الحملة التي يقوم بها أحد الصحفيين علي الرموز في الأزهر ليس المقصود منها هؤلاء فحسب. بل المقصود حقا هو الأزهر ذاته. وإسقاطه وجامعته . والدليل نطق به صاحب الحملة الغريبة حيث قال ما نصه: " الأزهر ليس جزءا من المشكلة في مصر. بل الأزهر نفسه هو المشكلة لمصر" هكذا طفح الرجل بما يضمر وما يخفي في صدره أكبر . لذا لابد من التنبه أن هناك أيدي خفية تلعب بمصر لتدمر الأزهر الشريف. وهذه الحملة تموّل الآن بكل قوة خاصة بعد مواقف الأزهر الوطنية والدينية والتي ينظر إليها المتطرفون فكريا بنظرة القلق والتوجس. وقد ظن هذا الإعلامي أنه بإمكانه ومن معه أن يُحطّم هيبة الأزهر في القلوب. وأن يوقف مسيرته المباركة في حفظ الفكر والدين والقيم والأخلاق لوطننا الحبيب من خلال برنامج فضائي أو مقال صحفي ظنا منه أن جدران الأزهر ضعيفة. وأن علماءه يمكن أن تهوي بهم الريح إلي مكان سحيق. وقد أخطأ وتوهم. فجدران الأزهر أقوي مما يتخيل هو ومن معه . وقد حطمت عليها أفكار أعداء الوطن والدين عبر القرون. أما علماء الأزهر فلا يهمهم منصب أو جاه بل جل ما يرضون هو مرضاة الإله. وهذا شيخه الفاضل الذي يعلم الجميع مدي زهده في المنصب وورعه يتحرك في كل اتجاه طالبا المحافظة علي السلم الوطني والعالمي. فرأيناه - علي الصعيد العالمي- لا يغيب صوته عن أي مؤتمر أو منتدي في أي بقعة من الدنيا. ففي مؤتمر¢ أبوظبي¢ أرسل برقية سريعة إلي الأممالمتحدة لكي تقيم ميزان العدل وترد الحقوق لأصحابها. وفي منتدي دبّي العالمي نادي بمحاصرة التطرف والإرهاب من خلال إظهار مبدأ التسامح الذي أقره الإسلام. بل لم يغب حتي عن المنتديات الرياضية. ففي مونديال البرازيل دعا فضيلته العالم أجمع إلي استغلال هذا المونديال لإيقاف التناحر وإحلال السلام في كل مكان . وعلي الصعيد الداخلي- رأينا شيخه - يىسكت أصوات الرصاص في أسوان - بفضل رب العالمين- بعد أن نزغ الشيطان بين أهلها الطيبين. ثم رأينا جهوده في لمّ شمل الذين تشاكسوا من أبناء مصر ثقافيا وسياسيا من خلال إعلانه وثيقة الأزهر التي قبلها الجميع. بل أهتم الأزهر أيضا بالوحدة الوطنية فأقام بيت العائلة الذي يجمع النسيج الوطني ليصب هذا في خدمة استقرار مصر. وما قوافل الأزهر والأوقاف والتي تضم خيرة أساتذة الأزهر ليلتقوا بالناس كل أسبوع في مساجد مصر. وينشروا ثقافة الصفح الجميع. ويعلموا أهل مصر أن حب الوطن من الإيمان من علي منابرها. إلا بمثابة برهان ساطع يؤكد أن الأزهر ليس هو المشكلة لمصر كما يتوهم الإعلامي بل هو جزء من الأمن القومي لمصر. إن لم يكن هو الأمن كله. هذا هو الحق وتلك هي البراهين التي تدلل علي أن صاحب الحملة المسعورة علي الأزهر وعلمائه لم يكن علي صواب. بل قد رأيناه في نزلة أخري يفقد نعمة التعقل وحسن الخطاب. ولم يذكر إيجابية واحدة للأزهر ورموزه. بل يبدو أنه لم يرضه نشاط هؤلاء الرموز غير المتوقف. فمنذ أشهر أقام الأزهر مؤتمرا يحاصر فيه التكفير. ثم ها هو بعد أيام قليلة سيقيم - بفضل الله تعالي- مؤتمره العالمي. وسيىدعي فيه أكثر من مائة عالم من شتي أرجاء المعمورة ليقولوا كلمة الحق من ساحة الأزهر عن التطرف والإرهاب الدخيل علي ديننا . كل هذا ومازال الحاقدون في سكرتهم يعمهون. بل وصلت الجرأة بهذا الإعلامي أن يفقد صوابه ويصرخ متهما الإمام بالفشل. هكذا بلا استحياء. ثم يدّعي علي وكيله الأسد النشط أنه كان ينافق الإخوان. وأتي بمقطع - يظن أنه يؤيده- وعلّق عليه قائلا: إن وكيل الأزهر ينافق الرئيس آنذاك في هذا المقطع ويطالبه أن يتولي القضاء كما تولي الرسول والصحابة. وسمعنا المقطع بالفعل فما رأينا إثباتا لما ادّعاه. بل جل ما فهمناه أن الخطبة كانت بعنوان: القضاء في الإسلام. واستشهد الخطيب بأنه من حق ولي ألأمر أن يتولي القضاء. بشرط أن يكون أهلا لذلك. وإلا فعليه أن يُولي غيره ممن هم أهله. هذا هو مضمون ما قاله فضيلة الوكيل باعتباره متخصصا في هذا الشأن. ويعلم من يستحق أن يكون قاضيا. ومن لا يكون. فهل يليق أن ينسب له ما لم يقله؟! وهل يُعقل أن عالما في وزن فضيلته يطالب بأن يكون المهندس قاضيا؟! فمن أين أتي الأستاذ باتهامه- ونحن لا ندافع عن الوكيل فهو أقدر منا علي ذلك- ولكن نود إحقاق الحق أيا كان صاحبه. لذا نتحداه أن يدلل أو يذكر حرفا من اسم الرئيس في الخطبة كلها . أو حتي كلمة الرئيس. لكنه الغشم الفكري الذي يفضح صاحبه! ولذا ننصحه بأن يصحح معلوماته. فالأزهري لا يرتبط إلا بأزهره ومنهجه. وعلماء الأزهر لا يريدون أن يحكموا بالإسلام ولكن يريدون أن نُحْكَم بالإسلام. والخطيب أحد هؤلاء. وله مقاطع مرئية تُبرهن أنه أزهري لحما ودما وعلما. وأنه يقول كلمة الحق أينما طُلِب لها. وقد صَدَع بها متحدثا عن المخالفات التي كانت تقع في اعتصامات رابعة والنهضة آنذاك. واتُهم من قناة الجزيرة بأنه ليس مع أهل الحق كما يزعم الزاعمون. وكانت مداخلاته وحلقاته علي قناة الحياة برهانا علي قول الحق في وجه المُخرّبين. ونادي بحفظ استقرار مصر وأمنها. كل ذلك معلن وثابت للجميع. وعلي المتهم أن يتّقي الله في مصر وأزهرها وعلمائها ولا يظن أن الأزهر غافل عما يُكاد ضده. وأنه يمكن أن تكسر جدرانه عن طريق مقال أو يقفز علماؤه عن سفينة النصح للدين والوطن عن طريق اتهام. والسؤال الأخير للجميع :إذا غاب الأزهر عن الساحة في مصر فأين البديل ؟! تفكّروا يا أولي الألباب! حفظ الله مصر وأزهرها. وليرتفع شأن الأزهر.