التسعيرة الجديدة ل الفراخ البيضاء اليوم.. مفاجأة للمستهلك    بعد قفزة عيار 21.. كم سجلت أسعار الذهب اليوم الأربعاء 17-9-2025 صباحًا؟    اللجنة القانونية العليا في السويداء ترفض خارطة طريق الحكومة    مباحثات سعودية أمريكية للمحافظة على الأمن والسلم الدوليين    اليابان لا تنوي الاعتراف بدولة فلسطين حاليًا لهذا السبب    رقم ضخم، كم يدفع مانشستر يونايتد حال إقالة أموريم؟    القنوات الناقلة مباشر لمباراة ليفربول ضد أتلتيكو في دوري أبطال أوروبا والمعلق    مواعيد مباريات اليوم الأربعاء 17-9-2025 والقنوات الناقلة    أسامة ربيع ينعى اللواء خالد العزازي: شخصية فريدة وصاحب مسيرة مشرفة عظيمة الأثر    عودة الحركة المرورية لطبيعتها على الطريق الزراعي بعد رفع «تريلا» بالقليوبية    نصائح لخفض الكوليسترول المرتفع بطرق طبيعية    إيران: أمريكا لا تملك أي أهلية للتعليق على المفاهيم السامية لحقوق الإنسان    20 نوفمبر أولى جلسات محاكمته.. تطورات جديدة في قضية اللاعب أحمد عبدالقادر ميدو    تعليم القاهرة تعلن مواعيد العام الدراسي الجديد 2025-2026 من رياض الأطفال حتى الثانوي    السعودية ترحب بخارطة الطريق لحل أزمة محافظة السويداء السورية وتشيد بالجهود الأردنية والأمريكية    جوتيريش: ما يحدث في غزة مدمّر ومروع ولا يمكن التساهل معه    3 شهداء في قصف إسرائيلي على منزل وسط قطاع غزة    منال الصيفي تحيي الذكرى الثانية لوفاة زوجها أشرف مصيلحي بكلمات مؤثرة (صور)    جوتيريش: لا مؤشرات على نهاية قريبة لحرب أوكرانيا رغم لقاء ترامب وبوتين    الصورة الأولى للشاب ضحية صديقه حرقا بالشرقية    السيطرة على حريق هائل نشب بمطعم الشيف حسن بمدينة أبوحمص بالبحيرة    مصرع شاب وإصابة اثنين آخرين في حادث تصادم موتوسيكل وسيارة نقل بمركز بدر بالبحيرة    محافظ جنوب سيناء يشيد بإطلاق مبادرة «صحح مفاهيمك»    أسعار الخضار في أسوان اليوم الأربعاء 17 سبتمبر    رئيس جامعة المنيا يشارك في اجتماع «الجامعات الأهلية» لبحث استعدادات الدراسة    د.حماد عبدالله يكتب: البيض الممشش يتلم على بعضه !!    أسعار اللحوم الجملي والضاني اليوم الاربعاء 17-9-2025 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاربعاء 17-9-2025 في محافظة قنا    خبير أمن معلومات: تركيب الصور بالذكاء الاصطناعي يهدد ملايين المستخدمين    التعليم تكشف حقيقة إجبار الطلاب على «البكالوريا» بديل الثانوية العامة 2025    أمين عمر حكما لمواجهة الإسماعيلي والزمالك    بالصور- مشاجرة وكلام جارح بين شباب وفتيات برنامج قسمة ونصيب    "يانجو بلاي" تكشف موعد عرض فيلم "السيستم".. صورة    سارة سلامة بفستان قصير وهيدي كرم جريئة .. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    «دروس نبوية في عصر التحديات».. ندوة لمجلة الأزهر بدار الكتب    بهدف ذاتي.. توتنام يفتتح مشواره في دوري الأبطال بالفوز على فياريال    حرق من الدرجة الثانية.. إصابة شاب بصعق كهربائي في أبو صوير بالإسماعيلية    توقعات الأبراج حظك اليوم الأربعاء 17 سبتمبر 2025.. الأسد: كلمة منك قد تغير كل شيء    بسبب زيزو وإمام عاشور.. ميدو يفتح النار على طبيب الأهلي.. وينتقد تصريحات النحاس    اليوم، الفيدرالي الأمريكي يحسم مصير أسعار الفائدة في سادس اجتماعات 2025    مروان خوري وآدم ومحمد فضل شاكر في حفل واحد بجدة، غدا    تدريبات فنية خاصة بمران الزمالك في إطار الاستعداد لمباراة الإسماعيلي    بعد تضخم ثروته بالبنوك، قرار جديد ضد "مستريح البيض والمزارع"    انخفاض بدرجات الحرارة، الأرصاد تعلن طقس اليوم    4 أيام عطلة في سبتمبر.. موعد الإجازة الرسمية المقبلة للقطاع العام والخاص (تفاصيل)    سعر السمك البلطي والسردين والجمبري في الأسواق اليوم الأربعاء 17 سبتمبر 2025    مي عز الدين تهنئ محمد إمام بعيد ميلاده: «خفة دم الكون»    قبول الآخر.. معركة الإنسان التي لم ينتصر فيها بعد!    يوفنتوس ينتزع تعادلًا دراماتيكيًا من دورتموند في ليلة الأهداف الثمانية بدوري الأبطال    داليا عبد الرحيم تكتب: ثلاث ساعات في حضرة رئيس الوزراء    أوقاف الفيوم تنظّم ندوات حول منهج النبي صلى الله عليه وسلم في إعانة الضعفاء.. صور    على باب الوزير    قافلة طبية مجانية بقرية الروضة بالفيوم تكشف على 300 طفل وتُجري37 عملية    حتى لا تعتمد على الأدوية.. أطعمة فعالة لعلاج التهاب المرارة    يؤثر على النمو والسر في النظام الغذائي.. أسباب ارتفاع ضغط الدم عن الأطفال    ليست كلها سيئة.. تفاعلات تحدث للجسم عند شرب الشاي بعد تناول الطعام    فيديو - أمين الفتوى يوضح حالات سجود السهو ومتى تجب إعادة الصلاة    أمين الفتوى يوضح الجدل القائم حول حكم طهارة الكلاب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من كوريا الجنوبية: كنت أول امرأة عربية تبيت فى معبد بوذى
نشر في اليوم السابع يوم 03 - 01 - 2009

◄رأيت شعبا لا يعرف البدانة والسبب أنواع الأطعمة التى يتناولها
◄رغم تقدمهم المذهل حافظوا على ثقافتهم وتقاليدهم وابتعدوا عن الثقافة الغربية
هل استمعت إلى الغناء الكورى أو الفيتنامى من قبل؟ وهل رأيت أحداً من منغوليا أو بوتان أو كمبوديا يشدو بأغنيات بلغة بلده؟ ... ولأن الإجابة فى الأغلب هى لا، فدعنى أخبرك بأنى حظيت بالإنصات إلى إيقاعات موسيقية تمثل أكثر من 18 دولة شرق آسيوية فى ليلة واحدة ... صحيح أنى لم أفهم كلمة مما ترنم بها هذا الصحفى أو ذاك؟ .. إلا أنى، لا أخفى عليك، قد استمتعت كثيراً بما أسمع وانفعلت طويلا بتلك الإيقاعات .. أما كيف تم ذلك وأين، فتعال أقص عليك نبأ هذه الليلة الفريدة ضمن ما تيسر لى من رحلتى إلى كوريا الجنوبية.
جئت إلى سيول – العاصمة الكورية – بدعوة من جمعية الصحفيين الآسيويين ( AJA) ذلك الكيان الذى تشكل فى القارة الآسيوية عام 2003 ، وتبلور بشكل رسمى عام 2005، ويرأس مجلس إدارتها سنج كى لى، بينما يتولى روى أوه منصب سكرتير عام الجمعية، والذى تواصل معنا عبر الإميل فى التفاصيل الخاصة بالرحلة والبرنامج حتى وصلنا إلى كوريا.
وجمعية الصحفيين الآسيويين (AJA) هى جمعية للصحفيين فى شرق آسيا، وهى مستقلة ومحايدة لا تستند إلى فكر محدد أو عقيدة معينة ولا تسعى للربح، وأما شعارها فهو "للحقيقة خط واحد يؤكده العرق والدم"، وقد نجحت هذه الجمعية فى تبنى ودفع الاهتمام بكثير من القضايا التى تهم أى بلد من بلدان العالم، مثل حرية الصحافة فى شرق آسيا وسيادة الديمقراطية والسلام العالمى.
ولأن قضايا البيئة والتغيرات المناخية من القضايا التى شكلت اهتماماً عالياً لدى كثير من الدول فى شرق آسيا، لما تعرضت له هذه المنطقة من كوارث طبيعية أدت إلى وفاة الآلاف من الأشخاص ودمار مئات المنازل وندرة الأمطار فى بعض المناطق وغيرها من الكوراث الإنسانية .
وفى إطار اهتمام الجمعية برفع كفاءة الصحفيين المهنية ولفت انتباههم إلى القضايا الحقيقية التى تهدد مستقبل العالم، تم اختيار وتحديد موضوع الملتقى الثالث عن التغيرات المناخية والاحتباس الحرارى لما يمثله هذا الموضوع من إلحاح كبير على الساحة الدولية، وما يمكن أن تؤثر به البيئة ومشكلاتها على الوضع الاقتصادى والسياسى والاجتماعى لأى دولة.
وقد رحبت الجمعية فى هذه السنة بالصحفيين والباحثين العاملين فى هذا المجال من الدول المختلفة، بعد أن كان مقصوراً فى السنتين الماضيتين على الصحفيين من دول شرق آسيا فقط، وذلك رغبة فى إتاحة الفرصة لتبادل الخبرات، ومحاولة للتعرف أو وضع تصور ورؤية متكاملة للدور الذى يمكن أن يقوم به الإعلام والصحافة فى رفع الوعى لدى البشر للتعامل مع مشكلات البيئة، وقد كان لى شرف تلبية هذه الدعوة الكريمة، وتقديم تصور مقترح عن دور قطاعى التعليم والإعلام فى رفع الوعى البيئى لدى الأفراد فى المجتمعات، والتحدث عن بعض التجارب المصرية فى مجال البيئة والتى شاركت فى العمل بها فى مصر.
بداية الرحلة :
وصلنا إلى مطار أنشون الدولى الذى يبعد عن العاصمة سيئول نحو 90 كم، لم أستطع أن أخفى اندهاشى من ضخامة وفخامة المكان ... ركبنا قطاراً داخل المطار وانتقلنا من مكان إلى آخر ومن مبنى لآخر حتى وجدنا أنفسنا أخيراً خارج المطار، وبعد الانتظار لمدة لم تزد عن عشر دقائق جاء الأتوبيس المنتظر 6006، والذى يأتى كل 30 دقيقة بالثانية، ركبنا وبعد نحو ساعة ونصف وصلنا إلى فندق أوليمبك باركتل فى قلب مدينة الجمال سيئول.
كوريا الجنوبية فردوس آسيا :
يعود تاريخ سيئول إلى أكثر من 600 عام، وتتمتع بشهرة واسعة، حيث تعتبر المركز التعليمى والثقافى والسياسى والاقتصادى، وتمزج بين التقليدية والحداثة إذ تحتضن الكثير من القصور التاريخية القديمة جنباً إلى جنب مع الأبراج الشاهقة .
يبلغ عدد سكان كوريا نحو 47 مليون نسمة، وتتكون من 6 أقاليم أساسية وتضم 77 مدينة و88 مقاطعة، وتعتبر أكثر المناطق الجبلية فى العالم، حيث تغطى الجبال الخضراء 70% من مساحة الأراضى، وهى من أكثر المناطق الآسيوية إشراقاً بسبب مقوماتها الطبيعية التى قلما تجدها فى مكان، حيث الجزر الطبيعية والبحيرات والأنهار التى تحيط بها من كل مكان، مما يجعلها توفر للزوار عالماً فريداً من الخيال والاستمتاع والمرح.أضف إلى ذلك الجو المعتدل الذى تتمتع به كوريا أغلب فصول السنة، لذا فإن موسم السياحة مستمر طوال العام حتى أطلق عليها "كوريا الجنوبية – سياحة الفصول الربعة".
الشعب الكورى:
الاحترام والأدب الشديد من أهم صفات الشعب الكورى، حتى أنه لا يمكن لأى فرد يذكر اسم شخص أكبر منه سناً بشكل مجرد .. بل يجب أن تضاف إليه كلمة يونغ فى نهاية الاسم وتعنى الأخ الأكبر، أو نونا وتعنى الأخت الكبرى.
هو شعب مبتسم محب ومقبل على الحياة، يهتم بالجمال وكيفية تحويل كل ما حوله إلى أشكال وألوان بديعة تنبض بالرقة والعذوبة وتعلن عن رغبة فى الاستمتاع بكل شىء، ولا يقتصر ذلك فى القدرة المدهشة على تصفيف النباتات وتنسيق الزهور فى أشكال مبهرة تسحر الألباب فحسب، بل يتجلى بوضوح فى اختيارهم لألوان ملابسهم، والرسومات والألوان الجميلة للواجهات الخارجية للمحلات والبيوت.
الرشاقة والشعر الأسود الكثيف هى الصفة المشتركة بين الرجال والنساء الكوريين، فمن النادر أن تجد رجلاً أو امرأة بدينة أو يكسو شعرهما أى شعيرات بيضاء، فضلاً عن النشاط الدائم حيث يبدأ يوم العمل من الساعة الثامنة والنصف وحتى الساعة السادسة والنصف بعد الظهر، أى يستمر العمل لأكثر من 9 ساعات يومياً، ومع ذلك تجدهم يتحركون بهمة ونشاط. وقد يرجع ذلك إلى نوعية الطعام الذى يتناولونه والذى يعتمد غالبيته على أنواع متباينة من النباتات، وأنواع مختلفة وغريبة من الأسماك والأرز، ونادراً ما يستخدمون الزيت أو السمن!
كوريا صعبة المراس :
من الواضح أن الثقافة الكورية لم تتأثر بثقافات البلاد الأوربية أو الولايات المتحدة الأمريكية، حيث إن علاقة غالبية الشعب الكورى باللغة الإنجليزية ضعيفة أو منعدمة، فهناك صعوبة شديدة وشديدة جداً فى التفاهم مع الآخرين أو الاستفسار عن مكان تود الذهاب إليه، ولأن خطأ واحدا يعنى الذهاب إلى المجهول، لذا لابد من معرفة المناطق وأسماء الشوارع وأرقامها جيداً حتى لا تضيع وسط شوارع كوريا الفاتنة!
بين نهر الهان ومقابلة الدكتور هان :
ولأننا مازلنا بانتظار باقى الوفود من البلاد الأخرى ولأن المنتدى لم يبدأ بعد، لذا فقد قام العاملون على إتمام هذا المنتدى بتنظيم جولة سياحية فى قلب مدينة سيئول، بدأت بالسير على الأقدام بمحاذاة أحد فروع نهر الهان، والاستماع من مرشد الجولة إلى الأساطير والحكايات الكثيرة والغريبة التى تحكى قصة كفاح وانتصارات الشعب الكورى منذ أكثر من 600 سنة، وإذا لم تستطع أن تلاحق المرشد فى اللغة وتفهم بشكل كامل، فإنى أخبرك بأن الرسومات البديعة والموجودة على الجدار بطول النهر تقريباً كافية لأن تحكى وتفسر لك المعارك والحروب، كما تتجلى فيها بوضوح الدقة والحس الفنى والجمالى لدى هذا الشعب منذ قديم الأزل.
بعد ذلك انتقلنا إلى سوق إن – سا – دونج، والذى يشتهر ببيع المشغولات اليدوية، التحف التذكارية، الهدايا التقليدية الكورية، سرنا فى الشوارع القديمة واستمتعنا برؤية المحلات الجميلة، وبالرغم من بساطتها، إلا أنها تنبئ بحس جمالى رفيع المستوى، لا أخفى عليك المرارة التى شعرت بها عندما تذكرت سوق العتبة بمصر مع الفارق طبعاً!
كان من المفترض أن ننتقل بعد هذه الجولة لتناول العشاء على مركب جميل، لكن ما إن وصلنا وقابلنا الأستاذ مصطفى عبد الله وزوجته منة الله سامى من مصر، والأستاذ أشرف أبو اليزيد، حتى فوجئنا بدعوة من الدكتور هان رئيس المركز الكورى للثقافة العربية والإسلامية بمدينة أنشون للمشاركة فى الملتقى الأول للشعر الكورى المعاصر، وبالفعل بعد فترة قصيرة من الوقت وقبل بداية العشاء، حضر إلينا الدكتور تشوى سكرتير عام المركز، وأخذنا على الفور لحضور هذا الملتقى الذى سعدنا فيه بالتعرف على شاعرين من أهم شعراء كوريا الجنوبية هما: دونج -جين لى سفير كوريا السابق فى مملكة البحرين ومؤسس دار نشر صنى ورلد، والمستعرب يونج تاى لى نائب رئيس جامعة هانكوك للدراسات الأجنبية إحدى أكبر الجامعات الكورية، وعدد من المبدعين والإعلاميين من النقاد العرب والكوريين من بينهم الشاعرة والكاتبة الإيرانية بونية ندائى والدكتور يوسف عبد الفتاح أستاذ اللغويات بجامعة هانكوك، وناصر عراق مدير تحرير مجلة دبى الثقافية. وما أن اختتم ملتقى الشعر الكورى المعاصر حتى كان بانتظارنا فى اليوم التالى بداية المنتدى الثالث لجمعية الصحفيين الآسيويين.
منتدى البيئة والإعلام :
فى يوم الثلاثاء السابع من أكتوبر وفى الطابق الحادى والخمسين من برج التجارة العالمى الكائن فى قلب العاصمة سيئول، افتتح سنج كى لى رئيس جمعية الصحفيين الآسيويين جلسات المنتدى وسط اهتمام عالى على المستوى الإعلامى والدبلوماسى، حيث حضر المنتدى العديد من الشخصيات البارزة من كوريا ومن الدول الأخرى المشاركة، منها جو كن رئيس مركز التغيرات المناخية بكوريا، وتشارلز موريسون رئيس مركز شرق غرب، وجيم بواميلا رئيس الاتحاد العالمى للصحفيين(IFJ) .
وتناولت الجلسات موضوعات مهمة وذات علاقة بمشكلة تغيرات المناخ والاحتباس الحرارى وتأثيرها على المجتمعات، وخاصة فى الدول الآسيوية، وتقدم العديد من المشاركين ببعض التصورات والأفكار عن الدور الذى يمكن أن يلعبه الإعلام فى مثل هذه القضايا، فتقدم كل من برامودماثور(الهند)، ودونالد جاسبر (هونج كونج ) وأشرف أبو اليزيد سكرتير تحرير مجلة العربى الكويتية بعرض خطط عمل مختلفة وموسعة لكيفية تناول الإعلام لقضايا البيئة، بشكل يمكن أن يحدث رد فعل إيجابى لدى الأفراد فى المجتمعات، ومن ثم التعامل بوعى مع هذه المشكلات .
وكان لى شرف تقديم تصور عن دور الإعلام فى تنمية الوعى البيئى لدى الأفراد فى المجتمع وعرض بعض التجارب المصرية فى هذا المجال. كما قدمت سوزان ريتشارد رئيس منظمة الخطوة الأولى (كندا) تقريراً عن المشكلات البيئية فى كوريا الشمالية والأمراض الناتجة عن سوء التغذية التى يعانى منها أطفال هذه المنطقة .
وبعد عدد من الجلسات المتتالية والإرهاق الذى ما لبث أن ظهر على أغلب الحاضرين، كانت جلسة الختام، كما نقول فى مجتمعاتنا العربية، وختامه مسك، فقد أحسن العاملون على تنظيم هذا المؤتمر باختيار موعد عرض جون رى ذى السبعة والسبعين عاماً والشخصية الأكثر حضوراً وتفاعلاً فى هذا المنتدى، والذى قدم عرضاً أدهش الحاضرين وأمتعهم وأجبرهم على الانتباه، ويعرف جون رى فى كوريا الجنوبية بأبو التايكوندو الأمريكى وصديق محمد على كلاى، وعرض رى مفهوماً جديداً عن فن الحياة السعيدة، وأطلق عليه التروتوبيا أى اليوتويا التى يمكن أن نشيدها على أرض الواقع، وتعتمد نظريته على ثلاثة مفاهيم أساسية هى الحقيقة والجمال والحب.
انتهى هذا اليوم الحافل بحفل عشاء فاخر تحت عنوان (الحب والصداقة والسلام فى آسيا)، وتم افتتاح هذا العشاء ببعض العروض الموسيقية والراقصة لمجموعة من الشباب الكورى، واختتم بتكريم وتوزيع جوائز الجمعية للصحفيين المتميزين من دول شرق آسيا لعام 2008، والتى كانت من نصيب يانج منج سن من الصين، دامدنشين بولدخويانج من منغوليا وأخيراً براجيش بهليتا من الهند .
على الحدود بين الكوريتين :
فى اليوم التالى أعلنت الإذاعة والأخبار عن قيام العاملين بإحدى المحطات التلفزيونية بإضراب نتيجة لتعيين مدير جديد بالقناة، وقيام هذا الأخير بإنهاء عمل عدد من الصحفيين من القناة، فتحمس عدد من الصحفيين المشاركين فى المنتدى لزيارة المكان وإعلان تضامنهم معهم، وبالفعل انتقلنا إلى المحطة التلفزيونية لنعلن مشاركتنا الوجدانية معهم.
بعد ذلك ركبنا الباص وذهبنا لزيارة Demilitarized (DMZ) وهى المنطقة الواقعة على الحدود بين الكوريتين الشمالية والجنوبية، وقد دخل هذا الجزء تحت سيطرة الأخيرة وتحديداً ضمن إقليم تشين وون، وهى منطقة عسكرية لا يسكنها أحد غير المساحات العظيمة من الغابات الجبلية.
وفى مبنى مرصد السلام التابع لإقليم تشين وون تم إطلاق مظاهرة دولية ضد غزو ثانى أكسيد الكربون لرئة العالم، تبعها توقيع الوفود على بيان جمعية الصحفيين الآسيويين لبدء الثورة الخضراء فى أنقى مكان فى كوريا الخضراء. انتقلنا بعد ذلك إلى فندق كوندومنيوم الواقع فى مقاطعة جانج –وان – دو والتى تقع فى منطقة الحدود فى الجزء الشرقى من شبه الجزيرة الكورية، وتكسو الخضرة والغابات معظم أراضى هذه المقاطعة، حيث توفر بيئة ومكان للاسترخاء ومحبب للسائحين فى أغلب شهور السنة، كما تحتضن بين أراضيها مدن ساحلية خلابة وجبال شاهقة، فتوفر لمحبى التزحلق على الجليد الفرصة لممارسة هذه الرياضة المثيرة، ويزور هذه المنطقة ما يزيد على المليون زائر سنوياً .
الطريق إلى المعبد :
فى صباح التاسع من أكتوبر، كانت الجلسة الأخيرة من منتدى جمعية الصحفيين، وفيها تم عرض التجارب والخبرات المختلفة للصحفيين فى التعامل مع مشكلات البيئة فى بلادهم، ثم تناولنا غذاء لذيذاً فى أحد المطاعم الشعبية، بعد ذلك انطلقنا إلى معبد باك – دم - سا والموجود بين أحضان جبال سوراك العالية فى مقاطعة جانغ – وان - دو . يعتبر هذا المعبد من أهم وأقدم المعابد البوذية فى كوريا، فقد بنى منذ أكثر من 1400 سنة، وتحديداً فى سنة 647، وقد قامت الحكومة الكورية بصيانته وتجديده عدة مرات آخرها عام 1998 .
وفى قديم الزمان وبسبب موقع هذا المعبد المنعزل، كان الوصول له يعد مشقة كبيرة، لذا كان يعتبر أكثر المعابد مناسبة لملاذ الرهبان البوذيين المرتحلين القادمين من كل بقاع العالم ناشدين الخلوة والسكون لممارسة عقائدهم وطقوسهم الدينية . لا أخفى عليك الرعب الذى شعرنا به ونحن فى طريقنا لهذا المعبد، فالطريق شديد الضيق يحاصرنا من جهة اليمين الجبال الصخرية، ومن اليسار هوة سحيقة، مما يعنى لو أن السائق تحرك بالسيارة ل15 سم فقط لليسار لأصبحنا فى خبر كان .
بعد نحو ساعة تقريباً وصلنا إلى المعبد، قابلنا الراهب البوذى بلباسه الرمادى وابتسامة عريضة على وجهه، وبالرغم من عدم معرفته باللغة الإنجليزية إلا أن ملامح وجهه تعبر عن ترحابه الشديد بنا، ثم بدأ يحدثنا عن الديانة البوذية، ويقودنا من مكان لآخر داخل أروقة المعبد شارحاً وموضحاً تاريخ هذا الصرح الدينى العريق.
أضأنا الشموع وسرنا فى حلقة دائرية حول تمثال بوذا الموجود بالساحة الخارجية للمعبد متمنين أمنيات جميلة للأشخاص الذى نحبهم. ثم انتقلنا إلى الساحة الداخلية للمعبد، حيث يوجد تمثال بوذا فى الوسط بلونه الذهبى والتنين المزدان بألوان جميلة مثل الأحمر والأصفر والأزرق، كما تزين جدران المعبد لوحات زيتيه تصور مشاهد من حياة بوذا، وبجانب المعبد يوجد كوخ صغير، وقد بنى هذا الكوخ خصيصاً للأشباح التى تهيم حول المعبد لحراسته وحمايته من الأرواح الشريرة.
أما الخبرة الأكثر استمتاعاً ولن تمحى من الذاكرة، فهى جلسة التأمل التى مارسنها. فقد جلسنا متقابلين نساء ورجال أمام طاولة كبيرة، وأمام كل واحد منا "صحن" مقعر على شكل نصف كرة وفنجان صغير به بضع حبات من الشاى الأخضر، وترمس به ماء ساخن جداً .
بناء على تعليمات الراهب البوذى وضعنا حبات الشاى فى أيدينا ثم ألقيناها فى الصحن المقعر بطريقة تجعلها تصدر صوتاً أثناء ارتطام حبات الشاى بقاع الصحن، ويعد سماع هذا الصوت شرطاً ضرورياً، ثم قمنا بسكب الماء الساخن فى الصحن المقعر ونحن نستمع فى انتباه شديد للصوت الذى يصدره الماء فى الصحن، بعد ذلك وضعنا وجهنا على حافة سطح الصحن، بحيث أصبح الوجه كاملاً يغطى صفحة الصحن، مع مراعاة أن يكون موازياً لمكان القلب، ثم وضعنا فوطة بيضاء لتغطى رؤوسنا بشكل كامل، وظل البخار يتصاعد على وجهنا مباشرة، بقينا فى هذا الوضع لمدة 15 دقيقة.
طلب منا الراهب ونحن فى هذا الوضع المسالم ورائحة الشاى اللذيذة، أن نحاول استدعاء ذكرى أمهاتنا، وأن نتلمس السكينة لبضع دقائق، بعد انتهاء هذه الجلسة البخارية، طلب منا الراهب أن نرفع رؤوسنا وأن نمد أيدينا أمام صدورنا ثم نقبضها ونبسها مائة مرة وبسرعة شديدة، وأخيرا طلب منا أن نستنشق نفساً عميقاً ونخرجه بهدوء، دامت هذه العملية نحو 15 دقيقة، سألنا الراهب عن شعورنا، لا أخفى عليك شعرت براحة كبيرة بعد تلك الليلة التى قضيتها فى المعبد، وخاصة أننى كنت أول امرأة عربية تبيت فى معبد بوذى.
فى اليوم التالى انطلقنا إلى مدينة أنشون وهى مدينة صغيرة، تم التخطيط لها لكى تكون من أكبر المدن الصناعية فى العالم، وتعرفنا على أهم الإنجازات التى تمت بها والمشاريع التى بصدد الانتهاء منها باليوم والشهر والسنة، الأمر الذى يؤكد الدقة والدأب والتفانى فى التخطيط والعمل، وتجولنا فى أكبر مدرسة عالمية فيها وكوريا الجنوبية والمتوقع افتتاحها فى شهر ستنمبر 2009، وتعرفنا على الإمكانيات الرهيبة التى ستوفرها هذه المدرسة لطلابها من مناهج مصممة خصيصاً لإعداد القادة فى المجتمع، والملاعب والمسرح والفصول المجهزة بأحدث الأدوات والإمكانيات، والأجهزة الإلكترونية التى لم نرها بعد فى دولنا العربية، لا أستطيع أن أوصف لك الحسرة والألم الذى شعرت بهما فى قلبى لما وصل إليه حال التعليم البائس عندنا.
فى مساء هذه اليوم أقيم حفل الختام فى فندق جراند حياة فى مدينة سيئول، الذى افتتح بعرض موسيقى وغنائى لفريق من الأطفال الكوريين من ذوى الاحتياجات الخاصة، ثم ألقى سانج كى لى كلمته وعبر عن سعادته بنجاح هذا المنتدى، شكره لكل من حضر وشارك فى فعالياته. كما ألقى بعض من الأعضاء الرئيسيين فى الجمعية كلماتهم، ثم تقدم كل واحد من المشاركين من باب تدعيم التواصل الإنسانى والاجتماعى الجميل، بإلقاء أغنية أو شعر بلغة بلده، فكانت لى هذه الليلة هى الأكثر إمتاعاً، حيث استمعنا إلى إيقاعات موسيقية وأغنيات من فيتنام وكوريا ومنغوليا وبوتان وكمبوديا وغيرها، شدا بها الصحفيون والباحثون المشاركون فى المنتدى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.