حماة الوطن يعقد الاجتماع التحضيري للحملة الانتخابية لمرشحي الحزب    وزير الخارجية يدعو التقدم لامتحانات الوزارة: لدينا عجز فى خريجي الحقوق    وزير الكهرباء: الجهاز التنفيذي للمحطات النووية خطوة استراتيجية لتعزيز أمن الطاقة    أحمد موسى عن استقبال الجاليات المصرية للرئيس السيسي في بروكسل: مشهد غير مسبوق    محافظ شمال سيناء يتفقد مصنع البلاستيك بالمنطقة الصناعية ببئر العبد    الحفني: مطار سفنكس حقق طفرة نوعية في مؤشرات قياس الأداء التشغيلي    رقابة بلا جدوى !    الرئيس الأمريكى يأمر بإزالة جزء من القصر الرئاسى لبناء قاعة رقص    إسرائيل تغلق جمعية لرعاية الأيتام بالضفة وتصادر محتوياتها    تركمانستان والعراق يوقعان مذكرة تعاون طاقي واستيراد غاز    ساركوزى يبدأ قضاء عقوبة السجن 5 سنوات    الشوط الأول| برشلونة يتقدم على أولمبياكوس في دوري أبطال أوروبا    حقيقة مفاوضات الأهلي مع المغربي بنتايج لاعب الزمالك (خاص)    رفع 266 حالة أشغال بحي أمبابة    عمر خيرت: أرى فى النغمة وطنًا.. وفى البيانو قلب مصر الحى    صحف ومواقع أوروبية: التاريخ يعود إلى مكانه الطبيعى    دموع وتصفيق.. العرض الخاص لفيلم «ويبقى الأمل» يشعل أجواء مهرجان الجونة    هل على ذهب الزينة زكاة؟.. أمين الفتوى يجيب    تعشق السيارات ومثلها الأعلى مارجريت تاتشر.. 31 معلومة عن ساناي تاكايتشي أول امرأة تتولي رئاسة الحكومة في اليابان    النائب محمد عبد الله زين: أين الحد الأدنى للأجور؟.. وعضو المجلس القومي: لا تحملوا القطاع الخاص فوق طاقته    رئيس جامعة الأزهر يفتتح معرض الكتاب خدمة للطلاب والباحثين بتخفيضات كبيرة    محمد صبحي: مجلس الإسماعيلي خيب آمالنا ووزارة الرياضة أنقذت الموقف    قائمة يوفنتوس لمواجهة ريال مدريد في دوري الأبطال    توصية بوضع ضوابط موحدة لمجالس التأديب في جميع كليات جامعة عين شمس    مصرع سيدة على يد طليقها امام مدرسة بالسادات وأمن المنوفية يكثف جهوده لضبط المتهم    إصابة شاب فى حادث اصطدام ميكروباص بشجرة بقنا    جدول امتحانات شهر أكتوبر 2025 لصفوف النقل في القاهرة    برلمانى: القمة المصرية الأوروبية خطوة جديدة لتعزيز الحضور المصري الدولي    اكتشاف مقبرة جماعية لقتلى عراة فى منطقة تل الصوان شرقى دوما السورية    كريم عبد العزيز خارج سباق رمضان 2026    انتصار تصطحب ابنها في عرض السادة الأفاضل وتلتقط صورا مع شخصية الفيلم الكرتونية    ريهام عبد الحكيم تقدم الليلة باقة من أغنياتها روائع الطرب الأصيل    ماكرون: نسعى لاستصدار قرار من مجلس الأمن بشأن إدارة غزة    أستاذ فقه: حب آل البيت جزء من الإيمان ومصر نالت بركتهم بدعاء السيدة زينب    هل يجوز للمرأة تهذيب حواجبها إذا سبب شكلها حرجا نفسيا؟ أمين الفتوى يجيب    صحة الشرقية: فحص 1062 طالبا بمدارس القنايات ضمن مبادرة سوء التغذية    تعليم وصحة الفيوم يتابعان التطعيمات اللازمة لطلاب المدارس للوقاية من الأمراض    ابنى عنده برد باستمرار ؟.. مدير مركز الحساسية والمناعة بالأزهر يجيب    دورة تدريبية في جامعة بنها لأعضاء لجان السلامة والصحة المهنية «متقدم»    منافسة شرسة بين ريال مدريد وبرشلونة على ضم نجم منتخب المغرب    زوج يرمي زوجته من البلكونة في ببورسعيد بسبب صينية بطاطس    صبحى يهنئ يد الأهلى بعد التتويج بلقب إفريقيا    بدء تنفيذ مبادرة مراكب النجاة لتوعية الشباب بمخاطر الهجرة غير الشرعية في المنوفية    الصين: القيود الأمريكية على التأشيرات لن تعيق علاقاتنا مع دول أمريكا الوسطى    "أهمية الحفاظ على المرافق العامة".. ندوة بمجمع إعلام سوهاج    مثالية للدايت والطاقة، طريقة عمل سلطة الكينوا بالأفوكادو والطماطم المجففة    طقس السعودية اليوم.. أمطار رعدية ورياح مثيرة للغبار على هذه المناطق    «بيتشتتوا بسرعة».. 5 أبراج لا تجيد العمل تحت الضغط    بعد فتح الباب للجمعيات الأهلية.. هؤلاء لن يسمح لهم التقدم لأداء مناسك الحج 2026 (تفاصيل)    «شوف جدول مرحلتك».. جدول امتحانات شهر أكتوبر 2025 لصفوف النقل في محافظة الإسكندرية    وزير المالية: نتطلع إلى وضع رؤية مشتركة لقيادة التحول الاقتصادي نحو تنمية أكثر عدالة وشمولًا واستدامة    غدًا.. بدء عرض فيلم «السادة الأفاضل» بسينما الشعب في 7 محافظات    دار الإفتاء توضح حكم تصدق الزوجة من مال زوجها دون إذنه    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 21-10-2025 في محافظة الأقصر    851 مليار جنيه إجمالي التمويل الممنوح من الجهات الخاضعة للرقابة المالية خلال 9 أشهر    شون دايش مدربا لنوتنجهام فورست    تامر أمين عن سرقة مجوهرات نابليون من اللوفر: اللي يشوف بلاوي غيره يحمد ربنا على نعمة مصر    أهلي جدة يحقق فوزًا مهمًا على الغرافة في دوري أبطال آسيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوم أفريقيا... بين الهوية الجامعة والدور المصري المتجدد
نشر في اليوم السابع يوم 26 - 05 - 2025

تحيي القارة الأفريقية في الخامس والعشرين من مايو كل عام ذكرى تأسيس منظمة الوحدة الأفريقية عام 1963، ذلك البنيان القاري الذي جاء ليجمع شتات الدول الأفريقية الخارجة من ركام الاستعمار، ويعبر عن إرادة شعوبها في التحرر والوحدة والتضامن، ويُعد يوم إفريقيا حدثًا تأسيسيًا لمسار طويل من الوعي القاري والإرادة السياسية الجماعية والطموح في بناء مستقبل مشترك يليق بثقل أفريقيا التاريخي والجغرافي والبشري، إنه يوم يستدعي من الجميع، قادة وشعوبًا، تجديد الالتزام بالحلم الإفريقي الكبير، والانتصار لقيم التحرر والعدالة والتكامل من أجل قارة تستحق مكانتها بين الأمم، وتملك كل المقومات لتكون أحد أقطاب المستقبل.
وقد شكلت الدولة المصرية آنذاك إحدى الحواضن الكبرى لحركات التحرر الأفريقية، وقدمت دعمًا سياسيًا وماديًا ولوجستيًا لعدد من قادة الاستقلال في القارة، من أنغولا إلى غانا، ومن موزمبيق إلى الجزائر، ولقد أدركت مصر بقيادتها التاريخية أن أمنها القومي لا ينفصل عن عمقها الإفريقي، وأن دورها الإقليمي يجب أن يتجذر داخل قارتها الأم بوصفه انتماءً حضاريًا وثقافيًا راسخًا فمنذ تأسيس منظمة الوحدة الإفريقية، كانت مصر حاضرة في مسارات الدعم وصياغة الرؤى وبناء الجسور، وساهمت في تأسيس عدد من المؤسسات التعليمية والثقافية التي استهدفت تمكين النخب الإفريقية الشابة، فأنشأت الجامعات وقدمت المنح وفتحت أبواب مؤسساتها الأكاديمية أمام الطلاب الأفارقة إيمانًا منها بأن قوة إفريقيا تبدأ من وحدتها، وأن التنمية الشاملة لا تتحقق إلا بتعاضد أبنائها وتكامل أدوار دولها الفاعلة.
وقد شهدت المنظمة تطوراً جوهريًا بمطلع الألفية الجديدة، حين تحولت إلى الاتحاد الإفريقي، الذي تبنى أجندة طموحة قوامها التنمية المستدامة وحماية حقوق الإنسان وتشجيع السلم والأمن في القارة
ومن ثم واصلت مصر دورها الداعم والفاعل فكانت من أوائل الدول التي دفعت بقوة نحو بناء مؤسسات إفريقية قادرة تترجم الأهداف إلى سياسات ومشروعات واقعية، مثل مجلس السلم والأمن الإفريقي، والمحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، كما قدمت رؤى متكاملة في قضايا التكامل الإقليمي وتنمية القدرات البشرية وتطوير البنى التحتية، لا سيما في مجالات النقل والطاقة والربط القاري باعتبارها مفاتيح حيوية لتحقيق الاندماج الاقتصادي والتنمية المستدامة في إفريقيا.
وقد تجلى الدور المصري في السنوات الأخيرة بشكل لافت، خاصة خلال رئاسة مصر للاتحاد الإفريقي عام 2019، وهي رئاسة اتسمت بالفاعلية والحضور القوي على مختلف المستويات، فقد شهدت هذه الفترة تحركات دبلوماسية نشطة، من أجل دفع قضايا القارة إلى صدارة الأجندة الدولية، وتمثيل صوت إفريقيا في المحافل العالمية، كما سعت مصر إلى دعم جهود تسوية النزاعات المزمنة، وتشجيع التجارة البينية بين دول القارة، وإطلاق مبادرات مهمة لمواجهة الإرهاب والهجرة غير الشرعية، فضلًا عن دعم ملف الإصلاح المؤسسي للاتحاد الإفريقي، باعتباره مدخلًا لازمًا لتعزيز فاعليته واستقلاليته، وجاء إسهام مصر المحوري في إطلاق منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، باعتبارها خطوة استراتيجية نحو تحرير الاقتصاد الإفريقي من التبعية للأسواق الخارجية، وتحفيز الإنتاج المحلي، وبناء سوق قارية موحدة قادرة على التفاوض بندية والتنافس بثقة مع الاقتصاد العالمي.
ويحظى الدور المصري بتقدير واسع في الأوساط الإفريقية وتمتد جسور تواصلها الطبيعية والثقافية والاقتصادية إلى عمق القارة، حيث أن مصالحها الحيوية ترتبط ارتباطًا وثيقًا بقضايا المياه والطاقة والنقل الإقليمي، مما يجعل من انخراطها في القضايا الإفريقية مسألة استراتيجية؛ لهذا تعد مشاركتها الفاعلة في مبادرات حفظ السلام، واستثماراتها التنموية في دول الجوار، وانخراطها في شراكات تنموية متعددة الأبعاد، تجليات عملية لهذا التضامن الإفريقي المتجدد، ويزداد أهمية هذا الدور في ظل ما تواجهه القارة من تحديات متعاظمة، كالإرهاب العابر للحدود، وتداعيات التغير المناخي، وشح الموارد، والنزاعات المسلحة، وهي تحديات تتطلب تنسيقًا وثيقًا بين دول القارة، ورؤية موحدة تقودها قوى إقليمية مسؤولة، تمتلك الإرادة والخبرة والقدرة على بناء التوافقات وقيادة التحولات، ومصر بما لها من رصيد تاريخي، وموقع مركزي، وإمكانات استراتيجية، تمتلك الرؤية والخبرة والنية الصادقة لتكون قاطرة للتكامل الإفريقي.
ويكتسب مشروع النهضة الإفريقية بعدًا ثقافيًا لا يقل أهمية عن أبعاده السياسية والاقتصادية، إذ تمتلك القارة، بتنوعها المتعددة ثروة ثقافية قادرة على صياغة هوية قارية جامعة، تُبنى على أسس الاحترام المتبادل، والانفتاح الواعي، والاعتزاز بالمشترك الإنساني ومن هذا المنطلق، فإن تشجيع التبادل الثقافي بين دول القارة، وتوثيق التراث المادي واللامادي، وتمكين الشباب من التعبير عن ذواتهم بلغاتهم وأساليبهم وأدواتهم المعاصرة، يمثل ركيزة أساسية لبناء الهوية وتعميق الانتماء القاري، بما يسهم في ترسيخ تماسك اجتماعي يتجاوز الانقسامات التقليدية، ويفتح آفاقًا جديدة للتلاقي والتكامل.
وتبرز أهمية الدعوة لتدويل التجارب الإفريقية الناجحة، كنماذج قابلة للتكرار والتكييف بحسب خصوصيات ومناسبة كل بلد، مما يستدعي دعم التعاون الإقليمي، وإقامة الشراكات الاستراتيجية، وتكامل السياسات التنموية، في إطار رؤية شاملة تقود إلى التكامل الإفريقي المنشود، كما تبرز الحاجة إلى صياغة سردية جديدة عن القارة، تُعيد تقديم إفريقيا للعالم كقارة الفرص والإمكانات، بما تمتلكه من ثروات طبيعية، وطاقة بشرية شابة، وموارد كامنة يمكن توظيفها لصالح التنمية والازدهار، فالمستقبل الإفريقي يُكتب اليوم بوعي القادة ويقظة الشعوب وتماسك الرؤية الحضارية والتنموية الجامعة، إنه مستقبل يُبنى على الاعتراف بالماضي واستخلاص دروسه وتحويل المعاناة التاريخية إلى طاقة للتحول والنهوض، لتكون إفريقيا فاعلًا ومصدر إلهام في عالم يبحث عن نماذج جديدة للعدالة والكرامة والتمكين.
ومع اتساع التحديات التي تواجه القارة، تمتلك مصر من الخبرات المؤسسية، والبنية التحتية المتطورة، والموقع الجيوسياسي الفريد، ما يؤهلها للقيام بدور الجسر بين إفريقيا والعالم، ولصياغة نموذج تنموي قاري يجمع بين الاستقلالية والتكامل، وبين الجذور الحضارية والطموح المستقبلي، إن رؤية مصر لإفريقيا لا تنفصل عن رؤيتها لنهضتها الذاتية، فمصير القارة مترابط، ونهوض جزء منها يحقق نهوض الكل، ونؤكد أن الدولة مصر ماضية في تقديم دبلوماسية تنموية نشطة، وشراكات استراتيجية ذكية، ومبادرات إنسانية راسخة، تُعيد لإفريقيا مكانتها المستحقة في النظام الدولي، وتفتح أمام شعوبها أبواب الحلم، والإنتاج، والاستقرار؛ ليُكتب تاريخ جديد للقارة، فصوله من العمل والأمل عنوانه إفريقيا تنهض بإرادتها وتصوغ مصيرها بوعي أبنائها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.