حول أدب "يحيى الطاهر عبد الله" اجتمعنا، هو عملاق القصة القصيرة الذى يجهله العديد من أبناء الجيل الجديد، وكان أفضل طريقة لتعريفهم به هى كتاباته، فى أمسية " القراءة الأدبية " التى تنظمها شهريا مؤسسة "دوم" الثقافية للتعريف بعمالقة الأدب بأسلوب مشوق و جذاب، جعل غالبية الحضور عند نهاية الأمسية يتساءلون عن أماكن شراء أعمال يحيى الطاهر الأدبية . وقال الكاتب خالد الخميسى صاحب "دوم" لشبكة " محيط " أن يحيى الطاهر من ألمع من كتب قصة قصيرة فى تاريخ مصر ، و نقل القصة نقلة نوعية ، فاستحق لقب " شاعر القصة القصيرة " ، كان يحيى مهتم بالموسيقى فى النص كعنصر أساسى ، و لأنه كان قارئ جيد للقصة القصيرة ، يحكى قصصه شفهيا ، فاستطاع أن يؤكد بالجزء الشفوى على الحس الموسيقى . وتابع الخميسى أن يحيى الطاهر أبدا لم يقدم أى تنازلات مع نفسه أو مجتمعه أو نصوصه ، فكان صاحب مبدأ منذ بدايته و حتى وفاته ، فلم يتلون أبدا عكس معظم البشر . أما عن " أفول نجم القصة القصيرة " فى عصرنا الحالى، و تربع " الرواية " على عرش الأدب ، قال الخميسى أن هذة ظاهرة عالمية و ليست بمصر فقط ، فالناشرين فى الدول الكبرى كأمريكا و فرنسا و ألمانيا و انجلترا يتخذون قرار نشر القصص بصعوبة ، فى حين تنشر الرواية بسهولة . و فسر الخميسى ذلك بأن غالبية القراء أصبح معظمهم من النساء ، ف 80 % ممن يقبلون على الأدب فى الدول المتقدمة هم نساء ، و يقال أن ذائقتهم أقرب للأعمال الروائية الطويلة ، و أكد الخميسى فى نهاية حديثه أن فن القصة القصيرة صعب و عمالقته قليلين ، فى حين أن الرواية أسهل على عكس ما يظن البعض . قدم القراءة الأدبية كل من الفنان عهدي صادق ، و منى راجح ، و على راشد ، و قام خالد أحمد بالتعليق على لسان " يحيى الطاهر " ، فلم يتعرف الحاضرون على أعماله فقط ، بل أيضا على يحيى الطاهر الأديب و الإنسان ، و صفق الحاضرون بقوة إعجابا بهذة الأمسية الأدبية الرفيعة . قدم المشاركون 12 قصة قصيرة من أجمل ما كتب يحيى الطاهر و هم : " جبل الشاى الأخضر ، و البكاء ، و الخوف ، و جواب ، و الضحك ، و طاحونة الشيخ موسى ، و أنا و هى ، و الوارث ، و الحكاية المثال ، و الغول ، و الموت ، و الغجرى . و قرأ خالد أحمد مقاطع من حوار الكاتب الصحفى سمير غريب مع الأديب يحيى الطاهر ، قال فيه يحيى عن مجموعته الأولى : " أنا وضعت فى المجموعة الأولى حيرتى فى البحث عن شكل و لغة و رؤية ، همى كإنسان ووجدى ، كرجل منبهر بالثورة و يريد أن يخطب بمنهاجها ، حيرتى كاملة موجودة فى هذة المجموعة " . و عن إحساسه بما قدمه قال يحيى الطاهر : " أنا كاتب حققت لنفسى فرحى الخاص بما كتبت و يكفينى هذا " ، و " فرحى النهائى و الغرس الأخير هو الثورة و تحرك الشعب الراقد ". و تابع قائلا : " أنا سألت نفسى لمن أكتب ؟ فوجدت أن الناس الذين أكتب عنهم لا يقرأوا فنى ، و هم منفيون و مغتربون و مستلبون ، لذا أعتقد أن القول أفضل ، و القصص التى أكتبها سبق أن قلتها مائة ألف مرة لمائة ألف شخص ، لذا أيضا أقول إننى لا أبذل أى جهد فى الكتابة لأننى أدون ما أقوله فى جلساتى و تعاملاتى " . أما عن تجاربه فقال يحيى الطاهر " أنا ابن القرية و سأظل ، فتجربتى تكاد تكون كلها فى القرية ، و القرية حياة قائمة هى " الكرنك فى الأقصر " أى " طيبة القديمة " و أرى أن ما وقع على الوطن وقع عليها ، و هى قرية منسية كما أنا منفى و منسى ، كما أنها أيضا قرية فى مواجهة عالم عصرى . إذن عندما أبتعد عن قريتى أسعى إليها فى المدينة و أبحث عن أهلى و أقربائى و ناسى الذين يعيشون معى ، و أنا لا أحيا إلا فى عالمها السفلى ، فحين ألتقى بهم نلتقى " كصعايدة " كأبناء " كرنك " و نحيا معا ألمنا المصرى " و فجيعتنا العربية ،و بعدنا عن العصر كشخوص مغتربة " . يذكر أن يحيي الطاهر عبدالله قاص مصري من مواليد 30 أبريل 1938 بالكرنك بمحافظة الأقصر ، ليحيى الطاهر عبد الله العديد من الأعمال الإبداعية المتميزة منها " ثلاث شجيرات تثمر برتقالا" و هى مجموعته الأولى ، و " الدف والصندوق " ،" الطوق والأسورة " ، أ"نا وهى وزهور العالم "، "الحقائق القديمة صالحة لإثارة الدهشة "،" حكايات للأمير حتى ينام" ، " تصاوير من التراب والماء والشمس". توفى يحيى الطاهر عبد الله قبل بلوغه قبل أن يتم الثالثة والأربعين بأيام في حادث سيارة على طريق القاهرة الواحات، ودفن في قريته الكرنك بالأقصر.، وم الخميس 9 أبريل 1981 ، و كان عمله الأخير الذى وضعه و لم يتسنى له نشره هى المجموعة القصصية " الرقصة المباحة" لتكون خاتمته فى العالم الأدبى . رثاه الشاعر الكبير " أمل دنقل " قائلا : ليت أسماء تعرف أن أباها صعد لم يَمُتْ هل يموت الذى كان يحيا كأن الحياة أَبَدْ وكأن الشراب نَفَدْ وكأن البنات الجميلات يمشين فوق الزبد!! بينما رثاه الأبنودى فى «عدُّودة تحت نعش يحيى الطاهر عبدالله» قال فيها: يا يحيى يا عجبان يا مليح يا رقصة يا زغروته إتمكن الموت من الريح وفِرْغِت الحدوتة آخر حروف لابجديَّة أول حروف اسم يحيى للموت كمان عبقرية تموت لو الاسم يحيى