جلس على الطاولة المجاورة للمقهى، أحسست برغبته في الحديث , إذ كان يتململ فى جلسته، يميل برأسه ناحيتى، يعلق على برنامج فى التلفاز بصوت مرتفع.. قلت : أرى كأنك تريد أن تفاتحنى بموضوع ؟ صحيح , يطلُّ الذكاء من عينيك . لا داعى للمجاملات , فأنا لا أعرفك.. أظنك كذلك.. ماذا تريد؟ تنحنح قليلاً , بصوت خفيض قال : أتؤمن بالحظ ؟ قلت : سمعت عنه لم أقابله، ربما التقاه كثيرون، غيّر حالهم للأفضل.. لكنه دائما يمر بطريق آخر . ,بعد أن أجهز على بقايا فنجانه تبسّط في حديثه أكثر, قال: بينما أهرب أنا منه كفرار السليم من الأجرب . قلت : ماذا تعني ؟ تفرُّ ممن؟ = من الحظ . " أفندم "؟!! نظرت متفحّصاً بوجهه , أنحاء جسده بحثاً عن دليل لاضطراب نفسي يعتريه أو علامة ظاهرة لتعاطي جوهر مخدر ففشلت , قلت: عُذراً , ماذا تقصد كثير مثلك، لم يصدقني أحد , الحق أنني , مذ وُعيت على الدنيا , الحظ يلازمني كظلي , حتى لم أعد أحمل هماً لشيء , فكل ما أصبو إليه، أحُلم به يتحقق. لكن هيئتك لا تدل على ذلك الحظ.. حالك لا يقل تواضعاً عمّن حولنا.. و أومأت برأسي إشارة لروّاد المقهى. قال : لعلك تقصد المال ؟ علت ضحكته فأثار فزعي , استمر في الضحك حتى اهتز جسده بشدة , قمت من جواره عازماً المغادرة , اصطدمت بطريقي بشخصين يرتديان البياض , لكل منهما شارب يرتفع لأعلى كقرني شيطان, فطوّقاه من الجانبين, ثم حملاه و انصرفوا .