مما لاشك فيه أن الثورة المباركة فى الخامس والعشرين من يناير قد أسقطت ديكتاتوراً وكان ذلك بفضل الله وحده لأنه كان يحيط نفسه بسياج من حديد ممنوع الاقتراب منه، وعاون الشعب فى إسقاطه جيش مصر العظيم الذى يضم خيرة أبناء الوطن فكان بحق الراعى الأول للثورة وحاميها، أشعل فتيلها الشباب واعتصم الشعب كله بها وأقامها حتى كان يوم التنحى. وللتحقيق فهو يوم سقوط أعظم ديكتاتور عربى حكم أعظم شعب ولكن غباء الحاكم ومعانيه لم يقدروا هذا الشعب حق قدره، ولم يعاملوه بما هو أهله فكان السقوط المدوى فى أرجاء البسيطة من أقصاها إلى أقصاها، فهنيئاً للعرب جميعاً الذى هبوا فى أنحاء متفرقة من الوطن العربى لإسقاط باقى الأصنام وفتحوا باباً على مصراعيه لخروج الطغاة منهم كتبوا عليه "اللى بعده"، ولكن لنا وقفة فى مصر فلقد أفرزت الثورة بعد سقوط ديكتاتور واحد أحيت فى نفس كل مصرى من الثمانين مليون ديكتاتور فتجد الكل يتكلم التى فى رأيه جميعها خطأ لا تحتمل الصواب فأصبح كل منا ديكتاتوراً جماعة يريدون الدستور أولاً - جماعة رئيس الجمهورية أولاً - جماعة تأبى ذلك وتريد انتخابات مجلس الشعب أولاً وجماعة تريد تأجيل كل ذلك لفترة محدودة ولتكن ستة أشهر أو سنة، فهم ليسوا فى عجلة من أمرهم والأغلبية الصامتة من الشعب تعانى تحت وطأة غلاء الأسعار، والوقفات الاحتجاجية تملأ الشوارع فى كل المدن المصرية، أيها الأخوة الأعزاء لابد من وقفة جادة نستمع لأراء بعضنا البعض ونتشاور ونتحاور نأخذ ما يعزز من موقف الشعب وحياته اليومية والمستقبلية كل ما فى صالح المواطن الضعيف نأخذه وننظر للأغلبية ولا ننظر للمصلحة الشخصية وفقط ترك هذا التكالب على المناصب.