السيسي في ذكرى 23 يوليو: نواصل المسيرة المشرفة بكل طموح لتعزيز مكانة مصر إقليميا ودوليا    أحزاب سياسية: كلمة الرئيس السيسي في ذكرى 23 يوليو وثيقة وطنية تعكس الثقة في المستقبل    تنفيذاً لتوجيهات الرئيس.. الأوقاف والتعليم يوقعان بروتوكول تعاون لإطلاق حضانات تعليمية بالمساجد (صور)    غدا.. إجازة مدفوعة الأجر للقطاعين العام والخاص    تنسيق الثانوية العامة 2025.. مصروفات جامعة العلمين الدولية ومؤشرات القبول بكلياتها    المشاط تمثل مصر في الاجتماع الوزاري لمجموعة العشرين حول التنمية    23 يوليو 2025.. الدولار يعاود الارتفاع مرة أخرى خلال تعاملات اليوم ويسجل 49.20 جنيه للبيع    أسعار اللحوم في مطروح اليوم الأربعاء 23 يوليو 2025    الاستعانة بمركز بحثي متخصص لإعداد دراسة فنية لتطوير كورنيش طنطا في الغربية    شهداء الجوع في غزة.. البطون الخاوية آلية الاحتلال لقصف الأبرياء    مفاوضات إسطنبول.. جولة ثالثة تبحث شروط السلام بين موسكو وكييف    استشهاد صحفية و5 من أطفالها في مجزرة الاحتلال بحي تل الهوا غزة    فيرجسون يدعم صفوف روما    أزمة في الأهلي بسبب رضا سليم.. خالد الغندور يكشف التفاصيل    تدريبات بدنية خاصة للاعبي الزمالك في المران الصباحي    الخطيب يبحث مع لابورتا إقامة مواجهة تاريخية بين الأهلي وبرشلونة في افتتاح الاستاد الجديد    التحقيق مع سيدة حاولت غسل 80 مليون جنيه حصيلة اتجار بالمخدرات    موجة حارة تضرب الإسكندرية وسط رطوبة مرتفعة    وفاة شخصين متأثرين بإصابتهما في حادث تصادم سيارتين بقنا    أسرة مريم الخامس أدبي تستقبل نتيجتها بالزغاريد في دمياط    تعليم قنا تنظم ندوة تعريفية عن نظام «البكالوريا الجديدة»    ضبط 3695 قضية سرقة كهرباء خلال 24 ساعة    مهرجان الإسكندرية السينمائي يكشف تفاصيل الدورة 41: تكريم ليلى علوي.. والمغرب ضيف شرف    رئيس جامعة القاهرة يهنئ 6 أساتذة فائزين بجوائز الدولة للرواد والتشجيعية والمرأة    تكتفي بالمراقبة أكثر من الكلام.. 5 أبراج يفضلون الصمت    الحكومة: الموعد الرسمي لافتتاح المتحف المصري الكبير سيتم الإعلان عنه قريبًا    محفظ قرآن يهدي تلميذته رحلة عمرة لتفوقها في الثانوية العامة بقنا    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : كم نتمنى ان نكون مثلكم ?!    بعد إعلان نتيجة الثانوية العامة 2025.. 8 نصائح لطلاب الدور الثاني للتغلب على التوتر وزيادة التركيز    البترول: نتائج واعدة للبئر "بيجونيا-2" واستكمال "بلسم-3" في منطقة دلتا النيل البرية    المصري وحش كاسر، توفيق عكاشة يوجه رسالة تحذير للمتطاولين على المصريين    غموض موقف هذا الثلاثي، ملامح قائمة برشلونة قبل الجولة الآسيوية    15 صورة ترصد عرض "الملك وأنا" بالمهرجان القومي للمسرح    على طريقة عربي.. مصطفى غريب يوجه رسالة طريفة لطلاب الثانوية العامة    محافظ الفيوم يهنئ وزير الدفاع ورئيس الأركان بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو    تجديد حبس طالب بتهمة قتل سيدة لسرقة أموالها بالشرقية    "الزراعي المصري" يحصد جائزة أفضل بنك في دعم التنمية الزراعية المستدامة لعام 2025    «100 يوم صحة» تقدم 10 ملايين و871 ألف خدمة مجانية خلال 7 أيام    طريقة عمل المكرونة بالبشاميل، بطريقة المحلات وطعم مميز    الكنيسة الأرثوذكسية تُهني الرئيس والشعب بذكرى 23 يوليو    رئيس هيئة الرقابة الصحية من مطروح: تحقيق جودة الخدمات يعتمد بالأساس على تأهيل الكوادر البشرية (تفاصيل)    أسعار الذهب في مصر اليوم الأربعاء 23 يوليو 2025    مرتضى منصور لحسن شحاتة: للأسف أنا مسافر ومنعزل عن العالم    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الأربعاء    البث العبرية: واشنطن تهدد حماس بسحب الضمانات بشأن اتفاق غزة    بزشكيان: إنهاء البرنامج النووي الإيراني وهم.. ومستعدون لضرب عمق الأراضي المحتلة من جديد    محمد عبد الحافظ ناصف مستشارًا للشؤون الفنية والثقافية بالهيئة العامة لقصور الثقافة    وزير الخارجية يتوجه إلى النيجر في المحطة الثالثة من جولته بغرب إفريقيا    دار الإفتاء المصرية توضح حكم تشريح جثة الميت    الأرصاد: طقس اليوم شديد الحرارة نهارًا رطب ليلًا على أغلب الأنحاء    مجلس الأمن يعتمد قرارا لحل النزاعات بالطرق السلمية    «زي النهارده» في ‌‌23‌‌ يوليو ‌‌1952‌‌.. قيام ثورة ‌‌23‌‌ يوليو ‌‌1952    بانوراما أيامنا الحلوة تجسّد مشاعر الحنين إلى الماضي على المسرح المكشوف بالأوبرا    «الأهلي بياخد الدوري كل أثنين وخميس».. نجم الزمالك السابق يتغنى ب مجلس الخطيب    منها السبانخ والكرنب.. أهم الأطعمة المفيدة لصحة القلب    درس حصوله على الجنسية المصرية.. شوبير يكشف مفاجأة بشأن وسام أبو علي    ما هي كفارة اليمين؟.. أمين الفتوى يجيب    حملة دعم حفظة القرآن الكريم.. بيت الزكاة والصدقات يصل المنوفية لدعم 5400 طفل من حفظة كتاب الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أين تذهب أموال قناة السويس?
تحقق المليارات سنوياً.. ومدنها تغرق فى البطالة والعشوائيات
نشر في اليوم السابع يوم 16 - 10 - 2008

قال لى حسن حمودة: «لا أحب الذهاب هناك. غرب السكة الحديد، عالم تانى الدخول إليه ليس سهلا، حاولت منذ عشرين عاما وفشلت. ومن يومها لا أحب عبور شريط القطار إحنا مكانا هنا».
هنا التى يتحدث عنها حسن هى عزبة (أبو زلط) إحدى عزب منطقة الكيلو (2) أكبر وأقدم وأشهر عشوائيات مدينه الإسماعيلية، تضم أكثر من 5 آلاف منزل، لاصرف صحى ولا مياه شرب. ومحطة تحلية المياه القريبة، تقدم خدماتها لسكان الجانب الآخر من شريط القطار. شئون العاملين بالهيئة لم تقبل توظيف حسن ولم يعد أمام حسن وأشقائه الخمسة سوى العشوائيات «هناك» على حافة المدينة، التى تقع قريبا جدا من قناة السويس، التى تحقق أعلى دخل لها فى تاريخها، لم يقترب من حياة هؤلاء الذين يعيشون الفقر على شاطئ الذهب.
السفن التى عبرت قناة السويس دفعت أكثر من 52 مليار دولار للقناة عبر سنوات عملها وحتى الآن، العام الأخير وحده حوالى 4.7 مليار دولار. هذه المليارات شاركت فى دفع عجلة الحياة فى الاقتصاد القومى حوالى 4% من الناتج المحلى وأكثر من 10% من العملات الصعبة - ولكن ماذا فعلت القناة للعابرين بفقرهم ليل صباح، بجوار مجراها الذى يسيل ذهبا؟
لا شىء.
هنا من السويس جنوبا وحتى بورسعيد شمالا تبدو القناة الغنية، وكأنها لا تكترث بفقراء مدنها, أبناء كتائب الفدائيين القدامى وعازفى السمسمية, الآن صارت القناة تعنى الهيئة، والهيئة تعنى الأسوار العالية. وفى الخلفية عالم آخر، لا أحد يجرؤ على الاقتراب منه.. حتى أبناء مدن القناة أنفسهم.
«الحياة صعبة والنسيان قانون» قالها لى يوسف عيدو، أحد أبناء بورسعيد، بينما كان يشرب الشاى أمام متجره شبه الخالى فى الحى التجارى: «لم يتبق سوى أشهر قليلة وتعلن رسميا وفاة المدينة الحرة مكافأة السادات لنا. نحرم منها، كأننا نعاقب على سنوات التهجير.
منذ سنوات نسمع أن القناة تحقق إيرادات هائلة بينما نحن نعيش تحت مقصلة تصفية المنطقة الحرة بدون بديل، ماذا سنفعل؟.. ومن سيأتى لشراء سلع ممكن أن يجدها فى أى مكان.. المعرض كما ترين خال، أفكر فى بيعه وتصفية أعمالنا والهجرة إلى أمريكا. أخى هناك منذ 16 عاما.. أبنائى لا يريدون العيش هنا.. عاطلين».
تقرير التنمية البشرية الأخير، يشير إلى أن نسبة البطالة فيها تتعدى 24%، وترتفع فى بعض الفئات خصوصاً الحاصلين على شهادات جامعية، لتصل إلى 27.8% وبين النساء لحوالى 33%, أبناء زرزارة تحول معظمهم للجريمة، لا طريق أخرى لمن فقدوا الأمل فى حياة آدمية، ولم يعد يراودهم حلم العبور للشاطئ الآخر للقناة على معدية الهيئة المجانية، التى توفرها لأبناء المحافظة والعاملين بها، ممن يقيمون فى مساكن الهيئة بحى بور فؤاد المميز.
على مقهى بشارع (اوجينى)، أو صفية زغلول حاليا، سألت البدرى فرغلى الذى كان نائبا عن بورسعيد لمدة 15 عاما، ماذا قدمت القناة لبورسعيد؟. أجاب: «لا شىء.. أبناء القناة قدموا كل شىء من أجلها بينما عندما بدأت الهيئة تجنى ثمارها أعطتنا ظهرها، حتى المدينة الحرة انتهت، ولم يعد أمام أبناء بورسعيد شىء. طالبت أكثر من مرة بمراجعة إيرادات القناة، واقرار نسبة محددة منها لأبناء مدن القناة، فهؤلاء هم الذين حافظوا عليها لمصر، فكيف لا يستفيدون منها. يضيف البدرى: إيراد القناة غير واضح تماماً، أين ينفقونه وفى أى شىء؟ فعندما نقول إن دخل القناة هذا العام 25 مليار جنيه، لابد أن نسأل واين سيذهب؟ وما نصيب مدن القناة المخنوقة من البطالة والأزمات الاقتصادية منه؟.. هيئة قناة السويس دولة داخل دولة، ولابد من إعادة تأميم القناة مرة أخرى من أجل أبناء مدن القناة».
هيئة قناة السويس، التى تعلن أن عدد موظفيها يزيدون على 25 ألف موظف لم تحدد كم من هؤلاء من أبناء القناة، خصوصاً أنه وباعتراف المسؤولين عن الهيئة، فإن ما يزيد على 300 مليون دولار يتم استقطاعها سنويا من دخل الهيئة، يتم إنفاقه على هؤلاء وما يقدم لهم من خدمات.
فى مكتب عضو مجلس الشعب صبرى خلف الله، كان معظم الجالسين من الشباب، القادمين بحثا عن فرصة عمل، ربما يساعدهم النائب فى توفيرها، بينما هو يؤكد أن الهيئة صارت بعيدة المنال عن أحلام التوظيف: «من يتم توظيفهم، هم غالبا أبناء العاملين، سواء الذين ما زالوا يعملون فى وظائف كبيرة، أو من يحالون إلى المعاش من الصغار، فهؤلاء يعرفون جيدا قيمة أن تكون موظفا بالهيئة، بينما نحن كأبناء للمدينة لا نستفيد شيئا. الهيئة تمتلك نصف المدينة ولا نعترض، ولكن من حق أبناء القناة أن يستفيدوا منها، وأنا أعرف أن هناك عرفا - ربما كان سائدا فى وقت ما - وهو أن 2% من دخل القناة كان يذهب لمدن القناة من أجل تطويرها، هذا لا يحدث الآن. تحدثنا كنواب مع الفريق أحمد فاضل رئيس الهيئة التى لها قانونها الخاص ولابد من تعديله».
جغرافياً تنقسم الإسماعيلية نصفين: غرب السكة الحديد، حيث الهيئة وعالمها الخاص، وشرق السكة، حيث عالم البسطاء من الموظفين وسائقى الميكروباص والعشوائيين، بدءا من منشية الشهداء وصولا للكيلو اتنين. فى حى الهيئة أكثر من سبعة نواد خاصة بالعاملين، وتنقسم المنطقة نفسها لحى الإفرنج، حيث الفيلات القديمة لمرشدى القناة، وكبار موظفيها من الأجانب، الذين رحلوا منذ نصف قرن، ولكن ظل تصنيف ساكنيها كما هو: «كبار الموظفين ورؤساء الشركات التابعة وكبار المهندسين».. حى كامل يستحق أن يظل حاملا نفس الاسم مضمونا وشكلا «حى الافرنج» بينما على الجانب الآخر من الشارع، تبدو العمارات الشيك للعاملين، ورغم حداثتها تتمتع بشكل مثير للإعجاب، النظافة والاهتمام بالتشجير.
اتذكر كلمات مدحت عامل مطعم الشراع، أحد مطاعم العاملين بالهيئة التى تقدم خدماتها للعاملين بأسعار رمزية جداً، عندما سألته هل هو من أبناء الإسماعيلية، قال إنه جاء من الإسكندرية للعمل فى الهيئة، يتقاضى الآن 850 جنيها بعد عامين فقط من العمل، ويستعد لاستلام شقته فى مساكن الهيئة بمجرد عقد قرانه نظير سبعة جنيهات فقط فى الشهر كإيجار شهرى رمزى.. ومن يمكن أن يوفر فرصة عمل ومميزات كهذه فى مصر للعاملين بها، يبتسم مدحت ولا ينتظر إجابة.
سعد خليفة عضو مجلس الشعب عن مدينة السويس، التى تعيش انتعاشا نسبيا مقارنة ببقية مدن القناة، لوجود صناعات البترول بها افسر ما يحدث: «لا أحد يعرف شيئا عن الهيئة سوى بعض الأرقام عن دخلها السنوى، بينما مساهماتها أمر لا يذكر، مقارنة بما نسمعه من أرقام فلا تكفى 2 مليون جنيه، ساهمت بها الهيئة قبل سنوات فى مشروع الصرف الصحى، الذى استفاد به أيضا سكان عمارات الهيئة من العاملين بها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.