السادة القضاة حضرات المستشارين.. أنا اليوم موجودة فى قاعة المحكمة للدفاع عن موكلى (أسوار الحب) فهو ليس ضحية، وليس هو الذى ارتكب الجريمة.. وليس هو الذى قتل الحب بداخلى أو بداخلك أو بداخلهم جميعا.. الذى ارتكب الجريمة أصحاب المشكلة، نعم سيادة القاضى، القلبان اللذان اجتمعا على الحب فى يوم من الأيام هما اللذان نادا موكلى ليترعرع بداخلهما، هما اللذان أصرا على خلقه بينهما فبدأ بطوبة صغيرة إلى أن أصبح حائطا كبيرا شديد التحصين يحجز مابين هذين القلبين.. أرجو محاكمة هذين القلبين، فلماذا نترك القاتل ونحاسب أداة الجريمة؟ أطالب ببراءة موكلى.. وشكرا. قد نسميها حواجز.. قد نسميها أسوارا.. قد نسميها فتورا.. وأيا ما كان الاسم، فالنتيجة واحدة، انتهاء علاقة جمعت بين قلبين بسبب (أسوار الحب). نعم السور عبارة عن حاجز كبير أو حائط نصنعه بأيدينا، هذا السور سور معنوى ليس من أسمنت وطوب، بل ينشأ بين قلوبنا ولا أقصد فقط العلاقة بين المحبين، بل إن هذا السور موجود فى كل علاقاتنا مع أبائنا وأمهاتنا وأخواتنا وأصدقائنا وأبنائنا وأحبائنا وأزواجنا. بداية المشكلة طوبة صغيرة أقصد مشكلة صغيرة نتغاضى عنها ونحاول أن ننساها، لكننا لا نعلم أنها لم تمح، هى أصبحت طوبة صغيرة فى قلوبنا إلى أن تترعرع وتصبح مانسميه "السور" فيصبح صعب تحطيمه لأنه أصبح قويا مع مرور الزمن، وبقسوتنا على أنفسنا وعلى من أحبنا واحببناه. من منا لا يشكى من سور بينه وبين أقرب الناس إلى قلبه، حيث تقول هبة شاكر (22 عاما) "الغريبة إن الناس دايما تربط فترة الخطوبة بمشاعر الحب الدافئة، وأنها أحلى مراحل الحياة بين المحبين لكن للأسف ما يحدث معى عكس ذلك تماما، حيث أنا وخطيبى بيننا العديد من الأسوار رغم حبنا، وهذا حدث بسبب قلة لغة الحوار وعدم معاتبتنا لبعض، وللأسف وصلنا لمرحلة أن زهور الحب فى قلوبنا دبلت وماتت!!"، ويشاركها فى الرأى محمد حسن (45 عاما) "بينى وبين زوجتى سور كبير فأصبحت خناقاتنا مثل كلمة صباح الخير وتصبحين على خير التى تقال يوميا!!"، أما عمر يوسف (17 عاما) "أنا عارف جدا أن ماما بتحبنى حيث من يوم وفاة والدى وهى ترعانى جدا لكن لا أعلم لماذا تشعرنى والدتى بعدم حبها لى، ودائما تبنى بينى وبينها العديد من الحواجز والتى من وجهة نظرها أنها شىء عادى وأنا لسه صغير ومش بفهم حاجة!!". السور موجود داخل كلا منا، وإذا اختلف نوع السور ومع من هذا السور، إلا أنه من المؤكد موجود.. كيف يختلق هذا السور ولماذا؟ والأهم كيف نحطمه ونمحيه؟. وتحليلا لهذا يقول د.أسامة محمد شعير أستاذ علم النفس: "الحواجز النفسية أو الأسوار التى موجودة بيننا لا شك أننا نحن الذين نخلقها، فالإنسان بطبعه كتلة من المشاعر والأحاسيس يغضب ويثور، منا من يعبر عن غضبه سواء بطريقة سلبية أو إيجابية ومنا من لا يعبر ويحتفظ بهذه المشاعر بداخله، فتتراكم المشاعر السلبية بداخلنا ونجد من غير قصد البعد عن هذا الشخص خطوة بخطوة، من هنا تأتى مشكلة الحواجز فيظهر السور.. وتكثر هذه الأسوار خاصة بين الكثير من المتزوجين وبين الآباء وأبنائهم.. فأصبحت علاقاتنا مجرد مصالح، لى معك مصلحة فأنت أعز الناس لدى!! حتى الآن يزور الأبناء أهلهم ليس شوقا أو تقديرا بل مصلحة، ومن المؤكد أن جزءا كبيرا من المشكلة كما ذكرت الضغوط اليومية الاجتماعية فلو تذكرنا قديما .. من زمن ليس ببعيد كثيرا، كانت أسعد أيامنا عندما نتجمع أخوة وأخوات لنستمع لقصة جميلة من جدنا، الآن لا ننتظر دقيقة لنسمع كلمة واحدة من عجوز مسكين، كنا نتمنى ونرجو والدتنا لندخل بيت الجيران، الآن لعلنا لا نرمى على جارنا السلام، وكان توجد صديقتان وفيتان لا مصلحة بينهما سوى الدردشة البريئة، الآن أصبحت الصديقة أخطر ما يمكن أن يحدث للفتاة، كنا نمشى فى سواد الليل دون خوف لأن شباب الحى يحرسوننا بعيونهم الحادة، الآن لم نعد نستطيع أن نمشى حتى فى وضح النهار حتى لا تقتلنا عيونهم الحادة. يضيف د.أسامة: للأسف نحن فى مجتمعنا فى دائرة مغلقة من مشاكلنا النفسية والاجتماعية فستلاحظون أن كل المشاكل الاجتماعية بسبب مشاكل نفسية والعكس صحيح، وأن التشخيصات فى أغلب الأمراض واحدة ومرتبطة ببعضها البعض سواء بسبب الضغوط الاجتماعية التى نواجهها فى مجتمعنا من غلو أسعار والتضخم السكانى والبطالة والزحام أو من مشاكلنا النفسية، إحساسنا بالاضطهاد من رؤسائنا والتفرقة والإحباط والاكتئاب وعدم الاهتمام من أحبائنا وغيرها.. ومن هنا أؤكد أننا كلنا نعانى من مشاكل نفسية وطبعا هذا بشكل نسبى.. ومن أفضل الأساليب لتحطيم هذه الأسوار المصارحة والتعاتب أول بأول والتسامح بعد ذلك، فأبدأ بالتعبير عن ما يغضبك من أحبائك وأكسر أول طوبة حجز تبنى بداخلك، فلا تستهين بهذه الطوبة الصغيرة حتى لا تتراكم أخواتها بعدها. مع زحام الحياة نهمل أقرب مالنا، فتولد أسوار بداخلنا وتقع جريمة قتل مشاعر الحب بداخلنا.. فإذا كنت أنت القاضى فبماذا تحكم؟ أقرأ غداً: تأثير الأزمة الاقتصادية العالمية على العلاقات العاطفية