حزب الوفد عاد من جديد لدوامة الصراع، وعاد بكامل هياكله إلى نقطة الصفر فى النزاع بين الغريمين د.نعمان جمعة ومحمود أباظة، الرئيسين المتنازعين على رئاسة الحزب منذ عامين ونصف العام، وفى يوم واحد يدعو فيه أباظة لعقد جمعية عمومية تقر بعدم عودة نعمان وجميع المفصولين فى هذه الأحداث وتجديد الثقة فى أباظة، وعلى الجانب الآخر تؤجل محكمة الاستنئاف النطق بالحكم للفصل بين المتنازعين. جمعة نفسه طويل ومازال متمسكا بالعودة إلى منصبه، بل إنه على ثقة كاملة فى العودة للحزب، على الرغم من أن جميع المؤشرات تؤكد عكس ذلك، حتى أن جريدة الحزب تشن حملة ضارية ضد جمعة وصلت إلى حد وصفه بال"طاغية". فما سند جمعة فى ظل هذه الظروف ليؤكد عودته، ومن أين أتى بكل هذه الثقة ليكمل المعركة حتى النفس الأخير "على حد وصفه"، هذا ما سوف يكشفه فى الحوار التالى: هل مد أجل الحكم فى الاستنئاف يعبر عن اتجاه الدولة لتهدئة الأوضاع وترك الأمر على ما هو عليه ؟ القرار ليس مد أجل بل تأجيل إدارى لعدم وجود القضاة المسئولين، وهو إجراء روتينى لا يوجد وراءه أى دلالة سياسية ولا تدخل من جانب الدولة، ثم إن التأجيل إلى 27 أغسطس وليس تأجيل لشهرين أو ثلاثة. هل هناك ربط بين هذا التأجيل وعقد الجمعية العمومية التى دعا إليها محمود أباظة فى ذات اليوم؟ لا يوجد إلا رابط واحد، هو أن أباظة يشعر باقتراب رحيله ويريد أن يبحث عن أى شىء يعطيه الشرعية. معنى هذا أن الجمعية العمومية التى عقدت أعطت لمحمود أباظة الشرعية؟ طبعاً لا.."دى جمعية مصنوعة ومدعى عليها" فهى لا قيمة لها قانونا ولا حتى تغير من المراكز القانونية، وقراراتها منعدمة كأنها لم تكن، لأن الذى دعا إليها مستبعد كرئيس لحزب الوفد. لكن حضر تقريبا أكثر من 674 عضوا ممن سددوا الاشتراكات، وحسب قانون الأحزاب فالجمعية العمومية هى التى تحدد من رئيس الحزب وليس أى جهة أخرى؟ لكن هناك قواعد لهذه الجمعية، فرئيس الحزب الحقيقى والشرعى هو الذى يدعو إلى هذه الجمعية، وجميع من حضر جمعية أباظة بلطجية وأرباب سوابق ومأجورون، والمتحدثون فيها مأجورون، وأستطيع أن أثبت لك هذا من واقع تسجيلات ومستندات تكشف أن جميع من حضر مدفوع من أباظة للإساءة لى . لكن الجمعية اتخذت قرارات بعدم عودة المفصولين من الحزب بمن فيهم أنت إلا بقرار من الجمعية ذاتها؟ أباظة يتصرف على أنه المحتسب وصاحب التكية، ويخرج من يشاء ويدخل من يشاء، ويتحدث عنى بهذا الشكل وأنا عضو مؤسس للحزب واشتركت 30 عاماً فى مسيرة الحزب، وكنت لثلاثين عاما الذراع الأيمن لفؤاد باشا سراج الدين، وأنا الرئيس الرابع للحزب وجميع من يحتلونه، ومحمود أباظة ومن معه أنا من أدخلتهم وساعدتهم فى الوصول للحزب وهذه المكانة، وأعطيتهم الفرص لكنهم عديمى الوفاء .."وعضوا الأيد التى اتمدت لهم". بالعودة إلى الحكم القضائى.. فى حالة الحكم لصالحك والعودة إلى صباح 18 يناير 2006 ستكون رئيسا ومحمود أباظة نائب أول ومنير نائب ثان.. فهل هذا يعنى أن الوفد يعود إلى سيرته الأولى ونقطة الصفر من جديد؟ ليس حقيقياً، لأن أباظة مفصول.. وهو كان نائبا أول لرئيس الحزب بحكم وجوده وانتخابه من الهيئة العليا التى انتهت فى يونيو 2006، وبانتهائها انتهت صفته وفصله مؤكد طبقا للائحة الحزب، وارتكب مع آخرين جرائم شنيعة داخل الحزب واستخدموا أموال الحزب لغير الغرض منها وأساءوا للحزب واعتدوا على الصحيفة وتوجهها. لماذا تشن صحيفة الحزب الآن حملة صحفية بهذه الشراسة بعد عامين من الصمت، وكذلك نشر تحقيقات النيابة فى القضية محل النزاع ؟ نشر التحقيقات لقضية مازالت مفتوحة جريمة تستحق العقاب القضائى من الأجهزة المسئولة، أما النشر الآن فهو وقاحة وانحطاط وتوقع الاقتراب من الرحيل، فيريد أصحاب القلم غير الشرفاء بالجريدة أن ينالوا منى وينفسوا عما بهم من أحقاد بتعليمات من أباظة ومن معه، حتى المقالات فيها سب وقذف . أباظة قال أمام الجمعية العمومية إنك انفردت بالسلطة وخالفت النظام الأساسى للحزب وخالفت إرادة الوفديين، لذا قاموا بإصلاح الحزب وتغييرك فما هو تعليقك؟ أباظة يكذب كما يتنفس، ويجيد تلفيق التهم للآخرين، فهو الذى أحضر البلطجية لقتلى وكل ما يقوله أباظة لا أثق فيه ولا أحد يأخذ به. وماذا عما يقول به أباظة ومنير فخرى عبد النور من أنه حتى لو صدر حكم فى الاستئناف لصالحك فلن يمكنوك من العودة، وكل ما يمكنهم عمله لك هو تعويضك ماديا؟ تعرف "أنهم عاملين زى سليمان نجيب فى فيلم غزل البنات لما قال سليمان نجيب للباشا إديله حاجة"..لهذه الدرجة أصبحت معركتى أن آخذ قرشين وأذهب ومن سيعوضنى أباظة ولا منير! من مالهم الخاص ولا من المال اللى نميته حتى وصل إلى 75 مليونا فى خزينة الوفد! ماذا لو انتهت الأمور إلى هذا الحد؟ لم تكن معركتى فى يوم من الأيام البحث عن تعويض، ولكن لإقرار الحق وتنفيذ المشروعية وإبطال القرارات الباطلة وإزاحة من ليس لهم حق عن التحكم فى مقدرات وشئون الحزب. وتخليص مقر الحزب من اغتصابهم ومخالفتهم لكل المبادئ، فلم أطلب تعويضا والأحكام القضائية التى نرجع إليها هى الميزان الفاصل بين الحق والباطل لأن الحق أقوى من استخدام العنف وينتصر دائما حتى وإن أخذ بعض الوقت. بذكر العنف، أنت المتهم الأول فيما حدث فى حزب الوفد فى الأول من أبريل 2006 وإصابة 12 صحفياً واستخدام السلاح لأول مرة فى اقتحام حزب سياسى فى مصر؟ غير صحيح .."دى أوهام يحاول أباظة ومن معه ترويجها، أنا باشتغل سياسة من 30 سنة هاجى فى آخر أيامى وأنهى تاريخى، فيوم 18 يناير 2006 محمود أباظة كان يعد العدة لاحتلال الوفد وأحضر البلطجية واتفق على الخطوط النهائية لخطته ليله السابع عشر من يناير فى مكتب ياسين تاج الدين، فمن غير المعقول أن أحضر بلطجية لخلعى من منصبى". لكن يوم الأول من أبريل كانت هناك شواهد وإصابات حقيقية واقتحام وحرق، فمن المسئول؟ محمود أباظة "هو اللى أحضر البلطجية" وأنا دخلت الحزب كرئيس حزب فى موعدى المعتاد يوميا الساعة التاسعة والنصف صباحا، ولم يكن معى أحد ولم يكن معى سلاح وبعدها جاء أحمد ناصر وبعض الأعضاء، وبعدها حاصر اباظة الحزب برجاله وتسلقوا السور وحرقوا العيادة وأطلقوا بعض الأعيرة النارية وأصيب 12 إصابات تحت الركبة من جهة غير معلومة، وتم تبادل قذف الطوب والحجارة، وكان من فى داخل الحزب ومن خارجه من رجال أباظة والعملية كانت فيلما تم سبكه جيداً من جانب أباظة، وأنا وأحمد ناصر و15 عضوا كنا محاصرين بدون سلاح، ومسدس أحمد ناصر لم يكن يعمل وهو مرخص وتم إصلاحه فى قسم الدقى، حتى أن رجال أباظة ثبت فى التحقيقات أنهم اعتدوا وشرعوا فى قتلى وقتل مدحت خفاجى . لكنك لم تصب ولم تقتحم ولم تحرق وكذلك أباظة، فمن هو الذى أصاب وأطلق النار؟ الله أعلم ..أنا كنت داخل المقر ومحاصر ولا أدرى ما يدور فى الخارج، وكل ما كنت أسمعه طلقات نارية ورصاص طائش، بدليل أن الإصابات إصابات فوق الركبة وليس بغرض القتل. لكن لماذا حتى الآن، وبعد عامين ويزيد، لم توجه القضية إلى القضاء الجنائى ومازالت فى أدراج النيابة.. فهل هذا له دلالة سياسية؟ لا أدرى ولكن ما أعلمه أن الإصابات تم تسجيلها ضد مجهول، ورجال أباظة تم توجيه تهم الشروع فى القتل والحرق والتكسير واتلاف المال العام لهم واعترفوا بها وخرجوا بكفالة من النيابة. بإصرارك وأباظة على المضى فى طريق النزاع لنهايته.. أليس لديك أى قلق من تجميد الحزب؟ لا أظن أن يتم تجميد الوفد لأنى لن أرتكب أى فعل يساعد على هذا، لكن محمود أباظة بحماقته يرتكب أخطاء وأفعالا تؤدى إلى التجميد، رغم أنى حريص على الهدوء. لكن الوضع حتى الآن يأخذ الحزب إلى نفق مظلم؟ ليس هناك أنفاق ولا ظلام لحزب الوفد، وأنا مازلت متواصلا مع لجان الحزب بالمحافظات وأهدئ فى أعضاء الوفد وأرفض أن يستخدموا القوة لتنفيذ الأحكام وأحترم المشروعية. تقدم الصحفيون ببلاغ إلى النائب العام ووزارة الداخلية يطالبون فيه بحمايتهم منك ومن أباظة فما هو تعليقك؟ أنا لم أسئ ولم أهدد الصحفيين من قبل ليطلبوا الحماية منى ولكنه بلاغ لا بأس به، وهم أدخلونى طرفا فى الأزمة التى تقع بينهم وبين أباظة كل يوم بسبب تصرفاته معهم، ولكنى لم ولن أفكر فى طريق العنف وألتزم بالشرعية. وكيف ترى الوفد الآن مقارنة بالقوى السياسية الأخرى، خاصة أن البعض يعتبر أن انهياره أدى لانهيار الحياة السياسية فى مصر بوجه عام؟ للأسف الوفد فى بولس حنا لم يعد يحظى باحترام أحد سواء من الشعب أو القوى السياسية، ولم يعد لهذا الحزب العريق وزن على الساحة ولا حتى له حساب لدى الحكومة والنظام، بعد أن أصبح جناح منه فى بولس حنا خاضع للجنة السياسات بالحزب الوطنى والسفارة الأمريكية، فلم يعد مقر بولس حنا له قيمة حتى الصحيفة لم تعد تعبر عن الوفد ولا قيمه ولا مبادئه وثوابته، وبدأت الانفلاتات وانتهى احترام الوفد فى الشارع من يوم الثامن عشر من يناير2006 . هل أنت على ثقة من العودة لمقر بولس حنا؟ نعم وأنا على ثقة بأن الحق لا يضيع وسيعلم الجميع الحقيقة وأنى الرئيس الشرعى للحزب، وأنا الآن أحاول بالقضاء، وأثق فيه كما كنت واثقا منذ عام 1978 لعودة الوفد بالقضاء رغم يأس الجميع ممن رافقوا فؤاد باشا إلا أنى كرجل قانون ومحامى وأستاذ جامعى أؤمن بالقضاء، وسأعود كما عاد الحزب على يدى، فأنا كنت المحامى لعودة، وأنا الآن محامى قضيتى، وسأعود لبولس حنا وأمارس سلطاتى رئيسا وموقفنا القانونى قوى، ونريد فقط أن تستيقظ الدولة وتعترف بسياسة المشروعية، لأنها لو اعترفت بالواقع الحالى فإنها تهدد النظام السياسى لأن التغيير بالبلطجة والدماء والسلاح عمل مرفوض، ولو تم إقراره فى الوفد سينتقل بالتبعية للحياة السياسية بأكملها والنظام فى النهاية ويكون سياسة وطريق للتغيير.