فى بعض الأحيان لا أتعجب ممن يتحدث عن الديمقراطية وحلاوة الديمقراطية وثمرة الديمقراطية إذا كانت لصالحه ومصلحته هو وفريقه وأفكاره وحزبه وجماعته، ثم بعد فترة ينكث على نفسه إذا رأى أن نتيجة الديمقراطية وحلاوتها لم تأت فى صفه بل كانت فى جانب الآخرين، وهنا لا يتورع بعض المهزومين ديمقراطيا من فعل أى شىء يكون ناقضا لها، تصل إلى حد القطيعة بين الأصدقاء والشتيمة والتشابك بالأيدى بين الفرقاء، ورحم الله مقولة " قد اختلف معك فى الرأى ولكنى على استعداد لأقدم حياتى فى سبيل سماع رأيك" والتى تطالع كل من يتصفح جريدة الحياة اللندنية، أو نجدها تتردد دائما وباستمرار فى أحاديث المفكرين والمثقفين ممن يتصدرون شاشات الفضائيات وصفحات الصحف والعمل العام. ومصدر عدم تعجبى من ذلك هو أننا عشنا أكثر من ستين عاما لا نسمع إلا رأيا واحدا ولا نقرأ إلا مقالا واحدا لكتاب متعددين ولا نتصفح إلا صحيفة واحدة حكومية تحت عناوين مختلفة قالوا عنها زورا وبهتانا أنها صحف قومية مملوكة للشعب، ولم يكن هناك اعتراف ممن حكموا البلاد والعباد من الرؤساء السابقين والمخلوعين إما بالقضاء والقدر أو من الثورة المعاصرة بأن الحقيقة لا يمتلكها أحد بعينه وإنما يمكن أن تكون مقسمة بين الناس، كل شخص يمتلك جزءا منها كما قال الإمام الشافعى رحمه الله: "رأيى صواب يحتمل الخطأ، ورأى غيرى خطأ يحتمل الصوابّ". رأينا ذلك فى انتخابات بعض النقابات وفى البرامج الحوارية وإصرار البعض على الاعتراض على نتيجة الاستفتاء المجمع عليها شعبيا، وبعد أن قال أكثر من 70% رأيه ديمقراطيا وبالقانون. ورأيناه من خلال الفضائيات أو قراناه فى الصحف أحدثها قيام أحد موظفى مكتبة الإسكندرية بصفع زميله على وجهه لإعلان رأيه وبصوت مرتفع بعدم تجديد الثقة فى الدكتور إسماعيل سراج الدين مدير المكتبة خلال لقاء الدكتور أحمد كمال أبو المجد عضو مجلس أمناء المكتبة بالعاملين بها لمناقشة كيفية حل مشكلاتهم، ولا أنس ما حدث مع نقيب الصحفيين الأستاذ مكرم محمد أحمد عندما ذهب إلى عزاء أحد الزملاء الصحفيين الذين استشهدوا خلال الثورة، وقام البعض من الزملاء بدفعه بذريعة أنه من مؤيدى العهد السابق، هذا قليل من كثير للتدليل على أن ممارستنا للديمقراطية تحتاج إلى تدريب وتمرين على ضبط النفس حيال الآراء المخالفة لنا، ولا أخفيكم سرا أننى أريد التدرب معهم على ذلك خاصة عند ردى على بعض المعارضين فى الرأى وفى بعض الأحيان عندما لا يعجبنى مناقشة فى أحد الفضائيات أريد أن أدخل عبر الشاشة لمنع المعارض من قول رأيه! ملاحظة: فى مقالى السابق عن السلفية رد على كثير من القراء منهم قليلون عاتبونى على ما كتبته وعتبوا أيضا على القراء لعدم دحض الرأى بالرأى، والبعض الآخر كان متهكما أكثر منه ناقدا، وأما الغالبية فأعطت نفسها حق الدعاء على، وأذكرهم بقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عندما كان يدعو لقومه ولا يدعو عليهم بقوله "اللهم اهد قومى فإنهم لا يعلمون".