أكد الدكتور يحيى الجمل، نائب رئيس مجلس الوزراء السابق والفقيه الدستوري، على أنه لا سلطة فوق الشعب، مبديًا تحفظه الشديد على وثيقة "السلمى"، وخاصة المادتين 9 و 10 بشكل كامل، مشيرًا إلى وجود قاعدة علمية تقول "لا ضريبة دون تمثيل"، أى أن ممثلى الشعب هم الذين يفرضون الضرائب وطريقة تحصيلها، وبمعنى آخر لا يجوز لأى طرف أن يأخذ ميزانيته بعيدًا عن البرلمان، حتى وإن كانت القوات المسلحة، باستثناء الأمور السرية، وأيضًا يناقشها ويختص بها البرلمان فى جلسة سرية مغلقة. وقال "الجمل"، خلال لقائه بالإعلامية منى الشاذلى فى حلقة أمس من برنامج العاشرة مساء على قناة دريم 2، "إن استقلال ميزانية القوات المسلحة خطأ دستورى قاتل، والمشكلة فى البداية غير السليمة التى سلكناها، فالوضع الطبيعى هو أن ننشئ لجنة تأسيسية أولاً، منتخبة من الشعب، تقوم بوضع مشروع دستور يحدد الاختصاصات والسلطات، ويُعرض للاستفتاء العام لتجنب هذا العك". ورفض "الجمل" مصطلح المبادئ فوق الدستورية، لأن الدستور لا يعلوه شئ، قائلاً "إحنا كده جبنا ناس من غير أهل الصنعة ليتحكموا فى الأمور، ووثيقة "السلمى" باستثناء المادتين التاسعة والعاشرة لا غبار عليها ولا تخالف المبادئ العامة الدستورية، مشيرًا إلى أننا أمام أمرين، إما التوافق العام من كافة القوى السياسية على الوثيقة بالشكل المقترح، أو ترك الأمر برمته للقوات المسلحة بصفتها سلطة التشريع، معلنًا رفضه لهذا الاختيار. وأشار "الجمل" إلى أن سبب عدم وجود توافق بين القوى السياسية هو تصور البعض بأنه يمتلك الحقيقة وحده دون غيره، والباقى لا يملك شيئًا، مثلما فعل النظام السابق الذى أقصى الناس جميعًا ليستأثر بالأمر كله لنفسه، مؤكدًا أن العلاج فى اعتراف هؤلاء بأن الحقيقة نسبية وتتولد من خلال الحوار. واعترض "الجمل" على طريقة تشكيل اللجنة التى تضع الدستور كما جاءت فى وثيقة "السلمى"، لأن البرلمان المنتخب هو الوحيد الذى يختار هذه اللجنة التى تضع مشروع دستور يُرد للشعب فى استفتاء عام، ويناقش بعلانية، ناصحًا بأن تضم اللجنة خبراء دستوريين ليس لهم صوت، وإنما تعلن آراءهم على الشعب للمعرفة والفهم، مشيرًا إلى عدم تخوفه من سيطرة تيار معين على هذه اللجنة، بعد أن حكم مصر تيار استبدادى بوليسى، قائلاً "البرلمان القادم سيشهد 35% كتلة متناسقة، و10% من الوفد، ثم يأتى بعد ذلك كل واحد براسه، وبرلمان بهذا الشكل صعب ناخد منه سياق". وأوضح "الجمل" أنه ليس بإمكان أى جهة أو شخص وضع الشعب فى "جيبه"، مؤكدًا أن من يتوافق على الوثيقة الآن ثم يتنصل منها فى المستقبل سيفقد ثقة الشعب نهائيًا، قائلاً "النصين 9 و10 سيفتحوا الباب لمخاطر عديدة نحن فى غنى عنها، والسلمى ليس جهة دستورية، والوثيقة اجتهاد محمود من طرفه فيما عدا هاتين المادتين ومعايير اختيار لجنة وضع الدستور".