أطلقت مديرية الأوقاف بالإسكندرية اليوم، قافلة دعوية بعنوان " دروس وعبر من ليلة الإسراء والمعراج"، بحضور قيادات الأوقاف بالإسكندرية، كما افتتحت مسجد الأسمنت الكبير بوادى القمر غرب الإسكندرية. وقال الشيخ محمد العجمى وكيل وزارة الاوقاف بالأسكندريه أن أهم الدروس المستفادة من تلك الذكرى المباركة " أن الإيمان برحلة الإسراء والمعراج جزء من عقيدة المسلم، ذلك أنه إحدى المعجزات التى أيد الله بها نبيه عليه الصلاة والسلام، والإيمان بالمعجزة جزء من العقيدة الإسلامية، وهو امتحان لإيمان المؤمنين وارتياب المنافقين. ولهذا ارتد من ارتد عن الدين لضعف إيمانهم وقلة يقينهم، وفاز بالصدق والصديقية أبو بكر رضى الله عنه فسمى صديقاً، لإيمانه وتصديقه الجازم بمعجزة الإسراء والمعراج، وهكذا الصحابة الكرام ممن امتحن الله قلوبهم بالتقوى، ففازوا بالإيمان الراسخ والعقيدة الثابتة، وتبين لنا جميعا لطف الله تعالى بعباده، ونصرته لأوليائه والدعاة إلى سبيله، فقد جاءت رحلة الإسراء والمعراج بعد أن اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الأذى، تكريما من الله تعالى لهم، وتجديداً لعزيمتهم وثباتهم على الدين، وثقتهم بالله رب العالمين.
وأكد العجمى فى القافلة الدعوية على أنه من أهم الدروس المستفادة من تلك الرحلة المباركة هو فرض الصلاة لأن فيها دلالة على عظم شأنها، فقد اختصها الله من بين العبادات بأن تفرض فى السماء عندما كلم رسوله صلى الله عليه وسلم بدون واسطة، لقد شرعت الصلاة عباد الله لتكون معراجا ترقى بالناس كلما تدنت بهم شهوات النفوس وأعراض الدنيا، وأكثر الناس اليوم لا يصلون الصلوات التى شرعها الله، فصلاتهم لا حياة فيها ولا روح، إنما هى مجرد حركات جوفاء.
و أكمل أن علامة صدق الصلاة أن تعصم صاحبها من الوقوع فى الخطايا، وأن تخجله من الاستمرار والبقاء عليها أن هو ألم بشيء منها.. وإن من لطف الله تعالى بعباده أن خفف عنهم الخمسين صلاة على يد محمد صلى الله عليه وسلم وبمشورة موسى عليه السلام حتى بلغت خمس صلوات فى اليوم والليلة، فلله الحمد لله والمنة أن خفف عنا، وأثبت لنا أجر الخمسين، والويل لمن نقص من هذه الخمس، فلم يأت بها كاملة فى أوقاتها، وفى بيوت الله كما أمر الله.
وأوضح العجمى أن مقام العبودية هو أعلى مقام للبشر وأن من علو قدر النبي- صلى الله عليه وسلم - عند ربه أن الله تعالى لا يخاطبه باسمه وإنما يخاطبه بوصف النبوة والرسالة بقوله: ﴿ يَاأَيُّهَا النَّبِى ﴾ [الأنفال: 64]، و﴿ يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ ﴾ [المائدة: 41] وإنما ذكر أسمه الشريف فى خمسة مواضع من القرآن الكريم جاءت بصيغة الإخبار لا الإنشاء، قال تعالى: ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ﴾ [الفتح: 29]، وقال: ﴿ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِى مِنْ بَعْدِى اسْمُهُ أَحْمَدُ ﴾ [الصف: 6] ولكن فى آية الإسراء وصفه بوصف آخر، ألا وهو: وصف العبودية، وما خاطب الله أحبَّاءه إلا بالعبودية، فقال تعالى: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا ﴾ [الإسراء: 1]، وقال: ﴿ وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ﴾ [ص: 45]، ﴿ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ﴾ [ص: 17]، ﴿ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ ﴾ [ص: 41]، ﴿ نِعْمَ الْعَبْدُ أنه أَوَّابٌ ﴾[ص: 30]... إلى غير ذلك).
وشدد العجمى على أن الثبات على الحق والتزام المبدأ هو من أهم الدروس المستفادة ويتضح ذلك من المشهد الذى رآه النبى صلى الله عليه وسلم لماشطة ابنة فرعون، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَمَّا كَانَ اللَّيْلَةُ الَّتِى أُسْرِىَ بِى فِيهَا أَتَتْ عَلَىَّ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ فَقُلْتُ يَا جِبْرِيلُ مَا هَذِهِ الرَّائِحَةُ الطَّيِّبَةُ فَقَالَ هَذِهِ رَائِحَةُ مَاشِطَةِ ابْنَةِ فِرْعَوْنَ وَأَوْلاَدِهَا. قَالَ قُلْتُ وَمَا شَأْنُهَا قَالَ بَيْنَا هِى تَمْشُطُ ابْنَةَ فِرْعَوْنَ ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ سَقَطَتِ الْمِدْرَى مِنْ يَدَيْهَا فَقَالَتْ بِسْمِ اللَّهِ. فَقَالَتْ لَهَا ابْنَةُ فِرْعَوْنَ أَبِى قَالَتْ لاَ وَلَكِنْ رَبِّى وَرَبُّ أَبِيكِ اللَّهُ. قَالَتْ أُخْبِرُهُ بِذَلِكَ قَالَتْ نَعَمْ. فَأَخْبَرَتْهُ فَدَعَاهَا فَقَالَ يَا فُلاَنَةُ وَإِنَّ لَكَ رَبًّا غَيْرِى قَالَتْ نَعَمْ رَبِّى وَرَبُّكَ اللَّهُ. فَأَمَرَ بِبَقَرَةٍ مِنْ نُحَاسٍ فَأُحْمِيَتْ ثُمَّ أَمَرَ بِهَا أن تُلْقَى هِى وَأَوْلاَدُهَا فِيهَا قَالَتْ لَهُ أن لى إِلَيْكَ حَاجَةً. قَالَ وَمَا حَاجَتُكِ قَالَتْ أُحِبُّ أن تَجْمَعَ عِظَامِى وَعِظَامَ وَلَدِى فى ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَتَدْفِنَنَا. قَالَ ذَلِكَ لَكِ عَلَيْنَا مِنَ الْحَقِّ. قَالَ فَأَمَرَ بِأَوْلاَدِهَا فَأُلْقُوا بَيْنَ يَدَيْهَا وَاحِدًا وَاحِدًا إلى أن انْتَهَى ذَلِكَ إلى صَبِىٍّ لَهَا مُرْضَعٍ وَكَأَنَّهَا تَقَاعَسَتْ مِنْ أَجْلِهِ قَالَ يَا أُمَّهْ اقْتَحِمِى فَإِنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الآخِرَةِ فَاقْتَحَمَتْ. أخرجه أحمد.
واختتم العجمى حديثه قائلا " ومِن ذِكْرى الإسراء والمعراج يجب ألاَّ ننسى أن القدس وديعةُ سيِّدنا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لكلِّ المسلمين، ففى درج البيان الذى يَشرحُ التاريخَ رسالةٌ هامَّةٌ لكلِّ مسلم: أن عليه واجبًا نحوَ البيت المقدس أيًّا كان موقعُه وموضعُه، وفحواها، أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قد صلَّى إمامًا بالأنبياء فى المسجد الأقصى، وهذا معناه أن مقام النبى صلَّى الله عليه وسلَّم لا يَعدِلُه مقام، وكذلك يجب أن تكون أمَّتُه، وفيه الإشارة أيضًا إلى أن هذا المسجد المبارك قد تمَّ ضمُّه إلى أخويه: المسجد الحرام، ومسجد النبى صلَّى الله عليه وسلَّم ليتبوَّأَ مكانَه اللاَّئق به ضِمنَ مقدَّسات المسلمين.،