دعت دراسة بحثية أمريكية إلى ضرورة المساهمة فى تخفيف الأعباء عن الاقتصاد المصرى بدور أكبر لمنظمات المجتمع المدنى، ودعم الجهات المانحة لمصر فى هذه المرحلة لتلك المنظمات. وقالت الدراسة التى ألفها عدد من الباحثين بمعهد بروكنجنز إن هناك حالتين اقتصادين فى مصر. فقد حصل وزير المالية السابق يوسف بطرس غالى الذى صدر ضده حكم غيابى مؤخراً بالسجن لمدة 30 عاماً بتهم الفساد، مرتين على جائزة أفضل وزير مالية فى الشرق الأوسط لقيامه بإصلاحت اقتصادية. وعكس إدعائه بأن صناع السياسة الاقتصادية فى مصر قد طوروا "حاسة سادسة" حول موقف الاقتصاد وما ينبغى أن يكون عليه الأداء المؤثر للاقتصاد الكلى فى مرحلة ما قبل الثورة والذى تم قياسه بمعدلات نمو الناتج القومى الإجمالى والتجارة والاستثمار الخاص والاستثمارات الأجنبية المباشرة، كما زاد احتياطى النقد الأجنبى فى عهده. وفى عام 2008، تم اختيار مصر كأكبر الدول الإصلاحية بحسب استطلاع للبنك الدولى. وفى الوقت نفسه، فإن تقرير عن الديمقراطية وأنشطة الحكم صادر من وكالة المساعدات الدولية الأمريكية وجد أن المنظمات غير الحكومية المستقلة قد صنفت مصر سلباً فى مؤشرات حرية الإعلام والفساد والحريات المدنية والحريات المدنية والحقوق السياسية والديمقراطية. وظل تصنيف مصر دون تغيير أو متراجعاً على مدار العامين الماضيين. وتم تسجيل حالة من الاستياء الكبير بشأن الخمات العامة كالتعليم والمواصلات. كما أن مصر يوجد بها معدلات بطالة مرتفعة للغاية حيث أن نصف قوى العمل فيها فقط لديهم وظائف ثلثيهم فى القطاع غير الرسمى، وتثل الحكومة غالبية القطاع الرسمى. ورأت الدراسة أن هذين الواقعين المختلفين للاقتصاد المصرى، أى الاقتصاد الديناميكى الناشى المدفوع من النخبة، والاقتصاد غير الرسمى الذى يعيش فيه غالبية المصريين، فى حاجة ماسة إلى المساعدة اليوم. وقد استهدف برنامج صندوق النقد الدولى مؤخراً المشكلة الأولى والتى تتعلق بكيفية تجنب انهيار للاقتصاد الرسمى على المدى القصير. لكن هذا على الأرجح غير كاف وربما يكون مضراً على المدى المتوسط ما لم تتم معالجة مشكلات الاقتصاد غير الرسمى. ووتحدث الدراسة عن كيفية إشراك المجتمع المدنى فى مصر فى خلق اقتصاد عادل جديد تحد فيه الوظائف والاعتماد على الذات من الاعتماد على الدولة وإعادة الكرامة للشعب المصرى. وأشارت الدراسة إلى أن الدور الذى يمكن أن تقوم به منظمات المجتمع المدنى فى تطوير مصر يتمثل فى عدة نقاط أهمها ضمان عملية نمو اقتصادى أكثر شمولاُ من خلال إعطاء صوت للجماعات التى لم تمثل بشكل جيد. وفى سبيل تحقيق ذلك، يجب أن يتم تمكين هذه المنظمات لتنظيم نفسها فى شبكات مظلة وتحالفات مع القيادة الممثلة لطرح آرائهم. كما يجب خلق نماذج ابتكارية تعالج فجوات السوق، ولتحقيق ذلك يجب إجراء تغييرات قانونى توسع من نشاط المجتمع المدنى. ويجب أن يتم تطبيق المحاسبة والحد من الفساد فى كل قطاعات المجتمع. من ناحية أخرى، دعت الداسة إل ضرورة التخلص من الإجراءات التى تحد من الخيارات المتاحة مام منظمات المجتمع المدنى فيما يتعلق بمصادر تمويلها والتى تفرض قيوداً على المنح الدولية والداخلية، الأمر الذى يؤثر بالتالى على نشاطها واستقلالها. وقالت إنه بدون وضع نموذج جديد لتمويل هذه المنظمات، فإن مجتمعاً مدنياً مستقلاً ونابضا بالحياة لا يمكن أن يدوم فى مصر. وفى الختام، سردت الدراسة الوسائل التى يمكن أن تساهم بها الجهات المانحة لمصر، والمقصود بها الولاياتالمتحدة والبنك الدولى وصندوق النقد الدولى وغيرهما من المؤسسات المالية الدولية الأخرى فى تفعيل دور المجتمع المدنى.وقالت إن هذه الوسائل تشمل تدعيم ثقافة التعاون بين منظماته عبر إدماجها فى حوار بشأن السياسات بطريقة أكثر تنظيماً. وتوفير المانحين لمزيد من الأموال بناء منظمات المجتمع المدنى ومساعدتها على النمو والبقاء، والاهتمام بمساعدة النماذج الناجحة الموجودة دون التركيز فقط على الأفكار الجديدة، وأخيراً تشجيع تواصل هذه المنظمات والإشراف على مساعدتها للوزارات والكيانات الأخرى.