تعقيب غالي لجنة السياسات المالية فى صندوق النقد لماذا تغيرت سياسة الاختيار؟! إعداد: سميحة عبد الحليم يبدوان قواعد اللعبة قد تغيرت .. فبعد الهيمنة الاوربية لاكثرمن ستين عاما وفيما يمثل تحولا تاريخيا ، سحب البساط وزير المالية يوسف بطرس غالي من الدول الاوربية وانتخب رئيساً للجنة تحديد السياسات في الصندوق وبذلك يصبح اول شخص على الاطلاق من دولة صاعدة يتولى هذا المنصب الرفيع الذى احتكرته الدول الاروبية منذ إنشاء الصندوق عام 1945 عدا فترة الثمانينيات عندما تولته كندا. انتخاب غالى وصف بانه خروج كبير على المألوف في تصويت شاركت فيه الدول الأعضاء في صندوق النقد الدولي. فهذه هى أول مرة يفوز برئاسة اللجنة وزير مالية من خارج الدول الصناعية السبع فقد كانت مغلقة على وزراء مالية هذه الدول منذ إنشائها. وظل جوردون براون رئيسا للجنة لمدة عشر سنوات أثناء شغله منصب وزير الخزانة البريطانى وترك المنصب عندما أصبح رئيسا لوزراء بريطانيا، ثم تلاه لمدة أشهر معدودة وزير مالية إيطاليا فى حكومة رومانو برودى الأخيرة. وتغلب بطرس غالي على وزير مالية الهند "بالانيابان تشيدامبارام" بأغلبية 12 صوتا مقابل عشرة اصوات في تصويت متقارب، فيما امتنعت دولتان عن التصويت، ليخلف بذلك وزير مالية ايطاليا "توماسو باديو شيوبا". وتسيطر الدول المانحة علي اتخاذ القرارات داخل الصندوق البالغ أعضاؤه 184 دولة، حيث يتم التصويت وفقا لحجم الحصص المالية لكل دولة، وتمتلك 5 دول هي أمريكا واليابان وألمانيا وفرنسا، وبريطانيا أكبر حصص مالية يليها الصين وروسيا والسعودية، حيث يسمح لهذه الدول الثمانية تعيين وانتخاب مديريها في المجلس التنفيذي للصندوق المكون من 24 عضوا، في حين يتم تقسيم باقي الدول وعددها 176 دولة إلي 16 دائرة انتخابية تنتخب كل منها مديرا تنفيذيا لتمثيلها. خطوات في حياة غالي وبطرس غالي الذي يجيد خمس لغات - العربية والانجليزية والفرنسية والاسبانية والايطالية - ليس حديث عهد بالصندوق. فقد عمل خبيرا اقتصاديا بالمؤسسة حتى عام 1986 وعمل في أزمة ديون المكسيك والانهيارات المالية في الأرجنتين والبرازيل. وقد تولى الدكتور يوسف بطرس غالى منصب وزير المالية منذ يوليو 2004 , قبل ذلك كان يتولي منصب وزير التجارة الخارجية منذ نوفمبر 2001 و حتى يوليو 2004. وشغل الدكتور يوسف بطرس غالى منصب وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية منذ أكتوبر 1999، وفي الفترة من يوليه 1997 إلى سبتمبر 1999 شغل منصب وزير الاقتصاد، وفى الفترة من يناير 1996 إلى يونيه 1997 كان وزيرا للدولة للشئون الاقتصادية. وفى الفترة من أبريل 1993 إلى ديسمبر 1995 كان وزيرا للدولة للتعاون الدولي ووزير الدولة لشئون مجلس الوزراء. وخلال الفترة من 1986 إلى 1993 عمل مستشارا اقتصاديا لكل من رئيس مجلس الوزراء ومحافظ البنك المركزي المصري. وقبل أن يتولى هذه المناصب عمل خبيرا اقتصاديا لمدة ست سنوات في صندوق النقد الدولي ( في الفترة من 1981 إلى 1986). وقبل الدخول في مجال العمل السياسي، كان يشغل منصبا أكاديميا متميزاً فهو حاصل على درجة البكالوريوس في الاقتصاد من جامعة القاهرة وفى عام 1981 حصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد من معهد ماساشوستس للتكنولوجيا (Massachusetts Institute of Technology). وكان الدكتور يوسف بطرس غالى يعمل أستاذا مساعدا في الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، ومديراً لمركز التحليل الاقتصادي بمجلس الوزراء، وفى الفترة من 1991 إلى 1993 كان عضوا بمجلس إدارة البنك الأهلي المصري. وعمل أيضا محاضرا للاقتصاد في الجامعة الأمريكيةبالقاهرة، وأيضا محاضراً بمعهد ماساشوستس للتكنولوجيا بالولاياتالمتحدةالأمريكية. وقد قام الدكتور يوسف بطرس غالى خلال السنوات العشرين الأخيرة بنشر اثنين وعشرين بحثاًً وكتاباً على نطاق واسع في الموضوعات النظرية وموضوعات التنمية في مجال الاقتصاد. جدير بالذكر ان مؤسسة اليورومنى قد اختارته أفضل وزير مالية بمنطقة الشرق الأوسط مرتين على التوالى عامى 2005 و2006، وذلك بناء على استقصاء مع كبرى البنوك الاستثمارية فى العالم والتى أجمعت على اختياره نتيجة لاستمرار الإصلاحات الضريبية التى قام بها. بالإضافة إلى قيامه بإعداد الخطط التى تركز على زيادة مستوى الشفافية على صعيد العمل الحكومى مع رفع كفاءة الإدارة الضريبية فى مصر وتبسيط الإجراءات الضريبية والتركيز على مبدأ التقدير الذاتي والطوعي للضريبة واستمرار أداء وزارة المالية فى عملها بأسلوب يعتمد على دعم الثقة مع المواطن، وإعداد الموازنة العامة بأسلوب شفاف يتسق مع معايير صندوق النقد الدولى مع التركيز على ضرورة إنشاء حساب الخزانة الموحد، بهدف إدارة الإنفاق الحكومى بكفاءة وهو الأمر الذى سيؤدى إلى تحسين مستوى التوازن المالى والاستدامة المالية للموازنة العامة للدولة بما يسهم أيضا فى تخفيض الدين العام. تعقيب غالي ويرى الدكتوريوسف بطرس غالى ان فوزه برئاسة اللجنة الدولية للشئون النقدية والمالية بصندوق النقد الدولي هو انتصار للسياسة الاقتصادية المصرية واعتراف بدورها الإصلاحي وإنجازاتها علي مدار الأعوام الماضية، حيث إن هذا المنصب يخدم الدول النامية بصفة عامة ومصر بصفة خاصة، فسوف تتاح لها الفرصة لتشارك بفعالية في كافة الحلول التي تطرح لإعادة هيكلة الاقتصاد العالمي. ويؤكد د. غالى على أن علاقات مصر بالمؤسسات المالية الدولية العالمية ستتحسن بصورة ملحوظة بعد تقلده المنصب الجديد، خاصة فيما يتعلق بحماية النظام المصرفي وتحصينه من الأزمات، مشيرا إلي أن الأزمة المالية العالمية لم تؤثر علي البنوك المصرية أبداً لأن تأثيرها المؤقت اقتصر علي البورصة التي خرج منها عدد من المستثمرين الأجانب فتبعهم المصريون بدون تفكير، وبطبيعة الحال ستعود الأمور إلي نصابها الصحيح سريعاً. لجنة السياسات المالية فى صندوق النقد تعتبرلجنة السياسات المالية والنقدية التابعة لصندوق النقد الدولى أهم تجمع لوزراء المالية فى العالم، وتتشكل من 24 عضوا يعكسون التركيبة المشكلة للمجلس التنفيذى بصندوق النقد الدولي والذى يضع الخطط المالية والنقدية التى يوصى بها صندوق النقد الدولى للتعامل مع مشاكل المدفوعات العالمية، وتوصى اللجنة بالسياسات المالية للاقتصاد العالمى التى تأخذ بها المنظمات الدولية المعنية بالمدفوعات العالمية وتأخذ بها الدول، كما تضع اللجنة من خلال رئيسها إطار التنسيق والتعاون بين وزارات المالية فى العالم. وعلى ذلك تعتبر تلك اللجنة الجهاز الحاكم للصندوق حيث تحدد اتجاهاته الاستراتيجية والأدوات المتاحة له للتدخل فى مواجهة الأزمات الدولية، وتتولى تقديم التوصيات لمجلس محافظى الصندوق فيما يتعلق بالإشراف على إدارة وإصلاح النظام النقدى العالمى وكذلك علاج الأزمات المفاجئة التى قد تهدد استقرار ذلك النظام. كما تناقش اللجنة قضايا السياسات الرئيسية التى تواجه الصندوق. وعلى ذلك يصبح أعضاء هذه اللجنة من محافظي صندوق النقد الدولى والوزراء وأى من المسئولين الرسميين من الفئات المناظرة لهم. وفى المعتاد تجتمع تلك اللجنة مرتين فى العام. ومدة رئاسة اللجنة ثلاث سنوات بشرط بقاء المرشح فى منصب وزير مالية بلاده. لماذا تغيرت سياسة الاختيار؟! جدير بالذكر ان صندوق النقد الدولى كان قد واجه انتقادات حادة بسبب فشله في تحذير الولاياتالمتحدةالأمريكية من افراط بنوكها في تقديم القروض العقارية عالية المخاطر، مما أدي إلي انهيار النظام المصرفي الأمريكي وما تبعه من أزمة مالية عالمية عصفت باقتصاديات معظم الدول، وهو ما دفع المدير العام الجديد للصندوق دومنيك ستراوس "فرنسي الأصل" إلي تقديم مشروع لاصلاح الصندوق وتعديل طريقة اتخاذ القرارات وزيادة نسبة تمثيل الدول النامية داخل مؤسسات الصندوق ولجانه المختلفة. مع تعزيز الدور الرقابي للصندوق علي الأسواق الدولية لمواجهة الأزمات التي قد تعصف بالاقتصاد العالمي. ويمثل هذا الإجراء خطوة كبيرة في فتح المستويات العليا لمناصب صنع السياسة في صندوق النقد الدولي امام الاقتصادات الناشئة التي تسعى منذ وقت طويل لدور اكبر في المؤسسة المالية العالمية ليعكس صعودهم في الاقتصاد العالمي.