تمر اليوم الذكرى ال 195 على فك حجر رشيد، والتى ترتبط باسم العالم الفرنسى شامبليون والذى استطاع رغم صغر سنه، 31 عاما عندما أعلن نظريته، ان يضع التصور النهائى الذى يسير عليه فهمنا للغة الهيروغليفية حتى الآن، والسؤال: هل كان شمبليون أول من فكر فى فهم اللغة الفرعونية، أم كانت هناك محاولات عديدة، لم يذكرها أحد عندما وقف شامبليوم يوم 22 سبتمبر 1822 معلنا عن رؤيته التى أفصحت عن كنوز العالم القديم. فى 28 فبراير 2004 نشرت صحيفة الشرق الأوسط تقريرا تحت عنوان " عالم عربى بجامعة لندن: المسلمون فكوا طلاسم الحضارة المصرية القديمة قبل شامبليون بألف سنة" وفى التقرير ييرى الدكتور عكاشة الدالى عن فضل العلماء المسلمين الأوائل فى فتح مغاليق الحضارة المصرية، وكان ذو النون المصرى سابقاً فى هذا المجال، فقد أقام فى معبد أحمتم، وجذبته تلك الرموز، فحاول دراستها، ووضع كتابًا بعنوان «السمات الكاهنية»، وفيه يفك رموز الكتابات التى وجدت على جدران الآثار المصرية. بعد ذلك جاء العالم العراقى أبو بكر أحمد بن وحشية، فى أواخر القرن التاسع الميلادى، وألّف كتابًا بعنوان «شوق المستهام فى معرفة رموز الأقلام»، وقام الباحث عكاشة الدالى بدراسة نسخة من هذا الكتاب - محفوظة فى باريس- توصل فيها إلى أن ابن وحشية هو أول من توصل إلى فك رموز الكتابات الهيروغليفية القديمة عن طريقة إثباته أن الحروف الهيروغليفية لها قيمة صوتية مثل الحروف الهجائية، وبصفة عامة نجح العلماء العرب فى فك رموز 11 حرفًا، مما يعد سبقًا هائلًا. وذكرت مدونة "راهب فى محراب الفكر" عددا من الشخصيات التى سبقت شمبليون فى محاولة فك رموز اللغة المصرية القديمة، والتى استفاد منها العالم الفرنسى، ومنهمالباحث المصرى شيريمون، والذى أكد أن اللغة المصرية القديمة تضم أصوات وصور، وأيضا المصرى حورابللو والذى كانت له أراء قيمة فى اللغة المصرية القديمة ولكن طغت عليها فكرته عن أن اللغة رمزية تعبر عن أفكار وليست لغة لها أبجديتها وأصواتها، وأيضا المصرى الاب كليمنت السكندرى، والذى قال بأن الرموز الهيروغليفية هى نوع من الكتابة يعبر الرمز الواحد فيها عن فكرة. وفى كتابه (أوديب المصرى) أشار الأب اليسوعى اثناسيوس كيرشر أن اللغة القبطية كان يتحدث بها قدماء المصريين بعد صياغتها فى حروف يونانية، ويعد كيرشر هو أول من أدرك أن القبطية تمثل الصدى الصوتى للهيروغليفى وهذه النقطة استفاد منها شامبليون بشكل كبير. وأكد واربورتون فى كتابه (بحث فى هيروغليفيات المصريين) بأن الكتابة المصرية مرت فى مراحلها من حالة الرسم إلى حالة الحرف، ثم جاء الكونت دو جينى وأكد أن الكتابة المصرية ليست بها حروف حركة، وهناك اكتشاف آخر استفاد منه شامبليون وهو ما كتبه الأب بارتليمى فى كتابه (رحلة الشاب انشاريس)، وأكد فى كتابه أن الهيروغليفيات التى تتجمع فى أشكال بيضاوية ترمز على الأرجح لاسماء ملوك أو آلهة. وقبل فترة شامبليون ادرك العالم الدنماركى يوجين زويجا أن الكتابة المصرية تحتوى على عناصر صوت، وكان زويجا ومعه كيرشر وبارتليمى لهم بصمات كبيرة على فك شفرة اللغة المصرية القديمة. فى عام 1802 بدأ المستشرق الفرنسى سلفستر دى ساسى فى فك رموز النص المكتوب بالخط الديموطيقى، وقارن بين النص الديموطيقى والنص اليونانى، واستطاع التوصل الى أماكن أسماء الأعلام فى النص الديموطيقى، وأدرك أن النص الديموطيقى به أسماء موجودة فى النص الإغريقى مثل بطليموس وارسينوى والإسكندر ومدينة الإسكندرية. ركز السويدى جوهان دافن اكربلاد أيضا على النص المكتوب بالديموطيقى، وتوصل إلى كلمتين وهما "معابد" و "الإغريق"، واستخلص أبجدية مصرية للديموطيقى تضم ستة عشرة حرفا. وفى عام 1814 انضم الى الباحثين أهم رجل له بصمات كبيرة فى الكشف عن شفرة اللغة المصرية القديمة وهو الطبيب الانجليزى توماس يونج، لكنه كان طبيبا للعيون ومتخصصا فى البصريات، ووصلت إليه نسخة من النصوص المكتوبة على حجر رشيد وأيضا بردية ديموطيقية جاءته من صديقه السير راوز، وأدرك يونج منذ البداية ان الخط الديموطيقى مشتق من اللغة المصرية القديمة. ويعد يونج هو أول من بدأ يلتفت إلى النص الأول بالحجر والمكتوب بالهيروغليفية، وفى الثالث من أكتوبر 1814 أرسل خطابا إلى سلفستر دى ساسى وأعلن له عن قرب فكه لرموز اللغة المصرية القديمة. تعرف توماس يونج على بعض المجاميع الهيروغليفية، وعرف المدلول الصوتى المحتمل للحروف الهيروغليفية، واستطاع تحديد اسم بطلميوس فى النص الهيروغليفى. والمعروف أن توماس يونج هو أول من أدرك أن هناك علامات ليست لها قيمة صوتية وتعتبر مخصصا يحدد المعنى، وكان توماس يونج يتبادل الرسائل مع جان فرنسوا شامبليون ويطلعه على النتائج التى توصل إليها، وحاول الأثرى الفرنسى سلفستر دى ساسى تحذير يونج من سرقة شامبليون لنتائجه فأرسل رسالة يقول فيها: "لو لدى نصيحة أود أن أنصحك بها فهى أنك تتواصل مع السيد شامبليون بشكل كبير فى اكتشافاتك، عندها سيتظاهر بان له الأسبقية، وأنه يبحث باكتشافه فى أماكن متعددة لخلق الاعتقاد بأنه اكتشف كلمات كثيرة فى الخط المصرى (لحجر ) رشيد ".