السفارات المصرية في 18 دولة تفتح أبوابها لاستقبال الناخبين في جولة الإعادة بمجلس النواب    محافظ قنا يهنئ الرئيس السيسي بمناسبة العام الميلادي    الجامعة المصرية بكازاخستان تحتفل بتخريج الدفعة الأولى من مركز "تراث"    بدء صرف الدفعة الثانية من الأسمدة الشتوية لمزارعي الجيزة عبر كارت الفلاح    موسكو تعلن تقدما ميدانيا شمال شرق أوكرانيا.. وبوتين يأمر بتوسيع المنطقة العازلة    زد يستدرج حرس الحدود في كأس عاصمة مصر    4 قضايا أمام الإسماعيلى لرفع إيقاف القيد بعد إزالة مساعد جاريدو    أمم أفريقيا 2025| التشكيل المتوقع للجزائر وغينيا الاستوائية في لقاء اليوم    نظر جلسة محاكمة 3 فتيات بتهمة الاعتداء على الطالبة كارما بالتجمع بعد قليل    فتح التقديم بالمدارس المصرية اليابانية للعام الدراسى 2026/ 2027 غدا    القبض على المتهمين بسرقة محل بلايستيشن فى مدينة 6 أكتوبر    الأمل فى 2026 التحليل النفسى لأبراج العام الجديد    الليلة... نجوم الطرب في الوطن العربي يشعلون حفلات رأس السنة    108 دقة جرس كيف يحتفى العالم برأس السنة كل عام؟    "هتعمل إيه في رأس السنة"؟.. هادعي ربنا يجيب العواقب سليمة ويرضي كل انسان بمعيشته    طبيبة تحسم الجدل| هل تناول الكبدة والقوانص مضر ويعرضك للسموم؟    «ماء الموز» موضة غذائية جديدة بين الترطيب الحقيقي والتسويق الذكي    لماذا ترتفع معدلات الأزمات القلبية في فصل الشتاء؟ 9 إرشادات طبية للوقاية    الصحة تؤكد أهمية تطعيم الحمى الشوكية لطلاب المدارس للوقاية من الالتهاب السحائي    إيمري يقلل من أهمية عدم مصافحة أرتيتا بعد مواجهة أرسنال وأستون فيلا    ليلة استثنائية.. نجوم الأوبرا وعلاء عبد السلام يفتتحون عام 2026 بأغانى الخلود    الحكومة تصدر قرارًا جديدًا بشأن الإجازات الدينية للأخوة المسيحيين| تفاصيل    الإمارات تستجيب لطلب السعودية وتنهي وجودها العسكري باليمن    «اتصال» وImpact Management توقعان مذكرة تفاهم لدعم التوسع الإقليمي لشركات تكنولوجيا المعلومات المصرية    التضامن: إلزام الأسر المستفيدة بالمشروطية التعليمية ضمن برنامج تكافل وكرامة    مطار الغردقة الدولي يستقبل 19 ألف سائح على متن 97 رحلة طيران احتفالا بليلة رأس السنة    محمد جمال وكيلاً لوزارة الصحة ومحمد زين مستشارا للمحافظ للشؤون الصحية    تجديد حبس عاطلين قتلا مالك كافيه رفض معاكستهما لفتاة في عين شمس    اليوم.. نظر محاكمة 5 متهمين بخلية النزهة الإرهابية    تعرف على سعر الدينار البحريني أمام الجنيه في مصر اليوم الأربعاء 31-12-2025    أسعار البيض اليوم الأربعاء 31 ديسمبر    اليوم.. نظر محاكمة المتهم في قضية «صغار الهرم»    دميترييف يسخر من تمويل أوروبا المتحضرة للمنظمات غير الحكومية لغسل أدمغة الناس    وفاة إيزايا ويتلوك جونيور نجم مسلسل "The Wire" الشهير عن 71 عاما    نتنياهو: عواقب إعادة إيران بناء قدراتها وخيمة    نخبة الإعلام والعلاقات العامة يجتمعون لمستقبل ذكي للمهنة    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الأربعاء 31 ديسمبر    وخلق الله بريجيت باردو    طقس رأس السنة.. «الأرصاد» تحذر من هذه الظواهر    توتر متصاعد في البحر الأسود بعد هجوم مسيّرات على ميناء توابسه    زيلينسكي يناقش مع ترامب تواجد قوات أمريكية في أوكرانيا    "25يناير."كابوس السيسي الذي لا ينتهي .. طروحات عن معادلة للتغيير و إعلان مبادئ "الثوري المصري" يستبق ذكرى الثورة    د.حماد عبدالله يكتب: نافذة على الضمير !!    «مسار سلام» يجمع شباب المحافظات لنشر ثقافة السلام المجتمعي    خالد الصاوي: لا يمكن أن أحكم على فيلم الست ولكن ثقتي كبيرة فيهم    تموين القاهرة: نتبنى مبادرات لتوفير منتجات عالية الجودة بأسعار مخفضة    استشهاد فلسطيني إثر إطلاق الاحتلال الإسرائيلي الرصاص على مركبة جنوب نابلس    الأمم المتحدة تحذر من أن أفغانستان ستظل من أكبر الأزمات الإنسانية خلال 2026    "البوابة نيوز" ينضم لمبادرة الشركة المتحدة لوقف تغطية مناسبات من يطلق عليهم مشاهير السوشيال ميديا والتيك توكرز    المحامى محمد رشوان: هناك بصيص أمل فى قضية رمضان صبحى    رضوى الشربيني عن قرار المتحدة بمقاطعة مشاهير اللايفات: انتصار للمجتهدين ضد صناع الضجيج    قبل المباراة المقبلة.. التاريخ يبتسم لمصر في مواجهة بنين    هل يجب خلع الساعة والخاتم أثناء الوضوء؟.. أمين الفتوى يجيب    هل تبطل الصلاة بسبب خطأ فى تشكيل القرآن؟ الشيخ عويضة عثمان يجيب    جامعة عين شمس تستضيف لجنة منبثقة من قطاع طب الأسنان بالمجلس الأعلى للجامعات    خالد الجندى: القبر محطة من محطات ما بعد الحياة الدنيا    الأهلي يواجه المقاولون العرب.. معركة حاسمة في كأس عاصمة مصر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30-12-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أين تذهب أموال قناة السويس?
تحقق المليارات سنوياً.. ومدنها تغرق فى البطالة والعشوائيات
نشر في اليوم السابع يوم 16 - 10 - 2008

قال لى حسن حمودة: «لا أحب الذهاب هناك. غرب السكة الحديد، عالم تانى الدخول إليه ليس سهلا، حاولت منذ عشرين عاما وفشلت. ومن يومها لا أحب عبور شريط القطار إحنا مكانا هنا».
هنا التى يتحدث عنها حسن هى عزبة (أبو زلط) إحدى عزب منطقة الكيلو (2) أكبر وأقدم وأشهر عشوائيات مدينه الإسماعيلية، تضم أكثر من 5 آلاف منزل، لاصرف صحى ولا مياه شرب. ومحطة تحلية المياه القريبة، تقدم خدماتها لسكان الجانب الآخر من شريط القطار. شئون العاملين بالهيئة لم تقبل توظيف حسن ولم يعد أمام حسن وأشقائه الخمسة سوى العشوائيات «هناك» على حافة المدينة، التى تقع قريبا جدا من قناة السويس، التى تحقق أعلى دخل لها فى تاريخها، لم يقترب من حياة هؤلاء الذين يعيشون الفقر على شاطئ الذهب.
السفن التى عبرت قناة السويس دفعت أكثر من 52 مليار دولار للقناة عبر سنوات عملها وحتى الآن، العام الأخير وحده حوالى 4.7 مليار دولار. هذه المليارات شاركت فى دفع عجلة الحياة فى الاقتصاد القومى حوالى 4% من الناتج المحلى وأكثر من 10% من العملات الصعبة - ولكن ماذا فعلت القناة للعابرين بفقرهم ليل صباح، بجوار مجراها الذى يسيل ذهبا؟
لا شىء.
هنا من السويس جنوبا وحتى بورسعيد شمالا تبدو القناة الغنية، وكأنها لا تكترث بفقراء مدنها, أبناء كتائب الفدائيين القدامى وعازفى السمسمية, الآن صارت القناة تعنى الهيئة، والهيئة تعنى الأسوار العالية. وفى الخلفية عالم آخر، لا أحد يجرؤ على الاقتراب منه.. حتى أبناء مدن القناة أنفسهم.
«الحياة صعبة والنسيان قانون» قالها لى يوسف عيدو، أحد أبناء بورسعيد، بينما كان يشرب الشاى أمام متجره شبه الخالى فى الحى التجارى: «لم يتبق سوى أشهر قليلة وتعلن رسميا وفاة المدينة الحرة مكافأة السادات لنا. نحرم منها، كأننا نعاقب على سنوات التهجير.
منذ سنوات نسمع أن القناة تحقق إيرادات هائلة بينما نحن نعيش تحت مقصلة تصفية المنطقة الحرة بدون بديل، ماذا سنفعل؟.. ومن سيأتى لشراء سلع ممكن أن يجدها فى أى مكان.. المعرض كما ترين خال، أفكر فى بيعه وتصفية أعمالنا والهجرة إلى أمريكا. أخى هناك منذ 16 عاما.. أبنائى لا يريدون العيش هنا.. عاطلين».
تقرير التنمية البشرية الأخير، يشير إلى أن نسبة البطالة فيها تتعدى 24%، وترتفع فى بعض الفئات خصوصاً الحاصلين على شهادات جامعية، لتصل إلى 27.8% وبين النساء لحوالى 33%, أبناء زرزارة تحول معظمهم للجريمة، لا طريق أخرى لمن فقدوا الأمل فى حياة آدمية، ولم يعد يراودهم حلم العبور للشاطئ الآخر للقناة على معدية الهيئة المجانية، التى توفرها لأبناء المحافظة والعاملين بها، ممن يقيمون فى مساكن الهيئة بحى بور فؤاد المميز.
على مقهى بشارع (اوجينى)، أو صفية زغلول حاليا، سألت البدرى فرغلى الذى كان نائبا عن بورسعيد لمدة 15 عاما، ماذا قدمت القناة لبورسعيد؟. أجاب: «لا شىء.. أبناء القناة قدموا كل شىء من أجلها بينما عندما بدأت الهيئة تجنى ثمارها أعطتنا ظهرها، حتى المدينة الحرة انتهت، ولم يعد أمام أبناء بورسعيد شىء. طالبت أكثر من مرة بمراجعة إيرادات القناة، واقرار نسبة محددة منها لأبناء مدن القناة، فهؤلاء هم الذين حافظوا عليها لمصر، فكيف لا يستفيدون منها. يضيف البدرى: إيراد القناة غير واضح تماماً، أين ينفقونه وفى أى شىء؟ فعندما نقول إن دخل القناة هذا العام 25 مليار جنيه، لابد أن نسأل واين سيذهب؟ وما نصيب مدن القناة المخنوقة من البطالة والأزمات الاقتصادية منه؟.. هيئة قناة السويس دولة داخل دولة، ولابد من إعادة تأميم القناة مرة أخرى من أجل أبناء مدن القناة».
هيئة قناة السويس، التى تعلن أن عدد موظفيها يزيدون على 25 ألف موظف لم تحدد كم من هؤلاء من أبناء القناة، خصوصاً أنه وباعتراف المسؤولين عن الهيئة، فإن ما يزيد على 300 مليون دولار يتم استقطاعها سنويا من دخل الهيئة، يتم إنفاقه على هؤلاء وما يقدم لهم من خدمات.
فى مكتب عضو مجلس الشعب صبرى خلف الله، كان معظم الجالسين من الشباب، القادمين بحثا عن فرصة عمل، ربما يساعدهم النائب فى توفيرها، بينما هو يؤكد أن الهيئة صارت بعيدة المنال عن أحلام التوظيف: «من يتم توظيفهم، هم غالبا أبناء العاملين، سواء الذين ما زالوا يعملون فى وظائف كبيرة، أو من يحالون إلى المعاش من الصغار، فهؤلاء يعرفون جيدا قيمة أن تكون موظفا بالهيئة، بينما نحن كأبناء للمدينة لا نستفيد شيئا. الهيئة تمتلك نصف المدينة ولا نعترض، ولكن من حق أبناء القناة أن يستفيدوا منها، وأنا أعرف أن هناك عرفا - ربما كان سائدا فى وقت ما - وهو أن 2% من دخل القناة كان يذهب لمدن القناة من أجل تطويرها، هذا لا يحدث الآن. تحدثنا كنواب مع الفريق أحمد فاضل رئيس الهيئة التى لها قانونها الخاص ولابد من تعديله».
جغرافياً تنقسم الإسماعيلية نصفين: غرب السكة الحديد، حيث الهيئة وعالمها الخاص، وشرق السكة، حيث عالم البسطاء من الموظفين وسائقى الميكروباص والعشوائيين، بدءا من منشية الشهداء وصولا للكيلو اتنين. فى حى الهيئة أكثر من سبعة نواد خاصة بالعاملين، وتنقسم المنطقة نفسها لحى الإفرنج، حيث الفيلات القديمة لمرشدى القناة، وكبار موظفيها من الأجانب، الذين رحلوا منذ نصف قرن، ولكن ظل تصنيف ساكنيها كما هو: «كبار الموظفين ورؤساء الشركات التابعة وكبار المهندسين».. حى كامل يستحق أن يظل حاملا نفس الاسم مضمونا وشكلا «حى الافرنج» بينما على الجانب الآخر من الشارع، تبدو العمارات الشيك للعاملين، ورغم حداثتها تتمتع بشكل مثير للإعجاب، النظافة والاهتمام بالتشجير.
اتذكر كلمات مدحت عامل مطعم الشراع، أحد مطاعم العاملين بالهيئة التى تقدم خدماتها للعاملين بأسعار رمزية جداً، عندما سألته هل هو من أبناء الإسماعيلية، قال إنه جاء من الإسكندرية للعمل فى الهيئة، يتقاضى الآن 850 جنيها بعد عامين فقط من العمل، ويستعد لاستلام شقته فى مساكن الهيئة بمجرد عقد قرانه نظير سبعة جنيهات فقط فى الشهر كإيجار شهرى رمزى.. ومن يمكن أن يوفر فرصة عمل ومميزات كهذه فى مصر للعاملين بها، يبتسم مدحت ولا ينتظر إجابة.
سعد خليفة عضو مجلس الشعب عن مدينة السويس، التى تعيش انتعاشا نسبيا مقارنة ببقية مدن القناة، لوجود صناعات البترول بها افسر ما يحدث: «لا أحد يعرف شيئا عن الهيئة سوى بعض الأرقام عن دخلها السنوى، بينما مساهماتها أمر لا يذكر، مقارنة بما نسمعه من أرقام فلا تكفى 2 مليون جنيه، ساهمت بها الهيئة قبل سنوات فى مشروع الصرف الصحى، الذى استفاد به أيضا سكان عمارات الهيئة من العاملين بها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.