«التعليم العالي»: 87 ألف من طلاب الثانوية العامة يسجلون لأداء اختبارات القدرات    وزير الإسكان ومحافظ الدقهلية يوجهان بزيادة شبكة المواصلات المؤدية لمدينة المنصورة الجديدة    «المشاط» تدعو الشركات السويسرية للاستفادة من آلية ضمانات الاستثمار الأوروبية    وسط تحذيرات من روايات زائفة بشأن دخول المساعدات.. استشهاد 115 فلسطينيا بسبب مجاعة غزة    اندلاع اشتباكات مسلحة بين تايلاند وكمبوديا.. ومقتل 11 شخصا (تفاصيل)    «مش زي غيره».. تعليق ناري من الغندور بعد رسالة مصطفي شلبي    ريبيرو يحاضر لاعبي الأهلي قبل انطلاق تدريبات الفريق بطبرقة    السيطرة على حريق في مخلفات بسطح عقار بالقليوبية    تحذير من موجة شديدة الحرارة.. بيان هام من الأرصاد يكشف حالة الطقس    كاميرون إسماعيل: شرف كبير أن أمثل منتخب مصر.. وحلمي التتويج بالألقاب بقميص الفراعنة    نتيجة الثانوية الأزهرية بمحافظة كفر الشيخ.. رابط مباشر    إنقاذ سيدة من محاولة إنهاء حياتها في حي كيمان فارس بالفيوم    كشف ملابسات مشاجرة فى القاهرة وإصابة أحد الأشخاص    200 منزل تحت التطوير في نزلة عطية.. ومحافظ أسيوط: نسعى لبيئة سكنية آمنة للمواطنين – صور    رئيس الوزراء يتابع جهود منظومة الشكاوى الحكومية خلال النصف الأول من 2025    «خدمة المجتمع» بجامعة القاهرة يناقش التكامل بين الدور الأكاديمى والمجتمعى والبيئي    مدير الفريق الطبي المتنقل في غزة: طفل من بين كل سبعة يعاني من سوء تغذية حاد    بيان مشترك: مصر ودول عربية وإسلامية تدين مصادقة الكنيست الإسرائيلي على الإعلان الداعي لفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية المحتلة    معسكر كشفي ناجح لطلاب "الإسماعيلية الأهلية" بجامعة قناة السويس    "مدبولي" يؤكد أهمية بناء الوعي في تشييد حائط صد ضد نمو الشائعات    تخرج دفعات جديدة من المعينين بالهيئات القضائية والطب الشرعي بالأكاديمية العسكرية    تحليل رقمي.. كيف زاد عدد متابعي وسام أبو علي مليونا رغم حملة إلغاء متابعته؟    القليوبية تُطلق حملة مراكز شباب آمنة للوقاية من حوادث الغرق    منتخب جامعات مصر للتايكوندو يحقق فضية عالمية في ألمانيا    "الجبهة الوطنية" يعقد أول لقاء جماهيري بالإسماعيلية لدعم مرشحته داليا سعد في انتخابات الشيوخ    جامعة قناة السويس تُعلن نتائج الفصل الدراسي الثاني وتُقرّ دعمًا للطلاب    أسعار الأسماك والمأكولات البحرية في سوق العبور اليوم    ارتفاع أسعار الدواجن والبيض اليوم الأربعاء 24 يوليو 2025 بأسواق المنوفية    وزير الري يتابع جاهزية المنظومة المائية خلال موسم أقصى الاحتياجات    جهود قطاع أمن المنافذ بالداخلية خلال 24 ساعة لمواجهة جرائم التهريب ومخالفات الإجراءات الجمركية    بنسخ خارجية لمختلف المواد.. ضبط مكتبة بدون ترخيص في الظاهر    الداخلية تواصل حملاتها المكثفة لضبط الأسواق والتصدى الحاسم لمحاولات التلاعب بأسعار الخبز الحر والمدعم لتحقيق أرباح غير مشروعة    شهدت التحول من الوثنية إلى المسيحية.. الكشف عن بقايا المدينة السكنية الرئيسية بالخارجة    نقابة المهن السينمائية تشيد بمسلسل "فات الميعاد"    مهرجان الغردقة لسينما الشباب يطلق مسابقة للفيلم السياحي    «سعد كان خاين وعبد الناصر فاشل».. عمرو أديب يرد على منتقدي ثورة 23 يوليو: "بلد غريبة فعلا"    عمرو الورداني: النجاح ليس ورقة نتيجة بل رحلة ممتدة نحو الفلاح الحقيقي    لو لقيت حاجة اقعدها وقت قد ايه لحين التصرف لنفسي فيها؟.. أمين الفتوى يجيب    علي جمعة يوضح معنى قوله تعالى {وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ}    713 ألف خدمة طبية قدمتها مبادرة «100 يوم صحة» خلال أسبوعها الأول في القليوبية    "السبكي" يبحث مع "Abbott" نقل أحدث تقنيات علاج أمراض القلب    لماذا يستيقظ كبار السن مبكرا؟ إليك ما يقوله العلم    مصادر: سول تقترح استثمارات تتجاوز 100 مليار دولار بأمريكا في إطار محادثات الرسوم الجمركية    تفاصيل عملية دهس قرب بيت ليد.. تسعة مصابين واستنفار إسرائيلي واسع    رئيس اقتصادية قناة السويس يوقع 3 عقود صناعية جديدة مع شركات صينية    الدفاع الجوي الروسي يدمر 39 مسيرة أوكرانية    غدا.. تامر حسني والشامي يشعلان ثاني حفلات مهرجان العلمين    من اكتئاب الشتاء إلى حرارة الصيف.. ما السر في تفضيل بعض الأشخاص لفصل عن الآخر؟    «كتالوج»... الأبوة والأمومة    مدنية الأحكام وتفاعلها مجتمعيًّا وسياسيًّا    أحد الزملاء يخفي معلومات مهمة عنك.. حظ برج الدلو اليوم 24 يوليو    علي أبو جريشة: عصر ابن النادي انتهى    محافظ قنا يطمئن على مصابي حادث سقوط مظلة تحت الإنشاء بموقف نجع حمادي.. ويؤكد: حالتهم مستقرة    إيران تحذر مدمرة أميركية في خليج عمان.. والبنتاغون يرد    هل انتهت الأزمة؟ خطوة جديدة من وسام أبو علي بعد أيام من غلق حسابه على إنستجرام    5 معلومات عن المايسترو الراحل سامي نصير    أعراض برد الصيف وأسبابه ومخاطره وطرق الوقاية منه    هل يجوز أخذ مكافأة على مال وجدته ضائعًا في الشارع؟..أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مازال أمامكم طريق طويل
نشر في اليوم السابع يوم 20 - 03 - 2011

حوار على ضفاف النيل.. أعشق كثيرا الجلوس ليلا على ضفاف النيل، لأستمتع بمراقبة صفحته الهادئة المتمهلة كعادتها، وأبتهج برؤية الأنوار التى تتلألأ على صفحته فى بهاء، وتهدأ نفسى برؤية مشهد الصيادين الجالسين أمام معداتهم طوال الليل ينتظرون رزقا هو فى انتظارهم أسفل صفحة النيل، جلست أراقب صيادا عجوزا جالسا على مقربة منى ممسكا بصنارته وقد وضع بجانبه مذياعا صغيرا تأتى منه أغنية أحبها كثيرا، لتضفى على جو الليل والنيل سحرا عجيبا، سرحت مع صوت المذياع:
أنا إن قدر الإله مماتى لا ترى الشرق يرفع الرأس بعدى
ما رمانى رام وراح سليماً من قديم عناية الله جندى
وبينما أنا فى هذا الجو البديع، رأيت شبح امرأة تقترب منى، لفت انتباهى طريقة مشيتها الواثقة كأنها ملكة، ورأسها المرفوع فى إباء جميل، اعترتنى رعدة حينما اقتربت أكثر، وتملكتنى دهشة عظيمة حينما تبين لى ملامحها، فقمت أستقبلها بحرارة وأدعوها للجلوس، وأنا مازلت لا أصدق أنها هى هى، ولا أدرى أحلم هذا الذى أراه أم حقيقة؟! لكنها ها هى ماثلة أمامى حقيقة لا شك فيها بعظمتها ووضاءتها وكبريائها، كانت هى هى.. مصر!! سألتها: مالك يا أمُ تبدين حزينة؟! انتزعت ابتسامة مكرهة وقالت لى: لا عليك بالحزن، الحزن سحابة صيف عابرة على وجوه الأوطان.
- ألست سعيدة بما صنع أبناؤك؟!
- فردت وقد التمعت عيناها بالسعادة: بل أنا فخورة بكل واحد منكم، رفعتم رأسى ومسحتم دمعى، أتحسبه هينا على نفسى أن أعيش عقودا لم تكتحل فيها عيناى بنصر، ولم تعرف شفتاى فيها بسمة، ولم تذق نفسى فيها فرحة، ولم أرفع فيها رأسى بعزة فى عالم الأمم؟! أتحسبه أمرا هينا أن تطاطئ رأسك خجلا وذلا، بينما ترى حولك أمما تنهض وأوطانا تعلو وحضارات تزهر، وأنت ترجع كل يوم للوراء ولا تملك إلا أن تراقب الأحداث فى صمت، وأن تنتظر الحلم فى صبر؟! لقد أعدتم يا ولدى البسمة لشفاهى والفرحة لقلبى والنور لعينى، وكنت على يقين أنكم ستأتون حتما لم أشك فى ذلك لحظة! تأخرتم كثيرا، لكنكم فى النهاية لم تخيبوا ظنى، فقلب الأم لا يكذب أبدا حينما يوقن بشىء.
- فعلام حزنك إذاً؟
- أشارت بيدها إلى وراء ظهرها وقالت لى: هل ترى أرض هذا الميدان؟! لقد ودعت فيه أكثر من مائة شهيد من أعز أبنائى وأغلاهم! مائة شهيد، كل واحد قدم روحه بسخاء فداء لى أنا، لو رأيت معى عيونهم وقت الشهادة؟! كانت شموسا وأقمارا لا أعينا! وكانت دماؤهم تفوح كأجمل عطر فى الحياة، وكانت بسماتهم تشرق بالنور وتغلب ألف نهار.
- أكنت معهم حينما ماتوا؟!
- كنت معهم واحدا واحدا، وكنت أغالب دموعى وألمى وأنا أزفهم واحدا تلو الآخر إلى الجنة، وأنا لا أملك إلا دموعى، مازال قلبى ينزف ويئن بصمت كلما تذكرتهم، وما غابوا عن بالى لحظة واحدة، وكنت معكم جميعا فى كل لحظة، كان كل جرح ينزل بأحدكم يدمينى أنا، ويكون لى كالطعنة التى توجه لكبدى، وكل شهيد يسقط يسقط معه قلبى ويتحطم، حتى تحطم ألف مرة، رأيتكم وأنتم تتلقون الضربات صامدين، وتقاسون الخيانات ثابتين، وحفظت وجوه الخائنين وجها وجها.
لم أخش عليكم وقتها فكنت على يقين أن المحن كالنار تصقل معدنكم وتنفى عنكم الخبث، والضربات التى لا تقصم ظهوركم تقويها، ورأيتكم وأنتم تخرجون من أتون المحنة أنقياء كسبائك الذهب، وفرحت معكم وغنيت واحتفلت ولبست ثياب العيد وطربت لأهازيج النصر، ورجعت الفرحة لقلبى وعادت الضحكة لحياتى!
ومضيت فى عالم الأمم أمشى عزيزة النفس مرفوعة الجبين، ورأيت التاريخ يتبسم لى لأول مرة منذ زمن بعيد، مشيرا بيده علامة النصر ثم يرجع إلى دفتره ليكمل تدوين تلك البطولات لحظة بلحظة.
- لكنى أشعر أن سعادتك تمتزج بشىء غامض لا أدرى كنهه لكنه يطل من عينيك!
- مشاعرى تضطرب كمركب لا تدرى بعد أين مرساها، جمعتكم المحنة، ووحدتكم المعاناة، وصهرتكم الثورة فى بوتقتها حتى نتج منكم ما أبهر العالم كله، لكنى أخشى عليكم أبنائى ما بعد النصر، أخشى على من جمعتهم المحنة أن تفرقهم المصالح! ومن قربتهم المعركة أن تبعدهم المغانم!
ما زال أمامكم يا ولدى طريق طويل طول النهر، وأمل بعيد بعد الشمس! وعدو ماكر مكر الليل يتربص بكم الدوائر!
أتعرف شعور الأم حينما ترى خطرا يحدق بأبنائها وهم ماضون نحوه غير منتبهين إليه؟! هذا هو الذى تراه فى عينى، أخشى عليكم يا ولدى، أنى لكم أن تفطنوا للسم إذا قدم لكم مخلوطا بالعسل، وكيف ينتبه النائم لحية تزحف ناحيته فى الظلام؟!
- أى حية تلك التى تزحف ناحيتنا وأى سم تقصدين أمى؟! سألتها فى قلق! لكننى لم أتلق جوابا، وأعدت السؤال مرتين، وإذا بيد تربت على كتفى: أفقت فإذا ببائع جائل يقف أمامى يعرض على بضاعته، شكرته وقمت مسرعا أتلفت حولى فلم أجد أحدا سوى صفحة النيل التى تسير صامتة هادئة كعادتها والأنوار التى تتلألأ بزهو على صفحته، والصياد العجوز الجالس فى صبر وصوت المذياع ما زال يشدو:
إننى حرة كسرت قيودى رغم أنف العدا وقطعت قيدى
قد وعدت العلا بكل أبى من رجالى فأنجزوا اليوم وعدى
نحن نجتاز موقفاً تتعثر الآراء فيه، وعثرة الرأى تردى، مضيت وأنا أفكر، هل جرى هذا الحوار حقيقة؟! أم أنه كان مجرد حلم على ضفاف النيل؟! وفى كل الأحوال لم أعرف بعد أى حية تلك التى تؤرق مصر على أبنائها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.