حملت وكالة رويترز للأنباء أمس الاثنين، تصريحات للشاعر أمجد ناصر, أقل ما يمكن أن توصف به أنها بعيدة عن الدقة والموضوعية, من شاعر اعتاد, بحكم عمله فى الصحافة الثقافية أن يتحلى بالدقة والموضوعية فيما يكتب حول الشعر والثقافة عموماً. قال ناصر إن معظم ما يكتب الآن تحت عنوان قصيدة النثر فى العالم العربى لا يشبه قصيدة النثر الحقيقية, وانطلق من هذا التصريح "اللاهوتى" للتنظير لانعطافته الجمالية فى كتابة قصيدته النثرية، والتى تعتمد على كتابة "الكتلة" النثرية أو الفقرات الكبيرة المغرقة فى نثريتها وتبتعد عن الجملة القصيرة أو التكثيف. لسنا فى صدد التقييم النقدى لانحياز أمجد ناصر الجمالى ولا موقفه من قصيدة النثر, ولكننا نتوقف أمام منطقه اللاهوتى الذى تعامل به مع الشعر وهو فن من الفنون, أى أنه متعدد ويتسع لكافة التيارات والاتجاهات وحتى للشطحات بل يحض عليها باعتبارها الأساس فى الإبداع والإضافة. يقول أمجد ناصر, بحسب نص التصريحات التى حملتها رويترز، "ما يكتب تحت عنوان قصيدة النثر فى العالم العربى لا يشبه قصيدة النثر الحقيقية"، وهنا تثور عدة أسئلة دفعة واحدة: أولاً: إن مفهوم الحقيقة "الذى أضفاه ناصر مفرقاً به بين قصائد النثر, يشبه إلى حد كبير تلك الأحكام الدينية القاطعة التى تحتكر الحلال والحرام ولا يمكن أن تنطبق بأى حال من الأحوال على فن الشعر. ثانياً: كيف يتحدث ناصر عن الشعر العربى أو عن قصيدة النثر من المحيط إلى الخليج بهذه العمومية؟ هل قام بحصر شامل مثلاً لكل قصائد الشعراء الذين يكتبون قصيدة النثر ثم درسها وخرج من درسه هذا بحكمه القطعى بعدم حقيقيتها؟! يبدو أن أمجد ناصر أراد تثبيت نفسه على انحيازه الجمالى الجديد الذى يبدو أنه ما زال قلقاً، فأعلن أنه النموذج الحقيقى الوحيد لقصيدة النثر العربية، وأن ما عداه من اتجاهات وتيارات غير حقيقية، ولن نفاجأ إذا خرج ناصر علينا بفتوى تقول إن الشاعر الذى لا يكتب "قصيدة الكتلة" على غراره سيحرم من الجنة وسيدخل النار!