تغيرات هيكلية وقيادية عديدة شهدها تنظيم الإخوان المسلمين خلال العقد الأخير، برزت فيها وجوه، وصعد فيها نجوم، وتوارى آخرون، وخرج العشرات من عباءة الجماعة دخل الإخوان حالة من الإنكفاء على الذات، فاهتمت بالجانب التنظيمى على حساب دورها العام، وأولت أهمية خاصة للممارسة السياسية على حساب الانفتاح والتصالح مع المجتمع. وإذا كان لكل مرحلة نجومها وأولوياتها، وكانت الوجوه التقليدية هى التى تحتل الصورة، بجانب بعض أعضاء البرلمان من ذوى الأدوار الإدارية والتنظيمية، فإن المرحلة المقبلة لن تحتاج إلى وجوه تقليدية، لأنها تمثل مرحلة عنق الزجاجة للتنظيم، بعد تصعيد اضطرارى لقيادات وتقديم أفراد مهمتهم الحفاظ على هيكل الجماعة، مما ولد رغبة فى التغيير لدى الشباب وجيل الوسط. وكل الشواهد حاليا تؤكد أن القيادات الحالية لن يستمروا كثيرا، إذا ظلوا متمسكين بهذا الخطاب، على الأقل بعد انتخابات الرئاسة 2011. نجم الإخوان المستقبلى كما يراه حسام تمام الباحث فى شئون الجماعة ليس المناضل أو الداعية التقليدى، بل ستتراجع هذه المواصفات لصالح الوجاهة والداعية المودرن، ولمن هو أكثر ميلا للبرستيج، والقيادى فى الجماعة سيكون هو الحريص على رضا المجتمع الدولى، والقادر على التعامل مع المنظمات الدولية والحقوقية الخارجية، ومن أبرز هؤلاء عبدالمنعم عبدالمقصود مسئول مركز سواسية لحقوق الإنسان ومسئول التنسيق فى دفاع المحاكمات العسكرية الأخيرة، بجانب على كمال وأسامة الحلو، وجميعهم محامون برزوا فى الأزمة. الضربات المتلاحقة للجماعة والحصار الأمنى لها أدى إلى ظهور تيار التنظيميين غير المؤثرين فى الشارع أو العمل العام أمثال محمد حبيب ومحمود عزت ومحمد بديع الذى ترك العمل الدعوى رغم بلاغته وقدراته لصالح الاهتمام التنظيمى، وبدأت الجماعة تحارب النجوم الإصلاحيين كما حدث مع جمال حشمت وعصام العريان، بجانب تهميش عبدالمنعم أبوالفتوح، والتخلص من مختار نوح وعبدالستار المليجى، وترك أبوالعلا ماضى وعصام سلطان، وبالتالى لم يعد للجماعة نجوم إلا من خلال انتخابات مجلس الشعب. وكما كان برلمان 1987 سببا فى ظهور شخصيات مثل مختار نوح ومحمد حبيب وغيرهم، فإن برلمان 2000 أظهر شخصيات أمثال محمد مرسى وحمدى حسن وحسين إبراهيم، ولكنهم لم يتوسعوا فى تحركهم بعيدا عن البرلمان، وجاءت انتخابات 2005 لتضيف سعد الكتاتنى ومحمد البلتاجى وصبحى صالح للقائمة، وهذه الشخصيات يغلب عليها الجانب التنظيمى أكثر من العمل، فلم يخرج من الجماعة نائب ذو شعبية أو صاحب تواجد، فقط احتل التنظيميون مقاعد البرلمان والصفوف الأولى فى الجماعة. الكثير من أعضاء الجماعة كانوا ضحايا القيادة الحالية بسبب كبت قدراتهم وكبح جماح طموحاتهم، وأولهم خالد بدوى المحامى الداعية صاحب الحضور والخطيب المفوه، يليه خضر محمد، وعاصم نصير المحامى بالإسكندرية، وطارق حشاد عضو مكتب إدارى البحيرة، وجمال نصار المستشار الإعلامى للمرشد، وهؤلاء ربما تظهر أسماؤهم بقوة فى حال خلو مناصب القيادات القديمة. الخماسى المنتخب الحديث قبل شهور فى مكتب الإرشاد: سعد الكتاتنى، وسعد الحسينى، ومحيى الدين حامد، ومحمد عبدالرحمن، وأسامة نصير، هم نواة الجيل الجديد من تلاميذ محمود عزت ومحمد حبيب ومحمود غزلان، ولا علاقة لهم بالعمل العام ولا المجتمع، غير أنهم أعضاء تنظيم، وأولوية السمع والطاعة هى الحاكمة فى اختيارهم، وتنفيذ مطالب التنظيم وقرارات القيادات. يضاف إليهم محمد البلتاجى عضو الكتلة وهمزة الوصل بجانب الكتاتنى بالتنتظيم الدولى فى الخارج مع مسئوليته خلفا لرشاد بيومى عن ملف الطلاب أهم أقسام الجماعة. أما شباب الجماعة فهم كالتالى: شباب تنظيميون يسيرون على خطى القديم ويهتمون بالحفاظ على التنظيم، مقابل دعوة الانفتاح التى يقودها شباب غير تنظيميين يقودهم المدونون الجدد أمثال مصطفى النجار، وإبراهيم الهضيبى، وأنور حامد، وجميعهم شباب ما بين الخامسة والعشرين والخامسة والثلاثين خارج الإطار التنظيمى. ليس هناك نجوم من الإخوان خارج الإطار التنظيمى، هذا ما يؤكده ضياء رشوان الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ومدير برنامج الحركات الإسلامية، نافيا وجود خلاف تنظيمى أو استراتيجى بين الجماعة وشبابها، لأن الإطار الشرعى عبر الهيكل التنظيم هو الحاكم لصعود أى قيادت، وهناك عشرات الآلاف المنتظيمن فى مكاتب الجماعة بالمحافظات ويتم تصعيد القيادات من بينهم. الجماعة كما يقول رشوان تفرز قياداتها عبر آليات وانتقالات لا تخضع للفجائية كما لا تتخذ القيادة مواقف انتقالية، خاصة فى اللحظات التاريخية الصعبة التى تلتف فيها الجماعة حول القيادة لحساسية الموقف، فلا يمكن أن يقفز عبدالمنعم محمود، أو إبراهيم الهضيبى على مواقع قيادية أو حتى فى واجهة الصورة؛ لأن هذا يكون إهدارا لحق كثير من التنظيميين، وهذا لم يحدث مطلقا فى تاريخ الجماعة. حسام تمام الباحث فى شئون الجماعة يعود ويوضح أن الصعود والهبوط فى الجماعة يرتبط بطبيعة المرحلة، ففى مرحلة معينة يصعد الخطاب التقليدى المحافظ، وفى لحظات أخرى يخرج الخطاب المنفتح. فخلال العامين الماضيين كانت هناك حالة حراك سياسى، فتحرك الإخوان بالتبعية بخطاب منفتح تجاه المرأة والأقباط والتعددية السياسية والحياة الحزبية، بجانب الحوارات والمناقشات الداخلية حول الإصلاح مما أفرز شخصيات ذات تواجد إعلامى وسياسى أمثال عبدالمنعم أبوالفتوح وعصام العريان، وبمجرد إغلاق الباب أمام هذه المناقشات من الداخل ومن الحكومة توارت هذه الشخصيات الإصلاحية لصالح الأفكار والشخصيات التقليدية والراديكالية أمثال سعد الكتاتنى ومحمد حبيب ومحمد مرسى، وغيرهم؛ لأن خطابهم التقليدى يناسب اللحظة التاريخية. تمام يقلل من احتمال كون المدونين الإخوان هم نجوم المرحلة المقبلة، لأن الخطاب الإخوانى برجماتى ونجومية المدونين أنهم استطاعوا القيام بمهمة تبييض وجه الجماعة فى لحظة معينة وتقديمها للغرب ولوسائل الإعلام، واستمرار صعودهم مرهون بصفة أساسية بأداء الجماعة ذاته وما يمكن أن يؤدوه فى المستقبل.