قبل أيام تقدم مساعد سابق لوزير الخارجية بطلب الحصول على تأشيرة دخول لإحدى الدول النفطية الكبرى .. الدبلوماسى المصرى أصيب بصدمة من طريقة التعامل مع طلبه ومن حجم التعقيدات التى وضعوها فى طريقه، فمثلاً طلبت منه قنصلية تلك الدولة إجراء مقابلة شخصية وتحديد أسباب السفر, ومدة ووسائل الإنفاق أثناء الزيارة .. و.. وأسئلة سخيفة لا يجوز توجيهها إلى شخصية مثلت مصر بالخارج فى دول مختلفة من العالم. إذا كان هذا حال مساعد وزير الخارجية فما هو إذن وضع المواطن العادي.. أتصور أن الإجابة على هذا السؤال نلمسها من سيل الشكاوى اليومية التى تصل إلى وزارة الخارجية من دون أن تجد لها أى صدى لدى المسئولين .. هذه الطريقة المهينة فى التعامل مع المصريين ليست قاصرة على السفارات العربية، بل تشارك فيها السفارات الأجنبية والأفريقية أيضاً .. المرة الوحيدة التى انتفضت فيها وزارة الخارجية، كانت ضد السفارات الأجنبية التى يسىء بعض موظفيها التعامل مع المترددين عليها من المصريين .. حتى الآن لا يعرف أحد سبب انتفاضة الخارجية المفاجئة!! البعض اعتبر السبب يرجع إلى تشدد سفارة دولة أوربية فى منح شخصية هامة تأشيرات دخول أراضيها. لكن المؤكد أن الخارجية - بعد هذه الواقعة - استدعت سفراء الاتحاد الأوروبى المعتمدين بالقاهرة إلى مقر الوزارة على كورنيش النيل .. اللقاء - غاب عنه وزير الخارجية – و لم يستغرق سوى 20 دقيقة أبلغ خلاله مساعد الوزير المختص السفراء وممثلى الدول الأوربية استياء مصر من سوء معاملة مواطنيها وطالبهم بضرورة التنبيه على موظفيهم حسن معاملة المواطنين المصريين .. إلى هنا انتهى موقف الخارجية .. عملياً لم يترتب على استدعاء الخارجية أى نتائج إيجابية باستثناء هوجة النشر فى وسائل الإعلام المختلفة، بينما المشكلة بقيت كما هى، وسوء المعاملة مازال قائماً. فى دردشة مع مسئول فى مقر الاتحاد الأوروبى، اعترف بأن السفارات الأوربية لديها تعليمات بالتشدد والتدقيق فى منح تأشيرات الدخول لرعايا بعض دول العالم من بينها مصر، السبب أن لدى مسئولى تلك السفارات تقارير تشير إلى رغبة أغلب المصريين فى الهروب إلى أوروبا بلا عودة، وضرب مثلاً بمراكب الهجرة غير الشرعية وإصرار قطاعات من الشباب على المغامرة بحياتهم للوصول إلى الشاطئ الآخر للمتوسط مهما كانت المخاطر! المسئول الأوروبى ألقى بكرة من الثلج فى وجهى، عندما طالب بإجراء مقارنة بين الضوابط الأوربية فى منح تأشيرات الدخول للمصريين وبين القيود التى تضعها الدول العربية أمام سفر وعمل وانتقال المصريين إليها؟! أتصور أن وزارة الخارجية المصرية هى الجهة الوحيدة التى تتحمل مسئولية الإساءة إلى المصريين من جانب سفارات الدول العربية والأجنبية، لأنها لا تقيم وزناً لقيمة المواطن ولم نسمع أن الوزارة حاسبت دبلوماسياً بسبب تقصيره فى تقديم العون والمساعدة لأحد الرعايا المصريين بالخارج بينما نفاجئ بأكوام من القضايا والنزاعات بين نفس الوزارة والعاملين فيها بسبب إتلاف كرسى أو مكتب أو عدة تليفون؟! إن أغلب الدبلوماسيين لا يتحركون لحل مشاكل المصريين إلا بأوامر، مثل باقى موظفى الحكومة، وبعضهم يضع قضية مساعدة المواطنين بالدول التى يعملون بها فى ذيل أولوياتهم، متناسين أن رواتبهم الضخمة التى توفرها لهم الدولة بالعملات الصعبة، هى خلاصة عرق دافعى الضرائب المصريين. وحتى لا نتهم بالتحامل على العاملين بالخارجية تعالوا نتخيل أن مواطناً أوروبياً أو أمريكياً تعرض لحادث عادى أو واجه مشكلة من نوع ما فى أى مكان على أرض مصر .. هذا المواطن سوف يجد بجانبه دبلوماسياً أو أكثر، وربما يفاجئ بوجود سفير دولته إلى جواره فوراً، ويقدم له كل العون والمساعدة من دون أن يتعرف على اسمه، يكفى إعلانه عن هويته بلا واسطة ولا محسوبية ولا أى شىء .. تعالوا معاً نتصور العكس بأن مواطناً مصرياً تعرض لنفس المشكلات فى دولة أجنبية..!! من هنا يجب علينا مراجعة دور وزارة الخارجية، ووضع أليات لمحاسبة أى سفير يثبت إهماله أو تقاعسه فى تقديم العون والمساعدة للمواطن المصرى فى أى مكان من العالم .. عندما يتم ذلك، بعدها لن يتعرض مساعد وزير الخارجية للإهانة فى سفارة دولة "شقيقة" طلب زيارتها، ولن تحتاج الخارجية إلى تحذير السفارات الأجنبية من المساس بكرامة المواطن المصرى، بعد أن تصبح خطاً أحمر لن يجرؤ أحد على الاقتراب منه.