفضل بيع كوناتي خلال يناير في هذه الحالة    وزير الصحة يستعرض المنصة الرقمية الموحدة لإدارة المبادرات الرئاسية ودمجها مع «التأمين الشامل»    الرعاية الصحية بجنوب سيناء تتابع خطة التأمين الطبي لانتخابات مجلس النواب    "لمسة حب .. تترك أثر" المعرض السنوى لكلية الصيدلة بجامعة حلوان    أدعية المظلوم على الظالم وفضل الدعاء بنصرة المستضعفين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الموجة السينمائية المصرية الجديدة: حين يلتقي الحس الجمالي بذكاء السوق
نشر في اليوم السابع يوم 31 - 10 - 2025

تمثل السينما المصرية في الفترة الراهنة، وتحديدا ما بين عامي 2024 و2025، نقطة تحول واضحة. نحن لا نشهد مجرد انتعاش في الإنتاج، بل ولادة موجة جديدة يقودها جيل من المخرجين والمخرجات الشباب الذين يمتلكون حساسية فنية عميقة ورؤية بصرية وفكرية تتجاوز الاستهلاك السريع، وفي الوقت نفسه، يدركون بذكاء متطلبات السوق التجاري. إن هذا التوازن الدقيق بين الرؤية الفنية البحتة والجدوى الاقتصادية هو الضمان الحقيقي لاستدامة هذه النهضة، مما يبعث على تفاؤل مشروع حول مستقبل الصناعة.
شهدت الصناعة السينمائية انتعاشا ماليا ملحوظا، حيث تجاوزت العائدات الإجمالية للأفلام حاجز المليار جنيه مصري، مما يوفر بيئة أكثر مرونة للتجارب السينمائية الجديدة. لم يعد النجاح حكرا على أفلام الأكشن أو الكوميديا الصارخة، بل بدأت تظهر نوعية جديدة من الأفلام التي تميل إلى المغامرة النوعية، وهذا مؤشر على أن السينما المصرية تستعيد هامش المغامرة الإبداعية. إن هذه الظواهر كلها تشير إلى بشائر سينما القرن الجديد، التي ترفض الخضوع للتصنيفات الجامدة.
من أبرز ما يميز هذه الموجة هو العودة القوية لمفهوم "المخرج المؤلف". لقد تزايد عدد الأفلام الروائية الطويلة التي يسيطر فيها المخرج على عملية التأليف والإخراج معًا. هذا التزايد يعكس إصرار الجيل الجديد على تحقيق سيطرة فنية كاملة، من الفكرة الأولية إلى التفاصيل النهائية للصورة. إنهم يؤمنون بأن السينما يجب أن تكون هي "السجل البصري للهوية الوطنية والسياسية المتغيرة"، وهذا التمكين الفكري يغذي الحس الجمالي الفني لهذه الموجة، ويضمن أن الأعمال تحمل عمقا فكريا يبعدها عن مجرد كونها منتجا تجاريا عابرا.
يُعد كريم الشناوي نموذجًا للمخرج الذي يستطيع أن يدمج ببراعة الموضوعات الإنسانية المعقدة بلمسة بصرية أخاذة واستراتيجية إنتاج ذكية. في فيلمه "ضي" (سيرة أهل الضي)، قدم الشناوي تجربة تمس قضايا الهوية والتمكين من خلال قصة فتى نوبي مصاب بالألبينو، يحمل صوتا ذهبيا ويتعرض للتنمر، لكنه يتمسك بحلمه.
إن المعالجة الإخراجية للشناوي لم تحصر الفيلم في دائرة مرض بعينه، بل حلق بالقصة إلى فضاء إنساني أرحب. عند مشاهدة الفيلم، نشعر بأن الحكاية تحلق في ما هو ابعد وأعمق من ذلك، متحولة إلى رحلة إحساس بالآخر وقهر للخوف. هذه المعالجة البصرية الشاعرية ليست مجرد تجميل، بل هي جوهر الحس الجمالي الذي يرفع من قيمة العمل.
ولم يكن نجاح الشناوي مرهوناً بالرؤية الفنية فقط، بل أيضًا بذكائه التجاري. لقد اعتمد على استراتيجية الإنتاج الذي يضع عينه على السوق من خلال جذب عدد كبير من النجوم كضيوف شرف، وعلى رأسهم عودة الكينج محمد منير. كان هذا تكتيكا واعيا لضمان حصول الفيلم النوعي على جماهيرية، محققاً التوازن الصعب بين العمق الفني والجدوى التجارية.
وفي فيلمه "السادة الأفاضل"، الذي لا يصنف ككوميديا فقط، بل يصفه بأنه مزيج من الجونرات. هذا الرفض للتصنيف الدقيق يؤكد تبني الجيل الجديد ل السينما عبر النوعية التي تعتمد على كوميديا الموقف والشخصيات المعقدة، مما يسمح بتقديم أفكار عميقة ضمن إطار جماهيري جاذب.
في خط مواز، يبرز المخرج عمر رشدي حامد بتقديم دراما واقعية، مغامرا بالابتعاد عن صخب شباك التذاكر المعتاد. ففي فيلم "فيها إيه يعني" (2025)، يقدم حكاية عن قصة حب قديمة تبعث من جديد بين محاسب متقاعد وربة منزل، وهما في مرحلة عمرية متقدمة.
إن هذا الاختيار الإخراجي يمثل جرأة فنية حقيقية في سوق غالبا ما يركز على قصص الشباب. لقد اختار حامد أن يقدم سينما ناضجة، تستهدف شريحة عمرية ناضجة وقصصها المعقدة. هذا التخصص يمثل إثراء للتنوع الإنتاجي للموجة الجديدة. هذا العمل، الذي نجح في أن يكون منعشا، يمثل فتحا كبيرا ل السينما المصرية، ويؤكد قدرة الجيل الجديد على إتقان سينما العلاقات المعقدة التي تعتمد على قوة الأداء ومتانة السيناريو، لتترسخ بذلك البعد الإنساني كقيمة جمالية عليا.
إن هذه الموجة ليست قاصرة على المخرجين، بل تشمل مخرجات شابات أثبتن حضورهن بقوة، ليس فقط في السينما الروائية (مثل أيتن أمين ونهى عادل)، بل كذلك في تحقيق انتصارات عالمية.
شهد عام 2024 حدثا استثنائيا تمثل في فوز الفيلم التسجيلي "رفعت عيني للسما" للمخرجة ندى رياض وشريكها أيمن الأمير بجائزة العين الذهبية لأفضل فيلم تسجيلي في مهرجان كان السينمائي. هذا الفوز التاريخي يؤكد قدرة السينما المصرية على المنافسة على أعلى المستويات الفنية العالمية. يتناول الفيلم قضايا اجتماعية شائكة وضرورية، مثل الزواج المبكر والعنف الأسري وتعليم الفتيات، من خلال قصة فرقة مسرحية نسائية في صعيد مصر.
إن التركيز على القضايا الأصيلة في الصعيد والتعامل معها بلغة سينمائية ناضجة وذات أفق روائي يبرهن على أن العمق الفكري والصدق في التناول الموضوعي هو ما جذب الإشادة العالمية. هذا العمل يجسد فهم هذا الجيل، رجالا ونساء، لدور السينما كأداة للتغيير وتوثيق الهوية، وليس مجرد وسيلة ترفيه.
لقد أثبتت الموجة السينمائية المصرية الجديدة، بقيادة أسماء مثل كريم الشناوي وعمر رشدي حامد والمخرجات ندى رياض وأيتن أمين، قدرتها على تحقيق التفاهم النقدي والجماهيري. هذا الجيل لا يقلد الأنماط السائدة، بل يدمج استراتيجيات الإنتاج الذكية مع العمق الفكري والأسلوب الإخراجي الفردي. إن التفاؤل بمستقبل السينما المصرية ليس مجرد أمنيات، بل هو مستند إلى واقع منجزاتهم الواضحة بصريا وفكريا، مما يبشر بعودة حقيقية للريادة الإبداعية في المنطقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.