سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
إعلام الصوت الواحد!.. خليل: أداء إعلام «الإخوان» يتطابق مع «الوطنى» ولن يخدعوا مصر أكثر من 30 أسبوعاً.. مدير تحرير «الحرية والعدالة»: المقارنة ظالمة.. وحاكمونا مهنياً وليس سياسياً
تلعب وسائل الإعلام دورًا محوريًا فى مساندة القوى المسيطرة على الساحة السياسية أو الهجوم عليها، وينجح كل حزب من خلال أدواته الإعلامية فى التواصل مع قطاع عريض من الجماهير، والدفاع عن المواقف التى يتخذها والرؤى التى يتبناها، كما يستخدمها البعض للهجوم على المعسكرات الأخرى المعارضة له. وسبق أن وظف الحزب الوطنى المنحل وسائل الإعلام الحكومية المقروءة والمكتوبة والمسموعة لخدمة مشروعه السياسى، فكانت تسبّح بحمده ليل نهار، تدعم قراراته بمعلومات ولو مغلوطة، وتهاجم وتشوه كل مُعارضٍ يخالف النظام أو يتجاوز الحد الذى خصصه النظام لنقده. وتخوض جماعة الإخوان المسلمين، الوريث الحالى للسلطة، تحديا واضحة معالمه بعدما تمكنت عبر ذراعها السياسية - حزب الحرية والعدالة - من إنشاء جريدة رسمية يومية تنطق باسمه، إضافة إلى قناة فضائية تتبع الجماعة وصفحة رسمية للحزب على موقعى التواصل الاجتماعى «فيس بوك وتويتر» وصفحات إخبارية أخرى تبدو مستقلة، لكن يديرها شباب من الجماعة. التحدى الذى يواجهه الإخوان، هو ألا تؤدى آلاتهم الإعلامية نفس الدور السلبى الذى كانت تؤديه الوسائل التابعة للنظام السابق، وهو تحد مهنى وأخلاقى فى المقام الأول، طالما رفعت الجماعة شعار «الله غايتنا والرسول قدوتنا» وأكد الحزب أنه «يحمل الخير لمصر»، وتحديا سياسيا فى الوقت ذاته طالما أبى الإخوان إلا أن يتصدروا المشهد الحالى ويستحوذوا على أغلب تفاصيله. وسائل الإعلام الإخوانية لم تنجح، حتى الآن، فى هذا التحدى، كما يؤكد الدكتور محمود خليل، أستاذ الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، الذى ذهب أبعد من ذلك قائلاً: «ما تقوم به وسائل الإعلام التابعة للجماعة لا يتشابه فقط مع إعلام مبارك، بل يتطابق معه بصورة كلية». وحدد خليل، الذى قال إن الإخوان تمتلك وسائل دعاية وليست وسائل إعلام، ثلاث مهام رئيسة يؤديها الإعلام الإخوانى، قال إنها هى نفسها المهام التى كان يؤديها إعلام مبارك، أولها الدعاية للتنظيم الذى ينتمى إليه، وثانيها التعبئة والحشد للسياسات التى ينتهجها التنظيم، أمّا المهمة الثالثة فهى تبرير القرارات التى تصدر عن الحزب أو الجماعة أيا كانت. وفسر خليل تلك المهام باستفاضة بقوله: «إذا نظرنا إلى أداء قناة «مصر 25» التابعة للإخوان منذ إعلان الجماعة ترشيح الشاطر فى الانتخابات الرئاسية فسنجد أنها تؤدى الدور نفسه الذى كانت تقدمه القناة الأولى المحلية قبل انتخابات الرئاسة أيام المخلوع فى 2005 من حيثُ حرق المرشحين الآخرين بالتأكيد على أن مرشحها هو سوبر مان القادر على حل كل المشاكل فى لحظات» وأضاف: «كما أن هذه القناة تكرر بعض سياسات إعلام مبارك بصورة حرفية، فتجدها مثلاً لا تستضيف كبار قادة الجماعة مثل المرشد العام أو غيره، وهو ما كانت تقوم به القنوات المحلية التى كانت تحرص على عدم استضافة مبارك أو كبار حاشيته كى لا تتهم بمجاملتهم أو التحيز لهم» متابعًا: «إعلام الإخوان هو إعلام الحزب الوطنى ولكن بلحية». وقال أستاذ الصحافة والإعلام إن الأزمة الرئيسة تتمثل فى فهم القيادة السياسية لطبيعة الدور الذى تلعبه وسائل الإعلام، وقيادات الإخوان، على حد قوله، نظرتها للإعلام تطابق نظرة نظام مبارك، مدللاً على ذلك بردة فعل محمد بديع، مرشد الجماعة، على الصحف والقنوات الفضائية التى تهاجم الإخوان وحزب الحرية والعدالة حين شبههم ب«سحرة فرعون»، وعلّق مفسرًا: «هذا تجسيد حى للفهم العسكرى لطبيعة الدور الذى تؤديه وسائل الإعلام، وهو الفهم الذى تبناه النظام السياسى منذ عام 1952 وحتى سقوط مبارك، ثم ورثه الإخوان، لذلك تضيق قيادات الجماعة بمنتقديها لأنها تؤمن فقط بالصوت الأحادى، وتستعمل مجموعة من الإعلاميين ذوى التوجهات المعروفة لإيصال رسالتها وانتقاد مخالفيها». وأبدى خليل أسفه لما وصفه ب«غياب كل القواعد المهنية عن الإعلام الإخوانى» لكنه استدرك مشيرًا إلى أن «هذا الأداء لن ينجح فى خداع الشعب المصرى»، وقال: «إذا كان نظام مبارك نجح إعلامه فى خداع الشعب ثلاثين عامًا، فإن إعلام الجماعة لن ينجح فى خداع المصريين أكثر من 30 أسبوعًا إن لم يكن 30 يومًا». وأوضح خليل أن «الإعلام لن يحقق أهدافه، ولن يؤدى دوره المطلوب إلا حين يستقل تمامًا»، مفسرًا: «هناك فارق بين الملكية والإدارة، فوسيلة الإعلام التابعة لجهة معينة يجب ألا تكون خاضعة لها إداريًا، وإذا تحققت الاستقلالية للإعلام ولم يتبع سلطة سياسية أو مالية، فوقتها فقط سيؤدى دوره على الوجه المطلوب» واختتم حديثه مؤكدًا أن ما يُعرف ب«الصحافة الحزبية بشكلها الموجود فى مصر قد اندثر من دول عديدة ولم يعد له وجود بها». المقارنة بين «الإخوان» و«الوطنى» من حيث أداء المنظومة الإعلامية رفضه محمد مصطفى، مدير تحرير جريدة الحرية والعدالة، الذى قال: «الحزب الفاسد المنحل كان يستخدم صحف الدولة وإمكاناتها لتنفيذ مشروعه، لكن «الإخوان» لا تلجأ إلى ذلك، لأن كل الأدوات الإعلامية الإخوانية مملوكة للجماعة، وهذا فارق جوهرى» مضيفًا: «الحزب الوطنى بإجماع المصريين أفسد كل شىء ودمر الحياة اقتصاديًا واجتماعيًا وسياسيًا، أما الإخوان، فرغم اختلاف البعض معهم، فإنهم فصيل وطنى». وعلّق مصطفى أيضًا على المقارنة مبديًا تعجبه من سعى بعض القوى السياسية إلى البحث عن عدو جديد تسقطه بعدما أسقطت نظام مبارك، مضيفًا: «الرغبة فى النضال تتملك البعض وتدفعهم للبحث عن هدف جديد لنضالهم بدلاً من البحث عن نقاط تلاقٍ مع القوى الوطنية الأخرى». ورد مدير تحرير «الحرية والعدالة» على ما قاله خليل: «هناك فارق بين أن يتحدث خبير إعلامى فيعبر عن رأيه الشخصى، وبين أن يتحدث بناءً على قناعاته الشخصية أو موقفه السياسى»، مضيفًا: «الدعاية جزء أصيل من أهداف المؤسسات الإعلامية، وبديهى أن جريدة مملوكة لحزب سوف تقوم بالترويج لأفكاره، والحالة الوحيدة التى توجه لنا فيها الاتهامات إذا لجأنا للدعاية السوداء أو الكاذبة وهذا لم يحدث على الإطلاق» وتابع: «الأزمة أن هناك من يريد أن تتحدث جريدة الحرية والعدالة وقناة مصر 25 بلسان فصيل معين أو تعبر عن اتجاه ما». ودلل مصطفى على أن التحليل المنطقى لأداء وسائل الإعلام الإخوانية سيظهر نتائج مغايرة لما يردده البعض من أنها تسير على خطا الوطنى أو تشابهها فى الأداء، مفسرًا: «لماذا لم يتحدث أحد عن أن «الحرية والعدالة» تسمح لكتاب من ذوى التوجهات المخالفة للإخوان بالتحدث كما يشاؤون على صفحاتها، وحدث ذلك حين أعلنت الكاتبة داليا يوسف فى مقال لها بالجريدة أنها سوف تدعم قائمة «الثورة مستمرة» فى الانتخابات البرلمانية» وتابع: «أظن أن الصحف الحزبية الأخرى لم تفعل ذلك، فلم نر، على سبيل المثال، كاتبًا فى صحيفة الوفد يقول إنه سيمنح الإخوان صوته فى الانتخابات البرلمانية». وعقّب الإعلامى الإخوانى على الاتهامات التى وجهت لجريدة الحرية والعدالة خلال شهر يناير الماضى وتحديدًا قُبيل الذكرى السنوية الأولى للثورة التى شهدت شن الجريدة حربا ضارية على من وصفتهم بمثيرى الفتنة قائلًا: «أعترف، من باب نقد الذات، أن انتقادنا للفعاليات التى أعلنتها بعض القوى الثورية كان حادًا، وأننا رفعنا سقف هذه الانتقادات بدرجة كبيرة.. لقد أعطينا هذه التيارات حجمًا أكبر من حجمها، وكل ما قمنا به كان من باب الحرص على مصلحة الوطن وليس تشويه تلك القوى أو الانتقاص منها، ولو عاد بنا الزمن للوراء لاختلفت معالجتنا الإعلامية لهذا الحدث». وفسر مصطفى تلك المعالجة بقوله: «الجريدة والقناة الفضائية فى شهورهما الأولى، لذلك لا يجب أن تسن لهما السكاكين، أقول للمحتدين فى النقد: هونوا على أنفسكم قليلاً، فما زالت تجربتنا وليدة». وقارن مصطفى بين مساحات إبراز الأخبار على الصفحات الأولى لبعض الصحف، للتدليل على أن كلا منهم يخدم توجه أصحاب الجريدة وملاكها، قائلاً: «يوم 23 يناير الماضى، ومع أولى جلسات البرلمان وجدنا صحيفة المصرى اليوم تغض الطرف تمامًا فى صفحتها الأولى عن ذكر مجلس الشعب، رغم أهمية الحدث، ثم جاءت فى اليوم التالى وبعد انتخاب الدكتور سعد الكتاتنى رئيسًا للبرلمان كان عنوانها فى الصفحة الأولى «خلافات بين النواب فى أولى جلسات مجلس الشعب» وصاحب العنوان صورة كبيرة للنائب عصام سلطان يبدو فيها منفعلاً، وهذه المعالجة الصحفية تخدم التوجه العام للصحيفة، وهذا من حقها دون شك ولم يهاجمها أحد، لكننا فى «الحرية والعدالة» حين نهتم بأخبار البرلمان ونبرزها يقال لنا: إننا خونة ولم نهتم بحقوق الشهداء!». وشدد مدير تحرير جريدة الحزب الإخوانى على أن أحدًا من «الحرية والعدالة» لم يقم بتوجيه العاملين إلى معالجة الموضوعات بطريقة معينة، وأضاف: «لم تُرفع سماعة التليفون ولو لمرة واحدة لتوجيهنا إلى شىء». وتعجّب مصطفى مما يثار من أن الإخوان لا يستعينون إلا بكوادرهم الإعلامية فقط قائلاً: «%70 من العاملين بالجريدة ليسوا من الإخوان على الإطلاق» كما عقب على المطالب بإلغاء النمط الحالى من الصحف الحزبية، مشيرًا إلى أن ذلك سيفتح باب التدليس إذ «ستظهر صحف تدافع عن الأحزاب ولكن بأسماء مختلفة».