لا يختلف اثنان حول أن مشكلة البطالة فى مصر هى إحدى المشاكل المزمنة التى ورثتها ثورة 25 يناير نتيجة لسياسات نظام الحزب الوطنى الحاكم وحكم «السادات - مبارك» القائمة على انسحاب الدولة من أى دور تنموى وتخليها عن الاستثمار وتوفير الخدمات الأساسية للطبقات الفقيرة، والتوقف عن تعيين الخريجين فى الحكومة والقطاع العام، وتصفية وبيع القطاع العام تحت شعار «الخصخصة»، وإطلاق العنان لرأسمالية محلية وأجنبية متوحشة وطفيلية لجنى أرباح فلكية على حساب المواطنين، وقد أدى استمرار معدلات البطالة فى الارتفاع قبل الثورة إلى تكريس التفاوت الاجتماعى، وزيادة حدة التمايز فى الدخول بين فئات المجتمع، وانقسام المجتمع المصرى إلى مجتمعين منفصلين .. عالم الأغنياء وعالم الفقراء. ويعيش ما يقرب من نصف المصريين تحت خط الفقر الذى حددته الأممالمتحدة ب 2 دولار للفرد فى اليوم، كما أن البطالة بشكل عام هى أحد مسببات ظواهر العنف الغريبة التى برزت فى المجتمع فى السنوات الأخيرة. وقد زاد عدد العاطلين عن العمل بعد الثورة نتيجة لاتباع نفس سياسات نظام «السادات - مبارك» وروشتة صندوق النقد والبنك الدوليين وهيئة المعونة الأمريكية والمعروفة باسم «التثبيت والتكيف الهيكلى»، فسجل عدد المشتغلين فى مصر خلال عام 2011 نسبة تقرب من %88 من إجمالى القوى العاملة «23 مليونا و346 ألفا» وارتفع عدد العاطلين عن العمل من %4.9 إلى 4.%12 «3 ملايين و183 ألفا». وبلغت أعلى نسبة من العاطلين فى الفئة العمرية من 20 إلى 24 عاما لتصل إلى 2.40 من إجمالى العاطلين يليها الفئة العمرية من 25 إلى 29 عاما بنسبة 22.5% وأعلى نسبة بطالة بين الخريجين كانت من نصيب حملة المؤهلات المتوسطة وما فوقها حيث بلغت %50 من إجمالى العاطلين. وقضية البطالة وكيفية التصدى لها وعلاجها هى إحدى القضايا الجوهرية المطلوب من كل من رشح نفسه لمنصب رئيس الجمهورية أن يضعها فى مقدمة برنامجه، وأن يتم الفرز على أساسها. وأمامى الآن برنامج للقضاء على البطالة طرح خلال انتخابات مجلس الشعب عام 2010 لو تأمله المتنافسون فى معركة انتخابات الرئاسة الحالية، فسيجدون فيه رؤية واقعية للتصدى لهذه المشكلة، ويقترح البرنامج خمس نقاط لمواجهة البطالة هى: عودة الدولة لتحمل مسؤولياتها فى التنمية والاستثمار، ووضع معايير لتوزيع الاستثمارات واختيار المشروعات الاستثمارية بهدف خلق أكبر عدد ممكن من فرص العمل، والتركيز بصفة خاصة على الصعيد والأقاليم، ومنح المشروعات الاستثمارية كثيفة العمالة امتيازات خاصة. تتحمل الدولة مسؤولية مباشرة فى حل مشكلة البطالة بإقامة مشروعات جديدة لاستصلاح واستزراع الأراضى وإنشاء مصانع كثيفة العمالة. تنفيذ برنامج متكامل لاستيعاب نسبة كبيرة من الخريجين، من خلال تشغيل الطاقات العاطلة فيما بقى من القطاع العام وتطويره وإصلاحه وإدارته ديمقراطيا بدلا من بيعه، وتحسين أداء قطاعات الخدمة الحكومية. صرف إعانة بطالة وإنشاء صندوق لمواجهة البطالة يمول من حصيلة رسم إضافى على كل الإيردات ما عدا الإيراد من المرتبات والأجور وما فى حكمها، وزيادة الرسوم المحصلة مقابل خدمات حكومية للفئات القادرة، وفرض رسوم إضافية على مشاريع كبار رجال الأعمال والمدن الجديدة ذات الإسكان الفاخر وتراخيص السيارات الفاخرة ومشروعات الشركات الأجنبية. إلغاء نظام المعاش المبكر الذى يضيف إلى العاطلين أعدادا جديدة من القادرين فعليا على العمل.