حرب تكسير العظام في جولة الحسم بقنا| صراع بين أنصار المرشحين على فيسبوك    رابطة تجار السيارات عن إغلاق معارض بمدينة نصر: رئيس الحي خد دور البطولة وشمّع المرخص وغير المرخص    محافظ قنا يوقف تنفيذ قرار إزالة ويُحيل المتورطين للنيابة الإدارية    التحالف الوطني يثمن مشاركة "البنك المركزي" في فعاليات "شهر التطوع"    القوات الروسية ترفع العلم الروسي فوق دميتروف في دونيتسك الشعبية    سوريا تدين بشدة الاعتراف الإسرائيلي ب«أرض الصومال»    حلفاء زيلينسكي يقدمون دعمهم قبل المحادثات مع ترامب في فلوريدا    بيزا ضد يوفنتوس.. السيدة العجوز تحسم المواجهة بثنائية نظيفة    الدفاع المدني بغزة ينتشل جثمان طفل غرق في بئر بعد محاولات لإنقاذه    كأس أفريقيا.. نيجيريا تتأهل بثلاثية في تونس    يوفنتوس يعبر اختبار بيزا الصعب بثنائية ويشعل صراع القمة في الكالتشيو    مدرب المصرية للاتصالات: لا أعرف سبب تفريط الأهلى فى مصطفى فوزى بهذه السهولة    طه إسماعيل: هناك لاعبون انتهت صلاحيتهم فى الأهلى وعفا عليهم الزمن    سيف زاهر: هناك عقوبات مالية كبيرة على لاعبى الأهلى عقب توديع كأس مصر    نشرة الرياضة ½ الليل| سقوط الأهلي.. هزيمة تاريخية.. حمزة لبرشلونة.. عقوبات الرابطة.. ولامين المكروه    حريق هائل يلتهم مزرعة دواجن بالفيوم ونفوق 5000 كتكوت    منخفض جوي وأمطار.. "الأرصاد" تحذر من طقس ليلة رأس السنة    أخبار × 24 ساعة.. التموين: تخفيض زمن أداء الخدمة بالمكاتب بعد التحول الرقمى    إصابة 10 أشخاص فى حادث انقلاب مينى باص بمنطقة مدينة نصر    اليوم.. أولى جلسات محاكمة المتهم في واقعة أطفال اللبيني    جهود مكثفة لمباحث الغربية لكشف غموض العثور على جثة طفلة في جوال بالأراضي الزراعية بقطور    نجوم الفن ينعون المخرج داوود عبد السيد بكلمات مؤثرة    عبدالفتاح عبدالمنعم يهنئ مواقع وصحف "المتحدة" لحصولها على 13 من جوائز الصحافة    الإفتاء توضح حكم التعويض عند الخطأ الطبي    المكسرات.. كنز غذائي لصحة أفضل    انتخابات النواب 2025 بسوهاج.. إقبال كثيف ورقابة شعبية منعت أي تجاوزات| فيديو    أول رد من نيللي كريم على شائعة زواجها من شريف سلامة    أشرف زكي بعد واقعة ريهام عبد الغفور: «نحن في بلد قانون.. والقضية لن تنتهي»    تفاوت بين روايتَي واشنطن وأبوجا بشأن الضربات الأمريكية في نيجيريا    خبير اقتصادي: تحسن سعر الصرف وانخفاض التضخم يحدان من موجات الغلاء    محافظ الجيزة يتابع أعمال غلق لجان انتخابات مجلس النواب في اليوم الأول لجولة الإعادة    رونالدو يشيد بأداء النصر بعد ثلاثية الأخدود: الطريق ما زال طويلًا    حزم بالجمارك والضرائب العقارية قريبًا لتخفيف الأعباء على المستثمرين والمواطنين    آية عبدالرحمن: كلية القرآن الكريم بطنطا محراب علم ونور    بشير عبدالفتاح: إسرائيل تسعى إلى تموضع عسكرى فى صومالى لاند    خبيرة تكشف طرق الاختيار السليم للزواج وتوقعات الأبراج 2026    كواليس الاجتماعات السرية قبل النكسة.. قنديل: عبد الناصر حدد موعد الضربة وعامر رد بهو كان نبي؟    وزير الصحة يكرم الزميل عاطف السيد تقديرًا لدوره في تغطية ملف الشئون الصحية    معهد بحوث البترول وجامعة بورسعيد يوقعان اتفاقية تعاون استراتيجية لدعم التنمية والابتكار    خبير نووى: الأوروبيون فقدوا أوراق الضغط وإيران تتحرك بحرية فى ملف التخصيب    مسؤول سابق بالخارجية الأمريكية: واشنطن لن تسمح لإسرائيل بشن هجوم على إيران    تأجيل محاكمة المتهمين في قضية فتي الدارك ويب ل 24 يناير    هل يجوز المسح على الخُفِّ خشية برد الشتاء؟ وما كيفية ذلك ومدته؟.. الإفتاء تجيب    ألمانيا تغلق مطار هانوفر بعد رصد مسيرات في مجاله الجوي    وزير الطاقة بجيبوتي: محطة الطاقة الشمسية في عرتا شهادة على عمق الشراكة مع مصر    شوربة شوفان باللبن والخضار، بديل خفيف للعشاء المتأخر    الأرصاد: السحب تتشكل على جنوب الوجه البحري وتتجه للقاهرة وتوقعات بسقوط أمطار    بعزيمته قبل خطواته.. العم بهي الدين يتحدى العجز ويشارك في الانتخابات البرلمانية بدشنا في قنا    الرقابة المالية تصدر نموذج وثيقة تأمين سند الملكية العقارية في مصر    افتتاح مشروعات تعليمية وخدمية في جامعة بورسعيد بتكلفة 436 مليون جنيه    تعذر وصول رئيس اللجنة 40 بمركز إيتاي البارود لتعرضه لحادث    مواجهة لا تقبل القسمة على اثنين.. بث مباشر مباراة الأهلي والمصرية للاتصالات في كأس مصر من استاد السلام    27 ديسمبر 2025.. أسعار الحديد والاسمنت بالمصانع المحلية اليوم    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : المطلوب " انابة " بحكم " المنتهى " !?    المستشفيات الجامعية تقدم خدمات طبية ل 32 مليون مواطن خلال 2025    الصحة: فحص 9 ملايين و759 ألف طفل ضمن مبادرة الكشف المبكر وعلاج فقدان السمع لدى حديثي الولادة    زاهي حواس يرد على وسيم السيسي: كان من الممكن أتحرك قضائيا ضده    أخبار × 24 ساعة.. موعد استطلاع هلال شعبان 1447 هجريا وأول أيامه فلكيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من رءوف عباس إلى محمود درويش.. العظماء يرحلون
نشر في اليوم السابع يوم 13 - 08 - 2008

كل المؤشرات أوحت أنه سيكون صيفاً مؤلماً على المصريين، رحل كثير من كبار هذا البلد عن عالمنا، دون أن يتركوا وراءهم من يحمل الراية، ويكمل المسيرة. رحل منذ بداية صيف 2008 المؤرخ رءوف عباس، والروائيان سامى خشبة وألبير قصيرى، والمفكر والسياسى عبد الوهاب المسيرى، والمبدع يوسف شاهين، وأخيراً القيادى العمالى إبراهيم شكرى.. رحل هؤلاء دون أن يتركوا باستثناء شاهين صفاً ثانيا يكمل المشوار، فهل العيب فيهم، أم أنها ثقافة مجتمع وتقاليد بلد بات شبه عاجز عن تفريخ قيادات جديدة فى الكثير من المجالات.
فى يونيو كانت الثقافة المصرية والعربية على موعد مع الحزن، لتفقد المؤرخ الكبير رءوف عباس، والروائيين سامى خشبة وألبير قصيرى، ورغم ما يمثله ألبير قصيرى، وسامى خشبة من قيمة كبيرة إلا أن رحيل رءوف عباس طغى على الشارع المصرى والعربى بشكل كبير.
رحل عباس الخميس 26 يونيو عن عمر 69 عاماً. بعد أن رفض فى منتصف سبعينيات القرن الماضى الاشتراك فى مشروع الرئيس السادات ل"إعادة" كتابه تاريخ مصر المعاصر، والذى عين السادات نائبه آنذاك الرئيس مبارك مسئولاً عنه، كانت وجهة نظر عباس أن السادات أراد تاريخاً ذاتياً بعد أن حدد بداية كتابة التاريخ منذ حبسه وفصله من الخدمة فى الجيش فى قضية التخابر مع الألمان الشهيرة باسم قضية "حكمت فهمى"، حينها قال عباس إن ذلك ليس حدثاً فارقاً فى تاريخ مصر لنبدأ من عنده كتابة التاريخ.
وترك عباس المؤرخين وفى رقابهم أمانة تدوين تاريخ هذا البلد، فهل يكتب التاريخ ما بعد رءوف عباس بين الرغبة فى رضا الحاكم، أو الرهبة منه، أم سنقدم للأجيال المقبلة رؤية تاريخية محايدة، خالية من الزيف، وبعيدة عن المجاملة. تركنا عباس، بعد أن وضع سيرته الذاتية "مشيناها خطى"، والتى عرض خلالها كافة التغيرات والتقلبات التى شهدها المجتمع المصرى على مدار نصف قرن، ورغم رفضه أن يكون مؤرخاً للنظام، إلا أنه نال جائزة الدولة التقديرية فى العلوم الاجتماعية عام 1999.
تتوالى أحزان المصريين ليرحل السياسى والمثقف المصرى عبد الوهاب المسيرى فى بدايات يوليو الماضى، بعد عمر من النضال فى القضية الفلسطينية التى أثراها بكتاباته ودراساته عن إسرائيل، وبعد أن أفنى سنواته الأخيرة شاغلاً منصب أمين عام حركة كفاية التى حركت كثيراً من المياه الراكدة فى الشارع السياسى المصرى منذ عدة سنوات.
رحل المسيرى بعد أن آثر الشهادة فى ميدان كفاية، وبعد اعتقالات من جانب الأمن المصرى، لم تراع سناً ولا مكانة. ودعنا المسيرى دون أى تكريم من جانب الدولة، بلا نشان أو وسام، لكنه بلا شك حياً فى قلوب الملايين. غاب المسيرى عن كفاية، التى بدأ دورها يتراجع فى الشارع أمام الصعود اللافت للتيار الدينى ممثلاً فى جماعة الإخوان المسلمين، فهل يخرج من كفاية أو غيرها معارضاً مثقفاً فى وزن وثقل المسيرى؟ أم سنمضى مع قيادات حزبية تنادى بإسقاط مشروع توريث الحكم، وتطالب بإسناد المهام للأجيال المقبلة، وأغلبها تجاوز سن التقاعد، أم نكفر بمن فى الأرض ونتجه جميعاً إلى السماء، ونقحم الدين فى السياسة بلا جدوى.
لم يكن رحيل المسيرى "آخر الأحزان"، كما لم يكن رحيل المخرج العالمى يوسف شاهين الذى لحق به آخرها، رحل "جو" فى 27 يوليو بعد أن تركنا مع "الفوضى" فى آخر أفلامه، التى كانت رسالة صريحة فى وجه الجميع، محذراً من حالة الانفلات التى وصل إليها الشارع المصرى.. رحل مع صدور حكم براءة متهمى قضية عبارة السلام، كما لو كانت روحه تأبى العيش وسط هذا الظلم، وكما لو كان يقول "هى فوضى"!!
كانت الإسكندرية التى شغلت فكره وفنه، آخر المشوار، ودع المصريون شاهين فى مقابر الروم الكاثوليك بمنطقة الشاطبى.. ودعوه، لكن أعماله لا تزال بيننا ولا تزال لمساته حية فى كل مشهد من أفلامه. شاهين دون غيره، ترك وراءه من يحمل الراية، ليكمل مسيرته الفنية، والذى حمل اسمه المخرج المبدع خالد يوسف، الذى شاركه إخراج آخر أعماله "هى فوضى".
وفى زمن "الفوضى" فقدنا آخر العظماء، إبراهيم شكرى القيادى العمالى، ووزير الزراعة الأسبق، الذى رحل فى 5 أغسطس الجارى، رحل بعد أن عارض بشدة اتفاقية السلام مع إسرائيل، ووقف فى وجه التطبيع، رحل شكرى ليؤكد أن صيف 2008 كان الأقسى على هذا البلد.
تركنا شكرى بعد عمر من النضال العمالى، وبعد أن شغل عدة مناصب سياسية منها أمين الاتحاد الاشتراكى السابق، وأمينا للمهنيين بالاتحاد الاشتراكى ونقيب الزراعيين لعدة دورات، كما عين محافظاً للوادى الجديد فى عهد الرئيس الراحل أنور السادات، ثم وزيراً للزراعة والإصلاح الزراعى وعضواً بمجلس الشعب حتى أوائل التسعينيات.
تركنا شكرى بعد أن فقد الفلاحون قانون الإصلاح الزراعى، الذى دافع عنه حتى تمريره فى أولى أيام ثورة يوليو 1952، تركنا شكرى مع رأسمالية فقدت رأسها، وصوابها، تركنا مع قانون الاحتكار، ومع تصدير الغاز وحتى الفول إلى إسرائيل، تركنا على أعتاب انتفاضة عمال تبحث عن قائد.
وأمام كل الراحلين عن تراب هذا البلد، لم يكن الحزن مصرياً خالصاً، فإذا ما انتسب الحزن قال "أنا عربى".. منذ أيام فقدنا صوت فلسطين والمقاومة الشاعر الفلسطينى محمود درويش، الذى كان حتى كتابة هذه السطور آخر الأحزان.. زميلنا كريم عبد السلام كتب ذات يوم "يونيو أقسى الشهور" لينعى من فقدناهم (رءوف عباس، ألبير قصيرى، سامى خشبة)، لكن على ما يبدو أن صيف 2008 كان الأقسى، وربما العام بأكمله، أو أعوام تالية، لكن متى نقول وداعاً ونحن واثقين فى أبناء هذا الجيل؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.