يظهر فرعون مصر الحديثة فى قفص الاتهام وحوله ولديه يغطيان عليه حتى لا يظهر أمام أعين الملايين وتتحقق آية المولى الكريم الذى "يعز من يشاء ويذل من يشاء". كانت فكرة ظهور الرئيس المتخلى عن منصبه "مبارك" متهما راقدا على سرير المرض داخل القفص إذا تم ترديدها فى عز جبروت النظام إما كانت تودى صاحبها لوراء الشمس، وإما كان من حوله يرونها فقرة فى الكاميرا الخفية ولو تحب نذيع .. يبقى ذيع. فعلا اللقطات كانت طبيعية والصورة التى يقال عنها إنها تغنى عن الكلام، أصبحت فى هذه المرة أشهر صورة ناطقة فى التاريخ المصرى المشهور بالجداريات الفرعونية التى تحفل بأحداثنا منذ قبل الميلاد على حوائط المعابد. هذه الصورة التى تنتشر بسرعة البرق على حوائط الفيس بوك وتويتر لتنقل للعالم أن المصرى إذا أراد الحياة فلابد أن يكافح حتى يستجيب له القدر، وفعلها المصرى الذى كان متهما بالاستكانة والخضوع وفتور فى الهمة حتى ظهر معدنه المبطن بالوطنية فى ميدان التحرير ليقول فى وجه رأس النظام "يسقط .. يسقط .. رأس الدولة" .. قالها المصرى دون خوف من رصاص أو قنابل. وقف المصرى يستقبل بطش الجلادين من النظام السابق وصدره مفتوحا لا يرهب أى شىء، كل ما فى باله وقتها أن البلد تأخر على نصرتها وجاء وقت عزتها وإما النصر من أجلها أو الشهادة. وتحقق ما كانوا ينادون به سقط رأس النظام الذى بدأت محاكمته بينما المصرى انقسم إلى شهيد ومصاب. فلولا هذا المصرى الشهيد لما كانت لنا قائمة.. لولا الدماء الطاهرة التى سالت على تراب مصر فى ثورة 25 يناير لما استرددنا كرامتنا التى كانت محصورة فى أن الرئيس هو رمز الدولة وكرامتها والمواطن يخبط دماغه فى أقرب حيطة. لولا هذا المصرى المصاب الذى فقد نور عينيه وهو ينادى "الشعب يريد إسقاط النظام" لظل ليل الاستعباد المباركى كابسا على أنفاسنا. كلام كثير لن يكفى حق هؤلاء الشرفاء الأحرار من الشهداء والمصابين فى ثورتنا المصرية.. فهم يستحقون منا كل الشكر الذى لن يوفى حقهم. بل ونتذكرهم بالخير حتى لا تقودنا عاطفتنا المصرية الشهيرة إلى دموع ممزوجة بفكرة "عفا الله عما سلف"، و"الراجل يا حبة عينى على سرير الموت"، و"كفاية بهدلة لرمز البلد"، وغيرها من الكلمات التى تتردد على لسان من يأسفون للحالة التى وصل لها فرعون مصر الأخير فى قفص الاتهام على سرير المرض. ورحم الله الشيخ الشعراوى الذى قال "حين ترى إنسانا يعاقب على جريمه إياك أن تأخذك به الرأفة" ولك أن تتابع الفيديو على الرابط التالى: http://youtu.be/IvcVDrvtRfQ ثم بعد المشاهدة تذكر خلال الجمعة الأولى من رمضان أن تتوجه بدعائك لشهداء ومصابى الثورة واسترجع أيام التاريخ التى لنا فيها عبرة حيث كان للمتهم مبارك خطاب يعلن فيه أنه لم يكن ينتوى الترشح لفترة رئاسية جديدة وتحدث للناس بنبرة عاطفية رشقت فى قلوب المتابعين له، وفى صباح اليوم التالى رشقت قنابل المولوتوف فى أجساد الثائرين بالتحرير، وخرجت أقدام الجمال تدوس عليهم، إلا أن ستر ربك وإعانته لعزيمة المصرى جعلته يصمد ضد من خرجوا بأفظع الجرائم لبقاء فساد النظام. فى بحر إعلانات شكرا من الذين قطعوا الاتصالات على الناس وكان يمكن وقتها إنقاذ حياة إنسان منهم عبر مكالمة لمن يستطيع أن يقدم المساعدة ويسعف المضروب بالنيران فلا أجد سوى تقديم الشكر للمصابين والشهداء الذين يؤكدون لنا أن البلد ممكن تتغير طالما العدالة تطبق على الكبير والصغير ومن الغفير حتى الرئيس.