ظل الأزهر، الذى تم بناؤه قبل أكثر من ألف عام، منارة للفكر الإسلامى المستنير، فكان جامعاً وجامعة ومؤسسة للتعليم والعلم والبحث فى علوم الدين والدنيا، فاتحاً أبوابه للطلاب والعلماء من أبناء المسلمين فى كل أنحاء العالم، والأزهر هو الهيئة العلمية الإسلامية الكبرى التى تقوم على حفظ الفكر الإسلامى ودراسته ونشره، وتحمل الرسالة الإسلامية إلى كل الشعوب، وحفظت الأمة الإسلامية للأزهر الشريف هذه المكانة، وكسبت مصر باحتوائها له مكانة خاصة فى العالم الإسلامى. البداية من الفاطميين .. بنى الأزهر جوهر الصقلى قائد جيش المعز لدين الله الفاطمى فى الجنوب الشرقى من مدينة القاهرة واستغرق بناؤه عامين، وأقيمت فيه الصلاة لأول مرة فى السابع عشر من شهر رمضان عام 260 هجرية الموافق 972م . جامع الأزهر اليوم ليس بالجامع الفاطمى الأصلى، بل هو حصيلة إضافات من العمران ضمت إليه فى أزمان متتابعة، فقد كان الأزهر أول ما أقيم يتكون من صحن المسجد الحالى المكشوف وبيت الصلاة المكشوف الذى كان يقع إلى شمال الصحن الحالى، وكان له جانبان أيمن وأيسر وفيهما مبان، فكان فى كل من الجانبين الأيمن والأيسر ثلاثة أروقة، ثم توالت الإضافات والزيادات الهندسية للمبنى، حتى أصبح الأزهر اليوم متحفاً للفن الإسلامى فى مصر. وصف الجامع الجامع فى شكله الحاضر، بناء فسيح يقوم على أرض مساحتها 12000 متر مربع، يحيط به سور مربع الشكل تقريباً وبه ثمانية أبواب، والأزهر له خمس مآذن مختلفة الطراز لأنها بنيت فى عصور متفاوتة، وكان للأزهر عشرة محاريب، أزيل أربعة وبقى الآن ستة، تتفاوت فى الجمال والإتقان، للأزهر ثلاث قباب، أجملها وأكبرها تلك التى تقوم فوق المدرسة الجوهرية، ويزين الجامع الأزهر 380 عموداً من الرخام الجميل. الدور السياسى للأزهر كان للأزهر دوره وتأثيره السياسى فى مختلف الحقب التاريخية التى مرت به، وكان له دور بارز فى جميع الأحداث والثورات السياسية التى تعاقبت على مصر والأمة الإسلامية، فقد قاد الأزهر وشيوخه ثورة مصر والمصريين ضد الحملة الفرنسية فى ثورة القاهرة الأولى عام 1798، ثم جاء دوره فى ثورة القاهرة الثانية عام 1800م، وبعد خروج الفرنسيين، قاد الأزهر وعلماؤه رغبة الشعب فى حكم أنفسهم بأنفسهم وكانت ثورة 1805م من أهم الثورات الأزهرية التاريخية، حيث اختار علماء الأزهر محمد على والياً على مصر، ثم ساند الأزهر وعلماؤه الحركة الوطنية المصرية ضد الاحتلال الإنجليزى، وكان طلبة الأزهر فى مقدمة الطلاب المصريين فى ثورة 1919، بل إن قائد الثورة نفسه سعد زغلول، كان من رجال الأزهر الذين تعلموا وتخرجوا منه. وظل الأزهر يقود مقاومة مصر للاحتلال حتى ثورة يوليو 1952م، ثم من على منبر الأزهر بدأت مقاومة الشعب المصرى للعدوان الثلاثى عام 1956م . الأزهر دور إقليمى ودولى بارز ينظر العالم الخارجى بتقدير بالغ إلى الأزهر الشريف، باعتباره المؤسسة الإسلامية العلمية العالمية الرائدة التى تشع المعرفة والعلم على الدنيا منذ قرون. فالدور الإقليمى والدولى للأزهر مقدر عبر العصور، فمنذ إنشائه منذ أكثر من ألف عام وهو لا يعلم المصريين وحدهم وإنما كان ومازال يعلم المسلمين فى كل مكان، ولقد توسع الأزهر الشريف فى سياسة تقديم المنح لأبناء الأمة الإسلامية فى كل مكان، ويقدم أيضاً برنامج الأئمة والدعاة، حيث يستضيف من يقومون بالدعوة وتدريس الإسلام واللغة العربية من كل مكان، كما أن الأزهر به بعثاته التعليمية فى أماكن عديدة من العالم كجنوب أفريقيا وماليزيا وإندونيسيا. الأزهر وترميم استغرق 24 شهراً فى 7 يوليو 1998، افتتح الرئيس حسنى مبارك الجامع الأزهر بعد ترميمه وتجديده بالكامل لأول مرة منذ تاريخ إنشائه وإعادته إلى حالته التى كانت عليها منذ أكثر من ألف عام، واستغرقت عملية الترميم 24 شهراً، شملت ترميم وصيانة ودعم أساسات الجامع بطريقة علمية، وطبقاً للمعدلات والمواصفات الدولية التى تنظم أعمال ترميم المآذن الخمس للمسجد، وجميع المداخل والأبواب والأحجبة الخشبية، بالإضافة إلى معالجة الأرضيات ضد الرشح وارتفاع مستوى المياه الجوفية، كما تمت معالجة الشروخ التى كانت قد انتشرت فى جميع أجزاء الجامع.