حظر النشر هو إجراء قانونى، ولا أستطيع الجزم فى القول بأنه غير دستورى، فقانون العقوبات فيه نصٌ يجرم أى شىء ينشر يؤثر على العدالة أو على سير التحقيقات فى قضية معينة، ويحاول أن يؤثر على الرأى العام لصالح جهة ما للتأثير على الحكم أو تزييف الأدلة. ومبدأ حظر النشر له ما يبرره، وهو مبدأ معمول به فى العديد من الدول الغربية الديمقراطية والتى تتسم بكونها دولاً مدنية تحترم القانون. ومع ذلك فأنا هنا أجد أنه لابد أن يوجه النقد إلى توسع النائب العام فى استخدامه هذا الحق فى قضايا كثيرة لم تكن ذات أهمية قصوى حتى يفرض الحظر على نشرها، مثل قضية مقتل المطربة اللبنانية، وهذا شىء مبالغ فيه، خاصةً وأن الصحف العربية والعالمية تحدثت عن القضية ونقلت تفاصيلها، والمطلوب من النائب العام والمشرع الاقتصاد فى استخدام قرار حظر النشر وتقليصه بدرجة تتناسب مع التطورات الهائلة فى مجال نقل المعلومات على مستوى العالم، بحيث لا يضر بحرية النشر والتعبير، ويجب أن تتسع الصلاحيات لنقيب الصحفيين حتى يتسنى له الطعن فى قرار الحظر، بحيث إنه من الممكن أن نتغاضى عن جرائم ذات حيثيات معينة دون إصدار قرار حظر بشأنها، ولكن يجوز أخذ مثل ذلك الإجراء فى حالة الجرائم التى تتعلق بازدراء الأديان وامتهان العقائد، بالإضافة إلى جرائم السب والقذف، فإن فرض الحظر فى هذه الحالة يعد ضرورياً، ولا يمثل تعدياً على حرية الرأى والتعبير كما يدعى البعض. ويعمل بهذا الإجراء القانونى فى المجتمعات الديمقراطية التى تحترم التجمعات العرقية والأقليات وتحترم عقائدهم، لحماية المقدسات والشرف والعرض وأمن المجتمع بوجه عام فى قضايا تجريها هيئات التحقيق. وأرى أن يكون البديل عن قرار فرض حظر النشر هو ميثاق الشرف الصحفى الذى يتأصل بالممارسة وليس بالنصوص. وأطالب بضرورة وجود آلية للطعن فى قرارات النائب العام بحظر النشر، حتى يتمكن القضاة من الرقابة على هذه القرارات لحماية المجتمع فى حقه فى المعرفة وتداول المعلومات، وحتى لا يصبح هذا الإجراء القانونى سيفاً مسلطاً على رقاب أصحاب الرأى والتعبير والناهمين فى الحصول على المعلومات وكشف الحقائق أمام الرأى العام.