نقلا عن اليومى.. نورهان الشيخ: «الموضوعية» قبل «الأهواء الشخصية».. والنزاهة والخبرة والرؤية السياسية شروط أساسية صلاح عيسى: مصر دولة ديمقراطية ومستقلة ومدنية وعادلة.. 4 أسس فى الدستور الجديد يتواصل الجدل حول معايير اختيار أعضاء لجنة المائة المعنيين بصياغة الدستور المصرى الجديد، الذى يعبر عن مصر ما بعد ثورة 25 يناير، وتزداد الأحداث سخونة مع عدم القدرة على حسم طبيعة تمثيل أعضاء الجمعية التأسيسية لطوائف وفئات وأطياف المجتمع، واستمرار الخلاف حول تمثيل أعضاء البرلمان من عدمه أو نسبة تمثيلهم قياسا للوزن الحزبى. «اليوم السابع» استطلعت آراء سياسيين وإعلاميين وحقوقيين وفقهاء دستوريين، رغبة فى الوقوف على كل ما يدور فى أذهان هؤلاء حول معايير اختيار هذه اللجنة، وحول ما يجب أن يتضمنه الدستور الجديد وما يجب ألا يتضمنه حتى يكون ممثلا تمثيلا أمينا لتطلعات الشعب المصرى. الإعلاميون يتحفظون كارم محمود، سكرتير عام نقابة الصحفيين، رفض أن يتولى البرلمان مسؤولية اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية لوضع الدستور، حتى لا يكون لتيار معين الأغلبية فى اختيار الأعضاء من خارج البرلمان، كما يعنى ذلك أن اختيار أعضاء البرلمان لشخصيات من خارج المجلس سيكون بناء على توجهات معينة توافق توجهات التيار ذى الأغلبية فى البرلمان. ويرى «كارم» أن تمثيل أعضاء البرلمان فى الجمعية التأسيسية لوضع الدستور لابد أن تتراوح نسبته بين 25% إلى 30% بحد أقصى، شريطة أن تكون هناك موازنة بين الكتل السياسية وفقا لتمثيل كل تيار فى البرلمان. وأكد «كارم» على أن يكون كل أعضاء الجمعية التأسيسية من خارج البرلمان لضمان تمثيل جميع فئات الشعب، من مؤسسات دينية وأحزاب ونقابات ومنظمات مجتمع مدنى ورجال أعمال، بشرط أن يتم اختيار الأعضاء وفق معايير موضوعية وشفافية تراعى التمثيل الحقيقى لكل فئات وطوائف المجتمع، مؤكدا على أن النزاهة شرط أساسى، فضلا على ألا يكون له أى علاقة بالنظام السابق، مفضلا أن يتم انتخاب تلك الشخصيات من النقابات أو التنظيمات المهنية أو حتى المجتمعية. «كارم» أكد أيضا على ضرورة مراجعة دساتير الدول الأخرى، وأيضا الدساتير المصرية السابقة، وبالأخص دستور 1954 الذى ساهم فى وضعه عدد كبير من الشخصيات المشهود لها بالكفاءة، وعلى رأسهم القانونى الراحل عبدالرزاق السنهورى، مشيرا إلى ضرورة أن يتضمن الدستور الجديد حق المواطنة لكل المصريين على السواء، بغض النظر عن المذاهب والطائفية، أو التمييز باللون أو العرق أو الجنس، وأيضا ضمان حرية الرأى والتعبير بشكل مطلق إلا فيما يتعلق بالأديان، مقترحا عدم وجود قانون طوارئ إلا فى حالة الحرب، على ألا يتم فرض الطوارئ إلا بتشريع من البرلمان المنتخب فى الحالات القصوى، بالإضافة إلى حرية الصحافة. ورشح سكرتير عام نقابة الصحفيين شخصيات عامة لتكون من ضمن أعضاء الجمعية التأسيسية للدستور، ومنهم الدكتور محمد غنيم، والدكتور محمد البرادعى، والدكتور محمد أبوالغار، والمستشار طارق البشرى، والفقيه الدستورى إبراهيم درويش، مؤكدا فى الوقت نفسه على ضرورة الاستفادة من وثيقة الأزهر لأنها تحتوى على مواد رائعة تخص التوافق، وحرية التعبير والتظاهر، بالإضافة إلى أخذ بعض ما جاء فى وثيقة «السلمى». ومن جانبه دعا الكاتب الصحفى صلاح عيسى، الأمين العام المساعد للمجلس الأعلى للصحافة، أن تكون الجمعية التأسيسية لوضع الدستور من خارج البرلمان، على أن يكون للبرلمان حق أصيل لمراجعة أعضاء الجمعية، وفى حالة الإصرار على تمثيل نواب البرلمان فى الجمعية فلابد ألا تزيد نسبة تمثيلهم عن 20%، مرحبا فى الوقت نفسه بأن تكون كل القوى السياسية والتيارات المختلفة ممثلة، وأن يكون للاتجاهات ال4 فى السياسة المصرية، من التيار الاشتراكى والقومى والإسلامى والليبرالى، تمثيل يعبر عن كل فئات وطوائف المجتمع. ووضع «عيسى» 4 أسس لابد أن يتضمنها الدستور الجديد، وهى: مصر دولة ديمقراطية ودولة مستقلة ودولة مدنية، ودولة عادلة، أى أن مصر دولة أراضيها موحدة وتعمل لصالح شعبها، ولا يجوز التنازل عن حقوقها أو سيادتها على أرضها، والثانى أن مصر دولة ديمقراطية لها تعددية فكرية ودينية ومذهبية، ونظامها جمهورى برلمانى، متعدد الأحزاب لتداول السلطة، والثالث أن مصر دولة مدنية لا تنحاز حكومتها إلى تيار سياسى معين أو دين معين، والأخير أن الدولة المصرية تضمن الحد الأدنى للنفقات لضمان العدالة الاجتماعية. ورفض الأمين العام المساعد للمجلس الأعلى للصحافة ترشيح أى اسم، قائلا هناك أسماء كثيرة من الشخصيات التى سيتم ترشيحها لتكون من ضمن أعضاء الجمعية، ولكن الأصعب هو اختيارها. الحقوقيون: تمثيل البرلمان من جانبه، رفض جمال عيد، رئيس الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، استبعاد أعضاء البرلمان تماما من تشكيل اللجنة التأسيسية للدستور، كما رفض أن يتضمن تشكيل الجمعية 40% من أعضاء البرلمان، بينما وافق «عيد» على نسبة ال20%، على أن يتم اختيار باقى النسبة من خلال طلب يقدمه البرلمان والمجلس الاستشارى إلى كل الهيئات والمؤسسات لترشيح أفضل من لديها، مرشحا فى الوقت نفسه الكاتب الصحفى بلال فضل، والدكتور علاء الأسوانى، والدكتور حسام عيسى لعضوية «التأسيسية». وأضاف «عيد» أنه يجب ألا نبدأ من الصفر ونحن بصدد صياغة الدستور وتشكيل اللجنة التأسيسية، وهناك مقترحات يجب الاسترشاد بها، أبرزها وثيقة الأزهر، وهناك عدد من المعايير الثابتة يجب توافرها فى «التأسيسية»، أهمها التنوع والاختلاف حتى تكون الهيئة ممثلة لجميع تيارات وشرائح المجتمع، وألا يتم استثناء فئات الشباب والمرأة والأقباط والمبدعين، كما يجب الاستفادة من تجارب الدول الأخرى، وخاصة التى مرت بثورة ومرحلة انتقالية، وفى رأيه أقرب التجارب إلى مصر هى ماليزيا، مضيفا أن هناك مبادئ تعارفت عليها الإنسانية فى وضع الدساتير، كسيادة القانون والمساواة، وحرية الفكر والتعبير، وحرية تشكيل الأحزاب السياسية والجمعيات الأهلية، وأن يكون للدولة دور فى رعاية الفقراء، والفصل بين السلطات الثلاث. الدستوريون: شرط الخبرة واتفق عميد كلية الحقوق السابق الدكتور محمود السقا، وكيل اللجنة التشريعية بمجلس الشعب ورئيس الهيئة البرلمانية لحزب الوفد، مع «عيد» فى عدم استحواذ البرلمان على 40% من عضوية «التأسيسية»، لكنه يرى أن تأتى نسبة 30% من مجلس الشعب إلى جانب 10 أعضاء من «الشورى»، ورفض «السقا» أن يرشح أسماء بعينها، لكنه شدد على ضرورة أن تضم لجنة المائة عددا من شباب الثورة، على أن يكون لأعضاء اللجنة خبرة بالعمل العام أو النقابى أو الشعبى ومعرفة أولية بالدستور، وقال السقا: «هناك أسس عامة تلتقى فيها الدساتير، كالفصل بين السلطات، وتحديد اختصاصات رئيس الجمهورية، والمواطنة والمساواة، ويجب أن يحدد الدستور طبيعة نظام الدولة، وهل هو رئاسى أم برلمانى؟». وأضاف «السقا» أنه يجب الإبقاء على المادة الثانية من الدستور، مشيرا إلى أن حزبه «الوفد» يطرح ضرورة الإبقاء على نظام المجلسين «الشعب والشورى»، وأن يكون نظام الحكم شبه رئاسى كالنموذج الفرنسى، وتوسيع الحريات، وأوضح أن الدستور السابق وضع الضمانات وأضاف إليها نص «ضمان الحريات الأساسية وفقا للقانون» الأمر الذى تسبب فى الانتقاص من قيمة تلك المواد وتعطيلها عن طريق القانون، وصارت تعطى بيد وتأخذ باليد الأخرى. السياسيون: الاختيار شورى ورفضت الدكتورة نورهان الشيخ، أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن ينفرد البرلمان باختيار أعضاء الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور، مؤكدة على حق البرلمان فى اختيار نسبة معينة من الأعضاء، وهى نسبة 50% فقط، وأن يترك للمؤسسات الأخرى اختيار باقى هذه النسبة. وأضافت «نورهان» أن الجمعية التأسيسية يجب ألا يزيد عدد أعضائها من البرلمان عن نسبة تتراوح بين 5% و 15% فقط، قائلة «ما يتردد عن نسبة 60% من أعضاء الجمعية من البرلمان هى نسبة مبالغ فيها بقدر كبير جدا»، موضحة أنه مع وجود الصبغة الإسلامية بالبرلمان، والواضحة بصورة كبيرة بين أعضائه هناك تخوف من أن تأتى الجمعية التأسيسية لتحمل نفس الصبغة الإسلامية، وبأعضاء ينتمون إلى تيارات سياسية ذات مرجعية دينية، مما سيؤثر على وضع الدستور الذى سيأتى بالتالى بصبغة إسلامية، وبتوجه دينى واضح، مشيرة إلى أن الضمان لمصر هو أن تظل دولة مدنية تحترم الأديان والحريات، كما كانت على مدى عقودها الماضية. ووضعت الدكتورة نورهان مجموعة من المعايير لابد من توافرها فى أعضاء الجمعية التأسيسية، من أهمها أن يكن الاختيار وفق معايير موضوعية وليست شخصية، وأن يكون لهؤلاء الأشخاص خبرة قانونية واسعة، وإلمام بكل الدساتير المصرية السابقة وبدساتير الدول الأخرى، وأن يكون لهم خبرة وخلفية سياسية واسعة بشؤون الوطن، بالإضافة إلى رؤية لمستقبل مصر وسياساتها الداخلية والخارجية. وحول المبادئ العامة التى لابد من توافرها عند وضع الدستور، أكد عبدالغفار شكر، وكيل مؤسسى حزب التحالف الاشتراكى، على ضرورة مراعاة مبادئ حقوق الإنسان، ومنها حرية التعبير والرأى والحق فى حياة كريمة وغيرها من الحريات التى اتفقت عليها مختلف دساتير العالم، والتأكيد على مبدأ أن إرادة الشعب أساس الحكم وأن سيادة القانون هى الأساس فى إدارة العلاقات بين الناس. وأكد نبيل زكى، عضو المجلس الرئاسى لحزب التجمع، أن الجمعية التأسيسية للدستور أعلى من المجلس التشريعى، وبذلك لا يصح أن يضع المجلس التشريعى سلطاتها واختصاصاتها، لأن هذا يتعارض مع المنطق والعقل والقانون، لأنه لا يصح أن يكون الخصم حكما فى نفس الوقت، مشددا على أن الدستور لا علاقة له بالوزن السياسى. أما حسين عبدالرازق، عضو المكتب السياسى لحزب التجمع، فأكد أن حزبه وضع عددا من المعايير لاختيار الجمعية التأسيسية، مشيرا إلى أهمية تكوين «تأسيسية الدستور» من أربعة فقهاء دستوريين وواحد من كل من كليات الحقوق بجامعات القاهرة والإسكندرية وعين شمس وأسيوط، كما يجب تمثيل الأحزاب السياسية الممثلة فى مجلس الشعب بعضو واحد لكل حزب (20 حزبا) سواء من داخل مجلس الشعب أو خارجه، كما يختار اتحاد النقابات المهنية 10 من أعضائه، ويمثل العمال بعشرة ممثلين نصفهم يختارهم الاتحاد العام للعمال ونصفهم يختارهم اتحاد النقابات المستقلة، فضلا على تمثيل اتحادات ونقابات الفلاحين ب10 ممثلين، على أن يتم تمثيل الهيئات القضائية ب6 مندوبين (2 من نواب رئيس محكمة النقض تختارهما الجمعية العمومية لمستشارى محكمة النقض - 2 من رؤساء محاكم الاستئناف تختارهما الجمعية العمومية لمستشارى استئناف القاهرة - 2 من مستشارى محكمة القضاء الإدارى تختارهما الجمعية العمومية لمستشارى استئناف القاهرة - 2 من رؤساء محاكم الاستئناف تختارهما الجمعية العمومية) كما يجب تمثيل نقابة أصحاب المعاشات، واتحاد الصناعات، واتحاد الغرف التجارية، وأساتذة الجامعات، ومنظمات المجتمع المدنى ب5 مندوبين عن كل منها، مع تمثيل النساء بخمسة يختارهن «ائتلاف المنظمات غير الحكومية العاملة فى حقل الاتفاقية الدولية لإلغاء أشكال التمييز ضد المرأة، مع تمثيل الشباب بتسعة ممثلين، ستة يمثلون ائتلاف شباب الثورة واتحاد شباب الثورة، وثلاثة من الاتحادات الطلابية. وأشار «عبدالرازق» إلى أن المجلس العسكرى يتخذ مسارا مختلفا عن أى فكر ديمقراطى فى العالم، خاصة فيما يتعلق بقضيتى الدستور وانتخابات الرئاسة، مضيفا أن هناك عددا من القوى والأحزاب السياسية قدمت نماذج ومحاولات لإنقاذ ما يمكن إنقاذه فى الوقت الحالى، لافتا إلى أن هناك أهمية كبرى للاطلاع على نماذج دستورية مختلفة من دساتير الدول الأخرى، وكذلك مراجعة دساتيرنا السابقة، بالإضافة إلى مناقشة وثيقتى الأزهر وعلى السلمى وغيرها من المقترحات، حتى يتسنى لنا تشكيل دستور عادل يضمن للمصريين كل حقوقهم خلال السنوات القادمة، مشددا على أن المادة الثانية من الدستور من أهم المواد التى يجب تعديلها فى دستور 71، خاصة أنها تميز المسلمين عن غيرهم من مواطنى الدولة. ورشح الدكتور أمير بسام، عضو الهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة، طارق البشرى لعضوية «التأسيسية»، ويرى أن يختار مجلس الشعب والشورى 50% من أعضاء الجمعية، وأن يتم اختيار 50% من خارج البرلمان من كل الطوائف والفئات، وقال «بسام» إنه يجب أن يكون لدى عضو «التأسيسية» من الخبرة ما يؤهله للمشاركة فى صياغة الدستور المصرى، وأن تكون لديه كفاءة عالية ليمثل الشعب، وأضاف: «من يمثل فئة أو طائفة يجب أن يكون لديه القدرة على تمثيلهم، ولا توجد مشكلة فى الاستعانة بدساتير أخرى من الدول، فقد تكون هناك مواد لا نطبقها هنا وغيرنا يطبقها، وهى فى صالح الشعب».