أسعار الخضراوات اليوم 7 ديسمبر.. البصل يبدأ من 8 جنيهات للكيلو    أسعار الذهب اليوم الأحد 7 ديسمبر 2025    أسعار الدولار اليوم الأحد 7 ديسمبر 2025    الأحد 7 ديسمبر 2025 — أسواق الحديد تشهد استقرار نسبيًا بعد موجة تراجعات سابقة في أسوان    وزير الخارجية يبحث هاتفيا مع نظيره الإيرانى تطورات الملف النووى الإيرانى    تقرير: أوكرانيا على حافة الانهيار وبوتين لن يتراجع    وسط حالة التوتر العالمي .. الجيشان الصينى والروسى يجريان ثالث تدريب مشترك لاعتراض الصواريخ    أخبار مصر: صلاح يكتب نهايته مع ليفربول، مؤتمر هام لوزير الصحة عن الفيروسات التنفسية، أمطار رعدية تضرب مصر    نظر محاكمة 9 متهمين بقضية خلية داعش عين شمس اليوم    الأحد 7 ديسمبر 2025 — «سماء غائمة ثم شمس خافتة» ومائل للبرودة نهارًا في محافظة أسوان    مصرع شخص صدمته سيارة أثناء عبوره الطريق ب6 أكتوبر    محمد عشوب: نتمنى تنفيذ توجيهات الرئيس نحو دراما تُعبّر عن المواطن المصري    د.حماد عبدالله يكتب: وما نيلُ المطالب بالتمنى !!    آداب عين شمس تنظم دورات تدريبية للشباب الجامعي المقبل على الزواج    اثنان منها بالغة الخطورة، اكتشاف 107 ثغرات أمنية في برمجيات أندرويد وتحذير للمستخدمين    طقس اليوم الأحد أوروبي بامتياز.. نزول حاد في درجات الحرارة    جيروم باول يتجه لخفض أسعار الفائدة رغم انقسام الفيدرالي الأمريكي    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الأحد 7 ديسمبر    الجزائر.. 9 قتلى و10 جرحى في حادث مرور مروع بولاية بني عباس    حبس المتهمين بسرقة مشغولات فضية من مخزن في القاهرة    دعاء الفجر| اللهم ارزقنا نجاحًا في كل أمر    ضائقة مالية تجبر مخرج "العراب والقيامة الآن" على بيع ثاني ساعاته النادرة ب 10 ملايين دولار    ارتفاع عدد قتلى انفجار بولاية ميتشواكان غربي المكسيك إلى 3 أشخاص    أقرأ تختتم دوراتها الأولى بتتويج نسرين أبولويفة بلقب «قارئ العام»    رانيا علواني: ما حدث في واقعة الطفل يوسف تقصير.. والسيفتي أولى من أي شيء    تحذيرهام: «علاج الأنيميا قبل الحمل ضرورة لحماية طفلك»    رحمة حسن تكشف عن خطأ طبي يهددها بعاهة دائمة ويبعدها عن الأضواء (صورة)    جامعة كفر الشيخ تنظم مسابقتي «المراسل التلفزيوني» و«الأفلام القصيرة» لاكتشاف المواهب| صور    زيادة المعاشات ودمغة المحاماة.. ننشر النتائج الرسمية للجمعية العمومية لنقابة المحامين    «الصحة» توضح: لماذا يزداد جفاف العين بالشتاء؟.. ونصائح بسيطة لحماية عينيك    وزير الاتصالات: رواتب العمل الحر في التكنولوجيا قد تصل ل100 ألف دولار.. والمستقبل لمن يطوّر مهاراته    محسن صالح: توقيت فرح أحمد حمدى غلط.. والزواج يحتاج ابتعاد 6 أشهر عن الملاعب    مصدر أمني ينفي إضراب نزلاء مركز إصلاح وتأهيل عن الطعام لتعرضهم للانتهاكاتً    الإمام الأكبر يوجِّه بترميم 100 أسطوانة نادرة «لم تُذع من قبل»للشيخ محمد رفعت    أصل الحكاية| ملامح من زمنٍ بعيد.. رأس فتاة تكشف جمال النحت الخشبي بالدولة الوسطى    أصل الحكاية| «أمنحتب الثالث» ووالدته يعودان إلى الحياة عبر سحر التكنولوجيا    المشدد 3 سنوات لشاب لإتجاره في الحشيش وحيازة سلاح أبيض بالخصوص    محمد صلاح يفتح النار على الجميع: أشعر بخيبة أمل وقدمت الكثير لليفربول.. أمى لم تكن تعلم أننى لن ألعب.. يريدون إلقائي تحت الحافلة ولا علاقة لي بالمدرب.. ويبدو أن النادي تخلى عنى.. ويعلق على انتقادات كاراجر    هشام نصر: هذا موقفنا بشأن الأرض البديلة.. وأوشكنا على تأسيس شركة الكرة    الاتحاد الأوروبى: سنركز على الوحدة فى مواجهة النزاعات العالمية    أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. الحكومة البريطانية تبدأ مراجعة دقيقة لأنشطة جماعة الإخوان.. ماسك يدعو إلى إلغاء الاتحاد الأوروبى.. تقارير تكشف علاقة سارة نتنياهو باختيار رئيس الموساد الجديد    نشرة الرياضة ½ الليل| رد صلاح.. رسالة شيكابالا.. مصير مصر.. مستحقات بنتايج.. وتعطل بيراميدز    عمرو أديب بعد تعادل المنتخب مع الإمارات: "هنفضل عايشين في حسبة برمة"    آخر مباراة ل ألبا وبوسكيتس أمام مولر.. إنتر ميامي بطل الدوري الأمريكي لأول مرة في تاريخه    أسوان والبنية التحتية والدولار    اللجنة القضائية المشرفة على الجمعية العمومية لنقابة المحامين تعلن الموافقة على زيادة المعاشات ورفض الميزانية    هيجسيث: الولايات المتحدة لن تسمح لحلفائها بعد الآن بالتدخل في شؤونها    نقيب المسعفين: السيارة وصلت السباح يوسف خلال 4 دقائق للمستشفى    محمد متولي: موقف الزمالك سليم في أزمة بنتايج وليس من حقه فسخ العقد    الحق قدم| مرتبات تبدأ من 13 ألف جنيه.. التخصصات المطلوبة ل 1000 وظيفة بالضبعة النووية    خالد الجندي: الفتوحات الإسلامية كانت دفاعا عن الحرية الإنسانية    وكيل وزارة الصحة بكفر الشيخ يتفقد مستشفى دسوق العام    الأزهري يتفقد فعاليات اللجنة الثانية في اليوم الأول من المسابقة العالمية للقرآن الكريم    تقرير عن ندوة اللجنة الأسقفية للعدالة والسلام حول وثيقة نوسترا إيتاتي    الاتصالات: 22 وحدة تقدم خدمات التشخيص عن بُعد بمستشفى الصدر في المنصورة    مفتي الجمهورية: التفاف الأُسر حول «دولة التلاوة» يؤكد عدم انعزال القرآن عن حياة المصريين    مواقيت الصلاه اليوم السبت 6ديسمبر 2025 فى المنيا..... اعرف صلاتك بدقه    الصحة: فحص أكثر من 7 ملابين طالب بمبادرة الكشف الأنيميا والسمنة والتقزم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المال والدماء فى الثورة المصرية
نشر في اليوم السابع يوم 30 - 05 - 2011

أهم ما لاحظته فى ثورة الغضب الثانية، وضوح وتنامى الحس الاجتماعى، كالمطالبة بحد أدنى وأقصى للأجور، بجانب مطلب التطهير السياسى، وأسوأ ما فى الموضوع لغة التخوين بين من شاركوا ومن لم يشاركوا.
قال لى سائق التاكسى الذى أقلنى للتحرير، إنه اضطر منذ أيام إلى دفع أضعاف ما كان يدفعه قبل الثورة من رشاوى وإكراميات لاستخراج رخصة للتاكسى، قالها بطريقة الناقم على ثورة 25 يناير التى شارك فيها بنفسه، فدخلت معه فى حوار دفاعاً عن الثورة، وأنهيته بقصة جارنا الذى تم خطف ابنتيه فى السابعة مساءً من جانب المنزل، وأعادها أهلها بأنفسهم بعد أن أخذوا يترجون الشرطة بضعة أيام.. جمع الأهل التحريات، وطاردوا المجرمين وانتزعوا الفتاتين، وأمام المنزل أطلقوا الأعيرة النارية، تأكيداً على أنهم لن يكونوا "ملطشة"، كل ذلك دون أن تحرك الشرطة ساكناً، لأن هناك رجال شرطة لا يريدون القيام بعملهم إلا وهم أسياد البلد، ولم تستطع الحكومة أن تقوم بواجبها فى إعادة الفتاتين لأبيهن، بينما استطاعت وبحسم حماية السفارة الإسرائيلية، بتكلفة حقوقية فادحة، أسهب الشباب الذين قبض عليهم من أمام السفارة، فى شرح المعاملة غير الإنسانية والضرب والإهانة والإذلال على يد الشرطة فى ليلة القبض عليهم.
ولا أستطيع التعبير عن الأحاسيس القاسية التى تملكتنى عندما قرأت منذ أيام خبر انتحار رجل لعدم قدرته الإنفاق على أسرته، وبعدها بأيام موظف فى مستشفى طوارئ المنصورة يشعل النار فى نفسه، وتذكرت عندما كنت أقرأ مثل هذه الأخبار قبل الثورة، وكتبت وقتها مقالاًً فى موقع "البديل" بعنوان"تعالوا إلى كلمة سواء يوم 25 يناير"، أدعو فيه المنتحرين ومن يحرقون أنفسهم، أن يكفوا عن ذلك ويخرجوا معنا فى يوم احتجاجى، كان أقصى طموحى أن يكون أقوى قليلاً من يوم 6 أبريل 2008، وإذا بالاحتجاج يتحول إلى ثورة، ثم وبعد الثورة بشهور، أعود لأصطدم بنفس أنماط الانتحار والاحتجاج السلبى.
الإحساس نعمة، وعندما فقد مبارك وحاشيته هذه النعمة زال حكمهم بثورة شعبية، أهم ما فيها، أنها أيقظت أحاسيسنا، وجعلتنا جميعاً نفتدى بعضنا البعض فى ميدان التحرير، وبعد تنحى مبارك وتولى د.عصام شرف رئاسة الوزراء، رأيت أنه من البديهى وفقاً لروح ميدان التحرير الفدائية، وفى ظل الظروف الاقتصادية التى جعلت الكثير من الفقراء والعمال جزءاً مهماً من المتظاهرين فى كل ميادين مصر أثناء الثورة، أن يفكر فى خطة اقتصادية استثنائية طموحة، تعتمد على إسهامات أصحاب المليارات، لانتشال ملايين المصريين من الفقر والبطالة.
وظننت، وبعض الظن إثم، أن أموال الأغنياء ليست أغلى من دماء الشهداء، وإذا كان هناك من دفع روحه فى سبيل الوطن، فسوف نجد من يدفع المليارات فى سبيل الوطن أيضاً، وتصورت أنه يمكن إنشاء سلسلة من المشروعات الزراعية والصناعية، تنتج المواد التى تحتاج إليها البلاد، ويعمل فيها أعداد كبيرة من العاطلين، بدلاً من أن يتظاهروا ويحتجوا ونحاول نحن إقناعهم بأن يهدأوا، لتكون بداية لنهضة غير مسبوقة.
كنت أنظر إلى تصوراتى على أنها ساذجة، وانتظرت من وزارة شرف أن تقدم أفكاراً ومشروعات وخطط أكثر طموحاً وأقل سذاجة ليقدم الأغنياء ضريبة المال للوطن، كما قدم الفقراء ضريبة الدم، لكن شرف لم يفكر فى هذا، وتستمر حكومته ومعها رجال الأعمال فى تحذيرنا من الوضع الاقتصادى والأمنى المتردى، رغم أن الفقراء"المطالبون بحقوقهم"، هم المتضررون بهذه الأوضاع، ولا يحتاجون لتحذير، وإنما لحلول، لا تقدمها حكومة شرف.
واهتم الكثير من الاقتصاديين بتفنيد مزاعم الحكومة عن الانهيار الاقتصادى، ونجحوا فى إقناع الكثير منا بأن الأمر ليس كما تدعيه الحكومة، وذلك عبر جدال طويل تناولوا خلاله الكثير من الأرقام، لكن كثيراً منهم فى رأيى وقعوا فى فخ الأرقام هم والحكومة، وما أود الإشارة إليه دون الإيغال فى الأرقام، أن أزمة بلادنا الاقتصادية أزمة هيكلية مزمنة، ترتبط بنظام عالمى مأزوم، فما زالت الاحتجاجات تشتعل من آن لآخر فى البلدان الأوربية، احتجاجاً على سياسات التقشف وغيرها من السياسات التى تطبق على حساب الفقراء، هذه السياسات طبقت فى بلادنا بشكل بالغ السوء مصحوبة بفساد وصل إلى نخاع النظام، ما دفع الفقراء كما رأيتهم فى المطرية يوم 28يناير، لأن يكونوا جزءاً أساسياً من الثورة، ولم تقتصر الثورة على المطالب السياسية، وإنما رفعت شعار" تغيير حرية عدالة اجتماعية"، فهل يعمل شرف وحكومته على تنفيذ مبادئ الثورة حقاً.
يقودنا هذا السؤال إلى مناقشة مفهوم الفترة الانتقالية، والتى أرى لها جانبين، جانب اقتصادى، بمعنى التخفيف من وطأة الفقر الذى نشره نظام مبارك، واستفادت منه طبقات بعينها، لذلك كان يجب الاستعانة بالأموال المتراكمة فى يد هذه الطبقات لسد الحاجات الأساسية للشرائح الأشد فقراً، والتى تبيع أصواتها فى الانتخابات مقابل ما يكفى ثمن أرخص أنواع الطعام لبضعة أيام، لكى نسد باباً عظيماً من أبواب الفساد السياسى، والجانب الآخر أمنى وسياسى، بالقضاء على البلطجة وإعادة الأمن للبلاد، مع فتح حوار واسع حول كل القضايا الأساسية وغير الأساسية، لتكون فترة انتقالية حقيقية، يستعيد خلالها الشعب حيويته، ويتطهر من الأفكار الطائفية وغيرها من الأوهام التى اكتسبها فى ظل نظام فاسد من جميع الجوانب بما فيها الجوانب الثقافية والإعلامية، لنبدأ فترة جديدة بوعى جديد تظلله الروح الإنسانية التى سادت فى التحرير.
لكن كل هذا لم يحدث، وأصبح المشهد فى الفترة الانتقالية كالتالى: بمجرد تنحى مبارك عاد كل منا إلى موقعه السابق على حالة "التحرير"، عاد الفقراء إلى الحرمان، فوقفوا مندهشين مطالبين بحقوقهم، وعاد الأغنياء إلى مواقعهم، قابضين بأيديهم على ما اكتسبوه من أموال فى عهد مبارك، غير مفرطين فى مليم فما بالك بالمليارات، لا يستطيعون إدراك أزمة رب أسرة براتب 500 أو 600 أو حتى ألف جنيه، فى ظل قوانين الإيجار المؤقت وارتفاع أسعار يستفيد منه التجار ورجال الأعمال، أما العاطلين الذين لا يتلقون أجراً، فلهم المحاكمات إذا أخطأوا وهم يبحثون عن بعض المال، فلينتحروا أو يشعلوا النار فى أنفسهم، المهم ألا يحتجوا..!
انتبهوا يا ناس، المشكلة أعقد مما تتصورون، فلا أحد يستطيع أن يتكهن بموقف الأغلبية التى لم تشارك فى الاستفتاء الأخير، الذى لا أعترض عليه ولا على نتيجته، فأنا وكل مصرى ملتزم به، لكن التفتوا قليلاً للأصوات التى تحذر من ثورة جياع قادمة لا تبقى ولا تذر، ولا تؤمن بثورة يناير ولا أى فكر أو تيار، وتكون مظاهرات التحرير واعتصامات الفئويين بالنسبة لها "لعب عيال"، والخوف من أن يتحول الأمر إلى كارثة كما فى ليبيا أو الصومال أو أياً من المسارات المرعبة، وتذكروا أن الإحساس نعمة، وأن نظام مبارك انهار فى أيام، لأنه فقد هذه النعمة.
ولا أنسى فى هذا المقام أن أحاول شد الانتباه لتصريح د.عمرو سلامة وزير التعليم العالى، الذى أكد على تشكيل لجنة لحصر جميع المكافآت التى تحصل عليها القيادات فى الجامعات والوزارة، مع وضع قواعد واضحة للحد الأدنى والأقصى لهذه المكافآت، وأنه يسعى لإلغاء المكافآت التى تصل إلى الملايين لبعض القيادات الجامعية سنويا، وأدعو كل وزراء الحكومة للسير فى ذات الاتجاه لأن فيه مصلحة الوطن، وأدعو الحكومة إلى تنفيذ وعودها بوضع حد أدنى للأجور، بحيث يكفى إيجار شقة وإطعام أسرة مكونة من ثلاثة أبناء والزوج والزوجة، ولا يجب أن تنسى الحكومة فى الحد الأدنى مصروفات الملابس حتى لا يمشى الناس عرايا، ومصروفات التعليم لأن الحكومة تقول أن الأمم لا تنهض إلا بالتعليم. كما أدعو الحكومة والقراء إلى النقاش حول أفكار وخطط اقتصادية تنبع من الضمير الذى استيقظ بداخلنا فى ميدان التحرير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.