بالتأكيد لست أول من يكتب عن هذا الرمز الإسلامى الكبير ، ومن المؤكد أن الرجل لا يحتاج لوصلات المدح والإطراء ( فهو من هو ) ، ويكفيه فخراً أن يُلقب ( بشيخ الإسلام ) فمكانته ليست محلية فقط بل على مستوى العالم الإسلامي إن لم يكن العالم أجمع ، فهو على رأس مؤسسة دينية صدرت علم الإسلام للعالم، بل صدرته للبلد الذى خرج منه الإسلام كما قال ( الشيخ الشعراوى ) عليه رحمة الله. ولست هنا بصدد وصف علمه وثقافته وحكمته التى جعلت منه الشخصية الأولى فى عالمنا الإسلامى، ولكنى سأسلك درب الأصل والبيئة التى أنجبت وصقلت هذا العالم الجليل ( صاحب الفضيلة ) الإمام الأكبر الشيخ ( أحمد الطيب ) شيخ الأزهر، فالرجل خرج من بيتٍ طيب بكل ما تعنى الكلمة من شروحٍ ومعانى ، فهو من سلالة طيبة يرجع نسبه لآل بيت رسول الله رضوان الله عليهم جميعا، أي أنه بفضل الله من (ذرية طيبة بعضها من بعض).
فالشيخ ( أحمد الطيب ) ليس نتاج صدفة فقط ولا شخص اجتهد لينال أعلى المراتب العلمية فقط بل هو استمرار لسلالة بشرية نقية ورث الفطرة السليمة قبل أن يرث مخزون علمى من والده وجده عليهما رحمة الله فهما منارة فى الصلاح والتقوى مما جعل بيت (الطيب) مقصداً لكل من يفكر فى زيارة الأقصر التى لا تحوى عبق التاريخ المصرى القديم فقط بل وتحوى رفات أهل الصلاح والكرم من بيت الطيب.
ولأن البلد الطيب يخرج نباته بإذن الله طيبا فقد كان نتاج هذه الأرض المباركة والأسرة الطيبة أن تُخرج لنا شخصية مثل صاحب الفضيلة (الإمام أحمد الطيب) الذى ما أن يلاقيك ببشاشة وجهه المشرق وسماحته فى المقر ( ساحة الطيب ) بمنطقة ( القرنة ) بمحافظة الأقصر فتجد نفسك غير مصدق أن تقابل هذا الرجل المتواضع الذى يكاد أن يقدم لرواد المكان واجب الضيافة بنفسه من شدة تواضعه.
فتلتفت عن يمينه فتجد الشيخ الوقور المضياف( الشيخ محمد الطيب) الأخ الأكبر لشيخ الأزهر وقد لبس رداء الوقار وجلس لقضاء حوائج الناس، فقد ارتضاه الجميع حكماً ليفصل لهم فيما هم فيه مختلفون، فكان رمزاً من رموز الأقصر بل وتباركوا به فاختاروه أن يكون رئيساً للمجلس المحلى لمحافظة الأقصر سنوات رغم زهد الرجل فى المناصب وأمور الدنيا الزائلة.
والأمر لا يقتصر على وجود صاحب الفضيلة شيخ الأزهر، فى هذا المكان الطيب أو وجود الشيخ محمد الطيب بل هناك ظاهرة جميلة تعطيك إحساس أننا مازلنا بخير عندما تجد أن هذه الساحة ليست فقط صاحبة فضل على جميع من يرتادها بحل مشاكله أو إعانته، بل هى دار ضيافة لكل من يزور الأقصر، فقد أوقف آل الطيب إنتاج أرضهم وبعض ممتلكاتهم للصرف على هذه الساحة التى تمثل مقصداً للغريب والقريب بل وزوار الأقصر من مصر وخارجها.
ولم يقتصر الأمر على استضافة الغريب أو إغاثة اللهفان وصاحب الحاجة، بل امتد الأمر لتكون الساحة مدرسة متكاملة للأبناء والأحفاد من آل الطيب، فتجد شبابهم قبل شيوخهم فى خدمتك وفى خدمة زوار ومرتادى هذا المكان فلا تخلو الساحة من وجود أحد الشيخين فإن خلدا للراحة وجدت الأستاذ أو الشيخ ( أحمد محمد الطيب ) أو المهندس الشيخ ( أسامة أحمد الطيب ) ليُزللوا لك صعاب الأمور ومعهم مجموعة محترمة من سلالة محترمة هم زهور آل الطيب التى تتفتح فى تلك الساحة العامرة فقد جُبِلوا على تقديم العون للناس ( كذلك وجدوا آباءهم يفعلون )
الكلام عن أخلاق وعلم صاحب الفضيلة لا يتوقف عند مقال واحد أو حتى كتابٌ واحد بل يحتاج الكثير والكثير من الكلمات الجميلة لنوفي الرجل حقه وقدره ولكننى هنا حاولت أن أبرز للقارئ العزيز تلك البيئة التي أنجبت هذا العالم والواجهة المشرفة والمشرقة والمضياف الذى يستحق لقب ( ابن أصول ) عن جدارة .