أكتوبر أعاد العزة والكرامة للعرب جميعا، ومن يُنكر ذلك إما جاحد أو ناكر أو مٌغرض، خاصة أن الكل يعلم أن العدو من أمانيه أن يمحو من ذاكرة كل عربى ومصرى على وجه الخصوص هذه الذكرى، لأنه – ببساطة - ذكرى السادس من أكتوبر ليست مؤلمة بالنسبة له فقط، وإنما أيضا تشعره دائما بالإحباط حينما يُريد أن يتغنى ببطولاته وبأسطورة جيشه وقوته وتفوقه، فيكفيه فقط أن يتذكر خط بارليف، لذا من المهم أن نحتفل ويحتفل أبنائنا في المنازل وفى المدارس بحرب أكتوبر المجيدة. نعم نحتفل ونتغنى بنصر الأبطال وبقوة الرجال ، فلما لا وهى الحرب التي وصفها المؤرخون بأنها الحرب الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية، لقدرتها فى قلب موازين القوى وإبهار العالم بعد أن أجمع خبراؤه العسكريون على استحالة العبور. ولما لا، وهى الحرب التى اجتمعت فيها الروح القتالية والدبلوماسية الرائعة، وهى من أثبتت قدرة المصريين على إنجاز عمل جسور من خلال دقة الإعداد والتخطيط، وبسالة الأداء والتنفيذ، وهى من حطمت أكذوبة الجيش الإسرائيلى الذى لا يقهر، إذ استطاع الجيش المصرى عبور قناة السويس وتدمير خط الدفاع "الإسرائيلى" الحصين المعروف بخط "بارليف"، لتكون تلك الحرب بمثابة طامة كبرى لقادة تل أبيب لدرجة أن جولدا مائير لوحت باللجوء إلى السلاح النووى لإنقاذ جيشها، وفى نفس الوقت سارعت أمريكا بمد جسر تسليح جوى "عسكرى" مباشر لمساعدة "إسرائيل" وإنقاذها. لذا، علينا أن لا ننسى، أن هذه الحرب هى من أكدت صدق رؤية عبد الناصر "ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة" وهى من أكدت استحالة سياسة فرض أمر واقع على المصريين، وهى من أثبتت بالدليل استحالة إجبار المصريين على الخنوع تحت وطأة السلاح، فقد قال موشى ديان وزير الدفاع الإسرائيلى آنذاك "إن حرب أكتوبر كانت بمنزلة زلزال تعرضت له إسرائيل، ولم نملك القوة الكافية لإعادة المصريين للخلف مرة أخرى". وأخيرا.. ستبقى حرب أكتوبر المجيدة واحدة من الذكريات المضيئة والخالدة فى تاريخ الصراع العربى الإسرائيلى، وفى ذاكرة كل مصرى وعربى كنموذج للفخر والعزة والكرامة، وستبقى نقطة سوداء وذكرى مؤلمة لكل من يكره ويحقد على مصر ولكل من يريد أن يبحث عن دور متجاوزا مصر وعظمتها وحضاراتها.. واسألوا التاريخ..!!