النصر يُلغي معسكره في النمسا بسبب ظروف طارئة ويبحث عن بديل    نادية مصطفى لفيتو: احنا مش متطرفين ومصطفى كامل بيخاف على البلد (فيديو)    «زي النهارده» فى ‌‌30‌‌ يوليو ‌‌2011.. وفاة أول وزيرة مصرية    رغم إعلان حل الأزمة، استمرار انقطاع الكهرباء عن بعض مدن الجيزة لليوم الخامس على التوالي    ترامب يحذر من تسونامي في هاواي وألاسكا ويدعو الأمريكيين إلى الحيطة    وزير الخارجية يلتقي السيناتور ليندسى جراهام بمجلس الشيوخ الأمريكي    الاتحاد الإفريقي يصدم "الدعم السريع" بعد تشكيل حكومة موازية بالسودان ويوجه رسالة للمجتمع الدولي    فتح باب التقدم لاختبارات الدبلومات والمعاهد الفنية لدخول كلية الحقوق والرابط الرسمي    ثروت سويلم: لن يتكرر إلغاء الهبوط في الدوري المصري.. وخصم 6 نقاط فوري للمنسحبين    انهيار جزئي لعقار مكون من 7 طوابق في الدقي    من "ترند" الألبومات إلى "ترند" التكت، أسعار تذاكر حفل عمرو دياب بالعلمين مقارنة بتامر حسني    طريقة عمل الأرز باللبن، تحلية سريعة التحضير ولذيذة    البنك العربى الإفريقى يقود إصدار سندات توريق ب 4.7 مليار جنيه ل«تساهيل»    جدول مباريات بيراميدز في الدوري المصري الممتاز الموسم الجديد 2025-2026    "البترول" تتلقى إخطارًا باندلاع حريق في غرفة ماكينات مركب الحاويات PUMBA    عبداللطيف حجازي يكتب: الرهان المزدوج.. اتجاهات أردوغان لهندسة المشهد التركي عبر الأكراد والمعارضة    حظك اليوم الأربعاء 30 يوليو وتوقعات الأبراج    السيد أمين شلبي يقدم «كبسولة فكرية» في الأدب والسياسة    ليلى علوي تسترجع ذكريات «حب البنات» بصور من الكواليس: «كل الحب»    فلكيًا.. موعد بداية شهر رمضان 1447-2026    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 للقطاعين الحكومي والخاص    ترفع الرغبة الجنسية وتعزز المناعة.. 8 أطعمة ترفع هرمون الذكورة بشكل طبيعي    لا تتبع الوزارة.. البترول: السيطرة على حريق سفينة حاويات قرب منصة جنوب شرق الحمد    وزير الثقافة: جوائز الدولة هذا العام ضمت نخبة عظيمة.. ونقدم برنامجا متكاملا بمهرجان العلمين    4 أرغفة ب دينار.. تسعيرة الخبز الجديدة تغضب أصحاب المخابز في ليبيا    تنسيق الثانوية 2025.. ماذا تعرف عن دراسة "الأوتوترونكس" بجامعة حلوان التكنولوجية؟    تنسيق الجامعات 2025| كل ما تريد معرفته عن بكالوريوس إدارة وتشغيل الفنادق "ماريوت"    إبراهيم ربيع: «مرتزقة الإخوان» يفبركون الفيديوهات لنشر الفوضى    الجنايني يكشف سبب تعثر بيع زيزو لنيوم السعودي    وفاة طالب أثناء أداء امتحانات الدور الثاني بكلية التجارة بجامعة الفيوم    القانون يحدد شروط لوضع الإعلانات.. تعرف عليها    متابعة تطورات حركة جماعة الإخوان الإرهابية مع الإعلامية آلاء شتا.. فيديو    الدقيقة بتفرق في إنقاذ حياة .. أعراض السكتة الدماغية    تنسيق الجامعات 2025 .. تفاصيل برامج كلية التجارة جامعة عين شمس (مصروفات)    يسمح ب«تقسيط المصروفات».. حكاية معهد السياحة والفنادق بعد قضية تزوير رمضان صبحي    إخماد حريق في محول كهرباء في «أبو النمرس» بالجيزة    منافسة غنائية مثيرة في استاد الإسكندرية بين ريهام عبد الحكيم ونجوم الموسيقى العربية.. صور    إنجاز غير مسبوق.. إجراء 52 عملية جراحية في يوم واحد بمستشفى نجع حمادي    رئيس مدينة الحسنة يعقد اجتماعا تنسيقيا تمهيدا للاستعداد لانتخابات الشيوخ 2025    أحمد فؤاد سليم: عشت مواجهة الخطر في الاستنزاف وأكتوبر.. وفخور بتجربتي ب "المستقبل المشرق"    رسميًا.. جدول صرف مرتبات شهر أغسطس 2025 بعد تصريحات وزارة المالية (تفاصيل)    عاجل- ترمب: زوجتي ميلانيا شاهدت الصور المروعة من غزة والوضع هناك قاس ويجب إدخال المساعدات    ناشط فلسطيني: دور مصر مشرف وإسرائيل تتحمل انتشار المجاعة في غزة.. فيديو    أسامة نبيه يضم 33 لاعبا فى معسكر منتخب الشباب تحت 20 سنة    مصرع عامل اختل توازنه وسقط من أعلى سطح المنزل في شبين القناطر    عمرو الجناينى: تفاجأت باعتزال شيكابالا.. ولم أتفاوض مع أحمد عبد القادر    «الجو هيقلب» .. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم : أمطار وانخفاض «مفاجئ»    جدول امتحانات الثانوية العامة دور ثاني 2025 (اعرف التفاصيل)    ترامب: الهند ستواجه تعريفة جمركية تتراوح بين 20% و25% على الأرجح    عيار 21 الآن يسجل رقمًا جديدًا.. سعر الذهب اليوم الأربعاء 30 يوليو بعد الانخفاض بالصاغة    محمد السادس: المغرب مستعد لحوار صريح ومسؤول مع الجزائر    سبب غياب كريم فؤاد عن ودية الأهلي وإنبي وموعد عودته    الجنايني عن شروط عبدالله السعيد للتجديد مع الزمالك: "سيب اللي يفتي يفتي"    معلقة داخل الشقة.. جثة لمسن مشنوق تثير الذعر بين الجيران ببورسعيد    هل يُحاسب الطفل على الحسنات والسيئات قبل البلوغ؟.. واعظة تجيب    أمين الفتوى: الشبكة جزء من المهر يرد في هذه الحالة    ما الذي يُفِيدُه حديث النبي: (أفضل الأعمال الصلاة على وقتها)؟.. الإفتاء توضح    أمين الفتوى: مخالفات المرور الجسيمة إثم شرعي وليست مجرد تجاوز قانوني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طبعة جديدة من سيرة حوارية مع بهاء طاهر
نشر في صوت البلد يوم 31 - 08 - 2010

صدرت الطبعة الثانية من الكتاب الذي أعده الشاعر البهاء حسين عن الروائي بهاء طاهر وصدر عن المجلس الأعلى للثقافة، وهو كتاب يعد نافذة على حوار من أجمل وأمتع الحوارات التي يمكننا مطالعتها لأديب كبير، ربما لأن المحاور نفسه لم يكن على درجة من التكلف اللازم لإفساد حوار خلاق ومثقف من هذا النوع وربما، ايضا لأن بهاء طاهر ببساطته المعهودة كان على درجة فريدة من الوعي بقارئه ومتلقيه، وكذلك على درجة من الوعي بما يريد محاوره، فلم يترك فرصة لخلق تواصل مع قارئه إلا وتشبث بها، فالحديث المطول لم يقتصر على الشأن الأدبي، السياسي، الفلسفي، ولكنه تطرق إلى كل شيء، وقطعته أحيانا حتميات الاستراحة التي كان يقدمها بهاء حسين لقارئه بذكاء شديد عندما يخرج من الحوار لوصف حالة بهاء، أو لاستراحة غداء، أو لحديث هازل كان ضروريا لاستئناف الشجن الدافىء لهذا الحديث.
يبدأ الكتاب بتقديم مختصر للكاتب والمفكر الراحل محمود أمين العالم الذي رأى أن الكتاب يتجاوز فكرة مذكرات بهاء طاهر، لأن المحاور على إلمام كامل بتجربة الكاتب لهذا يكاد يكون الحوار هو أهم نص روائي لبهاء طاهر حسب الكاتب وحسب المقدمة.
يقدم حسين كتابه بمقطع من أنا الملك جئت لبهاء طاهر، وهو مقطع دال على انعزالية وانطوائية بهاء البادية في طول الكتاب وعرضه، وهي حالة من حالات التوحد القصوى التي يمارسها الكاتب على نفسه. يقول: ولما المرأة ذهبت، ولما تفرق الذين اجتمعوا حولي ولما وجدت نفسي وحيدا اكتملت في تمامي، ولما كنت أنت إلهي وأنا صفيك، أنت النور وأنا صدي النور، أتملى في ذاتي فأراك وأتملى فيك فأراني فإني بعيدا عن الآحاد جئت لنكون واحدا أنا وأنت، الآن ولم يبق وقت وبقي الأبد، الآن أناجيك فتعرفني، أدون سري بعيدا عن الأعين لعينك أنت فتعرفني، أتطلع إلى قرصك اللامع الذي يرقب من السماء كل شيء وأنقش على الصخر سري: أني حزين.
أما مقدمة بهاء حسين الحميمة فلم تعمد إلى تقديم بهاء طاهر عبر أعماله الإبداعية ولكنها ترصد نشأة هذه العلاقة الإبداعية الإنسانية التي كان يبحث فيها بهاء حسين عن أبوة بالمعنى الإنساني والثقافي والفكري، ثم يضع بهاء طاهر في سطور برقية تلخص الكثير من نتاج تجربتهما المشتركة التي استمرت لسنوات في تسجيل فصول هذا الكتاب. يقول حسين في جمله المكثفة في وصف بهاء طاهر، وسآخذ المفردات من غير موضع:
شخص متماسك ومن الخارج سهل جدا أن تكتشف تواضعه وبساطته الآسرة، لا يوجد موضوع يصعب عليك أن تحاوره فيه، ذوقه الشخصي في كل ركن بشقته، رغم معاناته الطويلة، إلا أنه غير عدواني على الإطلاق، لا فوضى في شخصيته أو حياته، معتدل المزاج، ما زال وفيا لذائقته التي لا تتعاطف بسهولة مع الكتابة الجديدة.
ويذكر الكاتب أن بهاء طاهر المولود في 13 كانون الثاني ( يناير) 1935 كان ابن العصر المزدحم بالتناقضات والقلق على المستويين السياسي والاجتماعي، لذلك فهو منسوب لثورة تموز ( يوليو)، حيث كان قد بدأ سني نضوجه مع قيامها وكما يشير الكاتب في المقدمة الى فترات عمل بهاء طاهر في هيئة الاستعلامات وفي الإذاعة، وهما التجربتان اللتان أشبعهما بهاء طاهر شرحا داخل نص الكتاب الحوار.
يبدأ الكتاب بفصل بعيدا إلى الكرنك، والكرنك هي إحدى قرى مدينة الأقصر الواقعة جنوب القاهرة العاصمة بحوالي سبعمئة كيلومتر، وهي بين أهم المناطق الأثرية في التاريخ المصري القديم، وهي إلى جانب ذلك مسقط رأس بهاء طاهر، المولود لرجل أزهري متعلم في وقت مبكر حيث كان مثيله يستطيع أن يحكم في رؤوس جاهلة غير محصورة، وهي الفترة التي كانت الأرض الممهدة لسيطرة الطبقة الوسطى منذ اندلاع ثورة تموز ( يوليو)، لكن بهاء لم يكن وحيدا بل كان بين حوالي ثمانية أولاد لكنه على ما يبدو كان الوحيد الذي استفاد من مكتبة والده الأزهري وقرأ منها أمهات الكتب، وربما وفر وضع الأب حياة ميسرة للأبناء لكن الحال تغير بعد إحالته الى التقاعد، ثم بعد وفاته، ولا يخجل بهاء طاهر من الاعتراف بالفقر المضني للعائلة التي تحملت مسؤوليتها الأم بعد رحيل العائل الوحيد، ويشير هنا الى دور الثورة في إعادة الكثير من الاحترام لكرامة الإنسان المصري، ولا ينسى الرجل أن يذكر هذه العلاقة الملتبسة والساخرة بالفلوس حتى هذه اللحظة وكأن تجليات الفقر وخياله ما زالا يكللان خلفية مشاهد الذاكرة.
يقول بهاء طاهر: أنا أندهش جدا حين يكون معي من الفلوس ما يزيد على حاجتي الشخصية، أندهش جدا ولا أعرف كيف يمكن أن استفيد من هذه الفلوس، أثرت ايضا في انني طوال عمري لم يكن عندي ولا عندي في هذه اللحظة، طموح لكماليات المعيشة. لكن هذا الفصل كغيره لا يمر سريعا على الوقائعي إلا لكي يؤصل لفكرة أساسية لدى الكاتب، وفي هذا الفصل يتوقف طاهر أمام الموت الذي حصد نصف أسرته عام 1942 ويقول هنا: فكرة الموت المباشرة هذه، أثرت عليَّ حتى من قبل حكاية الملاريا والوفيات الجماعية في الأسرة وفي القرية، إنما فكرة الموت الفلسفية بغض النظر عن ظاهرة الموت الفردية، يُهيأ لي أنها أهم سؤال مطروح على الإنسان أو على الكاتب، وكما يقول هيمنغواي:
كل القصص تنتهي بالموت. هذه الحكاية حقيقية جدا، هناك في آخر السكة ذلك الحائط السد ولا سبيل إلى الهروب منه، وربما أكون تطرقت لهذه الفكرة في قصة محاورة الجبل ، وفي نهاية حديثه يتمنى بهاء طاهر أن يموت كما مات الأب وهو يقرأ.
لكن هذا الفصل لم ينته من حسن الحظ مع الموت فحسب بل انتقل إلى حياة بهاء طاهر في بنسيون بعد أن فرغ منزل الأسرة إلا منه وكذلك حبه لابنة الجيران وقراره المضحك بالانتحار بعد زواجه وبعد تدخين ثلاث سكائر باعتبار أن الذي يقدم على الانتحار لا بد أن يدخن.
ثم يتعرض أيضا لتجربة زواجه ثم انفصاله ويعكس حديثه عنها درجة مروعة من الألم التي لا يتمناها بهاء حتى لأعدائه حسب قوله.
وفي باب بعنوان الموسيقى وملك ومظاهرات يتناول بهاء طاهر معرفته بطه حسين وشعر المتنبي وروايات الجيب ويعتبر أن ذلك كان يشكل له ميلادا جديدا، لا سيما بعد قراءته الأيام لطه حسين، ثم يلي ذلك العلاقة بالموسيقى التي يذكر أنه تعرف عليها بفضل صديقه حامد البلاسي الذي رافقه فترة الدراسة في مدرسة السعيدية الثانوية حيث كان يشكل جماعة اسمها الغرامفون، وقد سمع بهاء لأول مرة أوبرا شهرزاد لكورساكوف وعددا من الموسيقات السيمفونية الأخرى، ولا ينسى أن يتذكر مظاهرات السعيدية الثانوية ضد الانكليز وصراع الأفكار الذي كان سائدا بين التيارات الفكرية المختلفة، ويتذكر المناخ الليبرالي الذي كلل المرحلة بكاملها عبر المنابر والصحف وقنوات إبداء الرأي، لكنه في نهاية الأمر، لم ينضم لأي تنظيم أو حزب سياسي حتى الآن، لكنه، مع ذلك تطوع في صفوف المقاومة الشعبية في سنوات 1951، 1956، 1967.
ويشير بهاء طاهر إلى دور النخب المثقفة التي أسست لحلمها مع الثورة وقبلها مؤكدا أن هؤلاء هم الذين بلوروا ما وصفته في مرات كثيرة بالحلم المصري، الذي هو، باختصار شديد جدا، حق التعليم للجميع والديمقراطية، وأن تكون الأمة فوق الحكومة كما عبرت عن ذلك ثورة 1919م، وفكرة العدالة الاجتماعية وحقوق المرأة ومساواتها بالرجل.
وفي فصل أيام الجامعة يشير بهاء طاهر الى السلم الذي أخذه الى الجامعة حيث دخل مسابقة التاريخ التي كانت تجري سنويا، ومثلها في كل مواد الدراسة، ويسمح للعشرة الأوائل فيها بدخول الجامعة مجانا، فضلا عن حصول الفائز على عشرين جنيها كجائزة، وقد حصل بهاء طاهر على الجائزة الرابعة في التاريخ وكان قد تقدم للمسابقة في الجزء الثاني من تاريخ الجبرتي وكتاب باللغة الانكليزية اسمه فائدة التاريخ وكتاب صور من التاريخ الإسلامي للدكتور عبدالحميد العبادي وكتاب عن تاريخ حوض البحر الأبيض المتوسط لمحمد رفعت وزير الأوقاف آنذاك.
يذكر بهاء أنه استقبل ثورة تموز( يوليو) بفرحة عارمة واعتبر يوم خروج الملك فاروق من مصر واقعاً حقيقياً لكل المصريين عدا أصحاب المصالح منهم.
يشير بهاء أيضا إلى أن التحاقه بقسم التاريخ في كلية الآداب كان ضد رغبة والده الذي كان يرى مهنة المعلم مهنة الجحود، لكن لقاء بهاء طاهر في الجامعة بوحيد النقاش ومصطفى أبو النصر، وصبحي شفيق وغيرهم كان يمثل مرحلة جديدة في حياته، ايضا يذكر الأساتذة الكبار الذين علموه وصادقوه مثل الدكتور محمد أنيس والدكتور محمد كامل حسين.
ثم يعود طاهر إلى المظاهرات الصاخبة في الجامعة حيث الانقلاب على الثورة ورفع شعار يسقط حكم البكباشية حيث كان الجميع يبحث عن الحرية، ويشير الكاتب بهاء طاهر الى التأييد العارم للكثير من قرارات الثورة مثل اتفاقية الجلاء والإصلاح الزراعي، وفي نفس الوقت رفض عمليات قمع الديمقراطية ومحاكمات الثورة، وأزمة آذار ( مارس) وإلغاء حرية الصحافة، وإلغاء حق التظاهر، وإلغاء حق تكوين الأحزاب، ومع ذلك يصف بهاء طاهر جمال عبدالناصر بأنه الزعيم التاريخي الوحيد، وليس هناك غيره، بل يراه السوي الوحيد وسط الثوريين الذين رافقوه طبعا، ايضا بعكس هذه الرؤية تماما يرى السادات الذي انحاز للأغنياء والولايات المتحدة ويرى أن حرب اكتوبر هي انتصار شعب وليست انتصار قيادة.
يعيد بهاء طاهر الاعتبار لأسماء مؤثرة في الحياة الثقافية فيرى أن يحيي الطاهر عبدالله كاتب فذ وأنه شاعر القصة القصيرة، وكذلك سليمان فياض وابو المعاطي أبو النجا حيث يراهما رائدين استطاعا أن يحدثا نقلة مهدت لجيل الستينيات.
لكنهما لم يحصلا على مكانة مرموقة بحجم انجازهما، وعن إبراهيم أصلان يقول: أعيد قراءة أعماله، وكأنني أعيد الاستماع الى مقطوعة موسيقية أحبها. وعن عبدالحكيم قاسم يقول: أفتش عن مفتاحه: إنه مبتدع الواقعية الجديدة في الكتابة، أظن روايته أيام الإنسان السبعة تختلف عن كل ما كتب عن الريف قبلها، وعن أمل دنقل يقول انه الشاعر بألف لام التعريف، وبعد فاصل طويل من التوصيف الايجابي غالبا لا تخون بهاء طاهر شجاعته عندما سأله بهاء حسين: مَن أقرب هؤلاء الى قلبك؟ فقال: إبراهيم أصلان ومحمد البساطي.
وفي فصل بعنوان هنا القاهرة يتناول بهاء طاهر مع محاوره بهاء حسين فترة عمله في الإذاعة المصرية وبالتحديد في البرنامج الثاني منذ عام 1957. يتناول طاهر الرحلة من بدايتها، منذ امتحانه على يد محمد أمين حماد. ثم يتحدث عن رفاقه في الإذاعة لا سيما عن سعد لبيب الذين يصفه بأنه كان الديمقراطية نفسها. شاهد بهاء طاهر إذاعي تحت التمرين مسرحيات صلاح عز الدين ومحمود مرسي، وغيرهما وذلك لمدة ثمانية أشهر ثم انخرط في العمل وقدم إنجازاته الخاصة، عبر عمله كمذيع ومخرج ومقدم برامج ومدير ندوات.
غير أنه يشير إلى المحنة التي مر بها بعد حدوث تناقض بين القيادتين العربيتين عبدالكريم قاسم وجمال عبدالناصر، وكان حينها في صوت العرب، وكان بدلا من توجيه البرامج الى مناهضة الاحتلال على الأرض العربية، لا بد من توجيه الاتهام إلى عبدالكريم قاسم، غير أن بهاء عندما قرر الاستقالة أنقذه رئيس الإذاعة آنذاك عبدالحميد الحديدي بأن كتب على الاستقالة ينقل للبرنامج الثاني فعاد بعد أن كان قد غادر مغضوبا عليه.
أما عن اللحظة الراهنة فيرى بهاء طاهر أننا ليس لدينا مخطط لشيء، لا في السياسة ولا في الفن ولا في الإعلام، الأمور ماشية بالاتكال والجهود الشخصية لكل فرد مشرف على قناة أو إذاعة، ويضيف: ينقصنا قدر كبير من الديمقراطية في الإعلام.
يتضمن الكتاب أيضا فصلا تحت عنوان كاتب وكتابة يتناول فيه أعماله المتوالية في المسرح والإذاعة والترجمة ودوره في اتحاد الكتاب قبل استقالته من عضوية الاتحاد. ويكشف بهاء عن كونه أحد القراء النادرين للشعر القديم لا سيما المتنبي وأبي فراس الحمداني وإليوت وييتس، وسان جون بيرس وآخرين، تحدث بهاء طاهر ايضا عن خليل حاوي كأحد أبطال الحب في المنفى وكأحد أبطاله الشعريين أيضا.
وفي فصل بعنوان الدنيا، قصص وروايات يتناول بهاء طاهر لحظات الإبداع وطقوس الكتابة ويتناول مسيرته منذ الخطوبة مرورا ب قالت ضحى، ثم ذهبت إلى شلال.
كما يتضمن الكتاب إلى جانب ذلك عددا من الفصول وأرشيفا لصور بهاء طاهر، ويقع في 234 صفحة من القطع الكبير وصدر عن المجلس الأعلى للثقافة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.