مختار جمعة: تحصين الجبهة الداخلية "صمام الأمان" في مواجهة التحديات الخارجية    تفتيش مفاجئ على مساجد سوهاج والتشديد على الانضباط    بعد هجمات إسرائيل على إيران، البترول تنفذ خطة طوارئ وتوقف إمدادات الغاز عن بعض المصانع    عاهل الأردن لماكرون: يجب التحرك الفورى والعاجل لوقف التصعيد الخطير بالمنطقة    ترامب: لست قلقا من اندلاع حرب إقليمية بسبب الهجوم الإسرائيلى على إيران    إيران تعترف بوجود تلوث إشعاعي بموقع نطنز النووي بعد الهجوم الإسرائيلي    مدرب يوفنتوس الإيطالي: نذهب لكأس العالم للأندية من أجل التتويج    موعد مباراة الترجي التونسي وفلامنجو البرازيلي في كأس العالم للأندية والقناة الناقلة    لويس دياز يلمح لانتقاله إلى برشلونة    هونج كونج تستضيف السوبر السعودي في أغسطس    محافظ سوهاج يتفقد تجهيزات لجان امتحانات الثانوية العامة واستراحات الملاحظين    الهام شاهين من العراق: نحن بخير وننتظر فتح المجال الجوي للعودة إلى القاهرة    إلهام شاهين من العراق: السفير المصري على تواصل دائم معنا وكلنا بخير    مراسلة القاهرة الإخبارية: حالة استنفار غير مسبوقة داخل إسرائيل وسط ترقب رد إيرانى    هل زيارة المريض واجبة أم مستحبة؟.. عالم أزهرى يجيب "فيديو"    علامات إذا ظهرت على طفلك يجب الانتباه لها    طريقة عمل لحمة الرأس.. أكلة المدبح المميزة في خطوات بسيطة    ميناء الإسكندرية يستقبل أولى رحلات "WAN HAI" وسفينة "MAERSK HONG KONG" في إنجاز مزدوج    رحلة تعريفية لوفد من المدونين والمؤثرين الأمريكان بالمقصد المصري    يوفنتوس يجدد عقد مدربه إيجور تيودور حتى 2027    "حلال فيك" ل تامر حسني تتخطي ال 7 مليون مشاهدة فى أقل من أسبوع    الأحد.. انطلاق المعرض العام للفنون التشكيلية في دورته ال45    خمس مواجهات نارية مرتقبة في دور المجموعات من مونديال الأندية 2025    رسميًا.. موعد إجازة رأس السنة الهجرية 2025 للعاملين بالدولة    وداع قاسٍ من الربيع.. إنذار جوي بشأن حالة الطقس الأسبوع المقبل ب القاهرة والمحافظات    وزيرة التخطيط تبحث مع سفير بريطانيا تنويع آليات التمويل للقطاع الخاص    بعد استهداف "نطنز" الإيرانية.. بيان عاجل لهيئة الرقابة النووية المصرية    الأهلي يهنئ سيراميكا ببطولة كأس عاصمة مصر    مطار شرم الشيخ يستقبل رحلات محوّلة من الأردن بعد إغلاق مجالات جوية مجاورة    100% لثلاثة طلاب.. ننشر أسماء أوائل الإعدادية الأزهرية في أسيوط    دموع على الكوشة انتهت بتعهد.. النيابة تُخلي سبيل والدي عروسين الشرقية    رصاص على المقهى.. تفاصيل مقتل شاب أمام المارة في القليوبية    أستاذ بالأزهر يعلق على قانون الفتوى الجديد: أمر خطير ومسؤولية عظيمة    خطيب المسجد النبوي: الرحمة صفة تختص بالله يرحم بها البر والفاجر والمؤمن والكافر    «الداخلية» تكشف ملابسات فيديو لهو طفل بمنتصف أحد المحاور بالمقطم    إصابة 3 أشخاص إثر مشاجرة مسلحة بين عائلتين بقنا.. والأمن يضبط المتهمين    القاصد يهنئ محافظة المنوفية بعيدها القومي    إزالة 8 حالات تعدي على الأراضي الزراعية بالشرقية    خاص| سلوى محمد علي: انفصال بشرى فاجأني وأنهت العلاقة بشياكة    مدير بايرن يثير الشكوك حول مستقبل كومان بعد كأس العالم للأندية    الطيران المدني: المجال الجوي آمن.. ورفع درجة الاستعداد القصوى    الرعاية الصحية والجمعية المصرية لأمراض القلب تختتمان حملة التوعية بقصور عضلة القلب بيوم رياضي    إصابة 5 أشخاص في حادث انقلاب سيارة بوسط سيناء    خطباء المساجد بشمال سيناء يدعون للوقوف صفا واحدا خلف القيادة السياسية    إنفوجراف| إسرائيل تدمر «عقول إيران» النووية.. من هم؟    تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير 137 مخالفة لمحلات لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    ضبط صاحب مخبز بالمحلة الكبرى استولى على 16 جوال دقيق مدعم وباعها بالسوق السوداء    الحج السياحي في مرآة التقييم ..بين النجاح وضيق المساحات.. شركات السياحة تطالب بآليات جديدة لحجز مواقع الحجاج بالمشاعر المقدسة .. دعوات بعودة التعاقد الفردي مع المطوفين    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من الجامع الأزهر    كأس العالم للأندية - الأهلي يواصل تحضيراته لمواجهة إنتر ميامي    سعر الفراخ بالأسواق اليوم الجمعة 13-6-2025 فى المنوفية.. الفراخ البيضاء 87 جنيه    رئيس الوزراء: نتابع الموقف أولا بأول وتنسيق بين البنك المركزي والمالية لزيادة مخزون السلع    الدولار الأمريكي يرتفع متأثرا بالضربة الإسرائيلية على إيران    ترمب: لا يمكن السماح لإيران بامتلاك قنبلة نووية ونأمل بعودة المفاوضات    مع إعلانها الحرب على إيران.. إسرائيل تُغلق مجالها الجوي بالكامل    نتيناهو: نحن في لحظة حاسمة في تاريخ إسرائيل وبدأنا عملية «شعب كالأسد» لإحباط المشروع النووي الإيراني    موعد إجازة رأس السنة الهجرية 2025.. عطلة رسمية للقطاعين العام والخاص    تعامل بحذر وحكمة فهناك حدود جديدة.. حظ برج الدلو اليوم 13 يونيو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ذات يوم 9 إبريل 1981.. دماء يحيى الطاهر عبدالله تسيل.. ويوسف إدريس يبكيه كالأطفال فى منتصف الليل
نشر في اليوم السابع يوم 09 - 04 - 2018

«أصيب ومات يحيى الطاهر عبدالله، ولم يبلغ من العمر الثمانية والثلاثين عاما، كتب مجموعة من عيون القصة العربية الحديثة، وتزوج وخلف بنتين، وبالكاد بدأ يتنفس الصعداء، وإذا بالقدر، ودونا عن ركاب عربة انقلبت وكان بها ثمانية غيره، متعهم الله بالصحة، اختطفه، فعلا، وكما تنطق حكمة الشعب المصرى أحيانا بالحقيقة.. كان ابن موت، الموت..ذلك القضاء الحق.. مات يحيى.. هكذا نعاه لى الأبنودى فى منتصف الليل، وجدت نفسى كالأطفال أبكى عجزا».

هكذا عبر يوسف إدريس عن لوعته لموت «يحيى» فى حادث سيارة على طريق الواحات يوم 9 أبريل «مثل هذا اليوم» عام 1981.. يحيى الذى يصفه رفيق عمره عبدالرحمن الأبنودى: «عاش صافيا صفاء طفوليا شيطانيا، تمتزج عبقريته بحب شديد للتعابت والتخابث والملاعبات والمداعبات..ينتمى حقيقة إلى الثقافة، يدافع عن آرائه حتى الموت، بحميمية وصدق، ما يدل على أنه اتخذ الثقافة أهلا ومنهج حياة ودارا وعائلة، ويتحزب تحزبا مصيريا لما يعتقده».. «أيامى الحلوة - الهيئة المصرية العامة للكتاب - القاهرة».

جاء الثلاثى «يحيى والأبنودى وأمل دنقل» من الجنوب إلى القاهرة» كالعاصفة الربيعية التى تحمل غبار الطلع»، حسب وصف الناقد الدكتور جابر عصفور فى مقدمته للأعمال الكاملة ليحيى «مكتبة الأسرة-القاهرة»، وفيما شق «الأبنودى» طريقه للشعر العامى، كتب «أمل» قصيدة الفصحى»، أما «يحيى» ففاجأ صديقيه بالقصة القصيرة حين جاء للقاهرة بعدهما «1964»، لكنه وحسب «عصفور»: «لا يكتب قصصه القصيرة على ورق، وإنما فى رأسه، ويحفظها ليقرأها على الآخرين من الذاكرة دون نسيان شىء، ودون أن يتغير فى القصة حرف عبر تكرار الحكى والإعادة، كان ظاهرة فريدة فى ذلك، فلم أر قبله ولا بعده كاتب قصة قصيرة يحفظ الأعمال الإبداعية ويحكها شفاهة للآخرين، ولا يسجلها على الورق إلا ليدفع بها إلى النشر».

يضيف عصفور: «استمع إليه يوسف إدريس فى مقهى ريش الذى ظل لسنوات ملتقى كتاب الستينيات «القرن العشرين»، فقدمه فى مجلة «الكاتب»، كما قدمه عبدالفتاح رزق فى الملحق الأدبى لجريدة المساء، وأخذت الطليعة الثقافية تلتفت إلى كتابته، وتجد فيها أفقا إبداعيا فى تفرده واختلافه».

كان يبرر روايته الشفاهية لقصصه دون قراءة من ورق بأنه «يبحث عن قاسم مشترك بينه وبين المجتمع»، ويؤكد فى حديث صحفى له، حسب عصفور،: «إذا قال وأجاد فن القول سيجد من يسمعه، ومن يتأثر به، فهو يتعمد عدم الكتابة لأن أمته لا تقرأ».

واصل «يحيى» تفرده فيما يقدمه من إبداع، حتى أصبح من أهم مبدعى القصة القصيرة فى تاريخ مصر، لا تفارقه قريته رغم عيشه فى القاهرة: «عندما ابتعد عن قريتى أسعى إليها فى المدينة، وأبحث عن أهلى وأقربائى وناسى الذين يعيشون معى، وأنا لا أحيا إلا فى عالمها السفلى، فحين ألتقى بهم نلتقى كصعايدة وكأبناء الكرنك، ونحيا معا ألمنا المصرى وفجيعتنا العربية، وبعدنا عن العصر كشخوص مغتربة».

تتذكر ابنته «أسماء» دراما رحيله فى مقدمة أعماله الكاملة: «كنت فى الرابعة والنصف من عمرى، أذكر انقلاب السيارة التى كانت تقودها سيدة كندية تدعى إليزابيث، كنت أجلس بجواره على المقعد الأمامى، وفجأة أخذ حزام الأمان وأحاطنى به وحدى، وكان فى الكرسى الخلفى «عرفت فيما بعد» الأستاذ عبد الحميد حواس خبير الفنون الشعبية وزوجته الدكتورة ألفت الروبى، الأستاذة بكلية الآداب، وصديقة أمريكية تدعى سوزان، كنا فى رحلة إلى الواحات البحرية».

اصطحب الأب طفلته لبكائها الشديد، عندما أخبرها بغيابه بضعة أيام، ولم يهتم بتحذير المرافقين من وعورة الرحلة على طفلة فى مثل سنها: «أذكر إفاقتى على من يسحبنى من داخل السيارة من ذراعى الشمال، ومازلت أذكر الألم الذى أحدثته هذه الشدة فى ذراعي، أذكر صراخى الشديد: «فين بابا»، وأخذونى له، كان يرقد بعيدا عن السيارة فى الصحراء لا يبدو عليه إلا أنه نائم، ولم أفهم نزيف الدماء من فمه وأنفه، أذكر أيضا محاولة إفاقته بالمياه، ومحاولتهم تهدئتى: «حيصحى تانى ويرجع لك»، أذكر عربة الإسعاف، وركوبى بجوار السائق، لا أذكر بعد ذلك إلا مشهد مستشفى «أم المصريين»، تسللت من بين أرجل الأطباء ودخلت إلى حيث يحتجزونه، ورأيته، وكانت آخر مرة أشاهده فيها، كنت أنتظر أن يستيقظ ويعود لى كما وعدنى، ولكن لم يحدث».

حمل المشيعون نعشه، وصدى عدودة الأبنودى تتردد: «يا يحيى يا عجبان/ يا رقصة يا زغروتة/اتمكن الموت من الريح/وفرغت الحدوتة»..وبعد عامين ونصف كتب أمل دنقل قصيدته «الجنوبي»: «ليت أسماء تعرف أن أباها صعد/لم يمت/هل يموت الذى كان يحيا/كأن الحياة أبد /وكأن الشراب نفد /وكأن البنات الجميلات يمشين فوق الزبد/عاش منتصبا بينما / ينحنى القلب يبحث عما فقد».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.