أكد الدكتور محمود عزب مستشار شيخ الأزهر وعضو مجلس بيت العيلة، أن الهدف من المجلس ليس إجراء المصالحات أو "الطبطبة"، وإنما إجراء دراسة موضوعية وعلمية للاحتقان الطائفى دون التهويل، بواسطة مجموعة من علماء الأزهر والكنيسة وبعض العلمانيين من الطرفين. وأضاف فى حديثه لبرنامج العاشرة مساء بقناة دريم مساء أمس، أن أزمة إمبابة جاءت بسبب مشاكل عامة، كالجهل بعلوم الدين وإهمال الخطاب الدينى المعتدل طوال السنوات الماضية. وقال إن الأزمة فى أحد جوانبها تعود إلى عدد من المشكلات المزمنة التى يعانى منها حى إمبابة الذى وقعت به الحادثة، حيث يعانى سكانه من التكدس السكانى والفقر الشديد، وهو ما يجعل منه مجتمعا عشوائيا قابلا للانفجار فى أية لحظة. وأوضح عزب أن المسيحية هى دين المحبة والإسلام هو دين الرحمة والصفح والمغفرة والعلاقة وثيقة بين الرحمة والمحبة، وأيضا الإنسانية كامنة فى كافة الكتب المقدسة، مشيرا إلى أن الغضب فى الإسلام موجود بشرط ألا ينتج عنه ظلم أو عنف. وشدد على أن المشكلة الآن فى الشائعات التى أصبحت مرض المجتمع المصرى وما يصاحبها من غيرة كاذبة على الدين تشعل الفتن والحرائق وتسىء لصورة الإسلام والمسيحية، مضيفا أن الشائعات تنتشر فى المجتمعات الجاهلة الضعيفة وتفرغ الدين من أصوله لتبقى الظواهر فقط، رغم أن القران الكريم حسمها بقول الله تعالى "يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين". وأشار إلى أن بيت العيلة قرر عودة جلسات النصح والإرشاد التى منعها أمن الدولة فى النظام السابق، حيث تتشكل لجنة لمن يريد إشهار إسلامه تعقد عدة جلسات يحضرها رجل دين وأحد أفراد أسرة المسيحى لنصحه، وإن لم يستجب يتم إعلان إسلامه لأن الإسلام لا يقبل أحدا ليس لديه قناعة حقيقية باعتناقه، مشيرا إلى أن جلسات النصح والإرشاد ستغلق الباب أمام شائعات الاختطاف والاحتجاز التى تثير الفتن، مضيفا أن بيت العيلة أيضا أصدر توصية أرسلها لرئاسة الوزراء لمنع التجمهر أمام دور العبادة أو التظاهر بالقرب منها حتى وإن كان سلميا. وقال عزب إن الإسلام ضد التشدد، مستشهدا بالفتح الإسلامى الذى رفض المساس بالآثار الفرعونية، مما يدل على تحضر الدين الإسلامى وقبوله للآخر، قائلا "عشان تبقى مؤمن لا يجوز التسفيه بالأديان الأخرى وادفع السيئة بالحسنة ولمن يسيروا بمنهج انتقاء الآيات للوصول لأهداف معينة وإثارة الفتن أقول إن القرآن جسم متكامل يفسر بعضه بعض ولا يجوز الاقتطاع منه حتى لا يتحول لأشلاء". فيما أشار الدكتور القس صفوت البياضى رئيس الطائفة الإنجيلية وعضو مجلس بيت العيلة، إلى أن بيت العيلة يطالب بالتفعيل الرسمى له لأن مهمته ليست إطفاء الحرائق الطائفية المستمرة، وإنما معالجة أزمة الفتنة الطائفية فى مصر من أساسها، حيث يتوصل للأسباب الحقيقية الداخلية ويقترح حلولا يوصى بها الجهات العليا فى مصر، مضيفا أن مجلس إدارة بيت العيلة يترأسه شيخ الأزهر بالتناوب مع البابا كل 4 سنوات والأمين العام للمجلس هو الدكتور حمدى زقزوق والأمين المساعد الأنبا أرميا. وانتقد البياضى تناول وسائل الإعلام لأحداث فتنة إمبابة حيث أكد أنها نقلت أحداثا مغايرة ومختلفة لما رصدته لجنة بيت العيلة، مطالبا بأن يلتزم الإعلام بالحقيقة والتهدئة وعدم انتقاء ما يثير الناس فقط. وأضاف البياضى أن الإنسان طالما أن هناك جهلا وبطالة وفقرا فسينتج عنها تطرف رغم أن الكتاب المقدس لا توجد به أى آية تحث على العنف أو سفك الدماء، مشيرا إلى أن المجتمع المصرى يعانى الآن من تيار يختار من القرآن والدين الإسلامى ما يتفق مع أهوائه وأهدافه، ويستخدم بعض نصوص مقتطعة من القرآن ويخرجها من سياقها. وأشار البياضى إلى أن الغضب طبيعة فى الإنسان ولكن الكتاب المقدس قال "اغضبوا ولا تخطئوا"، والمشكلة أن البسطاء ممن يجهلون الدين يدفع بهم المثقفون والمتعلمون، حيث أصبح البعض يستخدم دور العبادة كالمسجد والكنيسة لإثارة الناس مما يؤدى لانفلات الأعصاب والتدمير واستخدام العنف، رغم أن دور العبادة خصصت للتهدئة ونشر المحبة. وطالب البياضى أن يكون لبيت العيلة قوافل تجوب شتى أنحاء مصر، وأن تكون هناك فروع فى كل محافظة للمجلس، خاصة فى ظل عدم التزام البعض بالقيم والتعاليم خاصة وأن الأزهر والكنيسة لا يمثلان غطاء لكل المسلمين والمسيحيين. وأوضح البياضى أن هناك نوعين من الخطاب الدينى المثير، الأول عاطفى جدا يدفع للبكاء ويقود للتوبة فى أحيان كثيرة والثانى هجومى شرس على الطرف الآخر، وهذا النوع شعبيته كبيرة لأن الناس تعانى من الكبت وتريد متنفسا لإخراج ما بداخلها من ضغوط. وأشار البياضى إلى أن الوطن ليس ملكا لدين بعينه وإنما هو لجميع أطياف الشعب ولا يملك طرف أن يطالب الآخر بالرحيل، فالمصرى يموت فى حب الوطن ولا يستطيع الاستغناء عنه دون تدخل الشق الدينى، قائلا "من أراد فليؤمن ومن أراد فليكفر وهناك مسيحى ليس له علاقة بالمسيحية وهناك مسلمون بالاسم فقط"، مضيفا أنه لا يجوز استغلال المنابر سياسيا أو للتحريض لأن هذا يسىء للأديان، "فالدين ثابت والسياسة متغيرة، وهناك فرق بين الدين والإيمان به وبين السياسة".