أعربت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان فى بيان لها، اليوم الخميس عن قلقها البالغ، بعد الإطلاع على مشروع قانون "تنظيم حق التظاهر وحق الاجتماع" والذى طرحته اللجنة التشريعية بمجلس الشعب، بما تضمنه من العديد من المواد القانونية التى تعصف بهذا الحق جملة وتفصيلاً، بما يعد نكوصا على ثورة الخامس والعشرين من يناير التى قامت فى الأساس لتحقيق الحرية الكاملة لكافة المواطنين وممارسة حقوقهم الخاصة بالرأى والتعبير والتجمع وبما يحقق الديمقراطية المنشودة ووضع أسس الحكم الرشيد للبلاد خلال الفترة المقبلة. وأشارت المنظمة إلى أن مشروع القانون المقدم انطلق من إلغاء القانون رقم 10 لسنة 1914، ذلك القانون الذى سن فى فترة لم يكن بها مجالس تشريعية، وعند عرض القانون على مجلس النواب فى 20 ديسمبر لعام 1927م، قدم اقتراحًا بتعديله لتقليص سلطات رجال الأمن، وإعطاء مزيد من الضمانات للأفراد فى مواجهة تعسف رجال السلطة التنفيذية، فى تضييق حرية الاجتماع والتظاهر السلمى، إلا أن هذا المشروع كان مصيره الفشل، وتم وأده بسبب حل البرلمان وتعطيل الدستور، وكذا القانون رقم 14 لسنة 1923 بالأحكام الخاصة بالاجتماعات العامة وبالمظاهرات فى الطرق العمومية، والذى صدر أيضا فى غيبة المجالس التشريعية المنتخبة، وأخيراً المرسوم بقانون رقم 34 لسنة 2011 وهى ذات القوانين التى طالما نادت القوى السياسية بإلغائها وسن قوانين جديدة تكفل هذا الحق، إلا أن بقراءة القانون فقد تضمن ذات الانتقادات التى تضمنتها القوانين السالفة الذكر رغم النص على إلغائها. وأوضح البيان أن هذا القانون يتضمن العديد من الانتقادات والتى تمثل قيداً صارخا على حرية الأفراد فى الاجتماع، ولعل فى مقدمتها المادة الثالثة والتى نصت على" يجب على من يريد تنظيم اجتماع عام أو تجمع سلمى- أن يخطر بذلك الجهة الإدارية المختصة، ويكون الإخطار قبل عقد الاجتماع بثلاثة أيام على الأقل- وتنقص هذه المدة إلى أربع وعشرين ساعة إذا كان الاجتماع انتخابيا، وكذا المادة الخامسة والتى تنص على أن يجوز لجهة الإدارة منع الاجتماع إذا رأوا أن من شأنه أن يترتب عليه اضطراب فى النظام أو الأمن العام بسبب الغاية منه أو بسبب ظروف الزمان والمكان، كما نصت المادة الثامنة على حق رجال الشرطة فى حضور الاجتماع لحفظ النظام والأمن ولمنع كل انتهاك لحرمة القانون، وأخيرا المادة العاشرة والتى لم تدع الناس أحراراً حتى بعد وفاتهم، فهو يأبى إلا أن تكون له سيطرة حتى على جنازة الأموات، وينص على أنه إذا نظم موكب بمناسبة تشييع جنازة بمنع الموكب فإن الإعلان الصادر من السلطة بمنع الموكب أو بتحديد خط سيره يبلغ إلى القائمين بشئون الجنازة من أسر المتوفى. ولاحظت المنظمة أن مشروع القانون المقترح قد تضمن ذات الانتقادات التى وجهت إلى مشروع قانون التجمهر رقم 10 لسنة 1914 بما يعصف بحق المواطنين فى التجمع السلمى، هذا الحق الذى لا يقوم بدونه نظام للحكم، لكون هذا الحق مستندا فى الأساس إلى الإرادة الشعبية، كما أن طرح مثل هذا المشروع يجب أن يأتى بعد مرحلة من النقاش والحوار المجتمعى حوله لخلق حالة إجماع حول المبادئ القانونية وليس الانفراد بوضعه. وهذا ما قامت به المنظمة حينما طرحت مشروعها للحق فى التجمع والتظاهر السلمى من خلال طرحه على لجنة من الخبراء ونشطاء المجتمع المدنى، ثم رفعته فى نهاية المطاف إلى لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشعب، وخاصة أن هذا الحق كفلته كافة المواثيق والمعاهدات الدولية، إذ نصت المادة (21) من العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الصادر عام 1966 على أنه "يكون الحق فى التجمع السلمى معترفا به، ولا يجوز أن يوضع من القيود على ممارسة هذا الحق إلا تلك التى تفرض طبقا للقانون وتشكل تدابير ضرورية فى مجتمع ديمقراطى، لصيانة الأمن القومى أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم". ونصت المادة 20 من الإعلان العالمى لحقوق الإنسان بأنه "لكل شخص الحق فى حرية الاشتراك فى الاجتماعات والجمعيات السلمية". وأكد أ.حافظ أبو سعدة رئيس المنظمة بضرورة الحاجة إلى إصدار قانون جديد ينظم عملية التظاهر دون تقييدها باعتبار ذلك أمرا لا محال منه، بما يمكن المواطنين من مباشرة حقوقهم العامة دون مصادرة لها، لحسبان أن هذا الحق سواء كان حقاً أصلياً أو حقاً تابعاً لحق التعبير يمثل نافذة للمواطنين للتعبير عن آرائهم وتوجهاتهم السياسية والاجتماعية، وحرية المواطنين فى عقد الاجتماعات وتسيير المواكب والتى تفقد قيمتها إذا جحدها المشرع حال تنظيمها لها بقيود تشريعية تمنع ممارستها، أو تدخلت الإدارة رافضة لها بمبرر تنال من حق المواطنين فى ممارستها، على وجه يخرج قراراتها عن نطاق المشروعية.