نقيب الصحفيين: خطوة "الأعلى للإعلام" بمنح التراخيص للمواقع تعزز حرية الصحافة    المركزي الأوروبي يثبت أسعار الفائدة عند 2% وسط ضبابية المفاوضات التجارية مع واشنطن    سعر الحديد مساء اليوم الخميس 24 يوليو 2025    حلم الطفولة تحقق بعد 8 عقود.. الحاجة فاطمة تنتصر على الأمية    الرئيس الصيني يعزي بوتين في ضحايا تحطم الطائرة شرق روسيا    ارتفاع حصيلة الشهداء في غزة إلى 59،587 منذ بدء عدوان الاحتلال الإسرائيلي    جوزيف عون: نسعى لحماية لبنان من تداعيات الأزمات الإقليمية بوحدة الصف    خلفًا لمودريتش.. من يحمل الرقم 10 في ريال مدريد؟    فيريرا يكثف التدريبات الفنية والخططية فى مران الزمالك    رئيس نادي البنك الأهلي يجتمع بالجهاز الفني واللاعبين في معسكر برج العرب    السيطرة على حريق اندلع بكابينة كهرباء بقسم أول العبور    إصابة 9 أشخاص في حادث تصادم سيارتين أعلى الطريق الدائري بالسلام    الداخلية: ضبط تشكيل عصابي لغسل 75 مليون جنيه من تجارة المخدرات    روائع الفلكلور السيناوي.. الاحتفاء بفرقة العريش للفنون الشعبية المشاركة بمهرجان جرش ال39    احتفالًا بالعيد القومي ال73.. إقبال جماهيري كثيف على المواقع الأثرية بالإسكندرية بعد فتحها مجانًا    المهرجان القومي للمسرح يحتفي بمسيرة "صائد الجوائز" صبحي السيد    وزارة الصحة تتخذ خطوات جادة لتنظيم حركة نيابات الأطباء    أمراض تنتشر في الصيف.. البرد والانفلونزا والتهاب الشعب الهوائية الأبرز.. و"أطباء" يوضحون طرق الوقاية وينصحون المواطنين بتطبيق الإجراءات الاحترازية    إبراهيم عادل: أبو تريكة قدوتي.. وهدفي في باراجواي اللحظة الأسعد بمسيرتي    وزير الخارجية يتوجه إلى السنغال في المحطة الخامسة والأخيرة من جولته في غرب إفريقيا    إدانة عربية واسلامية لمصادقة الكنيست الإسرائيلي على ضم الضفة والأغوار في فلسطين    جامعة الإسكندرية تبحث التعاون مع التأمين الصحي الشامل لتقديم خدمات طبية متكاملة    "الشعب الجمهوري" يشيد بجهود مصر في دعم غزة وإدخال المساعدات الإنسانية    ضبط سائق يقوم بحركات استعراضية خطرة خلال حفل زفاف بالإسكندرية    تحرير 93 مخالفة تموينية بالمنيا    الصحة تشارك في المؤتمر الدولي السابع عشر لمناظير المخ والعمود الفقري    إيهاب توفيق والموسيقى العربية في افتتاح صيف الأوبرا 2025 باستاد الإسكندرية    بسبب السرعة الزائدة.. مصرع عامل ديلفري إثر انقلاب دراجته النارية بالتجمع الخامس    المشاط تدعو الشركات السويسرية للاستفادة من آلية ضمانات الاستثمار الأوروبية لزيادة استثماراتها في مصر    طور سيناء تطلق سوق اليوم الواحد بتخفيضات تصل 25% لتخفيف العبء عن المواطنين    تشغيل كامل لمجمع مواقف بني سويف الجديد أسفل محور عدلي منصور    عمرو الورداني: نحن لا نسابق أحدًا في الحياة ونسير في طريق الله    قبل 150 يومًا من انطلاق "كان 2025".. الفراعنة ملوك الأرقام القياسية    الشباب والرياضة تتلقى الاستقالة المسببة من نائب رئيس وأمين صندوق اتحاد تنس الطاولة    لطلاب الثانوية العامة والأزهرية.. شروط قبول بالأكاديمية العسكرية المصرية (إنفوجراف)    «جمال الدين» يستعرض إمكانات «اقتصادية قناة السويس» أمام مجتمع الأعمال بمقاطعة تشجيانغ    نتيجة الثانوية الأزهرية بمحافظة كفر الشيخ.. رابط مباشر    انفجار لغم يشعل صراعا بين كمبوديا وتايلاند.. اشتباكات حدودية وغارات جوية    تحليل رقمي.. كيف زاد عدد متابعي وسام أبو علي مليونا رغم حملة إلغاء متابعته؟    وزير الري يتابع جاهزية المنظومة المائية خلال موسم أقصى الاحتياجات    جامعة قناة السويس تُعلن نتائج الفصل الدراسي الثاني وتُقرّ دعمًا للطلاب    «خدمة المجتمع» بجامعة القاهرة يناقش التكامل بين الدور الأكاديمى والمجتمعى والبيئي    شهدت التحول من الوثنية إلى المسيحية.. الكشف عن بقايا المدينة السكنية الرئيسية بالخارجة    3 أفلام ل محمد حفظي ضمن الاختيارات الرسمية للدورة ال 82 لمهرجان فينيسيا (تفاصيل)    نقابة المهن السينمائية تشيد بمسلسل "فات الميعاد"    معسكر كشفي ناجح لطلاب "الإسماعيلية الأهلية" بجامعة قناة السويس    عمرو الورداني: النجاح ليس ورقة نتيجة بل رحلة ممتدة نحو الفلاح الحقيقي    لو لقيت حاجة اقعدها وقت قد ايه لحين التصرف لنفسي فيها؟.. أمين الفتوى يجيب    علي جمعة يوضح معنى قوله تعالى {وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ}    رئيس الوزراء يتابع جهود منظومة الشكاوى الحكومية خلال النصف الأول من 2025    "مدبولي" يؤكد أهمية بناء الوعي في تشييد حائط صد ضد نمو الشائعات    "الجبهة الوطنية" يعقد أول لقاء جماهيري بالإسماعيلية لدعم مرشحته داليا سعد في انتخابات الشيوخ    بنسخ خارجية لمختلف المواد.. ضبط مكتبة بدون ترخيص في الظاهر    "السبكي" يبحث مع "Abbott" نقل أحدث تقنيات علاج أمراض القلب    تفاصيل عملية دهس قرب بيت ليد.. تسعة مصابين واستنفار إسرائيلي واسع    مدنية الأحكام وتفاعلها مجتمعيًّا وسياسيًّا    «كتالوج»... الأبوة والأمومة    علي أبو جريشة: عصر ابن النادي انتهى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ومن هنا كانت ثورتنا الأخيرة بيضاء
نشر في اليوم السابع يوم 11 - 01 - 2012

الحضارة المصرية القديمة هى التى أقامت المجتمع على طبقات متميزة – طبقة الملوك والأمراء المؤهلين وطبقة رجال الدين الذين يختار منهم الوزراء ويسيرون الدولة، وينقاد لهم الشعب ثم تليها الطبقة العاملة من زارع وصانع ومحارب. الطبقتان الأوليان هما اللذان يسخران الشعب، ويجهدانه ليهيئ لهما الحياة الناعمة الوادعة، ويحقق منازعهما ومعتقداتهما لا تأخذهما به رحمة ولا هوادة.
إنه فى سبيلهما يحيا ومن أجلهما يعيش، ولذا أطلق المؤرخون على العصر الذى يلى عصر بناة الأهرام وهو عصر الفترة الأولى (عصر الإقطاع)، وليس من شك فى أن المجتمع المصرى قد حمل إلى اليوم بعض بذور هذه الحضارة، وأن العادات والتقاليد قد تحدرت إليه حتى أيامنا هذه من العهد الفرعونى الواغل فى الزمن ولا أدل على ذلك من الموازنة بين فلاح اليوم، وفلاح الفراعنة إنهما لا يكادان يختلفان فى طرق الرى والزرع والحصاد والدأب والمثابرة، والصبر الطويل.
وتقديرنا للخلق الكريم كما كان يفعل قدماء المصريين سواء بسواء – فمن حكمهم فى هذا الصدد قول الوزير (بتاح حتب)، طوبى للرجل الذى يجعل الحق رايته، ويسير دائماً فى ظلالها. والمجتمع المصرى قد تأثر بالعرب تأثراً بالغاً فأخذ أكثر سماتهم وعاداتهم وتقاليدهم وشرائعهم، إذ أنه أصهر إليهم، وتعلم لغتهم، وحط الكثيرون رحالهم فيه، ومن هنا لا ندهش أو يتملكنا العجب إذا رأينا فى أهله بعض العصبية أو سمات الحياة القبلية، ترى هذا جلياً فيما ينشر فى الصحف كل يوم من أعمدة الوفيات والزواج، وما نردده على ألسنتنا طويلا من أن هذا (أصيل) وأن الآخر (ابن أسرة) أو (من عائلة) وأن هذا وضيع وذاك (رفيع) وتمسكنا بالتكافؤ فى الزواج إلى اليوم، وما يتملك بعضنا من الانتقام للشرف والعرض، والأخذ بالثأر ومعاملة الحريم من الرجال معاملة قد تجنح إلى الخشونة، والتكثر من الأزواج والبنين. والمجتمع المصرى مجتمع (كريم)، كما كان الحال مع أجداده العرب القدامى – فهو (كريم) فى وقته يتسامح فيه إلى أبعد حدود التسامح، وإلا فبماذا نفسر كثرة المقاهى فى مصر؟ وكيف نفسر تزاحم الزوار فى مكاتب العمل؟ وكيف نؤول تهالك الشعب على زيارة الحاكمين من غير تقدير لما عليهم من مسئوليات جسام؟ وهو (كريم) فى مطعمه ومشربه، يفتن فى ألوان الطعام فإذا السفرة حافلة، مع قلة روادها ، وإذا طعمت ونلت كفايتك أخذ الداعى أو الصديق فى التشديد عليك والحلف بأغلظ الأيمان لتزيد مما طعمت، فإذا لم تسر فى تياره وتقبل إلحافه برم بك وضاق منك ورماك بعدم الوفاء والتكلف من غير أن يدرى أنك محدود الطاقة، وإذا أكثرت من الطعام مرضت بأنواع من الأدواء التى يعانى منها أغلب المصريين، وهذا الإسراف فى الطعام قد أصابنا بالتخمة ، وأجهد أمعدتنا ومعانا وأكبادنا، وصرنا لا نقوى على الخشونة والصبر فى الأزمات الغذائية، حيث قلة المحصول وكثرة الوارد، فنحن لا نفكر إلا فى طعامنا نمسى ونصبح لندبر الطعام والشراب. والغريب أننا نأكل وجبات الطعام اليومية، ولا نكتفى بها بل نأكل أيضاً بين فتراتها فإذا لم نجد ما نأكله أخذنا نتسلى (باللب والترمس والحلبة والتين الشوكى وكيزان الذرة والمرطبات والمكسرات، من غير ضابط أو رابط وإنه لبلاء وأى بلاء. إننا لا نكاد نعرف الاعتدال أو ما يقرب من الاعتدال. والمجتمع المصرى قد أقامت بينه فى العصر الحديث جاليات أجنبية تنتمى إلى دول الغرب، لها عادتها وتقاليدها وملبسها ومع أن أغلبية المجتمع قد عاش بمعزل عن هذه الجاليات، إلا أن بعضه قد تأثر بها سواء فى طعامه أو ملبسه وفى بعض عاداته وسلوكه. ولعل التأثير الأقوى قد انحدر إلى المجتمع من سفر الكثيرين من الشباب المثقفين إلى أوربا وأمريكا وعيشهم فى المجتمعات هناك، وتطبعهم بالكثير من طباعها ثم نشرهم هذه الطباع وتلك العادات فى المجتمع المصرى. ولا شك أن المدنية الحديثه قد قربت بين الأجناس، وأصبح التواصل سمة العصر الحديث. والمجتمع المصرى لا يعيش فى عزلة عن المجتمعات الأخرى، إذ إن مصر الطريق الموصل بين الشرق والغرب فيمر به أجناس عديده شرقية وغربية، وكل من هذه الأجناس يحمل معه عاداته وسلوكه وثقافته ومنهاجه. وإن السينما والإذاعة كان لهما تأثيرهما العارم الذى أخذ يبدل كثيراً من عاداتنا، ويحمل إلينا بعض عاداتهم، ونخشى كل الخشية إن لم نقاوم هذا السبيل المتدفق أن يجرفنا تياره فإذا نحن نفقد مقوماتنا الأصلية وعادتنا القومية وتقاليدنا الوطيدة. ومن عاداتنا القويمة سجاحة طباعنا، فلا نؤمن بالتعقيد ونكره الالتواء ونميل إلى الصفح والتسامح وبخاصة مع أنفسنا، ومن هنا كانت ثورتنا الأخيرة بيضاء لم ترق فيها دماء حمراء.
والمجتمع المصرى على الرغم مما تعيش فيه من سلالات متباينة ومذاهب متفرقة، وأنماط مختلفة قد صهر الجميع فى بوتقته وطبعهم بطابعه، طابع محبة الخير والتسامح ولين الجانب وحسن المعاشرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.