سألونى الناس!

مؤكد، إن الذين يحبون فيروز، وهم كثيرون، سمعوها تغنى «سألونى الناس عنك يا حبيبى»، لكنهم لم يسألوا عن الذى لحن هذه الأغنية، ومعظهم اعتبرها عملاً من أعمال الرحبانية، التى كتب كلماتها منصور الرحبانى، ولحنها عاصى وغنتها فيروز، فكل ما فى هذه الأغنية يذكرنا بأسلوب الرحبانية فى الكلمات والألحان، والأداء.
لكن الحقيقة أن هذه الأغنية كانت تعبيراً عن غياب عاصى، الذى سبق غياب شقيقه منصور، وكان عاصى يقوم بدور الملحن للكلمات، التى يكتبها منصور، فلما دخل المستشفى قبل رحيله، ولم يتمكن من تلحين مسرحية «المحطة»، كتب أخوه منصور كلمات «سألونى الناس»، على لسان فيروز لزياد بن عاصى، ليلحنها لوالدته التى تعبر فيها عن حبها لزوجها الذى رحل، لكن بعد أن أثبت ابنه زياد كفاءته كملحن، وحل محل والده فى ثلاثى الرحبانية.
سألونى الناس عنك يا حبيبى
كتبوا المكاتيب وأخدها الهوا
بيعز على أغنى يا حبيبى
ولأول مرة ما منكون سوا
وقد توالت ألحان زياد لفيروز بعد رحيل والده، فغنت من تلحينه «قديش كان فيه ناس» ،و«دبكة يا جبل الشيخ»، ومسرحية «ميس الريم»، وأغنية «نطرونا».
وقد بدأ زياد نشاطه الفنى مبكراً جداً، إذ كان فى الثانية عشرة من عمره، عندما أصدر ديواناً شعرياً بعنوان «صديقى الله»، وقد واصل كتابة الشعر، لكنه كان فى الوقت نفسه يتعلم الموسيقى، ويقوم بتجاربة الأولى فىالتلحين، حتى بدأ طريق الاحتراف فى أواخر السبعينيات بعد رحيل والده.
ومع أن زياد هو ابن الرحبانية، فهو مختلف عن والده وعن عمه، زياد أكثر واقعية، الكلمات التى يكتبها يستخدم فيها لغة الحياة اليومية، التى تختلط فيها مرارة التجارب الواقعية بالسخرية من المصاعب والمشاكل، وقد مكنته هذه اللغة من تلحين المسرحيات، التى تحتاج للغة مباشرة، وألحان تعبر عن مضمون الحوار، كما ساعدته مواهبه المتعددة، فهو شاعر، وكاتب مسرحى، وملحن فى الاتصال المباشر بحياة الناس، وهموم اللبنانيين، والقدرة على الانفعال بها والتعبير عنها، من هنا كانت علاقة زياد الرحبانى قوية بألحان سيد درويش، وزكريا أحمد، والشيخ إمام، التى استطاع أن يؤلف بينها وبين تراث الرحبانية، وهذه هى الإضافة التى قدمها زياد الرحبانى لهذا التراث.
أخيراً، زياد الرحبانى ولد سنة 1956، فهو فى الثالثة والخمسين من عمره الآن.