أوضح موقع «هافنجتون بوست» الأمريكي أن مصر تعيش الآن حالة صناعة ثورة يصنعها الشباب المصري العاطل والعاجز عن الزواج الذي يمثل قنبلة موقوتة جاهزة للانفجار في أي وقت، فالشباب الذي يعاني من الإحباط نتيجة للقمع السياسي، وانحصار الحياة السياسية المصرية في حزب واحد، وهو الأمر الذي أدي إلي حدوث فراغ سياسي حقيقي في مصر، وأصبح المواطن العادي يشعر أن صوته ضائع بين الديكتاتورية العسكرية التي يمثلها نظام الرئيس مبارك والأصوليون الذين يعملون من تحت الأرض، ويميل إليهم بعض المصريين تحت شعار «الإسلام هو الحل». وأشار الموقع الأمريكي إلي أنه في ظل استمرار ارتفاع مستوي البطالة، يسعي الكثير من الشباب العرب المتعلمين للبحث عن فرص عمل خارج بلادهم في محاولة للهروب من العمل في وظائف خارج تخصصهم وعدم كفاية البنية التحتية العلمية والتكنولوجية وفرص العمل ذات الدخل المنخفض لذوي المهارات العالية وعدم الاستقرار السياسي أو القمع السياسي في بلادهم، حيث يحاولون البحث عن فرص عمل في الأعمال الحرة مع الحد الأدني من القيود البيروقراطية. وأضاف الموقع في التقرير الذي نشره تحت عنوان «صناعة ثورة» أنه أصبح من الشائع هذه الأيام أن نقرأ عن غرق قوارب محملة بالعشرات من الشباب المصريين أثناء توجهها إلي جنوب أوروبا، مشيرا إلي أن البطالة تسببت كذلك في انتشار أشكال مختلفة من العنف السلبي والإيجابي وقلصت من مساحات الحوار وبناء توافق في الآراء. ورأي الموقع الأمريكي أن ما وصفه «بالجيل الغاضب» أصبح قنبلة موقوتة في مصر، فهذا الجيل الذي يمثل نسبة كبيرة من الشباب يعاني من مشكلات خطيرة علي رأسها البطالة والعنوسة وهو يشكل شريحة واسعة من السكان. وأوضح التقرير أن تطبيق سياسة الانفتاح في عهد الرئيس الراحل أنور السادات في أواخر السبعينيات وضع المجتمع المصري في أزمة لم يسبق لها مثيل فيما يتعلق بقطاع الإسكان، فالشباب المصري الذي يسعي لمجرد الزواج وتكوين الأسرة لم يعد قادرا علي إيجاد شقة للزواج، بل إن لافتة «شقة للإيجار» قد اختفت بكل بساطة من المجتمع المصري وأصبحت شيئا من الماضي، وأضاف التقرير أنه علي الرغم من النهضة العمرانية في القطاع العقاري منذ الطفرة النفطية في السبعينيات نتيجة لعوائد المصريين العاملين في دول الخليج، إلا أن أسعار الشقق ما زالت فوق طاقة معظم المواطنين. وتابع الموقع الأمريكي الأشهر أن هناك شعوراً بالإحباط واليأس والقمع لا يقتصر علي الشباب فقط، وإنما يمتد إلي كبار السن أيضا الذين أصبحوا يكافحون من أجل تغطية نفقاتهم، موضحا أن هذه المشاعر السلبية قد ألقت بظلالها علي المجتمع المصري من حيث ارتفاع معدل استخدام المخدرات والكحول وانتشار حالات الطلاق والعنف المنزلي وحوادث الطرق وجرائم الجنس والبغاء والاتجار بالبشر والفساد، كما ربط علماء الاجتماع المصري هذه الموجات من السلوك غير المألوف بالقمع السياسي. وأبرز التقرير أنه علي الرغم من أن مصر لديها عدد من الأحزاب المعارضة وحزب حاكم واحد، فمعظم المسئولين الذين يعملون في الحكومة من داخل حزب الرئيس، بينما يقتصر دور أحزاب المعارضة علي الاقتتال مع بعضها البعض ومواجهة التكتيكات القمعية للحكومة، كما تملك الحكومة وسائل الإعلام الرسمية، مما أدي إلي حدوث فراغ سياسي حقيقي في مصر.