فى الوقت الذى استطاعت فيه الثورة المصرية، إسقاط نظام مبارك والعمل على تكوين دولة جديدة بنظام وسياسات جديدة، تعالت الأصوات المنادية بالاستفادة من تجارب الدول الأخرى، خاصة التجربة التركية باعتبار أن هناك العديد من أوجه التشابه والتقارب التاريخى بين الدولتين، حيث مثلت كل من مصر وتركيا قوة إقليمية كبرى فى فترات من تاريخهما، كذلك كان للدولتين دور كبير فى حركة التنوير الفكرى فى العالم العربى والإسلامى. جاءت زيارة رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان الحالية إلى مصر تحمل أمالا لكثير من المصريين المطالبين بتطبيق التجربة التركية فى مصر، آملين أن تكون بداية لعهد جديد للتعاون المصرى التركى، ويعود الدور المحورى للدولتين فى المنطقة، ويتمكنا من تشكيل قوة إقليمية جديدة فى مواجهة الطغيان الإسرائيلى. كان لتاريخ الحركة الإسلامية فى كلا البلدين دوره البارز، حيث لعبت الحركة الإسلامية دورا هاما فى الحياة الاجتماعية والسياسية فى تركيا، واستطاعت أن تحصل على التأييد الشعبى وتصل إلى سدة الحكم فى بعض الفترات من تاريخ الدولة التركية، إلا أن أنها لم تكن تستمر طويلا بسبب انقلابات الجيش عليها مثل انقلاب 1960 على حكومة "عدنان مندريس"، وانقلاب 1980، بينما فى مصر استطاعت الحركات الإسلامية التى تمثلت بشكل كبير فى جماعة الإخوان المسلمين، أن تلعب دورا على المستوى الاجتماعى، وتكون لها قاعدة شعبية كبيرة، بينما لم تستطع أن تلعب دورا سياسيا بنفس القوة بسبب الاضطهاد الذى لاقته من النظام. أيضا لعبت المؤسسة العسكرية دورا هاما فى تاريخ الدولتين، حيث كانت المؤسسة العسكرية فى تركيا هى الحارس للعلمانية الأتاتوركية بنص الدستور، مما أعطى لها الحق فى التدخل فى الشأن السياسى التركى بل والقيام بعدة انقلابات عسكرية فى حالة تصاعد الإسلام السياسى، كما لعبت المؤسسة العسكرية فى مصر دورا هاما فى حدثين مهمين فى تاريخ مصر الحديث، عندما قامت بانقلاب عسكرى 1952، وأنهت الملكية فى مصر، وانحيازها للشعب فى ثورة 25 يناير. أيضا من المفارقات بين مصر وتركيا، أن تسعى الدولتان لوضع دستور جديد، وفى الوقت الذى أعطى الشعب التركى ثقفته فى حزب العدالة والتنمية ذو الاتجاه الاسلامى لكى يشارك فى وضع دستورا للبلاد، تتخوف الكثير من التيارات فى مصر من وصول القوى الإسلامية الى البرلمان بنسبة كبيرة، وتكون لها اليد العليا فى وضع الدستور المصرى الجديد. كما شاءت الأقدار، أن تتوتر العلاقات المصرية الإسرائلية، والتركية الإسرائلية، فى نفس التوقيت، وفى الوقت الذى تعالت فى الأصوات فى مصر بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل ردا على قتلها جنودا مصريين على الحدود، قامت تركيا بقطع علاقتها الدبلوماسية مع إسرائيل، وطردها للسفير الإسرائيلى، ردا على هجومها على سفينة فك الحصار على غزة مايو 2010.