وعلي الرغم من البيانات التي تصدرها الحكومة بشكل دوري عن توفير فرص عمل للشباب و انخفاض معدلات البطالة في التقارير الرسمية فإن الوضع يبقي علي ما هو عليه فمازال الشباب علي القهاوي و الكافيهات و مازال الحل لديهم هو الهروب من الواقع عن طريق المخدرات وأصبحوا قنابل موقوتة تهدد أمن وأمان المجتمع. وترجع جذور مشكلة البطالة في الظهور بعد قيام ثورة 23 يوليو وإعلان النظام الجمهوري في مصر عام 1952 و عندما حاولنا رصدها من خلال بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء وجدنا تقارير ترجع الي عام 1960 حيث كان معدل البطالة 2.5 % من إجمالي حجم القوي العاملة، وفي تعداد 1976 يقفز الرقم إلي7.7 % ثم إلي 14.7 % من تعداد 1986، ولكنه وصل في 1996 الي 8.8%. و في بداية عام 2002 بلغ معدل البطالة نحو 9.1% وبالمقابل تشير بيانات البنك المركزي المصري في نشرته الإحصائية والشهرية التي صدرت في أبريل 2002، إلي أن عدد العاطلين في مصر ثابت عند مليون عاطل من العام المالي 96 / 97 وحتي العام المالي 2000/2001 حيث بلغ 7.6% من إجمالي قوة العمل البالغ نحو 19.5 مليون نسمه. وهذه البيانات بدورها تختلف عن البيانات التي أوردها صندوق النقد الدولي في تقريره لعام 2001، ولكنها جاءت معتمدة علي بيانات عام 1995، وهو العام الذي تتوقف عنده بيانات صندوق النقد الدولي لعدم وجود بيانات يمكن للصندوق أن يأخذ بها للأعوام التالية لعام 1995. كما يمكن الوصول إلي تقدير رقم آخر لحجم البطالة يختلف عن الأرقام السابقة، ويستمد من بيانات حكومية موثقة وذلك من خلال البيانات التي أعلنتها اللجنة العليا للتشغيل برئاسة رئيس الوزراء عند تطبيقها لنظام للتعامل المتقدمين لشغل عدد 170 ألف وظيفة حكومية تم الإعلان عنها عام 2001 فقد بلغ عدد من يسحب استمارة تشغيل نحو 7 مليون شخص أما من قام بتقديم طلب فعلي لشغل الوظيفة فقد بلغ نحو 4.4 مليون. و بلغت نسبة البطالة في مصر في عام 2006 حسب إحصاءات وكالة المخابرات المركزية 10.30% ونتجت عن البطالة الكثير من الأمراض الأجتماعية مثل زيادة نسب الجرائم الجنسية حيث إن 90% من الجناة عاطلون عن العمل وزيادة الهجرة غير الشرعية إلي الدول الأوروبية وإقبال عدد الشباب المصري علي الانتحار للشعور باليأس بسبب البطالة، وعدم قدرتهم علي إعالة أسرهم. وفي عام 2006 أعلن المركز المصري للحد من البطالة والدفاع عن حقوق الإنسان، عن تأسيس أول رابطة "للعاطلين" في مصر، في محاولة لتغيير حياتهم من خلال توفير فرص العمل لهم. وقد أشارت اللجنة الوزارية العليا للتشغيل إلي أن 53.5 % من بين 4.4 مليون تقدموا لشغل الوظائف الحكومية لا تنطبق عليهم الشروط وهذا يعني أن 46.5% منهم أي نحو 2.05 مليون تنطبق عليهم الشروط وأولها أن يكون عاطلاً عن العمل. يضاف إلي ذلك أنه لو تأملنا من اعتبرت الحكومة أن الشروط لا تنطبق عليهم سنجد أنهم لا زالوا داخل دائرة من يعتبر عاطلاً، ولكنهم خرجوا من دائرة المنافسة علي 170 ألف فرصة عمل بسبب شروط أخري للتشغيل، حيث إن 10 % من عدد المتقدمين أي نحو 440 ألف لا تنطبق عليهم الشروط لأنهم بلا مؤهلات كما أنها اعتبرت أن 6.5% من المتقدمين أي نحو 286 ألفاً لا تنطبق عليهم الشروط لأنهم من خريجي ما قبل 1984 و اعتبرت أن 10% من المتقدمين أي 440 ألفاً لا تنطبق عليهم الشروط لأنهم يعملون في أعمال غير دائمة وغير مؤمن عليهم. كما أعلنت اللجنة أن شروط التشغيل لا تنطبق علي نحو 15 % من المتقدمين أي نحو 660 ألفاً باعتبارهم من النساء، ممن هن من خريجات النظام التعليمي اللاتي تزوجن ويعشن حياة مستقرة وكأن زواج المرأة واستقرارها يخرجها من قوة العمل، رغم أنهن في سن العمل ويرغبن في العمل وقادرات عليه. وبناء علي البيانات السابقة فإن عدد العاطلين وفقاً لهذا المصدر الحكومي يصبح 3.436 مليون عاطل (أي أكثر من ضعف الرقم الرسمي المعلن للبطالة) وهو عبارة عن 2.5 اعتبرت الحكومة أنهم تنطبق عليهم شروط التشغيل الحكومي ونحو 660 ألف امرأة مؤهلة وقادرة وطلبت العمل وهي في سن النشاط الاقتصادي، ونحو 440 ألف عاطل من غير المؤهلين ونحو 286 ألفاً من العاطلين من خريجي النظام التعليمي قبل عام 1984. وكانت تشكل نحو 76 % من جملة المتعطلين في عام 1986 أما في عام 2001 فإنه وفقاً للبيانات المستخدمة من بيانات اللجنة العليا للتشغيل فإن العدد الإجمالي للمتعطلين بلغ 3.438 مليون عاطل منهم نحو 3 ملايين متعلم مما يعني أن المتعلمين يشكلون نحو 87.3 من عدد المتعطلين. و قد أشارت منظمة العمل الدولية إلي أن مشكلة البطالة في مصر أكبر ما يواجه الشباب الحاصل علي تعليم متوسط وعال حيث كان 19.5%من اجمالي المتعطلين عن العمل ينتمون للفئة العمرية من 15 إلي 30 عاماً وان 79.5% منهم حاصلون علي تعليم متوسط وعال حيث أكد د• يوسف القريوتي مدير مكتب المنظمة بشمال افريقيا بالقاهرة أن 93% من المتعطلين عن العمل من الذين يبحثون عن عمل لأول مرة مضيفا ان الاناث يعانين من البطالة أكثر من الذكور حيث بلغ معدل البطالة بينهن 40% بينما بلغ معدلها في الذكور 19%. و كشف تقرير اقتصادي حديث عن ارتفاع معدل البطالة في مصر خلال الربع الثاني من العام الحالي ليبلغ9.42% مقارنة ب 9.37%خلال الربع الأول,في حين بلغ 8.37%خلال الفترة نفسها من العام الماضي 2008و أظهر التقرير الصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء استحواذ المحافظات الحضرية القاهرة والإسكندرية ومدن القناةعلي أعلي معدلات للبطالة. وأكدت بيانات الجهاز ان إجمالي حجم القوي العاملة بلغ 25مليون فرد خلال الربع الثاني من عام 2009بزيادة13ألفا مقارنة بالربع السابق وبزيادة410آلاف فرد بنسبة71 %عن نفس الربع من العام السابق. وأوضح اللواء أبو بكر الجندي رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء ان قوة العمل بلغت نسبتها 33%من إجمالي عدد السكان في منتصف فترة التقرير الربع الثاني من العام الحالي وأضاف ان معدل إسهم الذكور في قوة العمل بلغ 7 % وبلغ معدل الإسهام في قوة العمل بين الإناث 22.8%كما اتسم معدل البطالة بين الذكور بالثبات خلال تلك الفترة حيث بلغ 9% خلال الربع الثاني من العام الحالي وكان قد بلغ %5.4عن نفس الربع من العام السابق. كما بلغ معدل البطالة بين الإناث 23.16 %بينما كان 18.76% عن نفس الربع من العام السابق ووصل عدد المشتغلين في الحضر خلال الربع الثاني من العام الحالي مليون مشتغل بنقص 45ألف مشتغل عن نفس الربع من العام السابق وعدد المشتغلين في الريف13.3 مليون مشتغل بزيادة 157ألف مشتغل عن نفس الفترة من العام السابق ووصلت نسبة المشتغلين في الزراعة والصيد 30%من إجمالي المشتغلين وفي نشاط الصناعات التحويلية وفي تجارة الجملة والتجزئة ، والتشييد والبناء. إعادة الهيكلة الاقتصادية وأكدت د: نجلاء الأهواني أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة أن معدل البطالة داخل السوق المصرية ارتفع بنسبة 4.9% عام 2008/2009 مقابل 4.8% عام 2007/2008 مشيرة إلي أن معدل البطالة في الإناث تزايد بصورة أكبر من الذكور حيث بلغت نسبة بطالة الإناث 2.23% بينما الذكور 2.5%. وأضافت أن فرص العمل التي تم توفيرها خلال عامي 2008/2009 تقلصت بحوالي 600 ألف فرصة عمل بنسبة انخفاض 13% عن الفرص التي تم توفيرها في العام السابق ومقارنة بما كان متوقعاً وفقاً للخطة الخمسية 2007/2008- 2011/2012 والتي تهدف لخلق 750 ألف فرصة عمل سنوياً. وأرجعت أسباب تقلص فرص العمل الجديدة خلال 2008/2009 إلي تراجع معدلات نمو الاقتصاد. وقالت إنه علي الرغم من أن الاقتصاد المصري يعد من أقل الاقتصاديات تأثراً بالأزمة إلا لكن معدل النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي انخفض ب 5.2 نقطة مئوية ليسجل 7.4% عام 2008/2009 مقارنة بعام 2007/2008 مشيرة إلي أن تراجع المنحني التصاعدي للنمو يعكس لتراجع الاستثمارات الحقيقية والتي انخفضت خلال عام 2008/2009 بنسبة 9% مقارنة بالعام السابق وانخفاض معدل الاستثمار إلي الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.19% خلال 2008/2009 مقابل 3.22 عام 2008/2007. و أكدت أن نسبة تسريح العمالة تصل في بعض الأحيان إلي 10 و20% من حجم عمالة المنشآت في المدن الصناعية الجديدة مشيرة إلي أن أكثر القطاعات التي حدث فيها تسريح هي السياحة والصناعة التحويلية وغالبية العمالة غير المنتظمة بقطاع التشييد. وأوضحت وجود تباطؤ للطلب الخارجي علي العمالة المصرية والاتجاه إلي تخفيض الأجور والرواتب وذلك بعد تراجع تحويلات العاملين في الخارج من 4.9 مليار دولار عام 2007/2008 إلي 6.7 مليار دولار عام 2008/2009 كما انتقدت الحوافز التي اعتمدتها الحكومة لمواجهة الأزمة خاصة أن الاعتمادات الاستثمارية الإضافية غير كافية وأن مشروعات مياه الشرب والصرف الصحي استحوذت علي أكثر من ثلثي الحوافز المالية رغم أنها غير كثيفة العمالة وتساءلت: هل تم بالفعل ضخ أكثر من 13 مليار جنيه خلال النصف الثاني من عام 2008/2009 في حين أن معدل البطالة العام ارتفع بنسبة 1%. واقترحت مد برنامج الحافز المالي إلي عام 2013 علي الأقل بمتوسط يتراوح بين 25 و30 مليار جنيه سنوياً مع الابتعاد عن الإقراض الداخلي من أجل التمويل وحشد الموارد اللازمة من خلال ترشيد الإنفاق العام ومن خلال استرداد المتأخرات الضريبية ومن خلال فرض الضرائب علي المكاسب الرأسمالية المتحققة من التعامل في العقارات ووجود خطة حقيقية للحكومة وأجهزتها للنمو بالإضافة إلي تفعيل نظام الشباك الواحد وتيسير التمويل المصرفي للمشروعات. وحذرت من أن تطغي فكرة الأزمة علي المطلب الرئيسي ألا وهو أن الأزمة كانت عنصراً كاشفاً لمشكلات أخطر في سوق المال. ويري خبراء الاقتصادأن الحل في إجراء تغييرات مؤسسية بعيدة المدي في البنية الاقتصادية والسياسة تشمل زيادة كفاءة سوق العمل في سياق تدعيم تنافسية الأسواق عامة وضبط نشاطها، في إطار من سيادة القانون التامة واستقلال للقضاء غير منقوص، وإصلاح الخدمة الحكومية، وإقامة نظم فعالة للأمان الاجتماعي، وإصلاح نظم الحكم لتصبح معبرة عن الناس بشفافية ومسؤولة أمامهم بفعالية، ولتمكن من تقوية مؤسسات المجتمع المدني الجماهيرية و أن الحل الجذري لقضية البطالة يتطلب إعادة هيكلة الاقتصاد علي قاعدة التملك الجماعي لوسائل الإنتاج و تلبية الحاجيات الأساسية لكل المواطنين خارج نطاق الربح الرأسمالي، أي بناء مجتمع آخر لا يكون فيه نجاح الأقلية في العيش المترف علي حساب عجز الأغلبية في الوصول إلي الحد الأدني من العيش الكريم.